أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - محمد جهاد - وزيرٌ لحقوق الانسان ألعراقي أم ببغاء؟














المزيد.....

وزيرٌ لحقوق الانسان ألعراقي أم ببغاء؟


محمد جهاد

الحوار المتمدن-العدد: 874 - 2004 / 6 / 24 - 06:55
المحور: اخر الاخبار, المقالات والبيانات
    


كان لابد ان اكون هناك بحدود السابعة مساءاً حيث تسكن صاحبة المعرض الرقيقة هي وخليط الابناء الذين حوتهم من ازواجٍ او اصدقاء او مِن مَنْ رفضهم ذويهم لأسباب تتعلق بفرط تناول الكحول و المهيمنات اومن تأثير ظاهرة التصحر الوراثية ولا بأس في عملها هذا فهي الغريزة اولاً ومصدر الرزق ثانياً واجرٌ عند الله ما بعده اجر. وصلت الدار الجميلة بصاحبته الجميلة حسب الموعد ألمعلن في احدى ضواحي مدينتنا المتوسطة الزحام حيث كانت هي ورجل في سبعينيات العمر وامراءة تخطت الستين يحيطون بالمنضدة الخشبية المتألقة ببريق طلاءها الزجاجي وصحون لم ارى بحجمها من قبل تعجُّ بقطع اللحم المتنوعة والخضروات الغير موسمية متعددة الالوان والتي بدت هي الاخرى كلوحة جميلة من فرط ترتيبها. كدت انسى سبب وجودي هناك من هول جمال واناقة البيت ولكن الذاكرة الباسلة اسعفتني كالبرق لتقول لي انت هنا لمشاهدة لوحات الرسم إلا أنَّ هاجساً من الغيب صرخ بي " اخلع نعليك اولاً فأنك في بيت جديد و ارض الدار خشب مصقول و مدهونٌ مدهونٌ مدهونٌ مدهونْ". حمدت الله لأن جواربي كانت سليمة خلاف المعتاد فخلعت الحذاء و تقدمت متباهياً بجواربي الغير مثقوبة وكأنني اسير فوق سطح الماء، أين هي اللوحات وصديقنا الرسام اين من اعرفهم ومن هولاء؟ هذه امي و ما أوقر الشكل والهندام وهذا فلان صديقنا القديم القديم طبيب الأسنان، تتساوى في الذاكرة كلاب صيد حكام الدول النائمة واطباء الاسنان عند مناجاتنا عظامنا. بحذر شديد اخذت موقعا على تلك المائدة الشهية موزعا ابتساماتي لهم حتى شعرت بالم في أطراف فكي لأنني لم ابتسم منذ عصور وتركت الحرية لاناملي كي تنام على صفاء الخشب الابيض المنتحر صقلاً ودون وعيّ ركبت احدى القدمين فوق الاخرى تحسباً من احتمال وجود ثقب في احدى الجوارب لم الحظه ثم صمتّ وصمتت كل المخلوقات معي. مزق السكون بعد قليل صوت الببغاء الاشعث وهو ينادينا بسخريته المعروفة وكأنه يقول هيا تكلموا اصرخوا ايها الكبار من بني البشر اسياد كل الخلق وقولوا شيئا ايها الحمقى هل تركتم عملاً قبيحا لم تفعلونه؟ تكلموا فكل ما ستبوحون به مبرر فالأعلام المدفوع والتجويع المبرمج زائداً فائض القيمة كفيلٌ في طمس جرائمكم لكن كلبا مستتراً سبقنا وبين له بصرخة مدوية بان ما تحدث به خارج حدود صلاحياته. لحظات حتى صمت الاثنان بهمسة من سيدة الدار اليافعة التي حجب جمالها وتألقها ملاحظة قصر فستانها الذي لم يعد يستر شيئاً يستحق الذكر. مررت مرور الكرام باللوحات المستلقية على جدار الطابق الارضي وهي صامتة في العتمة كأنها فارسٌ اضاع في النائبات فرسه او شهرزاد تنتظر من يوقضها في صباح الليلة الالف لتحكي الحكاية من البداية. ها هو ملح الفاو يختلط بتلج كندا وسعفُ نخلها المترب يستنجد بالثلج الذي غطى أغصان اشجار السرو التي لا تثمر سوى خشبا وقسوة وغربة وصوراً لبطاقات المحبة البليدة. شبعت عيني من أطيان البصرة و وثلوج كندا وتساوى انين الحنين مع نشوة الشعور بالإنتماء كما يتساوى الحلم مع الحقيقة في ريشة الفنان. بالكاد تحركت شفاه الام التي احتفضت بجمالها ورقتها رغم تجاوزها الستين وتكلمت كي لا نسرف في الاحاديث العابرة عن ارض بابل وسجون ابو غريب واسعار البنزين، تحدثت عن اثاث المطبخ الجديد والطعام المعد و علاقة التربية بالبيئة ثم تطرقت بعد سؤالها الى فن الرسم بانطباعيته وتجريده وشيء عن السريالية و رؤوس اقلام عن التكعيبية وانا مندهش من كل شيء فيها. ببلاهة المحب للحياة تسائلت عن الزمن الذي سيطوي صفحة هذه الانثى يوماً ما وهي التي تستنطق الصخر و تجلي عنه صمته العقائدي ، هل ان خريف العمر يصقل البشر ويسمو بهم في سياق التحضيرات لاطلاق رصاصة الرحمة ام ان بين خريفها وبين انتظار الرصاصة تكمن الماساة. توافد البشر من كل الاجناس والاعمار وانا ارقب السيدة الوقور بطارف عيني وهي ترتب الاشياء وترفع الصحون وكل شيء يتعلق بخدمة الضيوف بكل رقة وحنان والاكثر اثارة هو اسلوبها الفلسفي الراقي في التعبير عن وجهة نظرها... يا للأم ويا للانسانة. اعلنت الساعة منتصف ليل ذلك اليوم رغم الضياء المنتشر في نهايات المدينة البعيدة لتؤكد لنا بان ليلنا قصير فلا موجُ بحرٍ سيرخي سدوله ولا احداً سينيء بكلكل فرحل الجميع بضمنهم انا وتذكرت ان سبب زيارتي الغير معلن هو الخروج من الدار الذي لم اغادره منذ شهور. تعاقبت الاتصالات الهاتفية بعد دقائق قليلة من وصولي الدار من صاحب اللوحات الذي لم يحضر ومن صاحبة الدار حبيبة القلب ابنة الفيلسوفة الرقيقة معتقدا بان ما حصل بينهم قبل ايام من تعكر في العلاقة كان خطا بالترجمة وكان علي ان اصحح الترجمة و اضع النقاط فوق الحروف.
ُوضعتْ النقاط فوق الحروف في اليوم التالي دون الحاجة لترجمتي. لكني استشفيت من حديثي مع الفاتنة صاحبة الدار ان طفولتها لم تكن سعيدة ولولا طبيب الاسنان الذي سامرنا بالأمس لما تمكنت من العثور على أمها بعد فراق ثلاثين عام حيث تخلت عنها وهي لم تتجاوز الاسابيع بعد الولادة لاسباب قد تتعلق بتعدد الأصدقاء ومخاطر الرضاعة الطبيعية وعلى قاعدة العمر لو تدري قصير!!!!.
امعنت القوانين المحلية في حماية الطفولة وحقوق الانسان الى حد لم تحقد السيدة الفاتنة على امها التي تركتها طفلة حتى بلغت الثلاثين لانها وجدت في القوانين والمتابعة النزيهة لتطبيقها العطف والحنان الذي فقدته مع الأم التي انجبتها.
لقد نسيت ان في بلادنا بشراً جديرون بحقوق الانسان عندما استمعت لمن يسمي نفسه وزير حقوق الانسان العراقي وهو يدافع عن جلْد وتنكيل المحتل لأبناء جلدته بمقارنة فعلهم مع ممارسات النظام القمعي المخلوع و المجهول المصير. ولفهم خطاب وزير حقوق الانسان هذا يجب ان نسلم بواحدة من الحقائق التالية على الاقل:
أ- ان سكان بلاد الرافدين ليسوا بشراً
ب- ان وزير حقوق الانسان فيها ليس بشراً
ج- ان الذين يخاطبهم وزير حقوق الانسان ليسو بشراً
د- ان الذين نصبوا الحكومة الحالية هم نفس الذين نصبوا الدكتاتور الضرورة مجهول المصير ولنفس الغرض.
لك الله يا عراق.



#محمد_جهاد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- من منا الحمار؟؟
- ألدانوب ألأزرق وحلم الحكومة العراقية الجديدة
- حجه قدري وشفه صدري
- الحمار والمائدة المستدير
- سعدي يوسف و غصن الاحزان
- ألثريد والبريد
- هل يعتذر النواب؟
- علمونا قبل ان تضربونا
- أشراف منتصف ليل بغداد
- العراقييون و كلاب لندن
- رسالة مفتوحة الى الدكتور خالد السلطاني


المزيد.....




- مصممة على غرار لعبة الأطفال الكلاسيكية.. سيارة تلفت الأنظار ...
- مشهد تاريخي لبحيرات تتشكل وسط كثبان رملية في الإمارات بعد حا ...
- حماس وبايدن وقلب أحمر.. وزير الأمن القومي الإسرائيلي إيتمار ...
- السيسي يحذر من الآثار الكارثية للعمليات الإسرائيلية في رفح
- الخصاونة: موقف مصر والأردن الرافض لتهجير الفلسطينيين ثابت
- بعد 12 يوما من زواجهما.. إندونيسي يكتشف أن زوجته مزورة!
- منتجات غذائية غير متوقعة تحتوي على الكحول!
- السنغال.. إصابة 11 شخصا إثر انحراف طائرة ركاب عن المدرج قبل ...
- نائب أوكراني: الحكومة الأوكرانية تعاني نقصا حادا في الكوادر ...
- السعودية سمحت باستخدام -القوة المميتة- لإخلاء مناطق لمشروع ن ...


المزيد.....

- فيما السلطة مستمرة بإصدار مراسيم عفو وهمية للتخلص من قضية ال ... / المجلس الوطني للحقيقة والعدالة والمصالحة في سورية
- الخيار الوطني الديمقراطي .... طبيعته التاريخية وحدوده النظري ... / صالح ياسر
- نشرة اخبارية العدد 27 / الحزب الشيوعي العراقي
- مبروك عاشور نصر الورفلي : آملين من السلطات الليبية أن تكون ح ... / أحمد سليمان
- السلطات الليبيه تمارس ارهاب الدوله على مواطنيها / بصدد قضية ... / أحمد سليمان
- صرحت مسؤولة القسم الأوربي في ائتلاف السلم والحرية فيوليتا زل ... / أحمد سليمان
- الدولة العربية لا تتغير..ضحايا العنف ..مناشدة اقليم كوردستان ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- المصير المشترك .. لبنان... معارضاً.. عودة التحالف الفرنسي ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- نحو الوضوح....انسحاب الجيش السوري.. زائر غير منتظر ..دعاة ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- جمعية تارودانت الإجتماعية و الثقافية: محنة تماسينت الصامدة م ... / امال الحسين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - محمد جهاد - وزيرٌ لحقوق الانسان ألعراقي أم ببغاء؟