أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - طلال سعيد دنو - المقهى















المزيد.....

المقهى


طلال سعيد دنو

الحوار المتمدن-العدد: 3007 - 2010 / 5 / 17 - 09:00
المحور: سيرة ذاتية
    


كُنا في بلادنا ، بلاد ألغرائب وألعجائب . نرى ألمقاهي مُنتشرة تقريباً في ألمناطق السكنية ، أو مركزة في بعض المناطق ألتجارية . وكل مقهى له رواده ، وهم على الغالب من سكان نفس الحي أو المنطقة ، وهم من ألرجال فقط ، ويميزون الغريب فور دخوله المقهى ، وينتقدون بعض الناس ويصفونهم بالفضولية ، ولكن بالمناسبة لم ارى في بلدي إنسان ليس بفضولي ، وهي طبع عام ، فتصور هنا من يوصف بالفضولي كيف يكون .
أما هنا في الغربة ، حسبما لاحظت ، أن المقاهي لها روادها المستمرون ، ولكنهم ليسوا من الرجال فقط ، وغالبيتهم لايحسون بأن المقهى له خصوصية ، ولا يهم إذا إرتادوا هذا المقهى أو ذاك ، ولكن بعض المقاهي إذا ترددت عليها بإستمرار ، لأحسستَ ،بأن هُناك رواد مستمرين بالجلوس اليومي ، في ذات الكرسي أو المكان ، اي ان المقهى او إرتياد المقهى يصبح من العادات المزمنة ، لايقدر على تركها قسم من الرواد .
وساتحدث عن مقهى ، وجدته بعد طول تخبط ، ولفترة من الزمن ، بإرتياد هذا المقهى أو ذاك ، وأحسست بإرتياح فيه ، وأصبحت نسبياً من رواده ، والظاهر بأنهم تقبلوني بينهم ، وأصبح لي بعض الأصدقاء ، وساحاول أن أُسجل بعض النقاط ، ومواصفات بعض المترددين عليه .
لاأتذكر بأن هناك مقهى في العراق له مرافق عامة ، وإذا حدث ذلك ، فلا مجال لإستخدامها لانه ستكون شيئاً أشبه بالفخ . لان أُطيل عليكم وأتكلم عن جمال دورات المياه في بلدي ، فهي باتت من المرافق السياحية ، ولو إستطردت ، فسوف تسارعون وتذهبون في جولة سياحية ، من أجل زيارة هذه الأماكن الجميلة ، والتي إن زرتوها ستكون من أعز ألأماكن ال قلوبكم .
المُهم المقهى الذي إخترت الكلام عنه ، يقع في وسط المدينة ، أو ما يُسمى ( داون تاون ) ، فيها مراكز الأعمال ، ومركز محلات التذكارلات ، والمطاعم ، والبارات ، والمراقص الليلية ، والفنادق ، وعمارات ، اي بابسط تعبير غابة من ألإسمنت .
في وسط هذا كله ، يقع المقهى ، في زاوية جميلة من الشارع ، وما أن تدخل المقهى تسمع موسيقى أو أغاني هادئة ، من الستينات والسبعينات على الغالب ، وبدرجة صوت لاتزعج اي من الحضور ، وهذا بالضبط عكس ما تعودنا عليه في مقاهينا ، فإلى جانب صوت العاب الدومينو والنرد، صوت الراديو ، أو المسجل ، يصل الى أبعد نقطة من الشارع الموجود فيع المقهى . حتى إننا لدينا كلمة نقولها ، عندما تكون هناك ، ضوضاء عالية نقول كإننا في مقهى .
في البلاد العربية عادة لاتوجد خدمة على الطاولة على الغالب ، تطلب ما تريد من النادل ، وهو خلف المنضدة أو ( البار ) وسيناولك ماتريد ثم تذهب الى منضدة أُخرى ، موضوع عليها أنواع مختلفة من الحليب ومن السكر ، وألإدوات التي يمكن أن تستعملها ، فتكمل العملية على ذوقك .
طبعاً الخدمة هنا لاتصل ، الى مستوى الخدمة عندنا في بلادنا المتقدمة ، سنحاول أن نقوم بعملية توعية ، للمقاهي والمطاعم ، ومحاولة إرسالهم على شكل بعثات ، أو دورات دراسية ، الى بغداد ، والى منطقة الفضل ، أو الكرخ ، أو شارع الرشيد ، ليروا مقاهيها ويتعلموا فن الضيافة في المقاهي والمطاعم الشعبية !!؟؟ .
نعود معكم الى المقهى الذي أرتاده ، عندما تتردد على مكان بشكل مستمر ، يتعود الناس عليك ، وتصبح الوجوه مألوفة ، وإن غاب أو تغيب أحد ما من رواد المقهى ، حتماً ستفتقده ، إن لم يكن من باب الوفاء ، أو المحبة ، فيكون من باب أللباقة ، وقليل من الفضول ، ونحن العرب لا تنقصنا صفة الفضول الحميدة !!، فنحن من باب الفضول ، نخوض في أعراض الناس ، ولا نرى في ذلك أي ضير ، فكل ذلك من باب حب ألإستطلاع ليس إلا !!.
الذي حصل معي ، إني نتيجة لوعكة صحية ألمت بي ، إضطررت للتغيب عن المقهى حوالي إسبوعان . عندما شُفيتُ وذهبت الى المقهى ودخلت ، لم أجد غير واحداً فقط من الرواد الدائميين ، وعلى الرغم إنه لم تجمعني به أي مناقشة ، أو حوار بالسابق ، أتي وسلم ، وسألني عن صحتي ، وعسى أن يكون المانع خيراً ، وكلام كثير ، ليس لي أن أقول عنه ، سوى أنه أدب ، واخلاق رفيعة ، تلمسها في كلماته ، ولما عرف شيئاً عن الوعكة الصحية ، حزن وتمنى لي الشفاء التام من جميع ألأمراض ، المزمنة ، وغير المزمنة ، وشكرته وتمنيت له كل الخير .
إستدرت ورأيت مكاني ، الذي اجلس فيه عادة ، شاغراً فجلست بسرعة ، حتى لاياتي احد ويجلس فيه ، وهنا يفقد الإنسان أهم شئ بالمقهى ، وهو ألمكان ألأثير الذي تعود أن يجلس فيه ، كل هذه المقارنات ، التي إذا كان بقدورنا الموازنة ، لطالبنا بغلق جميع المقاهي الشعبية في بلادنا العربية .
كل هذا بسبب عادات إكتسبناها ، في حياتنا ألجديدة في ألمجتمع الغربي المنظم ، المحكوم بقوانين ، من الصعب جداً تخطيها ، ولهذا نرى المجتمع يسير بإنتظام ، ومهما رايت من صدعات وأفكار جديدة . ولكن إن عشت معهم ، تراهم لايتخطون عتبة القانون ، فهم يخافون تبعات ذلك . وهذا ابضاً لا نفهمه ، فنحن يحكمنا قبل القانون ، قانون في داخلنا ، وهو الذي يسيرنا ، ألا وهو قانون العيب !! .
أما القانون ، فالعربي يؤمن بالقول المأثور ، وحتى إن لم يسمع به ( القانون وجد لكي نخالفه ) !!.
المهم إن اي جلسة ، في مقاهينا الشعبية ، ورؤية الناس ، وأحاديثهم ، وأصواتهم العالية ، وصاحب المقهى ومناداته لصبي المقهى ، الذي يحمل ، عدة إستكانات من الشاي ، في يد واحدة ، ويضعها بالترتيب ، من دون أن يسكب قطرة واحدة ، ولاعبي الدومينو ، وطاولة النرد ، ومرهناتهم على المشروبات ، لهي أجمل وأكثر قرباً من القلب .
من المقهى الغربي ، مهما إخترعوا ، أشياء وانواع جديدة من المشروبات .
إن الحياة في بلاد الغرب ، بكل ما تعنيه من جمال ، وتقدم ، ونظام ، إلا انها خالية من الحميمية التي في حياتنا في الشرق . إنك لو راقبت الناس هنا ، لرأيت إنهم يحسون بالأخر حقيقة ، ويهتمون به ، ولكنهم لايكشفون عن دواخلهم ، فلا تعرف ما يحبون ، أو مايكرهون إلا بصعوبة ، ولا تعرف أن كان الذي أمامك ، يتكلم بصراحة وعفوية ، أو إنه يجامل .
ولكن في مجتمعاتنا ، نشعر بالمحبة في عيون الناس ، وألإبتسامة إن كانت من القلب ، أو مجاملة ، أن ما نتمع به من تلقائية ومحبة ، لايستطيع اي مجتمع أن يكون صادقاً في تعامله مع المجتمع العربي .
وشكراً



#طلال_سعيد_دنو (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لن تشيخي
- بيني وبينك
- إلى ألحبيبة
- الرجولة
- لاتزالين في مكانك
- الوطن


المزيد.....




- قضية مقتل فتاة لبنانية بفندق ببيروت والجاني غير لبناني اعتدى ...
- مصر.. تداول سرقة هاتف مراسل قناة أجنبية وسط تفاعل والداخلية ...
- نطق الشهادة.. آخر ما قاله الأمير بدر بن عبدالمحسن بمقابلة عل ...
- فشل العقوبات على روسيا يثير غضب وسائل الإعلام الألمانية
- موسكو تحذر من احتمال تصعيد جديد بين إيران وإسرائيل
- -تهديد للديمقراطية بألمانيا-.. شولتس يعلق على الاعتداء على أ ...
- مصرع أكثر من 55 شخصا في جنوب البرازيل بسبب الأمطار الغزيرة ( ...
- سيناتور روسي يكشف سبب نزوح المرتزقة الأجانب عن القوات الأوكر ...
- ?? مباشر: الجيش الإسرائيلي يعلن قتل خمسة مسلحين فلسطينيين في ...
- مصر.. حكم بالسجن 3 سنوات على المتهمين في قضية -طالبة العريش- ...


المزيد.....

- سيرة القيد والقلم / نبهان خريشة
- سيرة الضوء... صفحات من حياة الشيخ خطاب صالح الضامن / خطاب عمران الضامن
- على أطلال جيلنا - وأيام كانت معهم / سعيد العليمى
- الجاسوسية بنكهة مغربية / جدو جبريل
- رواية سيدي قنصل بابل / نبيل نوري لگزار موحان
- الناس في صعيد مصر: ذكريات الطفولة / أيمن زهري
- يوميات الحرب والحب والخوف / حسين علي الحمداني
- ادمان السياسة - سيرة من القومية للماركسية للديمقراطية / جورج كتن
- بصراحة.. لا غير.. / وديع العبيدي
- تروبادورالثورة الدائمة بشير السباعى - تشماويون وتروتسكيون / سعيد العليمى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - طلال سعيد دنو - المقهى