في البصرة منظمة أنسانية وتحت ذريعة أغاثة اليتامى تستحوذ على بناية معهد الفنون الجميلة

الحزب الشيوعي العمالي العراقي

الحوار المتمدن-العدد: 901 - 2004 / 7 / 21 - 03:56
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    

في البصرة منظمة إنسانية وتحت ذريعة إغاثة اليتامى
تستحوذ على بناية معهد الفنون الجميلة
(مؤسسة إغاثة اليتامى) مثلها مثل الكثير من المنظمات التي نشطت بعد أن وضعت الحرب أوزارها وتحت يافطات مختلفة وشعارات إنسانية جذابة وفي بيئة محطمة مثل بيئتنا، عطشى ومتلهفة لأي مساعدات أو معونات أو إغاثة، كما لاتهمنا الشرعية أو النوعية، أو حتى ماهيتها فقط أشياء مجانية تأتي من أي مكان. مرة وبدافع غير بريء سألت أحد النسوة التي خرجت من الزحمة الكبيرة من باب هذه المؤسسة: ماذا يوزعون هنا؟ أجابت ملابس قديمة ومهترئة.
لا ينكر أحد أن هناك منظمات فاعلة وبدوافع إنسانية مخلصة قدمت مساعدات مختلفة للكثير من أبناء شعبنا المتضررين حقا ولكنها قليلة جدا. ولكن للأسف اختلطت الأوراق والدوافع وبشكل يثير الريبة والتساؤل أمام الكثير من العروض المغرية والبراقة.
مثلا هذه المؤسسة (الخيرية) التي تبدو دوافعها إنسانية محضة كما هو معلن في أهدافها المكتوبة والمعلنة في الورقات الثلاث التي زودونا بها والتي تمثل هويتهم وبرنامج عملهم، وقد تضمنت تلك الورقات خطط طموحة وكبيرة جدا لرعاية الأيتام وتأهيلهم ومساعدتهم وعوائلهم أيضا، تبشر بمستقبل (مشرق) لهؤلاء، مثل أنشاء ميتم يستوعب مئة يتيم (في معهد الفنون الجميلة اليتيم أصلا من كل رعاية سابقا ولاحقا)!! وتقديم المساعدات العينية والنقدية لأسر اليتامى، تسجيل عوائل الأيتام لغرض رعايتهم مستقبلا وفي كل المحافظات الجنوبية!! (البصرة، ميسان، الناصرية) وكما يبدو أن للمؤسسة أهداف مستقبلية طموحة في هذا المجال!! سألت أحدى الموظفات قبل أن أدخل على السيدة مديرة فرع البصرة عن المواد التي يوزعونها على أسر اليتامى؟ تملصت من الإجابة لكني استنطقتها بعد إلحاح فقالت أنهم في الوقت الحاضر ليس لديهم شيء يوزعونه غير المساعدات الإنسانية التي تأتي عبر إدارة محافظة البصرة وهي لا أكثر من بسكويت وعلب شاي وأشياء أخرى بسيطة!! نحن نعرف بأن تلك المواد جزءا من معونات عينية كثيرة تدخل الى المحافظة وتوزع على المنظمات المختلفة بما فيها المهنية، مثلا اتحاد الأدباء في البصرة الذي لا يزال يغص بصناديق الشاي تلك وحتى المجالس البلدية.
قالت لي السيدة مديرة فرع البصرة (فوزية العامود) بأنها سجلت عشرة آلاف عائلة وفيها (60) يتيما فقط!! (ربما كانت تقصد ستون ألف فقد كانت واضحة الصياغات اللغوية المرتبكة حتى في تلك الأوراق) ولكن الفقرة (2) من الورقة الثانية تقول أنها قدمت مساعدات مالية بقيمة مائتا مليون دينار في شهر رمضان وبواقع خمسة عشر ألف دينار لكل عائلة أيتام!! ولو ضربنا الرقم عشرة آلاف في الخمسة عشر ألف دينار المخصصة لكل عائلة يكون الناتج مئة وخمسون مليون دينار عراقي بفارق خمسون مليون دينار!! ولكن يبدو أن أرقام هذه المؤسسة كلها غير دقيقة، استفسرنا بدورنا عن هذه الهبات النقدية، أم أحمد أرملة ولديها أيتام وسجلت في هذه المنظمة ق منذ حزيران العام الماضي تقول لم أستلم أي مبلغ نقدي من هذه المنظمة، وكذلك سألنا أمراة كانت عائدة من طابور الانتظار في هذه المؤسسة في طريقنا أثناء الخروج عن المساعدات النقدية التي استلمتها من المؤسسة أجابت أيضا أنها لم تستلم أي مبلغ.
وعند سؤالنا للسيدة مديرة فرع البصرة عن مصادر تمويل المؤسسة أجابت تمويلنا من منظمات إنسانية عالمية! ومن أفراد محسنين! حسب جهد رئيس مجلس الإدارة (الدكتور واثب العامود شقيقها) المقيم في الخارج. كما أطلعتنا على قاعة الكومبيوتر التي تضم أكثر من عشرين جهاز لتدريب اليتامى والتي لم نرى فيها غير متدربين أثنين فقط!. سألت السيدة فوزية: ولكن هل تعلمين أن هذه البناية تعود الى التربية وسبق أن شغلتها مدرسة أو معهد لا أعرف ما يسمونه؟ (كنت متعمدا في أخفاء معرفتي بالمعهد أو التربية) أجابت: نعم نعرف ذلك، ولكننا استأجرنا البناية من مديرية التربية، وقد كانت خالية ومهجورة لا بل كانت خربة على حد تعبيرها.
الحقيقة يعتبر جزء من هذا الكلام صحيح، لأن مدير التربية السابق (أحمد المالكي) أخبر إدارة المعهد بأنه خصص لهم بناية أخرى أكبر وأفضل من هذه، فتركوها الى البناية الأخرى (المعهد الإسلامي). وأضافت السيدة بأن إدارة المعهد جاءت بعد ذلك وسلمتهم ما يعود لهم من أثاث، هذا الكلام غير دقيق أيضا لأن فرن السيراميك الكبير والثقيل جدا الذي تعود ملكيته للمعهد موجود في البناية. فقلت لها قبل قليل كنت تقولين أن البناية كانت خالية ومهجورة؟ أجابت: نعم كانت هناك قطع أثاث متناثرة في المبنى!! سألتها: هل لديك عقد أيجار مع مديرية التربية؟ أجابت: نعم ولكن بدلات الإيجار كنا نصرفها على ترميم البناية ولم نسدد نقدا كما يتقول بذلك خصوم المدير السابق (وأخيرا وجد ذلك المدير من يدافع عنه). قلت سمعت أن إدارة التربية الجديدة قد اشتكت عليكم في القضاء لغرض إنهاء حيازتكم للمبنى فماذا تقولين؟ (كنت قد سمعت ذلك شخصيا من مدير التربية الجديد) أجابت: أن ذلك غير صحيح بالمرة ونحن قد حصلنا على موافقة (C.B.A) على أشغالنا للمبنى مستقبلا وعدم شمولنا بقرار مجلس الحكم القاضي بإخلاء المباني الحكومية، كما أن لدي موافقة المحافظ على ذلك (وقد أرتني تلك الوثائق التي تتضمن ذلك) كما أننا (والكلام لها) قد خاطبنا وزارة التربية ونحن بانتظار الموافقة. كما أننا لدينا عقد استئجار ساري المفعول لغاية 1/7 من العام الحالي كنا قد عقدناه مع الإدارة السابقة للتربية، ولكننا نسعى كما وضحت لك لأن نبقى في هذا المكان الى فترة طويلة. قلت لها: ألا تستطيعون بالإمكانيات المتوفرة لديكم والتي كما يبدو أنها جيدة استئجار مبنى أخر غير هذا؟ أجابت: من أين نجد مبنى بهذه السعة ويلبي ما نطمح أليه في المستقبل ألا وهو وكما قلت لك في البداية وهو أنشاء ميتم يستقبل مئة يتيم!!

لم تكن هذه هي الحال التي وصل أليها معهد الفنون الجميلة في البصرة بدقة، فبعد أن شغلوا تلك البناية التي يمكن أن تلبي بعض طموحاتهم الكبيرة وبعد مرور أيام فقط فاجئهم مدير التربية السابق (أحمد المالكي) بأن عليهم أخلاء البناية بسرعة لأنها ستكون مقرا لمديرية التربية وسيباشر بأعمارها قريبا، وأما نحن فأين نذهب؟ ابحثوا لكم عن مكان ملائم!! هذا ما قاله مدير التربية حينها بالنص لإدارة المعهد. وفعلا ظل المعهد (تائها) لمدة ما يقارب الشهرين بعد أن بدأ الدوام وهو يتنقلون بين المدارس التي ترفضهم في غالبيتها . الى أن وجدوا مدرسة مسائية في المعقل قبلت بهم ولكنها لم تتسع لعدد المراحل والتخصصات التي لديهم، فالمعهد يحتاج الى (32) فصل بينما هذه المدرسة فيها (24) فصل. وهكذا يا للغرابة أصبح يشغل نفس الفصل من قبل مرحلتين مختلفتين، أي أن يجلس في نفس الفصل طلبة السنة الرابعة وطلبة السنة الخامسة!! أو طلبة السنة الأولى والثانية!!
هل أصبحت المنظمات الإنسانية مشاريع تجارية رابحة بهذه السهولة؟ هل مشاكل الأسر العراقية بهذه المجانية؟ من يقول للسادة المحسنين أوقفوا تبرعاتكم للجمعيات التي تستحوذ على المباني المدرسية باسم إغاثة اليتيم؟ أننا نتساءل لا أكثر....

www.wpiraq.net

#الحزب_الشيوعي_العمالي_العراقي (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين	حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات