حيدر الأديب
الحوار المتمدن-العدد: 2955 - 2010 / 3 / 25 - 09:47
المحور:
الادب والفن
الشعر وثيقة تمتص رحيق الاشياء وتعيد خلقها في وردة شعرية جديدة ..الشعر إعادة خلق ... مباغتة ..عرض الحقائق من زوايا لايراها الناس ... خلق حقائق لم يألفها المذاق ...
والمشهد الشعري يخضع للوعي ..نسبة خيال ...ونسبة واقع ... أو خيال صرف ... او واقع صرف ..ليس مهما في الشعر مضمون الحادثة ...وانما كيف تم توصيل خطوط النص وبثها في أرجاء الروح ..واسبب ان كل قارىء سيعيش النص وفق فهرسه هو ..لاوفق فهرس الشاعر والجدير بالذكر .. ان الفهارس متنوعة ففهرس الشاعر هو فهرس نفسي واخر دلالي واخر فكري واخر عقلي ... الفهرس يعني هو دلالة الشيء في ذائقة الانسان سواء كان شاعرا او غير شاعر
النص الأدبي له علاقات في بنيته التركيبة بين الكلمات وبين التراكيب وبين المشاهد أنه يعطينا بهذا المفهوم على مستوى اللغة مداليل على حد غرض الشاعر وعلى حد المعجم الشعري للمفردة
هناك علاقات من نوع أخر في بنية النص وهي المعاني التي يضعها القارىء وفق تجربته الخاصة ومفاهيمة للمشهد الشعري بمعنى ان تجارب الاخرين الغائبة عن سطح هي مايفسر النص ويأوله وليس البنية التركيبية اللغوية المرئية في النص أذن أذن القارىء على أختلاف مذاقاته وتجاربه أو القراء هم من يمثل المعادل الموضوعي للنص
فهناك نص شعري حاضر مرئي لغويا ومرئي دلاليا وهناك نص غائب
هو مايكتبه القارىء بتجاربه في فعل القراءة لهذا النص
في المشهد الأول نرى ثلاثة أفعال من الفعل الشعر بزمنه المضارع
ياتيني , أقف , ارفع , ونرى ان الموازي لهذه الأفعال في زمن غارق بالضياع والتوتر هو الفعل بعثرني وتبدو المعادلة قويه جدا
فهناك فعلان هما ياتيني وبعثرني نرى رد الفعل عليهم أقف .. وارفع
هذا الركن اللغوي الرباعي هو أساس صلب لخشبة مسرحة كائنات المشهد الشعري التي هي الليل المترع بالهواجس والذي وجد بيئة خصبة كي يمارس اسمه ولونه وتفاصيله لأن الصمت عميل والأنتظار جاسوس على خفايا النفس بوثائق البعثرة
يأتيني الليلمحملاً بكل الهواجس ,,
خلف الكلمات أقف بصمت ,,
وارفع بيض الرايات ,,
مستسلمةَ لانتظارٍ ..... بعثرني ,,
وهكذا يمهد هذا المشهد للذي بعده في شرح تلك البعثرة
شوق وحنين وبقايا صبر ونرى كذلك رباعية الفعل في تقابل جميل
يئن ..... يتكأ ....ألملم ... أرتل ...
هذا المشاهد تبرز جماليته بمستوى أعلى من السابق و ولعل ذكاء الشاعرة هو من اراد هذا التصعيد كي يستدرج القارىء
تبرز قوته في الفعل يتكأ على بقايا صبر صورة شعرية مزجت المادي بالمعنوي فالأتكاء فعل مادي والبقايا تشيء برائحة تفتت الشيء في حين الصبر والحنين من عائلة المعنويات وباحناس مختلفة
الحنين يولد صبره معه ويبدو أنه متعب جدا
تكرارا بقايا مرتين هو توكيد لفعل الشعر الغائب الذي يشرح بعثرة الروح
وهنا أشارة جميلة لفتنة العطش وجمال الفعل ألملم كرد فعل على البعثرة
الجملة ارتل صلاة الاستسقاء أخفقت في اضاءة لمعان الضربة الشعرية
لأنها جائت محملة بملامحها الصرفة وعكست جفاف المصطلح التعبدي
فصلاة الاستسقاء معروفة في ذاكرة العبادات ومما زاد الأمر نصاعة في
لون العبارة بانها ذات صفة دينية صرفة الفعل ارتل
هنا ماخذ على إستبرق من وجهة نظري
الشوق يئن في داخلي ,, والحنين يتكأ على بقايا الصبر
ألملم بقايا الروح من عطش الانتظار ,,
وأرتل صلاة الاستسقاء ,, لغيبتكَ ,,
في المشهد التالي لم نرى أي شيء جديد
فهو تكرار لما سبقه باختلاف الألفاظ
لأنني أحبكَ ,, أستمد منكَ الحياة ,,
أيا رجلاً ,,
أنتظرتكَ منذ سنين ,,
يسري في عيني زلزال الحنين اليكَ ,,
وأتوضأ بالشوق لأرتل ,, آيات الحب فيكَ ,,
تبدو الشاعرية على أوجها في هذا المشهد
يكبر شوقي ,,, ويضيع مني ربيع العمر ,,
ايها المتوغل,,, في اعماقي ,,
أقترب ,,
قبل أن تصفر اوراق الهوى ,,
الاشارات جميلة جدا والطباق الحديث جلي ولذيذ
يكبر شوقي ....لكن يضيع ربيع العمر
وهنا الربيع ذكر صراحة
بينما الخريف بال أشارة في قولها تصفر
وهنا تبعثر في لم اجزاء الزمن
والاقتراب ذكي وليس مربك ... انه طباق وتضاد فهو متوغل فكيف يقترب ...أنها تلميح لرتق ثوب الزمن الذي تولى ربيعه وبزغ خريفه
أن هذا النص مبني على البعثرة وقد أستعانت الشاعرة بأدوات وصور شعرية وازمنة متضادة وأخرى متوازية لرسم لوحة البعثرة
الفعل الشعري ليش هو الفعل اللغوي وانما هو منظومة الأدوات المختزنة في الفعل اللغوي يتسخرجها الشاعر ويبني بها مشاهده الجنونية
كما فعلت استبرق مبارك
اتمنى لها دوام العافية والتقدم تلو التقدم لأنها قلم لذيذ وقوي وسهل ممتنع
#حيدر_الأديب (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟