أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القومية , المسالة القومية , حقوق الاقليات و حق تقرير المصير - أوري أفنيري - الرجل الطيب والسيدة العجوز














المزيد.....

الرجل الطيب والسيدة العجوز


أوري أفنيري

الحوار المتمدن-العدد: 904 - 2004 / 7 / 24 - 10:43
المحور: القومية , المسالة القومية , حقوق الاقليات و حق تقرير المصير
    


"في خطاب دراماتيكي في التلفزيون ناشد الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، مليون وربع المهاجرين الروس في دولة إسرائيل بالعودة إلى وطنهم، بسبب الوضع الأمني المتفاقم في إسرائيل."

لم يحدث ذلك بالطبع. ولكن من السهل أن نتكهن ماذا كان ليحدث في إسرائيل، لو كان بوتين قد تفوه بالفعل بمثل هذه الكلمات. ولو ناشد الرئيس الفرنسي جاك شيراك الناطقين بالفرنسية في إسرائيل، وهم مئات الآلاف من الذين قدموا من فرنسا وشمال أفريقيا، بالعودة إلى فرنسا، حيث لا يكمن هناك خطر من العمليات الانتحارية.

وسائل الإعلام الإسرائيلية كانت ستثور. والكنيست كانت ستلتئم وتصدر قرارها الذي يشجب هذا العمل اللا سامي المنكر من قبل رئيس روسيا أو رئيس فرنسا. السياسيون كانوا سيتنافسون فيما بينهم لاستنكار التدخل السافر في شؤون إسرائيل. وزارة الخارجية كانت ستستدعي سفيريها في موسكو و/ أو باريس "للمشاورات".

أما ما حدث بالفعل فقد كان عكس ذلك. رئيس حكومة إسرائيل هو الذي ناشد يهود فرنسا بترك موطنهم "بأسرع وقت ممكن" والقدوم إلى إسرائيل، ردا على الموجة اللا سامية العارمة التي تجتاح فرنسا على حد تعبيره. لقد كان رد فعل الحكومة ووسائل الإعلام الفرنسية كما كان سيكون رد فعل إسرائيل في مثل هذه الحال.

كل فرنسي عاشر هو يهودي. شارون دعا إلى هجرة عشرة بالمائة من سكان فرنسا.

"سوء تفاهم مؤسف" هذا ما قاله مصدر حكومي فرنسي، وهي ترجمة دبلوماسية لعبارة: "اخرس أيها الأحمق!"

لقد حاول المحللون النبهاء من مختلف أنحاء العالم فهم ذلك: ماذا كان قصد شارون الخفي؟ هل كان ذلك بمثابة تحذير لفرنسا حتى لا تصوت إلى جانب قرار حكم هاغ في الجمعية العمومية؟ (هي لم تصوت إلى جانب القرار فحسب، بل أرغمت كل الدول الأوروبية على التصرف على هذا النحو). هل أراد أن يصنع معروفا مع الرئيس بوش، وهو في نزاع مع شيراك؟

الحقيقة أبسط بكثير. لا حاجة للتكهن بنية شارون. لأنه لم تكن لديه أية نية. لقد كان ذلك خطاب أجوف في مؤتمر أجوف. ما أراده شارون هو فعل أي بشيء يمنحه خمس دقائق بث على شاشة التلفزيون، وبالفعل فقد منحه التلفزيون تلك الدقائق الخمس. وكان الجميع راضين – التلفزيون، رئيس الحكومة، مؤيدوه، والجمهور عامة. الجميع، ما عدا الفرنسيين.

لقد كان هذا التصريح في إسرائيل تصريحا اعتياديا للغاية، تصريح أجوف. زعماء إسرائيل يناشدون الجاليات اليهودية، كلما سنحت الفرصة لهم، بترك كل شيء والقدوم إلى إسرائيل. حين تظهر أية إشارة لوجود اللا سامية، فهذا هو رد الفعل التلقائي.

إذا كان في الأمر "سوء تفاهم"، فهو سوء تفاهم متبادل. من الممكن تسميته باسم "صراع الثقافات": الثقافة الفرنسية-الأوروبية والثقافة الإسرائيلية-الصهيونية.

يعتبر اليهود، من وجهة نظر فرنسية، فرنسيون بكل ما في الكلمة من معنى. فالجمهورية لا ترتكز على ديانة أو أصل عرقي معين. حسب المعتقدات الفرنسية، فإن كل مواطن هو شريك في الجمهورية وفي الثقافة الفرنسية، بغض النظر عن كونه مسيحي أو يهودي، إليزيسي أو بريطوني، من شمال أفريقيا أو من كورسيكا. هذه هي ركيزة الجمهورية (لا يتحدث أي فرنسي عن "دولة فرنسا"، كما يتحدثون لدينا عن "دولة إسرائيل").

وها هو رئيس حكومة دولة أجنبية، تسول له الوقاحة غير المتناهية بتقويض ركائز الجمهورية، والمس بجوهرها وزرع التفريق بين مواطنيها. أنه التهديد الأكبر على فرنسا، فيما عدا هجوم عسكري عليها.

أما من وجهة نظر إسرائيلية، فإن الأمر مختلف تماما. فحسب المذهب الرسمي، إسرائيل هي "دولة الشعب اليهودي". "الشعب اليهودي" مكون من جميع اليهود في مختلف أرجاء العالم، بغض النظر عن كونهم مواطني الولايات المتحدة، المانيا أو أوكراينا.

كل فتى وفتاة في إسرائيل يتعلمون منذ نعومة أظفارهم بأن كل اليهود قادمون إلى إسرائيل في وقت من الأوقات، لأن كل الشعوب تكره اليهود، ولذلك ستسيطر اللا سامية بالضرورة على كل الدول. إسرائيل قائمة لتشكل لهم ملاذا عند حدوث الكارثة الحتمية.

من هنا ينبع رد الفعل الإسرائيلي الممأسس مزدوج الجوهر عند حدوث أية حادثة تتسم بالا سامية في دولة ما. رد الفعل التلقائي هو بطبيعة الحال الغضب والشجب. غير أن هناك رد فعل آخر، خفي، يصل إلى درجة الإشباع: ها لكم، لقد قلنا لكم، لقد كنا على حق. ويتلخص ردا الفعل بالدعوة: تعالوا يا أخوتنا، قبل فوات الأوان! هذا الأمر يشبه ذلك الرجل الطيب الذي يساعد عجوز على عبور الشارع - أرادت ذلك أم لم ترد.

إذن شيراك غاضب، وشارون مصمم ويكرر دعوته. وبين الاثنين يقف يهود فرنسا في الوسط ولا يدرون ما يفعلون.



#أوري_أفنيري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حقا هناك قضاة في هاغ
- العدل، الغاز والدموع
- ذهب الزرزور إلى الغراب…-
- أضرار نفسية غير مرتجعة
- فليشربوا من بحر غزة
- طومي والجدة
- اغتصاب رفح
- بوشارون: العد التنازلي
- المسخ الذي تصدى لصانعه
- فأنونو: السر الدفين
- جلد شارون، وجلد بوش المرقط
- الأرز المر (2) أو: مسيرة الحماقة
- رسالة إلى عرفات
- ثلاثة جنرالات وقديس واحد
- كل الاحترام، يا أصدقائي
- روميو الفلسطيني
- طالما ظل الجيتو في القلب
- الدب الراقص
- نعم سيدي الوزير!
- إلى غزة!


المزيد.....




- جاءه الرد سريعًا.. شاهد رجلا يصوب مسدسه تجاه قس داخل كنيسة و ...
- -ورقة مساومة-.. الآلاف من المدنيين الأوكرانيين في مراكز احتج ...
- -مخبأة في إرسالية بطاطس-.. السعودية تحبط محاولة تهريب أكثر م ...
- -غزة.. غزة-.. قصيدة ألمانية تستنطق واقع الفلسطينيين وتثير ال ...
- بسبب هجومات سيبرانية.. برلين تستدعي سفيرها في موسكو للتشاور ...
- صحة غزة تعلن حصيلة جديدة لضحايا القصف الإسرائيلي
- بوتين للحكومة في اجتماعها الأخير: روسيا تغلبت على التحديات ا ...
- مصر.. اتحاد القبائل العربية يحذر من خطورة اجتياح رفح ويوجه ر ...
- تقرير: مصر ترفع مستوى التأهب العسكري في شمال سيناء
- بعد ساعات على استدعاء زميله البريطاني.. الخارجية الروسية تست ...


المزيد.....

- الرغبة القومية ومطلب الأوليكارشية / نجم الدين فارس
- ايزيدية شنكال-سنجار / ممتاز حسين سليمان خلو
- في المسألة القومية: قراءة جديدة ورؤى نقدية / عبد الحسين شعبان
- موقف حزب العمال الشيوعى المصرى من قضية القومية العربية / سعيد العليمى
- كراس كوارث ومآسي أتباع الديانات والمذاهب الأخرى في العراق / كاظم حبيب
- التطبيع يسري في دمك / د. عادل سمارة
- كتاب كيف نفذ النظام الإسلاموي فصل جنوب السودان؟ / تاج السر عثمان
- كتاب الجذور التاريخية للتهميش في السودان / تاج السر عثمان
- تأثيل في تنمية الماركسية-اللينينية لمسائل القومية والوطنية و ... / المنصور جعفر
- محن وكوارث المكونات الدينية والمذهبية في ظل النظم الاستبدادي ... / كاظم حبيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القومية , المسالة القومية , حقوق الاقليات و حق تقرير المصير - أوري أفنيري - الرجل الطيب والسيدة العجوز