أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - جواد بشارة - كيف نقرأ فيلماً (4)















المزيد.....

كيف نقرأ فيلماً (4)


جواد بشارة
كاتب ومحلل سياسي وباحث علمي في مجال الكوسمولوجيا وناقد سينمائي وإعلامي

(Bashara Jawad)


الحوار المتمدن-العدد: 2891 - 2010 / 1 / 17 - 01:44
المحور: الادب والفن
    


كان غودار مطمئناً لاستقبال النقاد لفيلمه فهم زملاء الأمس في مجلة كراسات السينما ذات التأثير الكبير على الجمهور. خرج الفيلم للعرض الجماهيري في 27 ديسمبر 1963 في خمس صالات عرض في آن واحد وكان عدد جمهور المشاهدين في اليوم الأول قد بلغ 2863 متفرج. بقي الفيلم تسعة أسابيع معروضاً على شاشات العرض في باريس وكان عدد الجمهور الذين شاهدوه في باريس وحدها 234374 متفرج يضاف إليهم 143704 متفرج في سبع مدن فرنسية أخرى حسب إحصاءات المركز الوطني للسينما وتعتبر هذه النتيجة مقبولة تجارياً في ذلك الوقت خاصة فيما يتعلق بفيلم من إخراج جان لوك غودار ولكن بالنسبة لفيلم من بطولة بريجيت باردو كانت النتيجة مخيبة للآمال تجارياً ولم يحقق الفيلم ما حققته الأفلام الفرنسية التجارية الأخرى من أرباح لسنة 1963، مثل فيلم الحقيقة ، وفيلم استراحة المحارب اللذين حققا إرادات مالية لا بأس بها، واحتل الفيلم المرتبة السابعة في سلم الإيرادات في ذلك العام. تجدر الإشارة إلى أن النسخة الفرنسية التي عرضت في فرنسا هي الوحيدة المعترف بها والتي يوجد عليها إسم غودار في حين إن النسخة التي عرضت في إيطاليا كانت محرفة وبتدخل من المنتج كارلو بونتي، وتضمنت مونتاج آخر مغاير وموسيقى تصويرية أخرى ومدبلجة باللغة الإيطالية وهي نسخة لا يعترف بها غودار لأنها تدمر تيمة وفحوى الفيلم عن تعذر الاتصالات اللغوية المهمة عند غودار مما يجعل شخصية المترجمة فرنسيسكا مثيرة للسخرية لأنها تردد بنفس اللغة التي يتحدث بها الأبطال الآخرين وما تقوله باقي الشخصيات بينما يفترض فيها أن تقوم بترجمة ما يقولونه من الانجليزية إلى الإيطالية. وهناك نسخ أخرى للفيلم مغايرة ومشوهه عرضت في الولايات المتحدة الأمريكية وفي سويسرا .
وكما هي العادة، أستقبل فيلم غودار " الاحتقار" شأن بقية أفلامه ، بمواقف متباينة من جانب الجمهور والنقاد. ولكن كمحصلة نهائية، كان تقبل الجمهور والنقاد مقبولاً بسبب تواجد بريجيت باردو بالنسبة للجمهور، وتواجد بصمات غودار الفنية والجمالية المتميزة بالنسبة للنقاد الذين تفهموا وأشاروا للعراقيل، بل وركزوا على الصعوبات والعقبات والضغوط التي واجهها غودار مع منتجيه. ويبدو أن غودار كان مفهوماً ويتمتع بالدعم والتأييد والتشجيع من قبل مبدعين آخرين من خارج العالم السينمائي كالشاعر الفرنسي الكبير لوي آراغون وكلود أوليبيه ، أكثر مما كان يحظى به من دعم من داخل الوسط السينمائي. فهناك من النقاد من وصف فيلمه بالتحفة السينمائية ومنهم من اتهمه بالقصور واعتبروا فيلمه مثيراً للضجر ويبعث على الملل. فالناقد الفرنسي، وأستاذ مادة النقد السينمائي في جامعة باريس، رينيه جلسون، الذي تحول للإخراج بدوره فيما بعد، أعطى رأياً مؤيداً للفيلم ووقف موقفاً نقدياً متحمساً لصالح الفيلم ومخرجه غودار وقد نشر رأيه النقدي في مجلة " سينما 64"، بيد أن إدارة تحرير المجلة أشارت إلى أنه للمرة الأولى يحصل فيلم على تقييم متناقض كلياً وتقويم متطرف تماماً بين مؤيد ورافض للفيلم على صفحاتها ، فالبعض أصر على أنه تحفة فنية سينمائية رائعة والآخر أعتبره تافه ووضيع وعديم القيمة وتنطبق عليه الصفة الفرنسية nullité . لقد تجادل النقاد ، المدافعون عن الفيلم والمهاجمون له،على صفحات مجلة سينما 64 العدد 83 الصادر في شباط 1964 وهم جان كوليه وهو من أهم وأشد المعجبين بالفيلم ومعه بيير بيبارد الذي أبدى بعض التحفظ، من جهة ، وبيير فيليب وفيليب إبسنو من النقاد المعادين له. بينما وضعته مجلة كراسات السينما على قمة أفلام العام 1963. وقد أعيد توزيعه تجارياً في أكتوبر عام 1981 في ست صالات عرض باريسية وحقق ما يقارب الـ 70000 بطاقة بيعت خلال 14 أسبوعاً من الاستغلال التجاري، وهذا أمر استثنائي بالنسبة لفيلم يعاد توزيعه بعد حوالي عقدين من تحقيقه منذ أول خروج جماهيري له. وكان استقبال النقاد هذه المرة أكثر إيجابية وتحمساً وتلقفوه بإعجاب شديد وبالإجماع تقريباً ، إذ ظهر على الساحة النقدية الفرنسية نقاد سينمائيون جدد تتلمذوا على يد غودار وزملائه وتشكلت أذواقهم ومفاهيمهم الجمالية السينمائية وفق جماليات ومعايير الموجة الجديدة الفرنسية. وكان فيلم الاحتقار بمثابة الفنار الذي ينير دربهم النقدي. ثم طبع الفيلم على أشرطة فيديو واقراص السي دي وعرض عدة مرات في صالات الفن والتجربة وفي العديد من القنوات التلفزيونية ونوادي السينما والمعاهد السينمائية وفي السينماتيك وأعتبر أحد أهم الإنتاجات السينمائية الفرنسية لسنوات الستينات، كما تم تكريس غودار كأحد عمالقة وأساتذة الإخراج السينمائي التجديدي في فرنسا في العقود التالية في سبعينات وثمانينات وتسعينات القرن المنصرم وظهرت عنه كتب ودراسات وأبحاث وأطروحات وأعداد خاصة كرست له ولأفلامه وعالمه السينمائي والجمالي ولغته الإخراجية وتناوبت المجلات السينمائية الهامة المتخصصة للحديث عنه بشكل دوري في أعدادا خاصة، من أبرزها العدد 300 من مجلة كراسات السينما الصادر في آيار سنة 1979 وآرت برس في ديسمبر 1984 وفي عدد يناير وشباط سنة 1985 والمجلة البلجيكية المتخصصة بالسينما في صيف 1986 ومجلة سينما آكسيون في تموز 1989 الخ...
مختصر قصة الفيلم:
بول لافال كاتب مسرحي يبلغ من العمر 35 عاماً. متزوج من إمرأة شابة وجميلة جداً هي كامي تعمل كاتبة طابعة، وكانا يحبان بعضهما. في استوديوهات سينيسيتا في روما، التزم بول لافال بعقد مع منتج سينمائي أمريكي هو جيرمي براكوش، لحاجته إلى المال لتسديد ثمن البيت الجديد الذي اشتراه للتو. تتحدد مهمته بتعديل الصيغة السينمائية لسيناريو فيلم الأوديسا لكي تغدو أكثر تجارية، وفيلم الأوديسا هو من إخراج السينمائي الألماني العجوز فريتز لانغ ترافقه المترجمة فرنسيسكا فانيني إحدى شخصيات الفيلم، لأنه لا يتحدث الفرنسية ولا الإيطالية. يدورشجار عائلي عادي بين الزوجين بول وكامي في بيتهما الجديد الذي لم ينته العمل به بعد لتأهيله للسكن، ويتضح من حوارهما أنها فجأة لم تعد تحبه، بل وربما تحتقره لسبب لا يعرفه بول ولا تريد كامي أن تخبره به. يقترح المنتج على الزوجين بول وكامي الذهاب إلى بيته لتناول بعض الشراب بالرغم من تردد كامي وعدم رغبتها، يوافق بول على تلبية الدعوة. يدفع بول زوجته كامي وبغباء للصعود في سيارة الآلفا روميو الجذابة والثمينة ذات المقعدين فقط والتي يقودها المنتج بروكوش فتجلس إلى جانبه وهي حائرة وكأنها تستنجد ببول لكي ينقذها من عواقب هذه المغامرة بينما يستقل بول تاكسي للحاق بهما ويلتقون فيما بعد في فيلا المنتج الأمريكي الرومانية الطراز. يتأخر وصول كامي وبروكوش ،ويحاول بول أن يبرر تأخيره هو أيضاً بعبارات غامضة ويسمح لنفسه بالتقرب ومغازلة وربما إقامة علاقة حميمية مع المترجمة فرانسيسكا. وهذا ما تلاحظه كامي وعندما يعودان لمنزلهما يدب شجار عائلي جديد بينهما بسبب سوء تصرف سلوك بول السيء ورغبة كامي بتحميله مسؤولية تصرفاته وقراراته وقبوله التنازل عن مبادئه وموافقته على كتابة السيناريو وذهابه لكابري تلبية لدعوة المنتج بروكوش .وأثناء خصامهما الكلامي تتلقى كامي مكالمتين هاتفيتين الأولى من والدتها والثانية من المنتج الأمريكي بروكوش الذي يتجرأ على مغازلتها ودعوته الصريحة لها لكي تمارس الجنس معه وتخون زوجها في وقت وصلت العلاقة الزوجية القائمة بين بول وكامي إلى حافة الانفصام والقطيعة . يتجهان بعد الشجار إلى صالة سينما للالتحاق بالمخرج الألماني فريتز لانغ وفرانسيسكا وبروكوش لملاقاة مغنية يفترض أن تؤدي دور فوسيكا في فيلم الأوديسا الذي يخرجه فريتز لانغ ـ أي فيلم داخل الفيلم ـ ومن خلال النقاش نلمس تأييد بول لبروكوش في تفسيره وتبريره وهو يحلل الأوديسا من زاوية وضعية أو براغماتية، بينما يبدي فريتز لانغ معارضته وعدم موافقته كلياً عما قاله بروكوش ـ تعبير صريح عن صراع المخرج مع المنتج في السينما ـ . يلتقي الجميع في كابري مع فريق تصوير الفيلم حيث يجري تصوير أحد مشاهد فيلم الأوديسا بحضور بول وكامي . يلح بول مرة أخرى على زوجته كامي لمرافقة المنتج بروكوش وكأنه يدفعها بلا وعي منه للارتماء بين أحضان بروكوش المفتون بها ويحثها للذهاب معه إلى فيلا هذا الأخير بواسطة القارب بينما يعود هو وفريتز لانغ سيراً على الأقدام لكي يتناقشا حول فيلم الأوديسا الذي يخرجه لانغ. وعند وصوله إلى الفيلا يجد زوجته وهي تقبل المنتج بروكوش عند ذلك يشعر بول بالتقزز من نفسه فيقرر رفض كتابة سيناريو الفيلم ولكن بعد فوات الأوان بالنسبة له فقد ضاعت منه زوجته. وبعد آخر محاولة للتفاهم والشرح والتوضيح والمصالحة بين الزوجين يصطدمان بجدار عدم التفاهم بينهما فتقرر كامي الانفصال عن زوجها ومرافقة المنتج بروكوش حيث يعودان بسيارة هذا الأخير الألفا روميو سبورت إلى روما لكنهما يتعرضان لحادث سير قاتل ويموتان على إثره على الفور معاً فيما يودع بول المخرج فريتز لانغ الذي يواصل تصوير فيلمه بهدوء وبلا منغصات .
هذا هو ملخص أحداث الرواية المليئة بالتحليلات النفسية والمواقف والتي ليس من السهل نقلها للشاشة إلا عبر عملية إعداد فنية ومتميزة لا تخضع بالضرورة لقواعد ومعايير الإعداد السينمائي التقليدي للروايات إلى الشاشة البيضاء، و تأخذ بالاعتبار خصوصية اللغة السينمائية المعروفة بعدم حاجتها للوصف الروائي وعناصر الحوار المطولة عادة في الرواية. والجدير ذكره أن غودار لم يعتد على هذا النوع من العمل السينمائي التقليدي ولا يحبذ إعداد روايات منشورة للسينما التي يبدعها. وفي حالة حدوث مثل هذا الأمر فإنه سيتصرف حتما بما توحيه إليه غريزته السينمائية المتحررة من كافة القيود ويقوم بعملية إعداد متحررة وبتصرف حسب فهمه واستيعابه هو للحدث الروائي وتصوره لما يقابله من عناصر سينمائية لا أن يتقيد بالتسلسل الدرامي للرواية وبشخصياتها وأماكن حدوثها لكنه في رواية الاحتقار كان مضطراً ومرغماً على احترام الحد الأقصى مما جاء في الرواية .

للبحث تتمة



#جواد_بشارة (هاشتاغ)       Bashara_Jawad#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- كيف نقرأ فيلماً ؟
- العالم بين فيزياء الأمس والغد(3) تقنية العلم وعلم التقنية أو ...
- نهاية رحلة الألم رثاء إلى والدتي التي غادرت الحياة بدون استئ ...
- نقد فيلم - إنمساخ أو تحول المنسوخ AVATAR-
- العالم بين فيزياء الأمس والغد ) 2 )
- العالم بين فيزياء الأمس والغد ( 1 )
- الحوار المتمدن شمعة مضيئة في دروب المعرفة
- العالم يلتهم البترول رغم الأزمة الاقتصادية
- من العالم الكلاسيكي إلى العالم الكوانتي أو الكمومي
- المستقبل السحيق : رحلة نحو عوالم أخرى
- الكون المرئي : هل من جديد ؟
- الكون المرئي : هل من جديد ؟
- المادة والمادة المضادة تحديات العلم الحديث في القرن الواحد و ...
- تحديات العلم الحديث في القرن الواحد والعشرين وما بعده ( 2 )ا ...
- المتاهة العراقية
- تحديات العلم الحديث في القرن الواحد والعشرين وما بعده
- إيران على مفترق طرق
- العراق: هل حان وقت الاختيارات الصحيحة
- شهود اللحظات الأولى للوجود
- الفيزياء الكمية والفيزياء الكونية وحكايات الأجداد


المزيد.....




- ثبتها أطفالك هطير من الفرحه… تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024 ...
- -صافح شبحا-.. فيديو تصرف غريب من بايدن على المسرح يشعل تفاعل ...
- أمية جحا تكتب: يوميات فنانة تشكيلية من غزة نزحت قسرا إلى عنب ...
- خلال أول مهرجان جنسي.. نجوم الأفلام الإباحية اليابانية يثيرو ...
- في عيون النهر
- مواجهة ايران-اسرائيل، مسرحية ام خطر حقيقي على جماهير المنطقة ...
- ”الأفلام الوثائقية في بيتك“ استقبل تردد قناة ناشيونال جيوغرا ...
- غزة.. مقتل الكاتبة والشاعرة آمنة حميد وطفليها بقصف على مخيم ...
- -كلاب نائمة-.. أبرز أفلام -ثلاثية- راسل كرو في 2024
- «بدقة عالية وجودة ممتازة»…تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك الجدي ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - جواد بشارة - كيف نقرأ فيلماً (4)