أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - انمار رحمة الله - الساهر














المزيد.....

الساهر


انمار رحمة الله

الحوار المتمدن-العدد: 2883 - 2010 / 1 / 9 - 02:30
المحور: الادب والفن
    



لا نعرف كيف نحذو خطى التباعد المرهق بالانتظار،في لحظة تسرق من مكنوناتنا الرغبة بالوصول إلى شيء بعيد،هذه الرغبة المتلاشية تحت يد الفجر ترهق ذاك الساهر فوق الأوراق .ما أتعسها من أوراق محفوفة بالصمت، وقلم أعمى لا يرى إلا ظهر الأفول الساري .مازالت تدور في أذنه صرخات الليل المتواري خلف الأوهام،وتأوهات سرير كالقارب يسافر في بحر جاثم.يده قابعة كأفعى في جحر اليأس،ولسانه يتمتم/يلتصق بشفته العليا/يتأرجح بين التماهي..والفراغ.تصارعه الذكرى،مهزوما كما يشتهيه الوقت المتآكل.حزينا كغيوم تشرين التي تناست البكاء على كتف مدينته النائمة. انه الكاتب الذي غادرت مقلتيه الدموع ،وَودّعت أوراقه الكلمات/الخيالات/العواطف .يضجّ ُ صمته متجاهلا زحمة الأفكار المرتمية في أحضان الرتابة،فيستفزه الوجع الأزلي ،مستنفرا قواه/مكنوناته/أحاسيسه العذراء التي تتمرد على نقائها،فيسأل نفسه....هل ياترى جفّ معين مخيلتي ..؟؟وهاأنا ذا اشحذ كلماتي) .تغمره رغبة في البكاء،فتسبقه السماء لتبكي مطرا تلاقفته أيادي الأشجار العطشى.يمزقُ أوراقه النحيلة ويتجه نحو النافذة تاركا قلمه الكسول ،يئنّ ُ على خيبته المنتظرة ،هناك حيث البساتين البعيدة مطر...مطر..مطر..الطبيعة سكرى بأنغامها،والسواقي نشوى ترقص كعروس ثلاثينية صابرة.هناك قفزت فكرة إلى رأسه.... هل لي أن اكتبَ شيئا ً عن المطر..؟هل تبعث روح السياب من جديد لتنطق على شفتي اليابسة..؟ .من جديد/مطر/مطر/مطر..هل يا تُرى هل يذكر الناس المطر؟،أم إن السياب قد مات قبله المطر...!!رجع كالمجنون إلى أوراقه القابعة ،ناسيا لوعة مخبوءة تحت لحاف الضجر،راكلا اليأس بقدم التمني،إلى أوراقه رجع ليكتب من جديد.فتذكر ماذا كتب السياب عن المطر...؟:

عيناك غابتا نخيل ساعة السحر
اوشرف ..ت..ا..ن...
ولكن..؟!
،

إن بساتين اليوم غادرت مضاجعها، فقد أخبرتني آخرُ نخلة هاجرت إلى الجنة إن النخيل لن يعود..مادام في العراق خوف/وحزن/وثكلى تنوح...تحيّرَ الساهر في غابة أفكاره،لاجئا ً إلى لفافة تبغ أخيرة في علبة سكائره البسيطة،مُسدلاً أجفانه في حيرة ونحول .ثم استجمع قواه كي لا تفوته فرصة الكتابة عن المطر .
سأرجع إلى السياب) تمتم في حزم يهبّ ُ على قلبه،نسيمُ الثبات ورغبة المواصلة ،ونشوة العطاء.مستذكرا في لهفة غريبة:
ونشوة وحشية تعانق السماء
كنشوة الطفل إذا خاف من القمر...؟؟؟
ولكن...؟؟!ولكن في وقتنا الحاضر لدى الناس نشوة وحشية لا تعشق الحياة.والطفل ما عاد يخاف من القمر،بل يخاف صوت أمه التي ودّعتْ أباه يوم تلقفه الموت في ساحة المفخخات.أيّ قمر ..؟أيّ نشوة...؟(ترهقه الأفكار المتخمة بالتساؤلات ..كوابيسه /أحاسيسه/غوره اللاشعوري العميق ) يتمتم :
لا عليّ ..فانا يجب أن أكمل قصيدتي عن المطر:
كأن طفلا بات يهذي قبل أن ينام
بأن أمه التي أفاق منذ عام
فلم يجدها...؟ثم لج بالسؤال
قالوا له بعد غد تعود
توقف الساهر عن التأمل ثم استفاق على صفعة صوت الطفل الذي أضاع أمه،ما أشبه طفل السياب اليتيم بالعراق ،والخداع/والتضليل/والتراقص بالمواويل الفارغة في زمن الضياع. ما مر عام والعراق ليس فيه جوع... ليس فيه موت /نفاق /وعربدة للسائرين في أزقة الخراب....!! تلاشت أحلامه برسم لوحة كلوحة سياب المطر،فتراجع خطوة إلى الوراء متأملا أوراقه/عراقه/ترابه...المسلوب تحت جفن الظلام.تسأله طفلة ٌ تفترش أحلامه، بعينين يملئ بؤبؤيهما الفضول.مستنفراً فتات أحاسيسه الهاربة تحت جنح الدياجير،فلا يرجع إليه سوى حصان أعمى ...وسيف مغمى عليه في زحمة التنهدات. الفجر كفكفَ ادمعَ السماء،والظلام حزم آخر حقيبة له،والساهرُ قابع بين الحيرة وأنثيال النعاس.هل يا ترى... عجزت يده عن رسم لوحة كانت اقرب إليه منه...؟،والخيالات ركلته كقارورة عطر فارغة...؟،هل يفنى في منفاه الجديد ..؟ويسافر قسرا إلى مجرة التناسي...؟؟؟هل ...؟هل..؟هل..؟ياااااااه ...ما أقساها من تساؤلات،والوطن يئن في طرقات الضياع،يبكي على خبز دافئ... يهديه له كفٌ حنون،ويرتجل قصائدا ً تتآمرُ على قتلها الكلماتُ.

.هطلت أمطارُ أحداقه يرشفها خدّ ٌ شاحب، ثم استدار ليقع فريسة للنعاس ،فلم يجد ادفأ من أوراقه المتلهفة للعناق. غط في نومه كالمشتاق ،تراءت له صور وذكريات،ترانيم /كلمات/ شعور ناعس كالفجر.تراءى له صدفة في غياهب ألا شعور..السياب يحمل معه المطر وحبيبته التي ما مات في عينيها النخيل والسحر..قال له الساهر:أين أنت ياسياب العراق ..؟أين
المطر...؟وأين الحب والربيع والشجر أسعفه السياب يغمره حزنه المتأرجح في أغصان قصائده:نم أيها الساهر فسماء العراق جف ثديها،ونخيل البساتين غادر صدر حبيبته القديمة،نم أيها الساهر عله في يوم جديد آتي إلى العراق من منفاي البعيد ،حاملا بين جوانحي قصائدي والمطر،علّني أعود فلا يرجع الصدى كأنه النشيج،علّني ....علّني



#انمار_رحمة_الله (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قصة قصيرة / قتلت عصفورا مرتين


المزيد.....




- طهران تحت النار: كيف تحولت المساحات الرقمية إلى ملاجئ لشباب ...
- يونس عتبان.. الاستعانة بالتخيل المستقبلي علاج وتمرين صحي للف ...
- في رحاب قلعة أربيل.. قصة 73 عاما من حفظ الأصالة الموسيقية في ...
- -فيلة صغيرة في بيت كبير- لنور أبو فرّاج: تصنيف خادع لنص جميل ...
- باللغة الفارسية.. شيخ الأزهر يدين استمرار الغارات الإسرائيلي ...
- “اخر كـلام “موعد عرض مسلسل المؤسس عثمان 195 الموسم السابع في ...
- فيلم -المخطط الفينيقي-.. كم تدفع لتصبح غنيا؟
- حرارة الأحداث.. حين يصبح الصيف بطلا صامتا في الأفلام
- -بردة النبي- رحلة كتاب روائي في عقل إيران الثورة
- تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك 2025 بتحديثه الجديد على النايل ...


المزيد.....

- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - انمار رحمة الله - الساهر