محمود الحريبات
الحوار المتمدن-العدد: 2453 - 2008 / 11 / 2 - 04:14
المحور:
الادب والفن
اهتم علماء اللغة اهتماما كبير بالحروف في دراساتهم , مما جعل حركات اللغة لا تحظى بدراسات عميقة تظهر مخارجها و صفاتها و وظائفها التي لا تقل عن وظائف الحروف في اللغة , و نتيجة لحاجة طالب اللغة لمعرفة وظيفة الحركة في علم الأصوات وفي علم العروض و علم النحو، و ملاحظتنا بعدم إلمام دارس اللغة بهذه الوظائف . كان لزاماَ علينا أن نبين أهمية الحركة و وظائفها في اللغة . و خاصة أن علماء العربية القدامى لم يعنوا بالحركات العناية اللائقة بها , فقد عدوا الحركات أشياء عارضة تعرض للأصوات الصامتة فهي تتبع لها و ليست مستقلة مثلها , و علماء اللغة المحدثين لم يعطوا هذه الحركات حقها كما أعطوا الصوامت حقها و خاصة علماء اللغة الذين درسوا في الغرب . فنحن سنتناول الحركات بنوعيها دراسةً وتحليلاً :
أ- نبدأ بالحركات القصيرة وهي: الكسرة و الفتحة و الضمة. و نبدأ بالكسرة لأنها أقوى الحركات الثلاثة.
1- فالكسرة حنكية منفتحة أمامية و هي: مفخمة مع أصوات الإطباق، وهي الصاد و الضاد و الطاء و الظاء. وهي في الحالة الوسطى بين التفخيم و الترقيق مع القاف و الغين و الخاء . وهي مرفقة مع الأصوات الأخرى . وهي بعض الياء وإن كان بعض علماء اللغة يسميها الياء الصغيرة .
أما وظيفتها في النحو: فهي علامة جر للأسماء و علامة بناء , و لها دور مهم في التفريق بين معاني الكلمات , و إن كان هناك خلاف بين بعض العلماء الذي يرونَ أن التأثير في المعنى يكون ناتج عن الفروق بين الحروف و ليس الحركات، كما أن تنوين الكسر يتكون من كسرتين و له وظيفة صرفية و عروضية , فالكسرة في علم العروض نعطيها حركة واحدة و هي (ح ) و التنوين في الكتابة العروضية يكتب نوناً . و عندما تشيع في العروض تكتب ياء.
2- الضمة : وهي لهوية مغلقة خلفية. و تكون مفخمة مع أصوات الإطباق و تكون بين التفخيم و الترقيق مع القاف و الغين و الخاء، و تكون مرفقة مع الأصوات الأخرى.
و هي بعض حرف الواو. و أما و وظيفتها في النحو: فهي: علامة رفع الأسماء و الأفعال و علامة بناء. و صوت الحركة أو ما يسمى بالصائت هو: النواة أو المركز للمقطع الصوتي . و عروضياً تكتب حركة واحدة (ح). و تنوين الضم يكتب نوناً . وعندما تُشبع الضمة تكتب في العروض واواَ، و كذلك تأثيرها في المعنى يكون في الحروف.
3- الفتحة وهي مركزية : وقد تكون مفخمة مع أصوات الإطباق وهي: الصاد و الضاد و الطاء و الظاء، وفي الحالة الوسطى بين التفخيم و الترقيق مع القاف و الغين و الخاء , و لكنها مرفقة في المواقع الصوتية الأخرى . وظيفتها النحوية علامة النصب في الإعراب و البناء على الفتح . و عروضيا تكتب حركة واحده(ح)وفي حالة الإشباع تكتب ألف . و تنوين الفتح يكتب نوناً عروضيا حسب ما ينطق .
ب- الحركات الطويلة : وهي صوت مجهور (أي تهتز معه الأوتار الصوتية ) الذي يحدث أثناء النطق به أن يمر الهواء حُراً طليقاً خلال الحلق و الفم دون أن يقف في طريقة أي عائق أو حائل,
ودون أن يضيق مجرى الهواء ضيقاً من شأنه أي يحدث احتكاكاً مسموعاً . وهده الحركات هي: الكسرة الطويلة و الضمة الطويلة و الفتحة الطويلة , وهي ما تعرف بحروف المد . وهي عروضياً تُكتب حركتين (ح ح ).
و سنحلل هذه الحركات و نبين و وظائفها .
1- الكسرة الطويلة : وهي حرف المد ياء . و يجب أن نفرق عروضياً بين هذه الكسرة الطويلة و الياء التي هي صامت و ليست صائت . فعندما تقول : لي: فالياء هنا حرف مد أي تكتب عروضياً كسرة طويلة بهذا الشكل :( ل-ٍ و يرمز لهاب ص ح ح ) مقطع طويل عندما تقول : يكتب فإنها هنا صامت و تكتب ي –َ و يرمز لها ب( ص ) وهي هنا ليست كسرة طويلة . ومن استعمالاتها هي: علامة إعراب عندما تقول :(مُعلمين) هنا حرف مد و علامة إعراب لجمع المذكر السالم. وعلامة اعراب للأسماء الخمسة .
2- الضمة الطويلة : وهي حرف المد الواو . و عروضياً هناك فرق بينها و بين الواو فمثلاً (وًلد)
هنا هي صامت و ليست صائت فالواو تكتب عروضياً (و –َ ص) . و لكن عندما تقول زهور فهي هنا ضمة طويلة أي حرف مد و يرمز لها (ح ح ) و لها وظيفة نحوية علامة إعراب
لرفع المذكر السالم وللأسماء الخمسة مثل :أبوك.
3- الفتحة الطويلة : وهي حرف المد الألف . و يرمز لها عروضياً ب(ح ح) مثل : (لا) تكتب بهذا الشكل ل(-ً ) أي ص ح ح . ولها وظيفة نحوية فهي علامة نصب المثنى و الأسماء الخمسة .
ونحن لا نخالف ابن جني في وصفة لهذه الحركات بأنها توابع للحركات و منتشئة عنها وأن الحركات أوائل لها و أجزاء منها و أن الألف فتحة مشبعة و الياء كسرة مشبعة و الواو ضمة مشبعة .
نفسر كلام هذا العالم الجليل بأن أصوات اللين قصيرة و طويلة هي الفتحة و الضمة و الكسرة فألف المد هي : في الحقيقة فتحة طويلة واو المد ضمة طويلة و ياء المد كسرة طويلة أيضاً و هي دون مد حركات قصيرة، و الفرق بينهما فرق في الكمية فقط وفي الوقت الذي يستغرقه النطق بكل منها . وهذه نظرة دقيقة و علمية صائبة , و هذا ما أردت أن أوضحهُ لدارس اللغة العربية . فهذه الحركات تحتاج إلى بحث طويل يُعتمد فيه على ما توصل إليه علماء الأصوات من نتائج جديدة في معاملهم و بحوثهم .
المراجع :
1) ابن جني : سر صناعة الإعراب ج 1 .
2) د. محمود محمد الحريبات :مقدمة في دراسات صوتية في معجم تهذيب اللغة للأزهري (رسالة ماجستير).
3) د. عبد الفتاح البر كاوي :مقدمة في أصوات اللغة العربية .
4) د. عبد الغفار هلال : أصوات اللغة العربية .
5) صلاح الدين حسنين : المدخل إلى علم الأصوات
6) د. كمال بشر : علم الأصوات
7) د. عبد العزيز عسق : علم العروض و القافية .
8) د. محمود محمد الحريبات : دراسة صيغ المفردات و معانيها في معجم لسان العرب لابن منظور.
بقلم د. محمود الحريبات
#محمود_الحريبات (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟