أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - البشير النحلي - البلاغة في المجال العربي بين العلم والدين














المزيد.....

البلاغة في المجال العربي بين العلم والدين


البشير النحلي

الحوار المتمدن-العدد: 2999 - 2010 / 5 / 9 - 01:56
المحور: الادب والفن
    


تندرج البلاغة القديمة في المجال العربي في سياق نشاط التوسيع المستمر للحدث القرآن- الذي كان محدودا في الزمان وفي المكان- دلالياً، وتصورياً، وخِطابياً، وتخيُّلياً، بما يقتضيه ذلك التوسيع من إعادةِ بناءٍ واستحسانٍ وتتميمٍ لذلك الحدث المؤسِّس الذي يبقى، بعبارة ليڤي ستروس، "قصراً إيديولوجياً مبتنىً بأنقاض خِطابات اجتماعية قديمة". لذا لا غرابة أن يكون خطاب البلاغي متمحوراً حول هذه الحدث العجيب: إلهٌ كُلِّيُّ القُدرة يُقاول ويُماتِنُ لغوياً قبائل العرب ليُرغمها على أن تتشكَّل مجتمعاً موحَّداً وموحِّداً قادراً على إعلاء كلمته. هكذا إذن يكون الخطاب البلاغي عنصراً صميماً من عناصر سيرورة دَيْنَنَةِ وتقديس الماضي الميثو-تاريخي للجماعات الإسلامية التي يرتبط بها وينتمي إليها. وإذا حصل أن الملفوظات الشفوية الأولى للخطاب النبوي قد كانت، تاريخياً واجتماعياً، موضوع تنازع شديد من طرف جماعات مختلفة تعرضت معتقداتها وعوالمها المقدسة للتسفيه ، فإن مرور الزمن سيجعل ذلك التنازع يتناقص إلى أن يختفي بفعل إجراءات إعادة البناء المستمرة للذاكرة وما ترتكز عليه من انتقاء واستبعاد وإعادة تركيب لوقائع التاريخ. صحيح أن الملحدة استمرَّ حضورهم في كتاب "الدلائل" لعبد القاهر الجرجاني، وفي "المفتاح" للسكاكي، وفي غيرهما؛ إلا أنه حضور أقل قوة من حضور الحليف الخصم الذي لا يدرك وجه الإعجاز الأضوأ لانحطاط ذوقه وتهاونه في تحصيل المعرفة التي تمكنه من ترقيته .
لقد كان الهاجس الأول لاستكمال نموِّ البلاغة في حقل الثقافة العربية إثبات دعوى إعجاز النص القرآني والكشف عن وجهه وإدراك مقاصده حسبما يظهر من أقوال البلاغيين ومباحثهم، بل ومن عناوين كتبهم. وكان أن رافق هذا الهاجسُ جميع البلاغيين على امتداد المسافة التاريخية والجغرافية التي انتشرت عليها هذه الجماعات "المسلمة" التي يُعلنون انتماءهم إليها وارتباطهم بها، رافقتهم حتى عندما اشتغلوا على خطابات بشرية غير معجزة، لأنهم إنما فعلوا ذلك لتتمكَّن بلاغاتهم من بناء أدواتها "لتتعمق أبعاد[النص المعجز] وتكشف أسراره وتثبت دلائله". من هنا نفهم لِمَ تعامل البلاغي مع الخطابات البشرية "غير المعجزة" تعاملا استعمالياً واستشهادياً، ولِمَ لَمْ تحضر في خطابه إلا مجتزأةً مقطعة الأوصال، ونفهم لماذا تحولت المقاطع المجتزأة الممثِّلة للبلاغة النموذجية التي جمعها الأوائل إلى نماذج عليا تتكرر في كتب المتأخرين دون تغيير أو تبديل، بل وتحولت إلى قواعد معيارية لا يؤبه لكلام من لا يحتذيها وينسج على منوالها. لقد ورثت البلاغة في السياق العربي جينات الوثوق واليقين والمطلق من الثقافة التي أنتجتها وتولدت فيها فلم يكن من الممكن أن تنفتح على الخطاب في تكثُّره وتعقُّده البشري الأصيل غير القابل للاختزال والمصادرة، وهو ما كان من الممكن – على فرض حصوله- أن يلقحها بقوى الحياة فتتحول من علم اكتمل سريعاً بعد ظهوره فصارت قوقعته تمنعه من الحركة إلى علم يجدِّد نماذجه وأدواته الوصفية والتحليلية بشكل مستمر. لقد تعاملت البلاغة، إذن، تعاملا استعماليأً مع النماذج الشعرية و النثرية –وإن بدرجة أقل فيما يتعلق بهذه الأخيرة- التي رأى البلاغيون أنها ممثِّلة لما في القرآن من ظواهر نصية وأسقطوا من حسابهم بلاغات "شعبية" لا تنضبط لأسس التفكير اللاهوتي والتيوقراطي أو تنتهكه دون أن يعني ذلك كونها تعارضه بإقامتها في خارج مطلق.


هذا النص مقتطف من مشروع قراءة لحقل البلاغة في مجال الثقافة العربية



#البشير_النحلي (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قُبْحٌ سيِّدٌ
- نَدى
- وجه
- استوى غيماً
- ليت ذا القطر
- ذات جنون
- تلك مهنته.
- بيان
- أرض تتشقَّق بالقهر
- رأيت
- رُؤيا(شعر).
- أَگْلينْ
- حادث.
- ماكروسيناريو بلقطات مصغرة.
- رؤيا التماثل بين التحليل والتأويل


المزيد.....




- ترامب يعلن تفاصيل خطة -حكم غزة- ونتنياهو يوافق..ما مصير المق ...
- دُمُوعٌ لَمْ يُجَفِّفْهَا اَلزَّمَنْ
- جون طلب من جاره خفض صوت الموسيقى – فتعرّض لتهديد بالقتل بسكي ...
- أخطاء ترجمة غيّرت العالم: من النووي إلى -أعضاء بولندا الحساس ...
- -جيهان-.. رواية جديدة للكاتب عزام توفيق أبو السعود
- ترامب ونتنياهو.. مسرحية السلام أم هندسة الانتصار في غزة؟
- روبرت ريدفورد وهوليوود.. بَين سِحر الأداء وصِدق الرِسالة
- تجربة الشاعر الراحل عقيل علي على طاولة إتحاد أدباء ذي قار
- عزف الموسيقى في سن متأخرة يعزز صحة الدماغ
- درويش والشعر العربي ما بعد الرحيل


المزيد.....

- سميحة أيوب وإشكالية التمثيل بين لعامية والفصحي / أبو الحسن سلام
- الرملة 4000 / رانية مرجية
- هبنّقة / كمال التاغوتي
- يوميات رجل متشائل رواية شعرية مكثفة. الجزء الثالث 2025 / السيد حافظ
- للجرح شكل الوتر / د. خالد زغريت
- الثريا في ليالينا نائمة / د. خالد زغريت
- حوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الأول / السيد حافظ
- يوميات رجل غير مهزوم. عما يشبه الشعر / السيد حافظ
- نقوش على الجدار الحزين / مأمون أحمد مصطفى زيدان
- مسرحة التراث في التجارب المسرحية العربية - قراءة في مسرح الس ... / ريمة بن عيسى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - البشير النحلي - البلاغة في المجال العربي بين العلم والدين