أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الارهاب, الحرب والسلام - زينب رشيد - هل تستحق القدس كل هذه الدماء؟؟















المزيد.....

هل تستحق القدس كل هذه الدماء؟؟


زينب رشيد

الحوار المتمدن-العدد: 2950 - 2010 / 3 / 20 - 08:24
المحور: الارهاب, الحرب والسلام
    


في القدس وعلى أرضها وبسببها، أرتكبت فظائع كبيرة، وأزهقت أرواح كثيرة، وسالت أنهار من الدماء لم يتوقف جريانها حتى هذه اللحظة، ولا يبدو انه سيتوقف في المدى المنظور على الأقل.

جاءها عمر بن الخطاب بجيش جرار بناء على معلومات ضبابية تلقاها من نبي الأسلام محمد الذي تلقاها بدوره من ورقة بن نوفل وآخرين ومما "قرأه" في كتب اليهود والمسيحيين وغيرهم، وحين رأى أهلها أن مقاومة جيش ابن الخطاب ستكون ضربا من ضروب الانتحار قرروا تسليم مفاتيحها له من دون مقاومة.

قبل عمر لم يكن هناك أي شيء له علاقة بالاسلام في تلك المدينة، وبالتالي فان كل المواقع التي سبقت وصول ابن الخطاب وجيشه الجرار هي إما صابئية أو يهودية أو مسيحية، وان لم تكن دينية فهي كنعانية يبوسية عبرانية أو "بالستوية" اذا جاز التعبير نسبة الى الفلسطينيين القدماء.

لا أحد يعرف على وجه الدقة ماذا دار بين ابن الخطاب واليهودي - قالوا عنه لاحقا انه قد أسلم - الذي أشار له الى المكان المقدس، سواء كان صخرة أم هيكلا أم مايدعيه المسلمين بأنه مسجدا بناه أدم، فقصة أدم وحواء أصلا ليست سوى أسطورة من أساطير الأولين تلقفتها الأديان جميعها وجعلتها الحلقة الأولى من مسلسل حكاية الخلق، ماهو مهم هنا أن يهوديا هو من أحيا ما يعتبره مقدسا بالنسبة له حتى ولو على يد الغزاة الجدد.

أمر ابن الخطاب ببناء مسجدا أطلق عليه تسمية المسجد القبلي وليس المسجد الأقصى كما هو معروف وجاء الخليفة الأموي عبد الملك بن مروان ليأمر ببناء قبة الصخرة وهي التي تظهر في وسائل الاعلام المرئية، ويعتقد المسلمون الذين يبدون استعدادا للموت في سبيلها بأنها المسجد الأقصى، ولا ضير في ذلك ما دام كثيرا من الفلسطينيين لايميزون بين مسجد قبة الصخرة وبين المسجد الأقصى ومنهم من هو بموقع مسؤول ويتفاوض على مصير القدس ويشدد على انها عاصمة الدولة الفلسطينية العتيدة.

عندما استولى المسلمين على القدس كان طابعها العام مسيحي واذا ما سألت أي مسلم من سكان تلك المنطقة أين يقع مسجد عمر بن الخطاب سيقول لك بعفوية متناهية في حارة "النصارى" بجوار كنيسة القيامة، وعرفانا لجميل المسيحيين الذين سلموا المدينة بدون مقاومة سنَ لهم الخليفة "العادل" عمر بن الخطاب العهدة العمرية، ولعمري لو أن عمرا يعيش اليوم بيننا لما تجرأ حتى على التلفظ ببندا واحدا من بنود تلك العهدة العنصرية البغيضة التي يتفاخر المسلمون اليوم بها دون أن يعرف أغلبيتهم محتواها، واذا ما تجرأ وطرحها في وقتنا الحالي فانه سيساق الى محكمة الجنايات الدولية في لاهاي عقابا له على نص ينضح بالعنصرية تجاه الآخر من ألفه الى يائه.

قبل عمر والغزو الاسلامي وعبر مئات السنين تعرضت هذه المدينة وأهلها لكثير من التدخلات العسكرية من قبل كافة القوى الاقليمية التي تواجدت عبر السنين. سيطر عليها اليبوسيين والعبرانيين والفراعنة ومن ثم بنو اسرائيل حيث تم بناء الهيكل في عهد سليمان والآشوريين والبابليين والفرس واليونانيين والرومان والبيزنطيين الذين بنوا كنيسة القيامة بأمر من هيلانة والدة قسطنطين، ثم جاء المسلمون وأتى بعدهم الاوروبيين ليعود المسلمون من جديد بقيادة صلاح الدين الأيوبي، وحاول الفرنسيون السيطرة عليها لكن حملتهم فشلت على أسوار عكا، ليسيطر عليها بعد ذلك البريطانيين وأخيرا الاسرائيليين على مرحلتين في العام 1948 والعام 1967.

مفارقة عجيبة يتعلمها طلابنا في مناهجنا الفلسطينية بأن كل تلك الحملات هي احتلالات ما عدا دخول المسلمين الى القدس فهو "فتح" حين دخلها ابن الخطاب وهو تحرير حين دخلها صلاح الدين، في حين انه احتلال جليٌ وواضح وصريح استهدف البشر والحجر وغيَر المعالم والمسميات، ولو أتى الأن جيش عربي اسلامي الى فلسطين وفعل ما فعله عمر وصلاح الدين لوجبت مقاومته بصفته احتلال فلا فرق بين احتلال وآخر سواء كان الاحتلال الاسرائيلي لارضنا أو الاحتلال الاسلامي للاندلس وغيرها من البلدان او الاحتلال العراقي للكويت قبل عقدين من السنين.

قبل نهر الدماء الذي يجري اليوم في القدس وحولها سال قبل عشر سنوات نهرا بداياته مشابهة لما يجري اليوم، حيث حدث ما أصبح يعرف لاحقا ب "انتفاضة الأقصى" كان من نتيجتها خمسة آلاف قتيل وخمسون ألف معاق وآلاف البيوت المهدمة وجدار عازل وعاد الطرفان بعد كل هذا الى طاولة المفاوضات ليناقشوا ذات النقاط وذات الاشكاليات.

من يتحمل مسؤولية كل تلك الدماء على الجانب الفلسطيني هو الرئيس الراحل ياسر عرفات الذي أبى إلا أن يستمر بمنطق الثورة العصاباتي في ادارة شؤون سلطة من المفروض أن تكون مؤسساتية، فكانت انتفاضة الاقصى هي انتفاضة العصابات ضد الشعب الفلسطيني، فتعددت العصابات وتنوعت وتشكلت ومارست اقسى انواع القهر والبلطجة والتشبيح والتشليح تجاه المواطن الفلسطيني في قطاع غزة والضفة الغربية وصولا الى القدس، وحافظ عرفات عبر ذلك على رمزية ممهورة بدماء الأبرياء..ودمه أيضا.

حدث كل ذلك وما زال يحدث اليوم ودائما باسم القدس والمسجد الأقصى والهيكل السليماني وغير ذلك، وحتما لن تتوقف أنهار الدماء باسم القدس إلا حين تتم مراجعة جريئة للنص الديني وتفسيراته المتعلقة بهذا المكان، كما وان حلا ناتجا عن موازين قوى مختلة تماما لصالح طرف على حساب الطرف الآخر لن يدوم طويلا، لأن موازين القوى لن تبقى الى الأبد كما هي الأن.

ملاحظة جديرة بالذكر قبل الختام وهي اننا نسمع ان صراعا اسرائيليا يهوديا من جهة وعربيا اسلاميا من جهة أخرى على القدس وماحولها دون أن يأتي أحدهم على ذكر المسيحيين، وكأن يسوع لم يولد في هذه الأرض يوما..

لن يفيد الاسرائيلين الاصرار على ان تكون القدس عاصمتهم، كما انه لن يفيد ذلك الفلسطينيين أيضا، والخيارات متوفرة وعملية أكثر من القدس بكثير، فاسرائيل لديها عاصمة يعترف بها العالم أجمع تقريبا وهي تل أبيب فيها أغلب الدوائر الاقتصادية والسياسية وغيرها، كذلك فان الفلسطينيين لديهم الان جهاز حكومي متكامل موجود في مدينة رام الله التي لا تبعد أكثر من عشرين دقيقة عن القدس في الأحوال الطبيعية وفي رام الله ما يشجع أكثر من القدس لتكون عاصمة للدولة الفلسطينية العتيدة..ولتكن القدس مدينة مفتوحة بقسميها الغربي والشرقي لتكون مكانا يؤمه كل من يرى في هذه المدينة بانها تمثل شيئا هاما أو رمزيا أو مقدسا له، فالدماء التي أسيلت في هذه المدينة ولأجلها أكبر كثيرا من أن يحتكر طرفان فقط حق ملكيتها.



#زينب_رشيد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ببساطة..قبر راحيل أثر يهودي وليس إسلامي
- مرارة السيد الرئيس!!
- ارفع رأسك عاليا يا ابن العراق الجديد
- خطر التزمت الديني على أطفالنا
- الفلسطينيون والاعلام الاسرائيلي و-طناجر- جحا
- المبحوح...مجرم قُتل بأيدي مجرمين


المزيد.....




- هل كان بحوزة الرجل الذي دخل إلى قنصلية إيران في فرنسا متفجرا ...
- إسرائيل تعلن دخول 276 شاحنة مساعدات إلى غزة الجمعة
- شاهد اللحظات الأولى بعد دخول رجل يحمل قنبلة الى قنصلية إيران ...
- قراصنة -أنونيموس- يعلنون اختراقهم قاعدة بيانات للجيش الإسرائ ...
- كيف أدّت حادثة طعن أسقف في كنيسة أشورية في سيدني إلى تصاعد ا ...
- هل يزعم الغرب أن الصين تنتج فائضا عن حاجتها بينما يشكو عماله ...
- الأزمة الإيرانية لا يجب أن تنسينا كارثة غزة – الغارديان
- مقتل 8 أشخاص وإصابة آخرين إثر هجوم صاروخي على منطقة دنيبرو ب ...
- مشاهد رائعة لثوران بركان في إيسلندا على خلفية ظاهرة الشفق ال ...
- روسيا تتوعد بالرد في حال مصادرة الغرب لأصولها المجمدة


المزيد.....

- كراسات شيوعية( الحركة العمالية في مواجهة الحربين العالميتين) ... / عبدالرؤوف بطيخ
- علاقات قوى السلطة في روسيا اليوم / النص الكامل / رشيد غويلب
- الانتحاريون ..او كلاب النار ...المتوهمون بجنة لم يحصلوا عليه ... / عباس عبود سالم
- البيئة الفكرية الحاضنة للتطرّف والإرهاب ودور الجامعات في الت ... / عبد الحسين شعبان
- المعلومات التفصيلية ل850 ارهابي من ارهابيي الدول العربية / خالد الخالدي
- إشكالية العلاقة بين الدين والعنف / محمد عمارة تقي الدين
- سيناء حيث أنا . سنوات التيه / أشرف العناني
- الجدلية الاجتماعية لممارسة العنف المسلح والإرهاب بالتطبيق عل ... / محمد عبد الشفيع عيسى
- الأمر بالمعروف و النهي عن المنكرأوالمقولة التي تأدلجت لتصير ... / محمد الحنفي
- عالم داعش خفايا واسرار / ياسر جاسم قاسم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الارهاب, الحرب والسلام - زينب رشيد - هل تستحق القدس كل هذه الدماء؟؟