أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - ولاء جاد الكريم محمود - هوامش على دفتر الحركة الحقوقية المصرية ، في نقد ما كان















المزيد.....

هوامش على دفتر الحركة الحقوقية المصرية ، في نقد ما كان


ولاء جاد الكريم محمود

الحوار المتمدن-العدد: 2958 - 2010 / 3 / 28 - 16:16
المحور: المجتمع المدني
    


الحركة الحقوقية ربما تكون هي المخلوق الوحيد في مصر الذي ولد خارج رحم النظام وبعيدا عن قبضته الحديدية ولم يخرج من عباءته المحكمة ولم يتوقف عند إشاراته الحمراء أو يسير بحسب إشاراته الخضراء .
فقد ولدت هذه الحركة المباركة منذ حوالي ربع القرن في ظل أوضاع استثنائية يعيشها الوطن آنذاك ، فحالة الطوارئ كانت في بدايات عمرها الذي لم يتخيل أكثر المتشائمين أن يكون مديدا لهذا الحد ، والنظام السياسي القائم من وقتها إلى الآن كان في بدايات طور الانسلاخ من الجلد الاشتراكي والتنازل عن الميراث الثوري والناصري والتوقف عن الاتجاه شرقا والاستعداد للدخول في جلد نظام اقتصاديات السوق والاتجاه نحو تحالف استراتيجي مع القطب الأمريكي الغربي ، وقتها أيضا كانت مصر تمر بتغيرات اجتماعية وثقافية هائلة ، أهمها ازدياد نسب من يعيشون تحت خط الفقر واتجاه الثروة والسلطة والنفوذ تدريجيا نحو التركز في يد طبقة معينة تضيق شيئا فشيئا لتصبح مغلقة على يد مجموعة بعينها .

وفي نفس الوقت كانت التيارات الدينية المتطرفة وجماعات الإسلام السياسي في أوج نشاطها وانتشارها، وبدأت تطفو على سطح الحياة في مصر حالة من الانغلاق الطائفي والتشدد الديني والتمسك المظهري بالعادات الدينية.
كانت هذه هي الأرضية التي نبتت فيها منظمات حقوق الإنسان المصرية في النصف الأول من ثمانينيات القرن الماضي، ورغما عن كل هذه الظروف استطاعت الحركة أن تنتزع لنفسها الشرعية بعد أن دفع رعيلها الأول الثمن غاليا من حريتهم وقوتهم وحياتهم في بعض الأحيان .
واختتم عقد الثمانينيات بكيان مؤسسي قائم يسمى المنظمة المصرية لحقوق الإنسان ساهم في تخريج أجيال تالية من المدافعين عن حقوق الإنسان وأصبحت بمثابة الجهاز الشعبي لحماية حقوق الإنسان .
وفي عقد التسعينيات ظهرت إلى مسرح الأحداث مجموعة أخرى من المنظمات الحقوقية التي اتخذ معظمها شكل الشركات المدنية غير الهادفة للربح ، وشكلت هذه المنظمات وقادتها الجيل الثاني من أجيال الحركة الحقوقية ، ولم ينتهي عقد التسعينيات إلا والحركة المباركة قد انتزعت الاعتراف الشرعي والقانوني بها من قبل الدولة ، وأصبح من حقها أن تمارس نشاطها في إطار منظمات أهلية خاضعة لقانون الجمعيات الأهلية والمؤسسات الخاصة .
وشهد العقد الأول من الألفية الثالثة (2000- 2010 ) مولد الجيل الثالث من المنظمات الحقوقية كما شهد تصاعد نشاط الحركة الحقوقية وتحولت إلى رقم مؤثر يصعب تجاهله أو القفز فوقه في المعادلة السياسية والاجتماعية ، وأضحت المنظمات الحقوقية بأجيالها الثلاث المحرك الحقيقي الذي يقف خلف الخطوات الإصلاحية الجزئية التي اتخذتها الدولة خلال الأعوام العشرة الماضية في الميادين السياسية والاجتماعية والاقتصادية والتنظيمية ، وتجاوزت الحركة الحقوقية في ذلك كل التيارات السياسية ( الحزبية وغير الحزبية ) الموجودة على الساحة في حجم ما دفعت الحكومة لتقديمه للمواطن المصري .





والآن والوطن يقف على أعتاب مرحلة مخاض سياسي واقتصادي واجتماعي جديدة وجب على العاملين بالحقل الحقوقي أن يقفوا ليتدبروا موضع أقدامهم ويتحسسوا ما أنجزوه طوال الأعوام الخمس وعشرين الماضية على أرض الواقع ويراجعوا أجندتهم الحقوقية وأولوياتها في المرحلة القادمة ، كما يجب عليهم بنفس القدر أن يعيدوا تقييم مواقفهم السابقة حتى تستمر المسيرة الناجحة وتكون الحركة الحقوقية عند مستوى ظن المجتمع بها وعلى قدر التحديات التي ستواجهها في المستقبل القريب .

ويعتبر خضوع مصر لآلية الاستعراض الدوري الشامل في 17 فبراير 2010 – وإن آتت نتائجه أقل كثيرا من سقف توقعاتنا – فإن هذه الخطوة في حد ذاتها تعد تحولا ايجابيا جيدا يضيف لانجازات الحركة الحقوقية المصرية ، ويجعل تأثيرها المستقبلي على القرار الحكومي ومن ثم إعادة تشكيل الأوضاع المصرية أمرا في متناول اليد ، وربما يكون في تعهد الحكومة المصرية على لسان أحد أقطابها ورئيس وفدها – الدكتور مفيد شهاب – بالعمل على التعاون مع منظمات المجتمع المدني فيما هو قادم ، أقول في هذا التعهد ما يمكننا أن نبني عليه ونتمسك به ونجعله حاضرا وبارزا في كل المطالبات والأنشطة الحقوقية القادمة .

وفي تقديري المتواضع أن الكرة الآن في ملعب الحقوقيين أنفسهم أكثر من كونها في ملعب الحكومة والسلطة ، ومن ثم فإن وقفة مع النفس تعد حيوية في هذا التوقيت ، وقليل من النقد الذاتي يعد أمرا لا مناص منه حتى تدخل الحركة إلى المرحلة الجديدة بصدر مفتوح وأسلحة مؤثرة وأدوات فعالة .

ومن باب الاجتهاد في الطرح ، وبحكم أنني أعد نفسي من جيل خرج إلى الحياة مع خروج الحركة الحقوقية إلى النور وساهمت الحركة في تكوينه الثقافي والمعرفي وبناء وعيه السياسي والاجتماعي ، وآثرت في فعله المجتمعي واختياراته الأكاديمية والمهنية ، وكذلك بحكم انتمائي المهني الاحترافي للحركة الحقوقية التي أمارس دورا وظيفيا في أحد منظمات جيلها الثالث ، لكل هذه الأسباب أرى أنه من حق الحركة الحقوقية علي أن أهدي إليها عيوبها وأقدم رؤية جيلي إلى أساتذتي وزملائي وأصدقائي ناشطي الحركة الحقوقية لنساهم معا في مواصلة النجاح لصالح هذا الوطن الذي يستحق مستقبلا أفضل بكثير من واقعه .

في رأيي أن أكثر العيوب التي شابت الحركة الحقوقية خلال ربع القرن المنقضي هو الخلط بين ما هو سياسي وما هو حقوقي ، وسيطرة الانتماءات السياسية والأيديولوجية على كثير من المواقف الحقوقية ، وبدا الأمر في بعض الأحيان وكأن بعض المنظمات الحقوقية تنظيمات سياسية لا ينقصها سوى طرح ممثلين لها في الانتخابات العامة ، حتى على مستوى لغة الخطاب لم يكن حقوقيا خالصا بحال من الأحوال وكانت السياسة والأيديولوجية تطل برأسها من حين لآخر معرية الخطاب الحقوقي من مضمونه .

ولأن المرحلة القادمة تشهد زخم في الأحداث السياسية – الانتخابات وانتقال السلطة تحديدا – وسيكون للمنظمات الحقوقية دورا مؤثرا في الرقابة على هذه العملية وتوفير آليات مستقلة لنزاهتها وتحفيز المواطنين على المشاركة وممارسة حقهم في الاختيار ، فإن المهنية والمنهجية والبعد عن الحزبية والتخلي عن الانتماءات الأيديولوجية يجب أن تكون شروط لا تنازل عنها لكل حقوقي سينخرط في هذا النشاط وإن لم يستطع فعليه أن يتنحى عن ممارسة دورا قياديا أو مؤثرا في هذه العملية ويترك المهمة لآخرين في المنظمة التي يقودها أو يديرها ، واعتقد أن كل المنظمات العاملة في ميدان حقوق الإنسان تمتلك من الكوادر والصفوف الثانية والثالثة والرابعة أيضا من يستطيع قيادة هذه الأنشطة بمهنية صرفة بعيدا عن أي انتماء سياسي يسيطر عليهم .

الأمر الثاني الذي أراه قصورا فيما كان ويجب أن نتداركه فيما سيكون هو غياب آليات التمويل الوطنية لأنشطة الحركة ، وهو ما جعل النشاط الحقوقي مرهونا بمدى ما يتوافر من تمويل أجنبي وبالتالي تلون طبيعة هذا النشاط بلون التمويل وتوجهاته وتبني أولوياته ، ولا يقلل ذلك إطلاقا من أهمية الميادين التي مارست فيها المنظمات الحقوقية نشاطها بتمويل خارجي خلال السنوات الماضية واحتياج المجتمع للعمل الحقوقي فيها ، ولكن ما أريد قوله هنا أنه ربما كانت هناك ميادين تستحق منا جهدا وتركيزا أكثر من ميادين أخرى أوليناها أكثر مما تستحق . فالخلاف على ترتيب الأولويات وليس أهمية القضايا .
واعتقد أن قضية التمويل للنشاط الحقوقي يفرض نفسه على المهتمين والمعنيين بالحركة الحقوقية الآن أكثر من أي وقت مضى خاصة في ظل التراجع النسبي في حجم ما تخصصه الجهات المانحة المعروفة لهذه الأنشطة في مصر وتركيز العمل في مناطق أخرى من المنطقة ( السودان و العراق كنماذج ) .

القضية الثالثة التي أود أن أطرحها هنا هي قضية العمل الجماعي في منظومة متكاملة والتشبيك والشراكة بين المنظمات الحقوقية وبعضها البعض ، وهناك شواهد كثيرة تؤكد أن العمل بهذه الطريقة كان ناجحا فقط على مستوى الأحداث الطارئة والتضامن في مواقف وقتية ( كما هو الحال في تحالفات الاستعراض الدوري الشامل مثلا أو إصدار بيانات مشتركة لإعلان الموقف من حدث معين ) ، أما فيما عدا ذلك فالتجربة أثبتت فشل أشكال الشراكة والشبكات القائمة بين المنظمات على المستوى العملي والتطبيقي على الأقل .

ويدفعنا ذلك إلى ضرورة المطالبة بتوجيه قدر من الاهتمام لهذا الأمر في المستقبل لأنه في رأيي ضرورة من ضرورات بقاء هذه الحركة ومتطلبا أساسيا لنجاحها في الصمود في وجه التحديات التي تنتظرها .
أما آخر ما اختتم به حديثي فهو تحفظ على الجمود النسبي لحالة الحراك الوظيفي والمهني داخل المنظمات الحقوقية وطول فترات البقاء على كراسي القيادة لأفراد بعينهم ، والشخصنة والتوحد بين المنظمة ومؤسسها وهو ما يكاد يكون سمة عامة في معظم المنظمات الحقوقية القائمة إلا من رحم ربي ، ورغم أن هذا الوضع قد يكون مردود عليه بقصر عمر معظم هذه المنظمات نسبيا ومن ثم عدم صواب الحكم المبكر على حالة تداول السلطة بها ، إلا أن تفرد شخص بعينه في المنظمة – مؤسسها غالبا - بشغل المساحة المتاحة للمنظمة في الإعلام والمنتديات العامة و كذلك احتكاره لتمثيل المنظمة في الملتقيات والاجتماعات والأنشطة الداخلية والخارجية ، كل ذلك يعد مؤشرات سلبية تخصم من رصيد الحركة ولا تضيف له ، وأخذه في الاعتبار مستقبلا سيعد توجها محمودا يتوافق مع فلسفة ومرجعية ورسالة الحركة .



#ولاء_جاد_الكريم_محمود (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295


المزيد.....




- إيران تصف الفيتو الأمريكي ضد عضوية فلسطين في الأمم المتحدة ب ...
- إسرائيل: 276 شاحنة محملة بإمدادات الإغاثة وصلت إلى قطاع غزة ...
- مفوضية اللاجئين تطالب قبرص بالالتزام بالقانون في تعاملها مع ...
- لإغاثة السكان.. الإمارات أول دولة تنجح في الوصول لخان يونس
- سفارة روسيا لدى برلين تكشف سبب عدم دعوتها لحضور ذكرى تحرير م ...
- حادثة اصفهان بين خيبة الأمل الاسرائيلية وتضخيم الاعلام الغرب ...
- ردود فعل غاضبة للفلسطينيين تجاه الفيتو الأمريكي ضد العضوية ...
- اليونيسف تعلن استشهاد أكثر من 14 ألف طفل فلسطيني في العدوان ...
- اعتقالات في حرم جامعة كولومبيا خلال احتجاج طلابي مؤيد للفلسط ...
- الأمم المتحدة تستنكر -تعمد- تحطيم الأجهزة الطبية المعقدة بمس ...


المزيد.....

- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي
- فراعنة فى الدنمارك / محيى الدين غريب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - ولاء جاد الكريم محمود - هوامش على دفتر الحركة الحقوقية المصرية ، في نقد ما كان