أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - ولاء جاد الكريم محمود - حرية التنظيم في مصر : حلقة جديدة من مسلسل الانتهاك















المزيد.....

حرية التنظيم في مصر : حلقة جديدة من مسلسل الانتهاك


ولاء جاد الكريم محمود

الحوار المتمدن-العدد: 2964 - 2010 / 4 / 3 - 19:30
المحور: المجتمع المدني
    


ترفض السلطة في مصر أن تقدم ولو دليلا واحدا على نية حقيقية لإصلاح أوضاع حقوق الإنسان في مصر ، ترفض أن تبين كرامة تعينها في مواجهة تيار الحركات الاحتجاجية وتنامي قوى المعارضة غير الرسمية وغير التقليدية وتحفظ بها ماء وجه ما يسمى بقوى وأحزاب المعارضة المعتدلة وتعطيهم بصيص أمل بأن الإصلاح آت ولو بعد حين ، ترفض السلطة المصرية أن تكون على قدر مسئوليتها الأدبية والأخلاقية كنائب لرئيس المجلس الدولي لحقوق الإنسان بل وتتفنن في صك الترقيعات الدستورية وسلق القوانين سيئة السمعة التي تنتقص من مساحة حقوق المواطن وتقلص هوامش الحرية المتاحة وتهوي بسقفها ليتساوى مع مستوى سطح الأرض .
وربما يكون قانون الجمعيات الأهلية والمؤسسات الخاصة الذي تواترت أنباء عن انتهاء وزارة التضامن الاجتماعي المصرية من صياغته وتم تسريبه لوسائل الإعلام وينتظر عرضه على البرلمان خلال الأيام المتبقية من عمر البرلمان الحالي الدليل الأبرز على حالة الردة التي تعيشها السلطة في مصر عن كل الإصلاحات المحدودة التي أحدثتها في المجال الحقوقي خلال النصف الأول من العقد الحالي والتي اختتمتها بتعديل دستوري ايجابي في العام 2005 تم على أساسه انتخاب رئيس الجمهورية من بين أكثر من مرشح وكذلك الحد من عمليات التزوير الواسعة لإرادة الناخبين في الانتخابات البرلمانية مما أدى لوجود عدد غير مسبوق من المعارضين والمستقلين تحت قبة البرلمان .
وبغض النظر عن الأجواء المسرحية التي خرجت بها الانتخابات الرئاسية الأخيرة فإن السلطة سرعان ما ارتدت على أعقابها في السنوات الخمس التالية وبالتحديد بدءا من 2007 وحتى 2010 وأضرمت النيران في كل ما قدمته يداها من إصلاحات فأجرت تعديلات دستورية واسعة في 34 مادة من الدستور فرغت بمقتضاها الحق في الترشح لرئاسة الجمهورية من مضمونه وجعلته حكرا من يختاره الحزب الوطني الحاكم ، وألغت الإشراف القضائي على الانتخابات العامة وجاءت بلجنة تفتقد لأبجديات الاستقلالية والحيدة ، كما رفضت السلطة خلال هذه الفترة من التصريح بقيام عدد كبير من الأحزاب الجادة وها هي تستعد لتمديد العمل بقانون الطوارىء لأعوام تالية بعد وعود متتالية بوقف العمل به ، وآخر ما تفتقت عنه قريحة السلطة قانون الجمعيات الأهلية المزمع والذي يتعارض في كثير من أجزائه مع معايير الحق في حرية التنظيم المنصوص عليها في الصكوك و الاتفاقيات الدولية لحقوق الإنسان .
ومن عجب أن تتزامن حالة الردة الحقوقية للسلطة المصرية مع حصولها على عضوية المجلس الدولي لحقوق الإنسان عن المجموعة الأفريقية عام 2007 ، ثم تتصاعد حالة التراجع في ظل تبؤها لمنصب نائب رئيس المجلس في 2009 وأخيرا يبلغ التراجع مداه بالتزامن مع خضوع مصر لآلية الاستعراض الدوري الشامل في فبراير 2010 واستعدادها لاعتماد تقريرها في يونيه 2010 ، فترى ما الرسالة التي تود السلطة أن ترسلها إلى الداخل والخارج من وراء ذلك ؟ وهل حقا ما يتواتر عن دور مصري حيوي في الانخفاض بسقف فاعلية ألآليات الدولية لحماية حقوق الإنسان ؟ .
ونعود إلى الحق في حرية التنظيم في مصر الذي يجري انتهاكه على نطاق واسع منذ سنوات بالرغم من النص عليه بشكل صريح وواضح في المادة 22 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية التي تشير إلى حق كل فرد في حرية تكوين الجمعيات مع آخرين ، كما حظرت المادة المذكورة وضع قيود على ممارسة هذا الحق إلا تلك التي ينص عليها القانون وتشكل تدابير ضرورية، في مجتمع ديمقراطي، لصيانة الأمن القومي أو السلامة العامة أو النظام العام أو حماية الصحة العامة أو الآداب العامة أو حماية حقوق الآخرين وحرياتهم.
ورغم تصديق مصر على العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية منذ العام 1982 إلا أن إعمال الحق في حرية التنظيم يشهد انتهاكات متكررة من قبل الدولة ، فعلى صعيد الأحزاب السياسية مثلا هناك ما يعرف بلجنة شئون الأحزاب وهي هيئة معينة معظم أعضائها من المنتمين للحزب الحاكم ، وهي المنوط بها منح التصريح لقيام حزب ما ومن النادر أن تصرح اللجنة لأحزاب سياسية بالقيام حيث رفضت اللجنة التصريح لعدد كبير من الأحزاب في السنوات الأخيرة ووصل هذا العدد إلى 12 حزبا سياسيا ، ويوجد في مصر 24 حزبا سياسيا من بينها حزب مجمد بقرار من لجنة شئون الأحزاب هو حزب العمل وثلاث أحزاب على الأقل متنازع على رئاستها وتستند اللجنة في رفضها لقيام الأحزاب الى تفسيرات لمواد قانونية فضفاضة كتعارض مقومات الحزب أو مبادئه أو أهدافه أو برامجه أو سياساته أو أساليبه في ممارسة نشاطه مع مبادئ الشريعة والحفاظ على الوحدة الوطنية والسلام ، كما تشترط تميز برنامج الحزب وسياساته أو أساليبه في تحقيق هذا البرنامج تميزا ظاهرا عن الأحزاب الأخرى، وكلها نصوص تمثل حجرا على حرية تكوين الأحزاب .
وبالنسبة لحرية تكوين النقابات نجد أن القانون رقم 35 لسنة 1976 نص على فئات معينة يحق لها تكوين نقابات ومن ثم استبعاد من هم دونها .والفئات التي ذكرها هي العاملين المدنيين في الحكومة ووحدات الإدارة المحلية والهيئات والمؤسسات العامة والأجهزة الحكومية التي لها موازنات خاصة، والعاملين بشركات القطاع العام والعاملين بشركات قطاع الأعمال العام والعاملين بالأنشطة الاقتصادية التي يتم إنشاؤها بقانون، والعاملين بالقطاعين الخاص والتعاوني أو القطاعين الاستثماري والمشترك، وعمال الزراعة، وعمال الخدمة المنزلية .
كما تشهد السنوات الأخيرة على استمرار مسلسل فرض الحراسة على بعض النقابات المهنية مثل نقابة المهندسين منذ عام 1995 ، وكذلك عدم إجراء انتخابات في بعض النقابات المهنية منذ سنوات طويلة بسبب تعقيدات شروط القانون 100 لسنة 1993 ، ومن هذه النقابات نقابات الأطباء والتجاريين والمعلمين ، حيث يقيد القانون المذكور يقيد قدرة الجمعية العمومية على الانعقاد من خلال رفع النصاب القانوني لصحة انعقادها لحدود غير منطقية .
أما بالنسبة للجمعيات الأهلية والمؤسسات الخاصة فبرغم مساوئ القانون الحالي المعمول به ( 84 لسنة 2002 ) فإن الحكومة أصرت على أن تتقدم بقانون بديل بعد اعترافها بعدم صلاحية القديم ، ولكن بدلا من أن يأتي القانون المزمع ملبيا لعطش أرض المجتمع المدني لمزيد من الحرية ومتناسبا مع الدور المحوري الذي تلعبه هذه المنظمات في التنمية الشاملة وحشد المشاركة المجتمعية ونجاح مرحلة التحول الديمقراطي ، إذا به يأتي قمعيا أكثر من القانون القديم
ومضيقا الخناق على عمل المنظمات وأنشطتها وتمويلها بشكل أشد مما هو موجودا في القانون الحالي .
فالقانون وضع المزيد من القيود على حق الجمعيات في التأسيس ، إذ أعطى المشروع صلاحيات جديدة للإتحاد الإقليمي في هذا الإطار ، إذ يشترط عضوية الاتحاد كشرط للتأسيس بخلاف موافقة وزارة التضامن على التسجيل ومن جانب ثاني ضيق المشروع المقترح مجالات العمل على الجمعيات إذ حصرها في مجالين فحسب بل واشترط موافقة الاتحاد الإقليمي وإخطار الجهة الإدارية أيضاً، كما أوكل المشروع سلطة حل الجمعية للوزير المختص بدلاً من أن يكون صادراً من محكمة مختصة وبقرار قضائي نهائي.
كما حظر القانون الذي تستعد الدولة لتمريره على الجمعيات تلقي تمويل أو إعطاء تمويل من وإلى الخارج حتى لو كان من أشخاص أو جهات مصرية تمارس عملها بالخارج إلا بعد موافقة الوزير المختص ، وهي الموافقة التي يشهد الواقع العملي أنها لا تأتي إلا بعد شهور طويلة يكون الفعل التنموي الذي تم تلقي التمويل لتنفيذه قد فقد قيمته وتجاوزه الزمن .
وهكذا نجد القانون الحالي يتعامل مع المنظمات الأهلية بمنطق المتهم مذنب حتى تثبت براءته ، فتشعر وأنت تتصفح مواد القانون المنشورة في الصحف أن المنظمات عليها أن تثبت دائما أنها ليست خائنة وعميلة وتعمل لصالح أجهزة مخابرات الدول المعادية ، وأنها لا تتبنى أجندات خارجية .
كل ذلك على الرغم من أن الواقع والتاريخ يشهدان بأن منظمات المجتمع المدني التي تحاربها السلطة ليلا نهارا وتوسعها ضربا تحت الحزام حققت انتصارات في المجال الحقوقي لصالح نصرة القضايا العربية لم تحققه الحكومات بجيوشها و أجهزتها الأمنية و مخابراتها ووزارات خارجيتها وربما يكون تقرير القاضي المستقل جولدستون بشأن الحرب الإسرائيلية على غزة أبرز الأدلة على ذلك .
كما أن المنظمات الأهلية المصرية كان ولا يزال لها الدور الأبرز في تحقيق العدالة الاجتماعية وإحقاق الحق في التنمية الذي عجزت الدولة عن الوفاء به في ظل تحيزها لصالح الطبقات الأعلى وأصحاب النفوذ والإقطاعيين الجدد .
إن قانون الجمعيات الأهلية المزمع إصداره حلقة جديدة في مسلسل الانتهاك المستمر لحق حرية التنظيم ويتنافى مع ما يجب أن تلتزم به مصر بحكم التزاماتها التعاهدية أمام المجتمع الدولي أولا ، وبحكم التزاماتها الأخلاقية والأدبية التي تفرضها عليها مكانتها في المنظومة الأممية الحديثة لحماية حقوق الإنسان والسؤال الآن هل تجد السلطة في مصر من بينها رجل رشيد يوقف شهوتها للعبث بكل قواعد الشرعة الدولية لحماية حقوق الإنسان وهي على أعتاب اعتماد تقريرها أمام آلية الاستعراض الدوري الشامل ؟



#ولاء_جاد_الكريم_محمود (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هوامش على دفتر الحركة الحقوقية المصرية ، في نقد ما كان


المزيد.....




- العفو الدولية: الكشف عن مقابر جماعية في غزة يؤكد الحاجة لمحق ...
- -سين وجيم الجنسانية-.. كتاب يثير ضجة في تونس بسبب أسئلة عن ا ...
- المقررة الأممية لحقوق الإنسان تدعو إلى فرض عقوبات على إسرائي ...
- العفو الدولية: استمرار العنصرية الممنهجة والتمييز الديني بفر ...
- عائلات الأسرى المحتجزين لدى حماس تحتشد أمام مقر القيادة العس ...
- استئجار طائرات وتدريب مرافقين.. بريطانيا تستعد لطرد المهاجري ...
- تعذيب وتسليم.. رايتس ووتش: تصاعد القمع ضد السوريين بلبنان
- كنعاني: الراي العام العالمي عازم على وقف جرائم الحرب في غزة ...
- كيف تستعد إسرائيل لاحتمال إصدار مذكرة اعتقال دولية لنتنياهو؟ ...
- منظمة التعاون الإسلامي ترحب بتقرير لجنة المراجعة المستقلة بش ...


المزيد.....

- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي
- فراعنة فى الدنمارك / محيى الدين غريب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - ولاء جاد الكريم محمود - حرية التنظيم في مصر : حلقة جديدة من مسلسل الانتهاك