أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - طيب المهاجر - أنَا لا عَمَلَ لِي أنَا شَاعِرٌ فَحَسْبُ!














المزيد.....

أنَا لا عَمَلَ لِي أنَا شَاعِرٌ فَحَسْبُ!


طيب المهاجر

الحوار المتمدن-العدد: 2946 - 2010 / 3 / 16 - 16:41
المحور: الادب والفن
    


روي أن رجلا من أهل عسكر مُكْرَم سأل شاعراً عمن يكون وماذا يصنع، فأجاب: أنَا لا عَمَلَ لِي أنَا شَاعِرٌ فَحَسْبُ! ولكن الرجل لم يقنع بالإجابة.. والظاهر أن تاريخ هذا القبيل من التساؤل لا يعود إلى بُعدي الزمان والمكان المتعلق بهذا السائل وإنما إلى ما هو أبعد منه بمئات القرون..
وعلى أي وجه من العموم يرى البعض أن تعريف الشاعر يتملص معناه من ذهن فلا يمكن القبض عليه بسهولة كما هو حال في مفهوم الشعر وهذا التملص الفريد أتاح خُلسة الترائي وقول الاحتمالات في شأن الشاعر دوما.
وثمة كثير من الحديث جاء فيه ذكر الشاعر بين التعريف الماهوي والتبيين الإقناعي وهذا أمر طبيعي فليس هناك ما يأبى التعريف وهو أمر غير تجردي وكل هذا يهون شأنه إلا أن الطامة الكبرى تبدأ عندما يتواضع الأديب ويمتنع عن التعريف لجلالة المعنى وسمو المفهوم فيتصدى من هو ليس بشاعر أو ناثر بتعريف الشاعر ذي المعنى العميق والكلي في مساحة الذهن بمثال جزئي محاولا ذلك عِبر المصداق الذي وجده في أحد أصدقائه، صديقه الشاعر نتيجة ما فهمه من المعنى المنشود في شخصيته.. فيزاد الأمر غموضا بسبب تغاير الأهواء والمناحي والميول الشعرية. وقد لا يلام ذا فثمة الكثير ممن عرّف الشاعر، يمكنك أن ترى مختلف الناس وفيهم من بائع الأسماك وبقال الحارة.. حتى الفيلسوف أفلاطون وهجل ودريدا.. ثم لا يمكن سد أفواه الناس لهم أن يقولوا ما يشاءوا ولكن في سياق رضا الوجدان.
والبعد الأخر الذي ربما لم يُنتبه له هو أن كل بلد يقدم تعريفا خاصا حول معنى الشاعر ففي شط العرب بقسميه الغربي والشرقي عادة ما يقال عنه: رجل عاطل عن العمل لا شأو له سوى التضييق على عائلته.. أما باقي البلدان كفرنسا يعرف بـ: العنود والمهزأة.. أو عديم الجدوى لأنه ليس بسلعة حتى يباع ويشترى في زمن العولمة كما يقول جاك روبو.
وتأتي صعبة التعريف من كون الأشياء برمتها تقبل التعريف كما أشرنا إلا الشاعر وذلك لأن في لحاظ الناس ـ سكان شط العرب الغربي والشرقي ـ أن العاطل عن العمل لا تعريف له لأنه غير مكون لماهيته وهذا السبب التام في ذه الصعوبة . وإن صح ّ هذا فيلزم الاستدلال أن يكون ميلاد الشاعر لم يحن بعد وأما شعوره بأنه موجود :«أنا أقول الشعر إذا أنا موجود» أمر وهمي يقترب من السفسطة تماما كما في يتصور هؤلاء الناس، مع العلم أن أصغر موجود في هذا الكون يعلم بوجوده وحقيقه على شطر من البداهة لا بالنظر والاستدلال وذلك لأنه يملأ بُعد الزمان ويشغل المكان.. ولما كان ذانك الموردين حقيقة لا وهم فحقيقة وجود الموجود يثبت بالتبع.. والذي منه الشاعر.
وما يثير الغرابة بكثير قول من ينتقد الشاعر وحتى الفلاسفة.. وهو لم يدرك معنى النثر بعدُ.. وهنا ارتياحا لباله نقول: إن الشاعر لا يعرفه إلا الشاعر وذا منطق سليم ومقبول. وقد قيل: حالما نسأل عن الشاعر يعني: أننا نسأل: ما هو الشعر؟ فالذي لم يعرف معنى الشعر لا يعوّل عليه في تعريف الشاعر. وإن يقع ذا محل القبول فإن الاستنتاج النهائي يقتضي على أن الشاعر لا يزال مجهولا على وجه الأرض .
وأما في تاريخ شياع مفردة الشاعر يبدو أنها ظهرت للمرة الأولى في العربية بجهود خليل بن أحمد عندما تحمل عناء ضبط اللغة من الضياع.. وجاء فيها: شَعَر يشعُرُ.. بمعنى: علم يعلم، ويكون اسم الفاعل من المفردة: شاعرا وذا يشمل الكل لا فرق بين شاعر القصيدة العمودية ولا قصيدة النثر ولا الشعر التفعيلي فكلهم شعراء.
ومهما يكن من الحديث حول الشياع فإن الأهم في هذا التعريفات التي وردت في حق الشاعر.. حتى جاء فيها: الشاعر هو العاطل.. أو عديم الجدوى.. وفي الحديث مع قائلي تيك التعريفات لا بد من إبانة في أنهم قد غفلوا من أن الشاعر الأول هو آدم أبونا عليه السلام! ومن هذا المنطلق أنهم نسبوا ما لا يصح قوله على أعزّ إنسان علينا أبينا آدم وهنا تنشب المفارقة التي لا يمكن قبولها في أن آدم كان شاعرا، فهل حقا كان عديم الجدوى.. فحسب؟
وفي طور السياق يرد إشكال ـ وهو آخر ما نورده ـ في أن كيف نسبوا هذه الصفة وهم يعلمون في أقل تقدير أن الله لم يخلق على وجه الأرض موجودا يعيش بلا عمل ومهنه أو هو متّصف بعدم الجدوى؟ ألا يدفعهم هذا بالتجرؤ على فعل الله؟
ثم أن الشعر أمر تجردي لا يمت بالعيش والعمل بأي صلة وإن جلب يوما ما شيئا منهما فهذا لطف وتفضل منه ولكن شريطة أن لا يكون في مدح وحماسة وهجاء أو تحفّز لحزب ما.. وما إلى ذلك من الموارد، لتفاهة موضوعها ودناءة قائليها.. ففي هذا ليس لأحد أن يطلق مفردتي الشعر والشاعر على القائل والمنتوج.
..على أي نحو من العموم فإن تعالي المشكلة لا أرى لها هبوطا بعدُ وتعريف الشاعر لا ينال بسهولة كما يتصوره البعض وأن الشاعر يبقى شاعرا فحسب.. لا هو بعديم الجدوى ولا عاطل عن العمل.. والذين لم يُدركوا ذلك عليهم بالبحث عن أدوات معرفية أخرى لتُوصلهم إلى فهم الشعر والشاعر وكذاك القصيدة الإبداعية.

ـــــــــــــ الموقع : http://www.jeeri.jeeran.com ـــــــــــــــ






ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نظرية المجتمع الأفلاطوني تاريخ ونقد
- أقربُ مِن بُعدِ القَمرِ !
- الإنسان والفلسفة ال ج :1 .
- نصوص من الفيتنام هوتشي مين شاعرا
- أنا آمنتُ بالمَرايا قبلَكم


المزيد.....




- لغز الإمبراطورية البريطانية.. الإمبريالية مظهر للتأزم لا للق ...
- وصمة الدم... لا الطُهر قصة قصيرة من الأدب النسوي
- حي المِسكيّة الدمشقي عبق الورق وأوجاع الحاضر
- لا تفوت أحداث مشوقة.. موعد الحلقة 195 من قيامة عثمان الموسم ...
- أزمة فيلم -أحمد وأحمد-.. الأكشن السهل والكوميديا المتكررة
- بي بي سي أمام أزمتي -والاس- و-وثائقي غزة-... هل تنجح في تجاو ...
- من هم دروز سوريا؟ وما الذي ينتظرهم؟
- حسان عزت كما عرفناه وكما ننتظره
- -الملكة العذراء-: أسرار الحب والسلطة في حياة إليزابيث الأولى ...
- مكتبة الإسكندرية تحتفي بمحمد بن عيسى بتنظيم ندوة شاركت فيها ...


المزيد.....

- يوميات رجل مهزوم - عما يشبه الشعر - رواية شعرية مكثفة - ج1-ط ... / السيد حافظ
- . السيد حافظيوميات رجل مهزوم عما يشبه الشعر رواية شعرية مك ... / السيد حافظ
- ملامح أدب الحداثة في ديوان - أكون لك سنونوة- / ريتا عودة
- رواية الخروبة في ندوة اليوم السابع / رشيد عبد الرحمن النجاب
- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - طيب المهاجر - أنَا لا عَمَلَ لِي أنَا شَاعِرٌ فَحَسْبُ!