أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبد الإله بسكمار - مطالعة نموذجية.......قصة قصيرة















المزيد.....

مطالعة نموذجية.......قصة قصيرة


عبد الإله بسكمار

الحوار المتمدن-العدد: 2930 - 2010 / 2 / 28 - 20:38
المحور: الادب والفن
    


نسمات الربيع الندية تداعب جبهته ، تراه يتلفع بعالمه وهو يمضي وحيدا متجنبا إشارات المارة ونظراتهم التي لا ترحم في هذه المدينة المتوسطة ، يضع نظارة سوداء على عينيه ، تنعقد حوله هالة من الضباب والغموض .
المدينة هادئة ياعبد الودود، لم يتأسس فيها بعد ذلك الإيقاع الفظ المترتب عن انفلات مؤشرات الولادة ووتائر البدونة...تداعبه نسمات الربيع ، ولم تشك ياعبد الودود لحظة واحدة أن العطر الممزوج بندى الصباح قد تناغم لديه بقايا ليلة خمرية هائجة ، التجاعيد الحمقاء تبصم ببطء على خديه جغرافية بذيئة لا قرار لها، يتجنب السابلة فيسلك هذا السبيل المنعزل، وأضواء الصباح لا تتظاهر إلا عبر العتمة المنبعثة من أشعة النظارتين ، هالة من غموض معلق بين السماء والأرض... حكوا قبل ذلك لنا عن المصير المروع الذي ينتظرنا ، لكن ما بالك ياعبد الودود لا تستطيع السماح بالنسيان؟
- أنت وأنا صنوان لعينان لا يفترقان
- أتتجاهل الأنفاس المستفزة ، المتصاعدة من هجير الذاكرة وتضاريسها المنفية؟
يسمع للمطر وجيب منتظم على الزنك والقصدير ، تنعزل المؤسسة بين الطين والأوحال ، لا تؤنسها في وحشتها سوى مقبرة فسيحة ، ارتفعت شواهدها البيضاء تعلن انتصار الحطام ، الخلايا تنعم بما لذ وطاب من وجبات البرد ، صوته ينحت في الآذان اليافعة أغنية رتيبة كأنها الزمن نفسه ، مكررة مثل لازمة الميلاد والموت ، متطاولة كالأبد ذاته ، وأنتم كأن كلى رؤوسكم الطير...
رجع أغنيتك العصماء ياعبد الودود لنرمم معا بقايا الحطام في طبقاتنا الداخلية :
•بضحك أهوج - يثير الضحك ولا يضحك
•بهذيان عارم - يشتم الأمة
•بقفز خاج الخارطة - لا يصحو أبدا
•بذهول غير مسيج - يهجو حياة رمادية
ولطلما أشدت بطريقتك في إدارة حطامنا ، ولولا هذا التكريس الإجرائي لنهشتك قنافذ الليالي البائسة يتجشأ ويستغفر العلي القدير ، أنفاسه تعبق بأريج الكحول " أين الهامش ياثور ...ياطحش ...ياحمار؟" يكتشف الزلة ، يخبط على الطاولة تتعالى النبرات الفظة ، حظ بائس صب لعنته المفاجئة على صديقك مرزوق ولد سليمان ، نال من لكماته نصيبا وافرا : ضربات مستقيمة غاية في الإحكام ، المقدمة واضحة والنتيجة لا غبار عليها: الضرب والرفس ...تركه ينتحب ثم عاد إلى سمفونيته العارية ببلاهتها البدائية : منذ القرن السابع الميلادي خرج العرب من جزيرتهم إلى بلاد فارس والروم ، فسار سعد بن أبي وقاص الى ...ينشر لواء الحرية والعدالة ، واتجه خالد بن الوليد وأبو عبيدة بن الجراح إلى بلاد ...مخلصين أهلا من ذل العبودية..." تسمر فجأة ، وقد لمح زميلك جمال في وضع ما والأرجح أنها ابتسامة بلهاء غير مبررة وفقا لمنظور السي علال ، اتجه نحوه في موجة مفاجئة : إيقاع اللكمات المستقيمة يعود من جديد ، رأيت يا عبد الودود أسنان فكيه مشدودة إلى بعضها ، مغارات صغيرة من أثر الروج والمعجون والشقوفا تعانق النتوءات الموازية في شراسة ومتعة معا ، الوجبة دسمة ، تلقى جمال القذائف المتوالية في وجهه ، عنقه ، بطنه ، استلذ السي علال العملية واستمر في تسديد الإصابات ، لم يحتمل الفتى الشقي أكثر من ذلك ، تمرد سائل أصفر من تحت سرواله ، ولما كان هذا الأخير غير رحيم بما فيه الكفاية اندفعت السيول الطبيعية إلى الخارج.... مشهد أصيل دون شك ضحك الجميع تحول الموقف إلى ضرب من الشفقة ، أشفقت من المشهد أشفق الزملاء ، لقد تخضبت زاوية مقعده بالسائل الزلال والدموع الغزار ، ثم دفعه إلى أحد الحيطان ليبقى مسمرا هناك إلى نهاية الحصة وعاد الى سمفونيته الرتيبة ...في الاستراحة عير أحدهم جمال التعس بأنه يفعلها في فراشه وسرواله معا، رحمه بضربة أساسية زادت من تعقيد الموقف، أتسمح لي أن أركب لك اسما آخر ، كيف تصرف ود يود ودادا وما النتوء التركيبي والصرفي الذي يفصل اسم فاعله عن صفته المشبهة ؟ فعلى من سيقع ودك وأنت تتلقى الضربات الموجعة من كل صوب؟ خاطبت مرآة الداخل بكل يقين " عديني ألا تسمحي بالنسيان "مع كل هذا بل ربما بسببه فأنت تشفق عليه ، كتبت في مذكراتك بصيغة الغائب في جرد بئيس للحصيلة : " اغتال فيه السؤال- وأد بداخله قلق العرفان دمر يفاعته الجميلة
المحفل الذبائحي يعود من جديد :ذهل السي علال برجل أنيق يقتحم الفصل برفقة مدير المؤسسة ...يضطرب...صباح آخر من الأخذ والرد...ظل الرجل يراوح النظر في قرف كئيب ممض...من المدرس إلى التلاميذ إلى كراسته، احتل مقعدا في نهاية الحجرة ، تنامى التوتر على محياه...تصاعد زفيره ونفيره...ارتفعت وتيرة قلمه وأخيرا أوقف كل شيء، رأيتم بأم عيونكم كيف تم تعويض اللاعب الأصلي في وسط الحصة بلاعب احتياطي...سرت في الصفوف همهمات نشيطة ...ترامت في الأفق تساؤلات مبهمة...وضع السي علال رأسه بين يديه ثم غاب في تفكير عيمق ، بدا عليه نفير الزمن أكثر من ذي قبل ، أكمل الرجل الأنيق الحصة...أحسستم بحياة جديدة غامضة تعود إلى جثة محنطة...
حلت وجبة جديدة : يراجع درس المطالعة..الهالة السوداء حاصرت عينيه تماما..هو التعب دون شك ، وقد تضيف إليه ياعبد الودود ما ترسب عن الإفلاس المبين الذي أعلن عن نفسه في الحصة السابقة ، لقد ضبط متلبسا بضعفه الموضوعي، شحب وجهه على مر الدقائق، شد على وسطه بألم ثم رمى الكتاب على الطاولة..تلوى على بطنه وبدأ ينتحب سمع هرج ومرج في قاعة المدير ثم الحجرة المعلومة" تلفون...بسرعة ...سيارة اسعاف..." استخفك طرب لا يقاوم ياعبد الودود ، كيف يمكن أن نجني من الشوك العنب؟ جمال تحولت قسماته إلى استشعار أثير ببذاءة غامضة ومتعة ملتبسة تحس برفيقك على وشك أن يرقص فرحا وحبورا ، مع هذا أشفقت من وعلى السي علال لأنك لا تملك له إلا رحابة يقينك...
صرخ المدير في الشاوش محمدين بضرورة إخلاء الطريق لسيارة الإسعاف من شياه شردت عن صاحبها وانتشرت في الطريق دون ضابط ، أطلت على مدخل المؤسسة واندفع قسم الىداخلها بحثا عن الربيع والكلأ ، بينما اندفعتم نحو المسالك الطلقة خارج البناية المسيجة...أفئدتكم على الحصة الماضية "وسار عقبة بن نافع في شمالي افريقية...واستمر في سيره حتى وقف على شاطئ المحيط الأطلسي أين يقع شاطؤنا الأطلسي؟ - شمال البلاد(........)
- -لا تخلطوا بين البحر المتوسط والمحيط الأطلسي
- غرب المغرب الأقصى
- أحسنتم سنتم سنتم...."



#عبد_الإله_بسكمار (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المدن العتيقة بين الارث التاريخي والتدبير العشوائي
- خطاب الأدعية في الأوساط التازية
- بين الحقائق والأوهام
- طمرفضاء ليروشي les rochers بتازة : إجرام في حق موقع أركيولوج ...


المزيد.....




- شاهد: فيل هارب من السيرك يعرقل حركة المرور في ولاية مونتانا ...
- تردد القنوات الناقلة لمسلسل قيامة عثمان الحلقة 156 Kurulus O ...
- مايكل دوغلاس يطلب قتله في فيلم -الرجل النملة والدبور: كوانتم ...
- تسارع وتيرة محاكمة ترمب في قضية -الممثلة الإباحية-
- فيديو يحبس الأنفاس لفيل ضخم هارب من السيرك يتجول بشوارع إحدى ...
- بعد تكذيب الرواية الإسرائيلية.. ماذا نعرف عن الطفلة الفلسطين ...
- ترامب يثير جدلا بطلب غير عادى في قضية الممثلة الإباحية
- فنان مصري مشهور ينفعل على شخص في عزاء شيرين سيف النصر
- أفلام فلسطينية ومصرية ولبنانية تنافس في -نصف شهر المخرجين- ب ...
- -يونيسكو-ضيفة شرف المعرض  الدولي للنشر والكتاب بالرباط


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبد الإله بسكمار - مطالعة نموذجية.......قصة قصيرة