|
حوار مع صديقي حول حرف الواو
محمود الحريبات
الحوار المتمدن-العدد: 2906 - 2010 / 2 / 3 - 21:12
المحور:
كتابات ساخرة
حوار مع صديقي حول حرف الواو قبل أن نبدأ بالحوار طلب مني صديقي أن أُعرف بالواو . فقلتُ له :ألم تسمع بالشعار السائد في العالم العربي :(في واسطة في وظيفة). فقال لي :الآن فهمت لماذا لم احصل بعد مرور هذا الوقت الطويل على وظيفة . لأن كل تفكيري أن الواسطة تصلح في الاستيلاء على حقوق الآخرين في قضايا معينة ،وصدقتُ العدالة في الحقوق ، والرجل المناسب في المكان المناسب، والترتيب حسب الكفاءة والخبرة. فقال لي: حدثني عن الواو الأولى كما شاهدت في رحلة حياتك الطويلة التي تنقلت فيها بين بلدان كثيرة، و لكن لا تجعل حديثيك لي كما حدثتني عن رسالة التوابع و الزوابع لابن شهيد . فقلت له: عليك أن تسأل و أنا أجيب، و لكن هل تحميني من الرقيب ؟. فقال لي : كيف أحميك وأنا لا واسطة لي في وطني . فقلت له : توكل على الله ، (ما بيقطع الرأس إلا من ركبة). فقال لي : حدثني أولا عن الدرجة العلمية ، و هل لها دور في تخطي الواسطة ؟. فقلت له : لو كنت بروفسور أو عالم أو دكتور، فلن تحصل على وظيفتك إلا بالواو الأولى ، و اليوم كل الجامعات خاصة، و شركات خاصة مساهمة و محدودة أصحابها يسعون للربح العالي و ليس للعلم النافع حتى جميع الجامعات الحكومية في العالم العربي و الإسلامي خُصخصت . و يتحكمون في قرارات التعليم العالي لصالحهم فهم يتداولون و يتعاملون بالواو التي تحقق مصالحهم و مكتسباتهم المادية . فقال لي : كان جدي يقول :"تبدلت غزلانها بقرودها ". فقلت له: رحم الله جدك لو أنه عايش حتى ألان و له واسطة لدرّس في أعرق الجامعات مقررين و ليس مقرر واحد . لدّرس البلاغة العربية ، و تاريخ الأدب العربي بدون شهادة عليا، و لا دقة في التخصص ولا تهم القدرة ولا الخبرة ، و لكن عاش و مات في عصر الغزلان ، و لم يصل لعصر القرود . فقال لي : هذا يعني يا صاحبي العالم العربي و الإسلامي يعيش في عصر القردنة ، وشيء كثير علينا في هذا الوطن الواو الثالثة إننا نعيش على الوتر . قلت له : بالغ كثيراً مؤلف مسلسل وطن على وتر ، أنتم تعيشون في وطن على شعره من وتر . و العائد من الغربة للاستقرار في الوطن يصدم مما يرى، و مثل جدك في صميم هذه الشعرة التي يتربع عليها هذا الوطن . فقال لي : هل عشت عصر الغلاء خارج الوطن ؟ و هل صدق مثل جدي "ما بعد الغلاء إلا الفناء " . فقلت له : رحم الله جدك لو لحق الغلاء الموجود عندكم الآن لقال لكم مثلا آخر سمعته: (هيك مضبطة يدها هيك ختم ) . الدول الصناعية الحياة فيها أرخص رغم الدخل العالي في هذه البلدان ، أعانكم الله على قلة الدخل و على غلاء المعيشة و على جشع التجار ووطنيتهم ، و على المُتًنفذين ، و المفسدين ، و المهربين ، و ما انتم بحاجة ماسة له في حياتكم و خاصة في ظروفكم تجار السموم السوداء . و الله يا صاحبي إذا انتهت هذه الفرق المتناحرة على مص دم أبناء الشعب سيسود الرخاء عندكم . قال لي : أطال الله عمرك ، سمعت حديث عن رسول الله صلى الله عليه و سلم معناهُ ، أن الساعة لن تقوم إلا على شرار الناس، وكأننا هم ، فكأنك تدعو إلى التعجيل في قيام الساعة ، و لكن إلى أين وصلت قضيتنا ، و إن كان هذا السؤال تأخر كثيراً ؟ . فقلت له : يا صديقي ، هذا خط أحمر ولكن سأجيب ، ضاعت قضيتنا في جلد منفوخ يجري خلقة اثنان و عشرون مجنوناً و العالم العربي والإسلامي يتفرج ، و يصفق و يضحك و تحولت القضية إلى مسألة حياة أو موت بين مصر و الجزائر . و في المقابل (النتن يا ناس هو ) يحفر تحت أساسات مدينة القدس و ما حولها ، و يبني المستوطنات والأسوار، و يبتلع الأرض و يقلع الأشجار و يعتقل الأطفال ، و ينكل بأبناء الوطن ، و يضحكُ بملء فيه كلما صفق العرب و المسلمون لهدف في مصر أو في الجزائر . فقال لي : يا أخي ، أسألك بالله أن تجيب على هذا السؤال و لا تخف نحن هنا لدينا حرية في الكلام ، و لا نُحاسب إلا على الأعمال كما تعودنا . هل الرئيس جاد في الاستقالة . فقلت له : اعلم أن المرحوم ياسر عرفات مات مسموم، و أبو مازن الآن مهموم، و أحمد ياسين مات مغدور . و الرئيس عليه ضغوط من العدو و الصديق ،و الغريب و البعيد، و حتى من داخل البيت ، و ليس المطلوب منه التوقيع، لأن عصر التوقيع الآن انتهى ، و دخلنا في عصر البصمات . و إلا سيلحق بمن مات ، و كأنك لم تعش في هذا العصر حتى الموظف يوقع على بصمة ، كان الله بعونهِ . فهناك متحفزون للبصمة بأرخص ثمن من المختصين في الواو . فقال لي : يا صاحبي نحن في عصر العولمة و النت . هل يوجد قُرّاء لهذه المقالات، و الأشعار، و القصص القصيرة و الطويلة و الصحف و المجلات ؟. فقلت له : قبل هذه التقنيات كان الرؤساء يطالعون الصحافة يومياً ، يطلعون على المجلات الثقافية و يتابعون هموم الناس و مشاكلهم ، و كان المستشارون قلة، و الآن لكل رئيس عشرات المستشارين الذين يوصلون له الأخبار و التقارير التي كلها كمال وتمام ، أما المواطن فهمهُ لقمة العيش و رغيف الخبز ، همهُ أن يشبع الأفواه ، و ليس همهُ إشباع العقول ، سامحك الله القراءة و الثقافة ألان أصبحت تفاهة و لا حاجة لأحد بها ، أنا و أنت و الكتاب ، و أهل العلم ، و أصحاب المؤلفات ، نلعب في الوقت الضائع . فقال لي : سؤال أخير و خطير و هو مسك الختام ، لماذا لست منخرط في حزب من آلاف الأحزاب الفلسطينية ، التي أعدادها أكثر من كوادرها ، و شعاراتها أثقل من الجبال و أفعالها اخف من ريش الحمام ؟ . فقلت له : لو كنت احدهم لما استطعت أن تحاورني و لوجدت أبوابي موصدة بالأقفال ، و أنتقل من مكان إلى مكان هرولة خلف المكتسبات الشخصية ، و الأرصدة في البنوك ، و الخطب الرنانة ، و تعبئة الشباب بفكر الحزب ، و لكن صديقي في الختام أحمد الله أنني لم أنافق في حياتي و بنيت نفسي و أسرتي من عرق جبيني و من معاناة الغربة، و كنتُ دائماً أتمنى الاستقرار في هذا الوطن الذي ولدت فيه و تربيت فيه و عانيت فيه، و لكنني للأسف صدمت ، لأن هذا الوطن ليس الوطن الذي تركته قبل الغربة، و الناس ليس هم أولئك الناس ، سبحان الله كل شيء يتغير إلى الأفضل ، إلا ما وجدته و هو تَغَيُر للأسوأ . و أنا اقترح عليك يا صديقي أن تؤسس لك حزب جديد ، و أنا لست عضواً فيه و سمية (حزب الإصلاح بدون تغيير) و ادع فيه إلى الوحدة الوطنية و لم شتات الوطن . الانفصال دمار و خراب ، و قطع للأرحام و تمكين للاحتلال ، أوجدهُ الاحتلال و نماهُ، وهو حريص على هذا الانفصال إلى الأبد ، و أتمنى لمساعيك التوفيق و لا تفكر في التغيير:( لأن الله لا يغير بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم ) و احرص على أمثال جدك حتى لا ينطبق عليك المثل الفلسطيني (أنت كمن ينفخ في قربة مقطوعة
#محمود_الحريبات (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
وظائف الحركات في اللغة العربية
-
رحل بلبل فلسطين فتحول الصفير الى نواح من بديل عندليب فلسطين
-
انا تخرجت في جامعة
-
هل لصناعة لغةِ العرب عند ابن جني سِرُ أم أسرار؟
-
ظلمت اللغة العربية يا بروكلمان
-
ما المقصود بعلم اللغة؟
المزيد.....
-
وفاة المخرج ميشائيل فيرهوفن وساسة ألمانيا يشيدون بأعماله الف
...
-
-الماتريكس 5-.. حكاية المصفوفة التي قلبت موازين سينما الخيال
...
-
-باهبل مكة-.. سيرة مكة روائيا في حكايات عائلة السردار
-
فنان خليجي شهير يتعرض لجلطة في الدماغ
-
مقدّمة في فلسفة البلاغة عند العرب
-
إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر
...
-
مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز
...
-
الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
-
اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
-
نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم
...
المزيد.....
-
فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط
/ سامى لبيب
-
وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4)
...
/ غياث المرزوق
-
التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت
/ محمد فشفاشي
-
سَلَامُ ليَـــــالِيك
/ مزوار محمد سعيد
-
سور الأزبكية : مقامة أدبية
/ ماجد هاشم كيلاني
-
مقامات الكيلاني
/ ماجد هاشم كيلاني
-
االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب
/ سامي عبدالعال
-
تخاريف
/ أيمن زهري
-
البنطلون لأ
/ خالد ابوعليو
-
مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل
/ نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم
المزيد.....
|