أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - زهير الفارسي - شكرا!، وطاب يومك /قصة قصيرة














المزيد.....

شكرا!، وطاب يومك /قصة قصيرة


زهير الفارسي

الحوار المتمدن-العدد: 2925 - 2010 / 2 / 23 - 20:08
المحور: الادب والفن
    



بعد دهشة وارتباك أمام باب حلم ظل يتحرش بي ، دفعت الباب الزجاجي السميك الشفاف الذي يشبه الفراغ، ووقفت على رجلين وجلتين أمام فتاة، كانت بجوار موظفين إثنين أنيقي المظهر. رازتني من وراء نظارتها الطبية وهي تلقي في وجهي ابتسامة رسمت على محياها بتناسق مع جو المكان، وقالت لي:"مرحبا، كيف أخدمك سيدي؟"، وازدادت ابتسامتها اتساعا، لماأخبرتها برغبتي في فتح حساب بنكي في البنك الذي تشتغل فيه، ثم طلبت إلي أن أنتظرها برهة من الوقت على مقعد يوجد بجانب مكتب وضع على بعد ثلاث خطوات من مكان وقوفي.

أخذت مطوية صقيلة، مفرطة في بذخها، كتب عليها بالفرنسية بعض العروض والخدمات التي يوفرها البنك، لم أكمل قراءتها بسبب من ضعف لغتي..ثم جعلت أجوب المكان بناظري.، الجدران مطلية بلون العلامة التجارية للبنك رفعت عليها بعض اللوحاة الفنية، وساعة حائطية تحفة. أما الأثاث فمحسوب بدقة، بحيث أن لا قطعة منه تزيد عن الحاجة، وهو يتكون من لوحة رقمية تظهرثمن بيع وشراء أقوى العملات العالمية في مقابل العملة المحلية، ، ومن حواسيب وطابعات وهواتف لعلامات تجارية عالمية، ومكاتب بكراسي وثيرة بعدد الموظفين وضيوف قليلين. وفي كل موضع، يحتمل أن يقف فيه زبون وضعت علب للمطويات إياها، بطريقة تشبه وضع الطعم للفريسة.

ألقت علي التحية والإبتسامة مرة أخرى، وعاملتني بأدب جم جعلني أخال نفسي رجل أعمال حقيقي، وليس عاملا بسيطا. بعد المجاملة استفسرتني عن المبلع المالي الذي أود فتح الحساب به، وإن كانت لي ودائع في بنك آخر، ثم استفسرت عن أجرتي الشهرية.. وكانت بين سؤال وآخر، تثبت نظارتها على أنفها، بطريقة لاشعورية، ، وتنقرعلى لوحة مفاتيح حاسوب موضوع بطريقة تسمح لها وحدها برؤية محتواه، أما أنا فكنت في هذه اللحظات أتفحص وجها مليحا وضعت عليه مساحيق تجميل تخفي العيوب ولا تستثير الشهوة.. نهضت بعد أن استأداني ، تبعتها بنظراتي حتى غابت في مكتب الرئيس، كان جسدها ممشوق القوام مسربلا في زي أوربي التصميم أنيق، وعملي.

عادت وهي تحمل رزمة من الأوراق دعتني لإمضاءها، وكانت كلما فتحت فمي لأفوه باستفسار حول نقطة معينة أو خدمة ما، تستظهر علي كلاما، مغرقا في التخصص وبفرنسية رشيقة، لم أتبين أغلبه، لكنني كنت أحرك رأسي دلالة الفهم والقبول، لكي لا أخدش كبرياء جهلي. في هذه الأثناء كانت تعابيروجهها تنتقل مابين الابتسام ونظرات الجد المفرط، بشكل محسوب بعدد أحرف كل جملة، لدرجة بدت لي ك"ربوت" مبرمج بدقة متناهية.

وبعد التوقيع على نصف الأوراق، عاودت اسئلتها لكن هذه المرة عن عنوان إقامتي وأسماء أسلافي، الحي منهم والرميم. ولما قرأت التبرم في وجهي، خاطبتني بود من يريد امتصاص حنقي، " سيدي أنا آسفة على كثرة الأسئلة وأعرف أنها تشبه أسئلة المحققين، لكن هذا خارج عن إرادتنا.."، وقلت مقاطعا "الإرهاب"، وواصلت الحديث همسا" ملعون ذاك الغبي بوش وإبن لادن صنيعة أريكا"

سلمتني بطاقتي المغناطيسية والكود الخاص بي، ودعتني أن أجربها وفي نفس الوقت أضع كودا آخر من اختياري. وقفت أمام الشباك الالكتروني والتفت يمنة ويسرة مرتين، ثم رقنت الكود والشعوربالنجاح يغمرني، وقلت في نفسي، أنا الآن إبن عصري ولم يعد أحد من أصدقائي يفوقني بشيء، وسأهنأ من جحيم الوقوف في طابور طويل عند نهاية كل شهر من أجل صرف الشيك... وبعد مطالعة ملخص البيانات على الشاشة أحسست بوقع الصفعة على وجهي، نقرت على زر"ترجم إلى العربية" لكن المحصلة واحدة وهي فقدان قدر مهم من المبلغ الذي أودعته..أسرعت في اتجاه الموظفة لتصحيح الوضع، ولا شك ان ملامح وجهي وهرولتي قد وشتلها بأمري، أو ببساطة لأن نفس الشيء يحدث مع آخرين غيري وبشكل روتيني، ذلك أنها بادرتني بالسؤال عن وجود مشكل ما ، وهي موقنة من وجوده، وهوما بدا لي من رنين صوتها. أخبرتها بوقوع خطأ، وأن المبلغ الذي في حسابي ينقصه قسط مهم من المجموع الذي سلمتها إياه، وأجابتني ببرود غادر، "c’est normal monsieur "، وقلت بانفعال "هذا أمر طبيعي" ، وأضافت وكانها لم تسمعني، "سيدي ثمة خدمات تقدمت بطلب الاستفاد منها ولابد من الأداء مقابل ذلك، وعلى العموم راجع الأوراق التي هي في حوزتك وستجد أنك مؤمن على سيارتك في حال وقوع حادثة سير -لا قدر الله- وحتى منزلك..". وأجبتها فيمايشبه الرجاء هذه المرة:
ياآنسة أنا لا أملك سيارة، وليس في ملكيتي منزل كي أؤمن عليه، ولا أريد الإستفادة من خدمات من أي نوع كانت، غير السحب والإيداع .وردت علي باقتضاب وهي تشيح بوجهها عني "كان بودي أن أخدمك سيدي ولكن للاسف فالعقد الذي وقعته دخل حيز التنفيذ فور إرساله للحاسوب المركزي للبنك، ولذلك عليك الانتظار حتى تمر سنة كاملة ابتداء من هذا اليوم، وعندها إذا تقدمت بطلب لإلغاء تلك الخدمات سأفعل. شكرا، وطاب يومك".



#زهير_الفارسي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- في الحاجة لجعل القراءة حاجة فردية
- حدث في الشاطئ
- العنف المدرسي...و أي دور للأستاذ
- الإشهار..أو الرشوة “النظيفة”
- ماهي الهوية بالنسبة إلي؟ !!
- يوم بدون حاكم عربي!!
- الأعياد الدينية..من الطابع الديني إلى الإحتفالي
- أمريكا تقدم يد العون..والخلاص أيضا!!!
- المال مقابل لقب من درجة حكيم


المزيد.....




- وفاة المخرج ميشائيل فيرهوفن وساسة ألمانيا يشيدون بأعماله الف ...
- -الماتريكس 5-.. حكاية المصفوفة التي قلبت موازين سينما الخيال ...
- -باهبل مكة-.. سيرة مكة روائيا في حكايات عائلة السردار
- فنان خليجي شهير يتعرض لجلطة في الدماغ
- مقدّمة في فلسفة البلاغة عند العرب
- إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر ...
- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...
- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - زهير الفارسي - شكرا!، وطاب يومك /قصة قصيرة