أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حوا بطواش - الرجل الآخر- قصة قصيرة














المزيد.....

الرجل الآخر- قصة قصيرة


حوا بطواش
كاتبة

(Hawa Batwash)


الحوار المتمدن-العدد: 2998 - 2010 / 5 / 7 - 21:29
المحور: الادب والفن
    


كان يوما باردا, والسماء غطّتها غيوم سوداء, وريح باردة هبّت من البحر. جلست أنتظر قدوم الرجل الآخر على المقعد الخشبي, أواجه البحر المائج, وأحسّ بالريح الباردة تصفع وجهي وتهدّد قبعتي الحمراء للسقوط من على رأسي. جلست أفكّر والإنتظار يطلق خيالي وراء كل المصائب التي يمكن ان تحدث.
أسائل نفسي: هل أعود؟ يجب ان أعود.
ولكن الرجل الآخر يظهر أمامي, فجأة, بقامته الطويلة, وجسمه النحيف, وشعره الأشقر, وعينيه الزرقاوين, وشفتاه تبتسمان وتقولان: "تبدين أجمل مما تصوّرت... حتى وانت قلقة."
فأقول: "وهل انا قلقة؟"
فيقول: "قلقة جدا. وانا لا أدري لِم قبلت ان نلتقي ان كان ذلك يقلقك الى هذا الحد؟"
وانا لا أملك الجواب على سؤاله. قبلت اللقاء دون ان أتوقع عواقبه. فمنذ ان أطلّ وجه هذا الرجل في كتاب أيامي اختلّت أفكاري واضطربت, وبتّ مبعثرة, تائهة, أحاول ان أفهم ما يحدث لي. أحسّ ان قوة خفية تدفعني نحو رجل غريب ومبهم, كلماته الرقيقة تنساب في أعصابي, وتجتاحني أحاسيس غريبة... تفاجئني, وتثور عاطفتي ثورة الموج على الشواطئ الساكنة.
وقبل ان نقترق, يسألني: "متى أراك ثانية؟"
فأعطيه موعدا في الغد. وأعود الى البيت.
وفي المساء, حين يعود زوجي, يتملّكني شعور غريب بالخوف, الخوف الذي يعقب ارتكاب جريمة, الخوف من الإنكشاف. ولكن ابتسامة زوجي تهدّئني قليلا فنجلس لأكل غدائنا ككل يوم, ويحدّثني عن أحداث يومه, التي كثيرا ما تشبه أحداث أيامه السابقة, ويحاول مزج حديثه ببعض المزاح الذي لا يضحكني ولا يمدّني ببعض المتعة. وأنا أنصت الى حديثه وفي داخلي أود لو يكفّ عن الكلام لحظة ويقول لي كم انا جميلة او كم هو سعيد برؤيتي او يلاحظ كم كنت قلقة. ولكنه يتابع حديثه دون ان يلتفت الي... ثم يأكل... ثم يشرب.
وتداهمني الأفكار. لماذا لا يستطيع هذا الرجل ان يحسّ بكينونتي؟ ألم يعُد يحبني؟ أيكون عمله هو الذي يشغله عني؟
آه لو كان يعلم ما في نفسي من خيبة!
أهكذا يكون الزواج؟ أينتهي الحب بعد الزواج؟ كيف ينتهي حبنا ولم يمضِ على زواجنا أكثر من بضعة أشهر؟
أنظر اليه. ليته انتبه اليّ. ليته اهتمّ بي كما هو مهتمّ بزبائنه في العمل الذين يحدّثني عنهم كل يوم.
أقوم من مكاني دون كلام وأحضّر له القهوة, ثم أجلي الصحون وأنظف المطبخ وأرتّب البيت كما في كل يوم... وينقضي يوم آخر.
وفي الغد, أذهب الى موعدي مع الرجل الآخر وقد خفّ عني قلقي وتضاعف شوقي للقائه. وأذهب الى مواعيده في الأيام التالية وانا مأخوذة بحب هذا الرجل الآخر الذي يهزّ كياني ويطلق من أعماقي عواطف جياشة لم أكن أعلم بوجودها وكأنه جاء ليملأ الحلقة المفقودة من حياتي.
وأعود الى البيت. ويفاجئني زوجي بعودته المبكرة. وجهه متجهم يكتم بركانا من الغضب. يقترب مني دون ان يرفع نظره اليّ. وفجأة... يطبق صفعة قوية على خدي تهزّ توازني وكل كياني وتطرحني أرضا.
ويحدث ما كنت أخشاه. ودون ان يقول شيئا, يدير ظهره الي ويذهب. هكذا, يذهب بلا كلمة واحدة, وكأنه يستكثر عليّ كلمة "طالق".
وها هو الرجل الآخر يأتيني معتذرا ومتأسّفا لما حصل, ويقول لي: "لم تكوني سعيدة," كأنه يواسيني.
وأنا أفكّر في كلامه وأقول بيني وبين نفسي: "ربما."
ثم أفكّر في الرجل الآخر وأسائل نفسي: ماذا يريد مني؟ اننا نلتقي منذ أشهر. كنت متزوجة. والآن, لم أعد متزوجة. أهو راغب بالزواج؟ أيحبني حقا؟ أم يحب رؤيتي لبضع دقائق فقط؟ وهل أظن ان مثل هذا الرجل يقبل الإرتباط بامرأة مطلقة؟
هببت من أفكاري على صوت قصف الرعد الذي ينذر بالمطر. أخذت قبعتي الحمراء من على رأسي ودسستها في حقيبتي, ثم قمت من مقعدي واندفعت لترك المكان بأسرع وقت. أحسست بقطرات المطر التي بدأت تسقط على وجهي وكأنها تمسح عنه البؤس والضجر, وشرعت بالركض.
وفجأة... اصطدمت برجل. نظر اليّ طويلا نظرة مستغربة, قامته قصيرة, وجسمه بدين, وشعره أسود, وعيناه فاحمتان, وشفتاه تسألان: "عفوا, هل رأيت امرأة تعتمر قبعة حمراء تجلس على مقعد خشبي؟"
ودون ان أنظر اليه, قلت: "لا."
وعدت الى البيت.



#حوا_بطواش (هاشتاغ)       Hawa_Batwash#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لن أعود - قصة قصيرة


المزيد.....




- بعد سقوطه على المسرح.. خالد المظفر يطمئن جمهوره: -لن تنكسر ع ...
- حماس: تصريحات ويتكوف مضللة وزيارته إلى غزة مسرحية لتلميع صور ...
- الأنشطة الثقافية في ليبيا .. ترفٌ أم إنقاذٌ للشباب من آثار ا ...
- -كاش كوش-.. حين تعيد العظام المطمورة كتابة تاريخ المغرب القد ...
- صدر حديثا : الفكاهة ودلالتها الاجتماعية في الثقافة العرب ...
- صدر حديثا ؛ ديوان رنين الوطن يشدني اليه للشاعر جاسر الياس دا ...
- بعد زيارة ويتكوف.. هل تدير واشنطن أزمة الجوع أم الرواية في غ ...
- صدور العدد (26) من مجلة شرمولا الأدبية
- الفيلم السعودي -الزرفة-.. الكوميديا التي غادرت جوهرها
- لحظة الانفجار ومقتل شخص خلال حفل محمد رمضان والفنان المصري ي ...


المزيد.....

- مسرحة التراث في التجارب المسرحية العربية - قراءة في مسرح الس ... / ريمة بن عيسى
- يوميات رجل مهزوم - عما يشبه الشعر - رواية شعرية مكثفة - ج1-ط ... / السيد حافظ
- . السيد حافظيوميات رجل مهزوم عما يشبه الشعر رواية شعرية مك ... / السيد حافظ
- ملامح أدب الحداثة في ديوان - أكون لك سنونوة- / ريتا عودة
- رواية الخروبة في ندوة اليوم السابع / رشيد عبد الرحمن النجاب
- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حوا بطواش - الرجل الآخر- قصة قصيرة