أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - أسامة طلفاح - نحو قراءة معاصرة للخطاب الإسلامي 2















المزيد.....

نحو قراءة معاصرة للخطاب الإسلامي 2


أسامة طلفاح

الحوار المتمدن-العدد: 2877 - 2010 / 1 / 3 - 21:21
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


تمهيد
تحدثت في الجزء الأول "نحو قراءة معاصرة للخطاب الإسلامي" (معنى الإسلام – كل مولود يولد فهو مسلم) عن إشكالية يعيشها العالم الإسلامي اليوم نتيجة تبنيه خطابا لا يتماشى ومقتضيات العصر الراهن، مما أثار إشكالات كثيرة وطرح أسئلة متنوعة حول الإسلام ورسالة الإسلام السمحة التي جاءت عالمية وللناس كافة، وهنا - لا بد أن أشير أن هذا الخطاب موجه بالدرجة الأولى للعالم الآخر لأن البعض منهم انطبعت لديه صورة غير صحيحة عن الإسلام بفعل بعض الجماعات التي حاولت قتل الإسلام في مهده وطرحه في فراغ، وموجه لكثير ممن يتزمتون بأمور غير مبررة، ولكثير ممن وقعوا باختلافات غير مبررة كفل لنا العقل والعلم عناء البحث عنها. ولعل أقرب الأمثلة التي يمكن أن نعاينها هي قضية اختلاف المسلمين في تحديد موعد عيد الفطر مثلاً.

فعلى الرُغم من كل التطوّر العلمي الذي نعيشه، ظل الفقهاء والمسلمون عموما متمسكين بنصّ الحديث النبوي "صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته" وهو تمسّك مردّه التزمت في فهم السنة النبوية، إذ إننا لا زلنا نفهم أن هذا النصّ يحدد حقيقة علمية مطلقة هي أن بداية الشهر الهجري لا تكون إلا مع ظهور الهلال وإمكانية رؤيته بالعين المجردة .
لكن الدراسات العلمية والفلكية تؤكد أن بداية الشهر الهجري تكون لحظة دخول القمر في طور الاقتران – وهي لحظة لا يمكن رؤيتها بالعين المجردة -، ومن ثم فنحن لا زلنا نختلف في تحديد موعد بدايات الشهر الهجري كما يحصل كل عام.
إن الرسول عليه الصلاة والسلام في هذا النص تحديداً، وهو ما أفهمه أنا على الأقل، كان يحدد للمسلمين قبل أكثر من 1400 سنة الطريقة التي تتوافق مع إمكاناتهم لتحديد موعد بداية الشهر، ولا يلزم هذا المسلمين في هذه الأيام اتباع هذه الوسيلة، لكنّ معظم الآراء الفقهية تشترط رؤية الهلال لأنهم فهموا أن الحديث النبوي يحدد حقيقة مطلقة، فيما هو في الحقيقة يبين لمسلمي ذلك الوقت الطريقة الوحيدة التي كانت ممكنة للتعرف على موعد بداية الشهر الهجري، أي أن نصّ الحديث النبوي كان اجتهاداً يتماشى مع وضعية ذلك الزمان، وطالما كفل لنا التطور العلمي وسائل أكثر دقة فإن ما يمنعنا من اتباعها هو فقط التزمت غير المبرر في فهم الأحاديث النبوية وتأويلها على اعتبار أنها تمثل حقائق مطلقة لكل زمان ومكان.
وهنا أقتبس من كتاب الدكتور محمد شحرور "الكتاب والقرآن":
"إن الإجماع بمفهومه الإسلامي الصحيح هو إجماع أكثرية الناس على التشريع المقترح لحالة معينة في زمان ومكان معين، لا الإجماع المطلق الذي لا يحوي بعد الزمان والمكان" وهذا ما يسمى بالإجماع الوهمي وهو الذي يطرحه الآن علماء الدين الإسلام بقولهم "أجمع جمهور العلماء" حيث أن هذا الإجماع ليس أكثر من وهم يطرح على الناس.

لأنهم أخذوا آراء الفقهاء في أماكن مختلفة وأزمنة مختلفة وجمعوها وقالوا هذا هو الإجماع الذي يجب أن يتبعه المسلمون في كل زمان ومكان إلى أن تقوم الساعة، فقتل الإسلام في مهده وتم طرحه في فراغ وفصل عن الحياة بأيديهم ولا يزالون يقاتلون من أجل فصله ويحسبون أنهم يحسنون صنعا، ويظنون أن العالم الآخر هو الذي يريد فصله عن الدولة، علما بأن فصل الإسلام الحقيقي عن الدولة وبالمنظور المطروح في هذا الكتاب فيه استحالة.
ولعل المثير للاستغراب هو أن المتزمتين تجاه نص الحديث النبوي السابق ذاته، يتساهلون تجاه نص قرآني، إذ يقول الله تعالى "وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر" (سورة البقرة الآية 187) فنص الآية الكريمة يحدد لمسلمي ذلك الوقت الطريقة التي تمكنهم من تبيّن موعد الفجر، إذ لا وسيلة لديهم إلا مراقبة أفق السماء للتعرف على طلوع الفجر، لكن نحن لا نتّبع هذه الوسلة حالياً، فنحن لا نخرج لنراقب طلوع الفجر ولنتبين الخيط الأبيض من الأسود في رمضان كي نمسك عن الأكل، لأن العلم قد كفانا عناء ذلك بحسابات دقيقة منظمة !! ولو كنا ملزمين باتباع ما جاء في النصّ القرآني حرفياً كما يفعل معظم الفقهاء مع نص الحديث النبوي لكنا ملزمين بالخروج في كل أيام رمضان لنتبين طلوع الفجر، تماما كما يصرّ المتزمتون في فهم حديث "صوموا لرؤيته" على الخروج لرصد الهلال على الرغم من أن العلم الحديث قادر على إخراجنا من إشكال نعيشه سنوياً، فالرسول صلى الله عليه وسلم كان يحدد وسيلة تتماشى مع إمكانات ذلك الزمن، ونحن لا زلنا نصرّ على اتباعها على الرغم مما طرأ على وسائلنا من تقدم لا يقارن بوسائل المسلمين في ذلك العصر.
وذلك مثال بسيط يوضح لنا ضرورة تبني خطاب اسلامي معاصر، وقد تطرقت بشكل بسيط إلى معنى الإسلام ومفهومه وأركانه وصفاته، وفي هذا الجزء سأتحدث عن الإيمان والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
أولاً:
الإيمان
أما بالنسبة للإيمان، فهو مختلفٌ عن الإسلام معنىً وتفصيلاً ولو كان الأمر خلافاً لذلك لكان القرآن الكريم – حاشاه ذلك – يتضمن حشواً لا مبرر له إذ يرد ذكر المسلمين والمؤمنين مقترنين بما يؤكد أن لهما معنيين مختلفين، فصفة الإيمان أكثر خصوصية من الإسلام للتقرب إلى الله والعمل بما أنزل، ونرى من خلال بعض الآيات القرآنية، أن من شروط المؤمن، الذي يؤمن بالله واليوم الآخر، أن يكون مسلماً أولاً، فلا يجب مصطلح الإيمان بالله واليوم الآخر ولا يصح إلا بالإسلام. فالإيمان بالله واليوم الآخر، يأتي مكملاً للإسلام وبعده، والإيمان أكثر شمولية من الإسلام بالنسبة للتقرب إلى الله سبحانه، والانصياع إلى أوامره، واجتناب نواهيه، بصرف النظر عن الإيمان بالرسالة المحمدية، لكن الإسلام أعم من الإيمان وأكثر شمولية من الإيمان بالنسبة لجميع جوانب الحياة.
وكما أن للإسلام أركاناً، فللإيمان أركان أيضاً، تتجسد بالتصديق بالرسل والرسالات السماوية، والشعائر والشورى والقتال، كما بينها رب العزة سبحانه في القرآن الكريم.
وتلك الأركان عامة، أما الأركان الخاصة التي ارتبطت بأركان الإيمان بمحمد صلى الله عليه وسلم، ورسالة الإسلام التي جاء بها النبي الكريم، تتلخص بـ:
- الإيمان بمحمد صلى الله عليه وسلم و بما أُنزل عليه.
- إقامة الصلاة.
- إيتاء الزكاة.
- صوم رمضان.
- حج البيت.
- القتال في سبيل الله ورفع الظلم عن المظلومين ولا إكراه في الدين.
وهذه الأركان، عدا الصلاة، تشترط الاستطاعة والقدرة على القيام بها، لأن الله سبحانه جعل الدين يسراً، ولأن الله سبحانه لا يكلف نفساً إلا وسعها.


ثانياً:
الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر
يبدو بالظاهر أن كلمتي "أمر ونهي"، كلمات منفردات، مستبدات، لا بُدّ لمن أُمِرَ، أن يطيع، ولمن نُهيَ عن أمرٍ أن يطيع أيضاً، وهكذا فسرها كثير من العلماء الأجلاء على مرّ العصور، وفهمها كثير من البشر أيضاً، لكن المطلع على تأريخ البشرية منذ آدم عليه السلام، ولغاية اللحظة، يرى غير ذلك تماماً، مروراً بالمواضع التي وردت بها كل من " أمر ونهي" على حدٍ سواء، بحيث جعل الله لكل إنسان الحق في اختيار ما أُمر به وما نُهيَ عنه، وأن كل من الأمر والنهي جاءتا للتنبيه والتذكير حول فعل ذلك الأمر أو اجتناب ذلك النهي، لما لفعله أو تركه من عقوبة أو تكريم في الدنيا والآخرة.
ويبدو أن من يدعي تطبيق الشريعة الإسلامية كما جاءت في القرآن الكريم، لم يدرك معنى أن الدين الإسلامي دين شامل لكل زمان ومكان، وأنه يتماشى مع العصر ومجرياته، وأن مفهوم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر مفهوم محدد وملزم، ليس به من المرونة شيء، وهذا بحد ذاته مخالف لما جاء به الله سبحانه وتعالى في القرآن الكريم، بحث جعل للإنسان أحقية الاختيار، لما يدركه عقله من الأعمال والأقوال والأفعال، بشأن ما يرتبط بتلك الأعمال من مفاهيم تندرج تحت المعروف أو المنكر.
فقد فسر كثير من الناس الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من خلال ارتكاب كثير من الأخطاء، حتى وصلت الأخطاء إلى جرائم بحق البشرية والإنسانية لا تغتفر، وربط كل من أولئك، أفعالهم من جانب فهمهم الخاطئ لمعنى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وهو على خلاف ما جاء به الإسلام، ويكفي قوله تعالى للنبي الكريم (ولو كنت فظاً غليظ القلب لانفضوا من حولك)، وآيات أخرى كثيرات تحث على سجية الرسالة السماوية السمحة، والتعامل الكريم والخلق في كل الأفعال والأقوال.
فقد وقع لبس كبير في ربط الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، بالتحريم والتجريم، فوقع كل من فعل الأمر وفعل النهي على الناس، بأسلوب في معظمه لا يمت للأمر والنهي بصلة.
لذلك، يجب علينا أن نخرج بقراءة جديدة معاصرة في الخطاب الإسلامي، وخصوصاً بشأن الأمر والنهي...
يتبع حول الفكر الاستئصالي في الاسلامي السياسي





#أسامة_طلفاح (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- فشل الدبلوماسية العربية
- ثورة التغيير
- - كول و هولوكوست- غزة


المزيد.....




- “عيد مجيد سعيد” .. موعد عيد القيامة 2024 ومظاهر احتفال المسي ...
- شاهد..المستوطنين يقتحمون الأقصى في ثالث أيام عيد -الفصح اليه ...
- الأردن يدين سماح شرطة الاحتلال الإسرائيلي للمستوطنين باقتحام ...
- طلاب يهود بجامعة كولومبيا: مظاهرات دعم فلسطين ليست معادية لل ...
- مصادر فلسطينية: أكثر من 900 مستعمر اقتحموا المسجد الأقصى في ...
- مئات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى تحت حراسة إسرائيلية مش ...
- سيبدأ تطبيقه اليوم.. الإفتاء المصرية تحسم الجدل حول التوقيت ...
- مئات المستوطنين يقتحمون باحات الأقصى في ثالث أيام عيد الفصح ...
- أوكرانيا: السلطات تتهم رجل دين رفيع المستوى بالتجسس لصالح مو ...
- “خليهم يتعلموا ويغنوا ” نزل تردد قناة طيور الجنة للأطفال وأم ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - أسامة طلفاح - نحو قراءة معاصرة للخطاب الإسلامي 2