أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - توفيق العيسى - -عرّاب الريح- ...مرافعة شعرية تاريخية في دوثان














المزيد.....

-عرّاب الريح- ...مرافعة شعرية تاريخية في دوثان


توفيق العيسى

الحوار المتمدن-العدد: 2890 - 2010 / 1 / 16 - 18:40
المحور: الادب والفن
    



متعب يحمل صوته ديوان شعر، يتأبط الغيم كتابا تفوح منه رائحة الوطن المعفرّ بالزعتر البريِّ وبالرصاص والدم، متعب بذاكرته ولهاثه الريح المتجهة نحو الشرق، والبحر عرّاب رحلتنا، عرّاب هجرتنا الأولى وما تلاها من هجرات، والبحر ينطق اسما كنعانيا، والصخر يهزج بلحنٍ كنعاني في وجه الخرافيِ حتى العظم.

في ديوانه الأول " دوثان" يعود الشاعر عبدالسلام العطاري إلى طفولته بعد تعب استبد به، يعود إلى ثوب أمه "الأرجوان" يعود إلى ضحكته الأولى وأرجوحة معلقة في خياله.

الا أن هذه العودة لا تشبه بأي حال من الأحوال عودة الابن الضال، الذي عاد منكسراً تائباً فالعطاري عاد مشهراً الأسطورة / الحقيقة في وجه الخرافة.
دوثان بكل ما تختزله من معانٍ ورموز في وجدان الشاعر؛ شهادة على ملوك غابرين وجبابرة كانوا هنا وآخرين مرّوا من هنا، مرّوا ولم يخلفّوا سوى روث دوابهم.

يطالعنا العطاري في بداية ديوانه بتعلقه بثوب أمه " الأرجوان" فهي لحظة شعورية تسللت عبر متاعب الحياة إلى روحه، وكأننا أمام فلم سينمائي يبتدىء بحوار الذات ثم يذهب للكشف عن ماهيته .
"أنا.. المتعب من خطوات تتآكل فوق الطرقات
وهذا الطين تبغي... وشميمي ثوبك"

ثم يصرخ كمن يشاهد صورته في المرآة لأول مرة
"هذا أنا ... هذا وجهي
وهذا ضلعي مكسور كسارية"
وفي قصيدة " همس السيرة" يعبر عن عن انكساره وتعبه ولكن بصورة أشد و أقوى، فهو في قاربه وسط الأمواج يحاول النجاة ولكن بلا فائدة فلقد صنع قاربه من أضلع ابن نوح " الهالك" ومجذافه يده المقطوعة.
"متعب إيقاعي كهذا الغبش العائم اللزج
ووحدك تحمل المقادير
وهذا بحري هائج، و قاربي أضلع ابن نوح
ومجذافي من يدي المقطوعة"

الشاعر فقد البوصلة وأصبح التمني القشة التي يتعلق بها
" لو كان شعرك يا امراتي رصيف ميناء ما تهت"
ونجد ذلك التمني بقصيدة ليت التي يتمنى بها أن يكون ريشة تحمله الريح على كتف الريح.
ويصل إلى حالة مزرية يرثى لها فلم يعد يرى الجميل جميلا في قصيدة " همس السيرة"
"الليل صرخة فاحمة
والفرقد مليم صديء"
ويتساءل في طفولة وحرقة في قصيدة عراب الريح، أين الشرق؟
ولعل تلك القصائد التي يحاكي فيها الشاعر أبناءه كانت أجمل في وصفها للتشظي الذي يعيشه الشاعر وكيف تعيده براءة وحب أبناءه لطفولته هو، ولكن في هذه القصائد لم يتخل الشاعر عن الأمل.
التعب الذي ترافقه الحيرة والحب والأمل استطاع العطاري أن يكوّن منه موجا لبحر قصائده، يتماوج حسب اللحظة الشعورية والدفقة؛ فمرة عاشق وأخرى متعب حائر وأخرى يعصف به الأمل.
وعودة إلى دوثان هذه الأرض الجينينية شرق قرية عرابة، نرى لما كان يتساءل الشاعر أين الشرق؟ فلقد أضاع طفولته نسيها هناك في دوثان وها هو بعد رحلة طويلة يعود ليسأل عن الشرق.
فدوثان الاسم الكنعاني
"الذي تدخل فيه الأسماء وتخلق منه الأسماء"
اشارة إلى تأثر اللغات الأخرى باللغة الكنعانية ونشأتها على اشتقاقات لسان كنعان مؤكدة هوية الأرض، ويسترسل الشاعر في البوح وكأنه يقدم لنا مرافعة شعرية تاريخية عن الأرض عبر رسم صور للمعارك والخيول والدوري المغرد "على متن العليق" والرعاة الذين ملوا "عزف الناي بلا رقص"
ونجد حرقة في محاولة تأكيده على الهوية للأرض عبر استخدامه لكلمة " دق" مرسخا بذلك كعب "الفلستي" وبقوة.
" دوثان الشاهد على كعب فلستي دق كعبه في واد التفاح على رقصٍ فينيقي".
فلم تعد دوثان مجرد أرض وتساؤلات حول الجب الذي ألقي فيه النبي يوسف فهي " وشم الذاكرة" وهي مجموع أسئلة على شفاه الصغار عمن يشنون الحروب ولماذا يشنونها ولماذا يكتب طفل عن الحرب، ودوثان هي حيرة الشاعر في بحثه الدائم عن فكرة بجناحين وهي وثيقة عشق لباحث عن خصلة شعر امرأة بحجم رصيف الميناء.



#توفيق_العيسى (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بيان رقم واحد كاريكاتيريا قراءة في رواية سعيد الأول والواحد ...
- مئة كلمة للذيب
- الأهداف فوق الفن قراءة في أيدولوجية المسرح الصهيوني ...
- الانتظار موت آخر قراءة في مسرحية 603 للمخرجة منال عوض ومسرح ...
- ولاية الرئيس والقرار الفلسطيني المستقل
- الذئب عايد عمرو: -سأظل أعوي حتى أموت وسأظل أعوي منتقدا كل شي ...
- كان هنا مطار ... ولكن، قراءة في فلم (خمس دقائق عن بيتي ) لنا ...
- عيناك تفاصيل المكان
- باب الحارة نساء ساذجات ومجتمع مرعوب
- مملكة الوهم
- الفكر الديني بين القيادة والقاعدة أخذتم غنائم- التحرير- فمتى ...
- عبثية الموت وهندسة المأساة قراءة في مسرحية حفار القبور للمخر ...
- فرقة المسرح الشعبي في مسرحية حفار القبور
- لقاء مع المخرج الفلسطيني فتحي عبدالرحمن
- ميركل جاءتنا معقدة جدا جدا جدا
- السعودية نهاية المشروع التحرري
- أنا ديمقراطي إذن أنا مقهور فؤاد السنيورة نظام عربي قديم
- شعار مرفوض الرئيس محمود عباس وشعارات الحركة
- فدوا* نص مهدى الى روح الشهيدة أطوار بهجت
- الظل انتصار للفراغ قراءة في مسرحية المخرج الفلسطيني يعقوب اس ...


المزيد.....




- جمعية التشكيليين العراقيين تستعد لاقامة معرض للنحت العراقي ا ...
- من الدلتا إلى العالمية.. أحمد نوار يحكي بقلب فنان وروح مناضل ...
- الأدب، أداة سياسية وعنصرية في -اسرائيل-
- إصدار كتاب جديد – إيطاليا، أغسطس 2025
- قصة احتكارات وتسويق.. كيف ابتُكر خاتم الخطوبة الماسي وبِيع ح ...
- باريس تودّع كلوديا كاردينال... تكريم مهيب لنجمة السينما الإي ...
- آخر -ضارب للكتّان- يحافظ في أيرلندا على تقليد نسيجي يعود إلى ...
- آلة السانتور الموسيقية الكشميرية تتحدى خطر الاندثار
- ترامب يعلن تفاصيل خطة -حكم غزة- ونتنياهو يوافق..ما مصير المق ...
- دُمُوعٌ لَمْ يُجَفِّفْهَا اَلزَّمَنْ


المزيد.....

- سميحة أيوب وإشكالية التمثيل بين لعامية والفصحي / أبو الحسن سلام
- الرملة 4000 / رانية مرجية
- هبنّقة / كمال التاغوتي
- يوميات رجل متشائل رواية شعرية مكثفة. الجزء الثالث 2025 / السيد حافظ
- للجرح شكل الوتر / د. خالد زغريت
- الثريا في ليالينا نائمة / د. خالد زغريت
- حوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الأول / السيد حافظ
- يوميات رجل غير مهزوم. عما يشبه الشعر / السيد حافظ
- نقوش على الجدار الحزين / مأمون أحمد مصطفى زيدان
- مسرحة التراث في التجارب المسرحية العربية - قراءة في مسرح الس ... / ريمة بن عيسى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - توفيق العيسى - -عرّاب الريح- ...مرافعة شعرية تاريخية في دوثان