أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سولاف هلال - لصوص من نوع آخر














المزيد.....

لصوص من نوع آخر


سولاف هلال

الحوار المتمدن-العدد: 2873 - 2009 / 12 / 30 - 08:57
المحور: الادب والفن
    



الليل فارس ملفع بالعتمة والصمت والانتظار ، وهو هارب لائذ بجنح هذا الفارس .
نفسه كتلة من حزن ، وأفكاره حلقات مسننة لاتنفك تضغط على رأسه المثقل بالهموم فتأتي على ما تبقى لديه من صبر واحتمال .
سنواته الماضية محض سراب وأيامه القادمة كابوس مفزع فهو يجهل ما سيؤول اليه حاله في الغد أو بعد غد .
سنوات الحرب والجوع التهمت كل ما يملك وتركته كيانا متآكلا بلا مأوى تطارده لعنة الماضي والحاضر معا .
بالأمس افتعل مشكلة ليبيت في أحضان أحد السجون ، فلقد سئم وجوه أصدقائه التي تنطوي على ضيق كلما حل مساء جديد ،والليلة يتملكه شعور بالعجز .. باللاجدوى فما من وسيلة تنقذ بقاياه الهزيلة من هذا الضياع .
منذ أوائل الليل وهو في سباق مع الزمن ، فثمة هاجس يدفعه ليجوب شوارع بغداد المحببة إلى نفسه ، إنه يسابق الليل ، فمن منهما سيرحل أولا ؟
اخترق شارع الرشيد .. عرج على شارع المتنبي ، عند ناصيته توقف ، مادا بصره إلى أبعد نقطة هناك ، ارتسمت على شفتيه ابتسامة ساخرة وهو يتذكر كلمات بيتين شعريين من إحدى قصائد المتنبي.
وكلما لقي الدينار صاحبه في ملكه افترقا من قبل يصطحبا
مال كأن غراب البين يرقبه فكلما قيل هذا مجتد نعبا
استأنف المسير رغم التعب الذي حل في جسده، لم يتوقف لحظة عن السير أو التفكير.
إستعرض حياته .. حياته كلها ، إنها تاريخ حافل بالحروب ، هل أبقت تلك الحروب على شىء ؟هل هنالك أمل في أن يستعيد إنسان هذه الأرض أمنه واستقراره ؟ هو لايدري، لكنه يعرف تماما بأن العشرات من الضحايا يتربصون بالموت ، علهم يجدون فيه الراحة بعد عذاب .
تبددت العتمة المهيمنة على المكان الذي يحتويه بعد أن اخترقها شعاع أفقده القدرة على الرؤية ، تابع السير دون أن يلتفت صوب السيارة التي توقفت على مقربة منه.
أحس بخطوات تلاحقه .. ارتاب .. تلكأ ، لعل الأمر يعنيه ، وفي حركة مباغتة انقض عليه رجلان أدخلاه السيارة عنوة .
لم يكن هنالك مايدعو إلى العنف ، فهو لم يقاوم ، وظل مطرقا ، فليس لديه ما يخشى عليه ، لأنه لم يجن من هذه الدنيا إلا الهباء ، ولا يملك فيها سوى ثيابه التي يرتديها ، لقد باع كل شىء ، باع أثاث بيته .. كتبه .. أدوات مطبخه ، حتى ثيابه باعها من أجل لقمة عيش لاتسمن ولا تغني من جوع .
سيارة فخمة وثلاثة رجال، لا أحد بإمكانه أن يخمن أي نوع من الرجال هم ، حتى هو لم يشغل نفسه في التفكير في نواياهم ، أو من يكونون ، وما لبث أن نام بعد أن سرى مفعول المخدر في جسده المكدود .
في الصباح كان الفارس الملفع بالعتمة والصمت والانتظار قد ولى هاربا من جحافل النهار ، فيما لاذ الهارب بالراحة الأبدية .
ماذا تبقى له من حطام دنياه غير هذا الجسد المنهك وها هو قد سرق هو الآخر ،حيث ألقى به الرجال في أحد الأماكن النائية بعد أن سرقوا كليتيه .
لابأس .. فها هو قد وصل إلى غايته ، لكنه رحل دون أن يعلم بأنه مازال يملك مايسرق وأن الحروب قد أفرزت لصوصا من نوع آخر








ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أحبها بجنون


المزيد.....




- -ميتا- تعتذر عن ترجمة آلية خاطئة أعلنت وفاة مسؤول هندي
- في قرار مفاجئ.. وزارة الزراعة الأمريكية تفصل 70 باحثًا أجنبي ...
- -بعد 28 عاما-.. عودة سينمائية مختلفة إلى عالم الزومبي
- لنظام الخمس سنوات والثلاث سنوات .. أعرف الآن تنسيق الدبلومات ...
- قصص -جبل الجليد- تناقش الهوية والاغتراب في مواجهة الخسارات
- اكتشاف أقدم مستوطنة بشرية على بحيرة أوروبية في ألبانيا
- الصيف في السينما.. عندما يصبح الحر بطلا خفيا في الأحداث
- الاكشن بوضوح .. فيلم روكي الغلابة بقصة جديدة لدنيا سمير غانم ...
- رحلة عبر التشظي والخراب.. هزاع البراري يروي مأساة الشرق الأو ...
- قبل أيام من انطلاقه.. حريق هائل يدمر المسرح الرئيسي لمهرجان ...


المزيد.....

- يوميات رجل مهزوم - عما يشبه الشعر - رواية شعرية مكثفة - ج1-ط ... / السيد حافظ
- . السيد حافظيوميات رجل مهزوم عما يشبه الشعر رواية شعرية مك ... / السيد حافظ
- ملامح أدب الحداثة في ديوان - أكون لك سنونوة- / ريتا عودة
- رواية الخروبة في ندوة اليوم السابع / رشيد عبد الرحمن النجاب
- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سولاف هلال - لصوص من نوع آخر