أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي - ابراهيم قراده - أموال الدمار الشامل















المزيد.....

أموال الدمار الشامل


ابراهيم قراده

الحوار المتمدن-العدد: 894 - 2004 / 7 / 14 - 07:25
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي
    


ترددت طويلا في نشر هذه المساهمة احتراسا من الإضرار بالمصلحة الوطنية، إلا أنني عزمت بعدما شحن نظام القذافي وثائق ومواد متعلقة ببرنامجه لتطوير أسلحة الدمار الشامل إلى الولايات المتحدة الأمريكية، وإثر تقييم  جهات التفتيش الدولية البرنامج الليبي بالبدائي والمبتدئ.  توالي استهانة النظام بكرامة الوطن وتمادي استباحته لسيادة المجالات الحيوية للدولة، لم يترك للوطن حرمة محفوظة، ولم يُبقي مبررا وطنيا أو أخلاقيا للتستر على النظام، ليتأكد معه الواجب الوطني الملح لتصعيد المعركة معه![1]
 
ليس من الإنسانية الراشدة الدفاع عن أسلحة الدمار الشامل، لما يسببه استخدامها من هول عظيم وخسائر فادحة. ولكن العقل يجادل بضرورة أن يتفق كل العالم، كبير الدول وصغيرها، على حظرها والإزالة الجماعية لترسانته منها. إلا أن جبروت أمريكا القوية وانتهازية القذافي الجبان ارضختاه على هوان الخنوع فأقر بعد طول كذب بامتلاكه برنامجا لتطوير وتصنيع أسلحة الدمار الشامل، بعد عقود طويلة من الدجل بأحقية الدول الصغيرة السيادية والدفاعية في ذلك طالما امتلكته الدول الكبرى.
 
ففي صفقة رخيصة- من نمط صفقات الشوارع الخلفية- وبصفاقة معهودة انبطح القذافي حقيرا مقابل صك براءة يعفيه- ولو مؤقتا- من كوابيس جحر صدام حسين، لينهي فصلا طويلا من ادعاء الرجولة والبطولة والوطنية والتحررية. استسلام ذليل لم يقوى على ذكر أو حتى التذكير بمعلومة امتلاك إسرائيل لترسانة أسلحة تدمير شامل تطال ليبيا نفسها، في حين يشي بسوريا، وهي الدولة المحتل بعض أراضيها من قبل إسرائيل. وفي وقاحة متوقعة وصف القذافي وإعلامه خزيه بـ" الخطوة الشجاعة والحكيمة".
 
البرنامج الليبي لأسلحة للدمار الشامل تكون من ثلاث ساحات: الساحة النووية، الساحة الكيماوية والبيولوجية، وساحة الصواريخ بعيدة المدى. برز اهتمام النظام باستغلال الطاقة النووية خلال سنوات السبعينيات من القرن الماضي، فانشأ هيئة للطاقة النووية ثم وزارة للطاقة النووية، وبنى "مفاعل تاجوراء" التجريبي، وأرسل عشرات الطلبة للدراسة العلوم النووية، وأسس كلية خاصة هي كلية الهندسة النووية بطرابلس. لينقلب الاهتمام بعد ضخ مالي كبير إلى فتور عجيب، وإلى كوميديا سوداء في بيان قدرة النظام "الجماهيري" على السير في طريق التقدم العلمي!.
 
بمواكبة مسخرة الفشل الكلي للبرنامج النووي، انخرط النظام في برنامج غبي آخر لتطوير أسلحة الدمار الشامل الغير نووية. والذي قام علي قاعدتين هما: مشروع "الرابطة" الكيماوي، ومشروع تطوير صاروخ "الفاتح"، ضمهما "مكتب البحوث التقنية"، والذي تحول بعد استحداث وضم برامج تسلح أخرى إلى"الجهاز المركزي للبحوث الالكترونية". وحظى الجهاز بمعاملة خاصة من القذافي، جعلته يتمتع بامتيازات خاصة وميزانيات ضخمة وتسهيلات كبيرة، منها ربطه الإداري المباشر بالقيادة العليا[2]. ومن أدلة اهتمام القذافي بالجهاز وثقته برئيسه توجيهه لابنيه "محمد"، و"سيف الإسلام" لتمضية جزء من فترة مشاريع تخرجهما من كلية الهندسة بمرافق تتبع الجهاز المذكور، وتنصيبه لابنه "الساعدي" كمفتش عام بالجهاز كأول منصب يتقلده بعد تخرجه برتبة رائد[3] من كلية الهندسة العسكرية.
 
ما حصل قد حصل وليس كل ما فات مات، وغلق الملف دوليا لن يقبره محليا. والسؤال المسلط: أين ذهبت مئات ملايين الدولارات المهدورة على برنامج تطوير أسلحة الدمار الشامل الليبية؟. نعم، المبلغ مهول، ونصيب كبير منه اختفى في أرصدة حفنة لصوص ومرتشين من القائمين على البرنامج. حفنة خائنة الضمير، وخربة الذمة، وناقصة الوطنية، أغراها فساد رأس النظام بالجريمة، مستغلة طبيعة البرامج السرية، ومتسترة بالسوق السوداء لمواد البرنامج المهربة. ولان كل ما هو آت آت فطي ملف "برنامج أسلحة الدمار الشامل" دوليا لن يحصنهم، لأنهم مسئولون أمام الشعب الليبي الذي أفقره اغتنائهم الظالم[4]!
وحتى يوم السؤال الرهيب، فالتالي قائمة أولية لأسماء أشخاص تعاملوا مع ملف أسلحة الدمار الشامل الليبية، وتحوم حولهم شبهة الإثراء الغير مشروع - مع اعتبار حدوث تغيرات في المناصب التي تقلدوها:
§        عبد المجيد القعود: رئيس اسبق لهيئة الطاقة النووية ومن المؤسسين لها. وتقلد القعود أيضا مناصب وزارية وإدارية مهمة في وزارة الزراعة، ووزارة الطاقة، الهيئة العامة للاستصلاح الزراعي، هيئة "النهر الصناعي العظيم". وكلها مؤسسات فشلت[5].
§        نوري الفيتوري المدني: رئيس اسبق لهيئة الطاقة النووية ومدير اسبق لهيئة البحث العلمي. وكان وزيرا لعدة وزارات منها: وزارة الاتصال، وزارة المواصلات، ووزارة البحث العلمي[6].
§        معتوق محمد معتوق: رئيس اسبق لهيئة الطاقة النووية، ووزير حالي (مفتش) للهيئة القوى العاملة. وهو المكلف بالتفاوض مع محمد البرادعي، رئيس وكالة الطاقة الدولية، حول ملف الطاقة النووية الليبية. وكان وزيرا سابقا للوزارات المتعاطية مع التعليم، والتكوين المهني، والبحث العلمي.
§        العميد احمد محمود الزوي: مؤسس ورئيس مكتب البحوث التقنية، فرئيس الجهاز المركزي للبحوث الالكترونية. ومن مناصب العميد السابقة: عضو رئاسة محكمة الشعب، رئيس جهاز الرقابة، مدير التصنيع الحربي، رئيس أركان صنف الصواريخ. ويحظى احمد محمود بسلطات قوية لثقة القذافي الكبير به، فهو من أقوى أعضاء تنظيم "الضباط الأحرار" الذي قام بانقلاب سبتمبر 1969.
§        العقيد عبد الله الحجازي (ضابط حر، واخو الوزير الأمني محمد الحجازي): رئيس مركز الفجر "الفجر الجديد"، احد المشاريع التابعة للجهاز المركزي البحوث الالكترونية.
§        الدكتور فرج علي فرج الجنزوري: رئيس مركز "الفاتح" للصواريخ، اكبر مشاريع الجهاز المركزي للبحوث الالكترونية.
§        عبد الرحيم بدر: رئيس مركز "شاهين"، احد مشاريع الجهاز البحوث الالكترونية، ورئيس العيادة الخاصة ، ومدير مشروع "الكفرة" لتعبئة المياه التابعين لنفس الجهاز. وتربط عبد الرحيم صلة قرابة بالعميد احمد[7].  
§        العقيد مسعود دياب المقرحي:  رئيس مركز "الشيح" (مشروع "الرابطة" سابقا). احد مشاريع الجهاز المركزي للبحوث الالكترونية. مشروع "الرابطة" هو نفس المشروع المثير الذي بسببه تواجه وتلاسن النظام مع أمريكا، حين اعتبرته أمريكا مصنعا لإنتاج الأسلحة الكيماوية، مقابل ادعاء ليبيا انه مصنع للأدوية.
§        الدكتور الصديق عدالة (من منطقة بن غشير): رئيس مركز "الرازي" احد مشاريع الجهاز المركزي للبحوث الالكترونية. هذا وقد فاحت شبهة فساد "عدالة" بتمويله إنشاء مستشفى "العافية" المتطور الخاص.
§        الدكتور عبد الله الحسناوي: مدير إدارة بمركز " شاهين"، وكان رئيسا لمشروع "ابن فرناس"، قبل ضمه لاحقا لمركز شاهين.
§        الدكتور الأمين المسلاتي: رئيس مركز "البيروني" للاستشعار عن بعد، احد مشاريع الجهاز المركزي للبحوث الالكترونية.
§        رئيس عرفاء إسماعيل العروسي: مدير منشاة "الوفاء" التجارية، التابعة للجهاز المركزي للبحوث الالكترونية[8].
§        العقيد عبد الرزاق الخطابي: مدير الإدارة الأمنية بالجهاز المركزي للبحوث الالكترونية.
 
ذكر الأسماء السابقة هو سهم تحدي وليس حكم إدانة. فلقد تصدعنا من هرج "التصالح" مع النظام بدعوى دعم توجهات "سيرك الإصلاح" التي يقوده البهلوان سيف الإسلام القذافي!. ومحك تحديهم أجمعين أن نرى لجان تحقيق تشكل لمتابعة مصير أموال الدمار الشامل المهدورة والمسروقة. تحدي ينتظر أن يرى الادعاء العام يرفع قضايا ضد المشبوهين تطبيقا لقوانين الدولة السارية المفعول، ومنها قوانين:الخدمة العامة، الجرائم الاقتصادية، الكسب الغير المشروع، والذمة المالية، والتطهير....
 
التحدي مصدره، أنها بجدارة جماهيرية "إذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد" البديعة، نتاج نظام القذافي الفاسد والهالك نواة وطبيعة وهيكلا، والفاقد لآلية الإصلاح الذاتي. وبرهان ذلك الأبرز أن عطار الإصلاح "سيف الإسلام" يداوي الداء بالمزيد منه. ومن ذلك جلبه للدكتور "شكري غانم" رئيسا للوزراء لمحاربة الفساد المستشري في الدولة، في ذات الحين الذي يرد فيه اسم الدكتور في قوائم المتورطين في فساد "صدام حسين" المُكتشفة والمتضمنة لسماسرة كوبونات تسويق النفط العراقي المقتاتة من جوع الشعب العراقي!.
 
 وختاما، فالأكيد أن بواعث تدحرج القذافي ولهث "القذافي الابن" لإغلاق الملفات العالقة كملف "أسلحة الدمار الشامل" ليس من بينها الحرص على مصلحة الشعب الليبي، بل أن حافزها هو أن يرث الديكتاتور الديكتاتور. أما الشعب الصامد فسيبقي الملفات مفتوحة ومسلطة على المعتدين حتى يوم الحساب القريب.
 
ادرار نفوسه (ابراهيم قراده)
[email protected]
 


[1] - من النكات المرة والتي تبين نوعية البرنامج الليبي والقائمين عليه، واقعة القبض على احد الافريقيين وهو يتاجر بالمخدرات، والذي بالتحقيق معه وسؤاله عن محل عمله، أجاب: أنا اشتغل في مشروع الفاتح بوم بوم- يقصد مركز الفاتح للصواريخ.  والمفترض أن يكون في عمله أعلى درجات السرية والحيطة. ولكنها جماهيرية المهازل العظمى. هذه الواقعة جعلت ابوبكر يونس جابر يصدر قرار بعد تعيين غير الليبيين!
[2] - رغم ادعاء القذافي بان السلطة في جماهيريته شعبية، والتي فيها المؤتمرات الشعبية تقرر واللجان الشعبية تنفذ، إلا القذافي استحوذ لنفسه القيادة العليا صاحبة الشرعية الثورية، والتي يتبعها مباشرة: القوات المسلحة، مكتب الاتصال باللجان الثورية، الحرس الثوري، الكتائب الأمنية، الأجهزة الأمنية، الجهاز المركزي للبحوث الالكترونية، وطبعا وإضافة لكل هياكل " السلطة الشعبية".
[3] - بدل أن يمنح خريجي كلية الهندسة العسكرية رتبة ملازم أول عند التخرج، منح "الساعدي القذافي" رتبة رائد، وهي رتبة يتحصل عليها الضباط بعد سنوات خبرة طويلة ودورات تدريب وامتحانات ترقية. ليرقى إلى عقيد بعد ذلك بقليل، وهذه المرة بأمر ترقية خارجي أصدره ملك الأردن عبد الله الثاني.
[4] - قد تكون الحسنة الوحيدة للبرنامج تطوير أسلحة الدمار الشامل الليبية هي برنامج بعثات الدراسة العلمية، والتي استفاد منها عشرات المهندسين والبحاثة. ولكنهم الآن سيرمون على قارعة الطريق لينضموا إلى عشرات الآلاف من حملة الشهادات العاطلين عن الشغل، حيث تطولهم إصلاحات "سيف" المفككة لبقايا الدولة!.
[5] - اختفى القعود في السنوات الأخيرة عن الأضواء، ربما لارتباطه بالرائد جلود المبعد، أو رائحة فساده الشائعة.
[6] - المدني أيضا محسوب على جلود، ولكن يشاع أن العقيد محمد المجذوب رئيس مكتب اللجان الثورية وراء إبعاده.
[7] - يقال أن عبد الرحيم بدر هو من رتب أمر دراسة سيف الإسلام بالنمسا، لإقامة عبد الرحيم بها ولشبكة علاقاته هناك.
[8] - العروسي احد اقرب صبيان و"عوالة" العميد احمد محمود الكثر.



#ابراهيم_قراده (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الحوار المتمدن غابة، ولكن بدون حيوانات المزرعة المفترسة!
- الإيدز: كارثة مزدوجة تنتفخ في رحم المعاناة الليبية
- تمرد الامازيغية المضطهدة
- اين هم؟ اليوم الدولي للمختفين- 30 اغسطس


المزيد.....




- السودان يطلب عقد جلسة طارئة لمجلس الأمن لبحث -عدوان الإمارات ...
- أطفال غزة.. محاولة للهروب من بؤس الخيام
- الكرملين يكشف عن السبب الحقيقي وراء انسحاب كييف من مفاوضات إ ...
- مشاهد مرعبة من الولايات المتحدة.. أكثر من 70 عاصفة تضرب عدة ...
- روسيا والإمارات.. البحث عن علاج للتوحد
- -نيويورك تايمز-: واشنطن ضغطت على كييف لزيادة التجنيد والتعبئ ...
- الألعاب الأولمبية باريس 2024: الشعلة تبحر نحو فرنسا على متن ...
- جامعات تنتفض نصرة لغزة.. ما الذي حرك الغضب بقلاع المعرفة الأ ...
- الذكاء الاصطناعي يكشف مكان قبر أفلاطون
- رويترز: اجتماع عربي دولي بشأن غزة في الرياض هذا الأسبوع


المزيد.....

- عن الجامعة والعنف الطلابي وأسبابه الحقيقية / مصطفى بن صالح
- بناء الأداة الثورية مهمة لا محيد عنها / وديع السرغيني
- غلاء الأسعار: البرجوازيون ينهبون الشعب / المناضل-ة
- دروس مصر2013 و تونس2021 : حول بعض القضايا السياسية / احمد المغربي
- الكتاب الأول - دراسات في الاقتصاد والمجتمع وحالة حقوق الإنسا ... / كاظم حبيب
- ردّا على انتقادات: -حيثما تكون الحريّة أكون-(1) / حمه الهمامي
- برنامجنا : مضمون النضال النقابي الفلاحي بالمغرب / النقابة الوطنية للفلاحين الصغار والمهنيين الغابويين
- المستعمرة المنسية: الصحراء الغربية المحتلة / سعاد الولي
- حول النموذج “التنموي” المزعوم في المغرب / عبدالله الحريف
- قراءة في الوضع السياسي الراهن في تونس / حمة الهمامي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي - ابراهيم قراده - أموال الدمار الشامل