أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - طلال ابو شاويش - قصص قصيرة














المزيد.....

قصص قصيرة


طلال ابو شاويش

الحوار المتمدن-العدد: 2870 - 2009 / 12 / 27 - 19:18
المحور: الادب والفن
    


بطاقة إعاشة

لم تثرك هيئته الرثة ... فلطالما رأيته قاصاً شعره بصورة غريبة لا تناسب رجلاً يهم لإنهاء عقده الرابع ... ولطالما استهجنت ملابسه و أحذيته الغريبة و السوار الفضي الغليظ الذي يحيط بمعصمه ... ما أثارك وولد في نفسك حزناً هائلاً هي الطريقة التي تحدث بها إليك!
أشرت إليه بيديك محيياً ، فرد التحية بنظرة بلهاء ... اقتربت منه أكتر ، و حدقت في وجهه متسائلاً ... أخرج راديو صغير من جيب سترته و طلب منك الاقتراب لسماع الأخبار و أضاف بجدية مقنعة :
_ سيأتي الأمريكان إلى هنا بعد تحرير العراق !
شعرت بالإختناق وواصلت التحديق في وجهه ...
_ اتصل بي " بوش " عبر هذا الجهاز و أخبرني بأنه سيأتي على رأس جيشه إلى هنا !
وارتبكت أكثر حينما تجمع عدد من الصبية ، و بدأوا يسألونه عن ضحايا الحرب العراقية _ الأمريكية ... أجابهم بهدوء أول الأمر ، ثم طلب منهم الابتعاد و بعصبية بدأ يلقي عليهم الحجارة!
" لعلها الصدمة التي تنجم عن الهزائم القاسية ! " فكرت و أنت تستعيد تفاصيل علاقتك به ... عشق السلاح أكثر من النساء ... لم يكتف باقتنائه أو استخدامه ، بل نزع إلى محاولة تصنيعه حتى أتقنه ... لم يتحزب مطلقاً ... أحب الجميع فأحبوه ... قدم خدمات جليلة لمختلف الأحزاب و الحركات الفاعلة في المخيم... كان يفعل أكثر مما يتكلم ... اعتقل عدة مرات ... لكنه حمل صمته إلى الزنازين ، و مع كل اعتقال كان يخرج مضيفاً المزيد من علامات الاستفهام حول صمته الكثيف !
و حلّت الهزيمة ... واختلفت لغة الناس ... و قرر أن يبتعد عن الجميع ... ترفع عن كل شيء ... لم يكن مقتنعاً بأن زمن الحصاد قد حلّ بالفعل ... لازمته إبتسامة سخرية رافقها حزن عميق في عينيه ... و تقلصت علاقاته بمن حوله تدريجياً رافضاً تقديم أي تنازل ... ثم قرر الإعتزال !
اقتحمت عزلته ... أردت لتفكيره أن يكون أكثر واقعية ، فسحقك بنظرة سخرية لاذعة اضطرتك للتوقف عن المحاولة فوراً ...
أحد الأصدقاء ألقى بقطعة سلاح أمامه و طلب منه فحصها و تقدير ثمنها ... نظر إليها بلهفة أول الأمر كطفل صغير ألقيت أمامه لعبة جديدة ... لكن ذعراً مفاجأً كسى وجهه و جعله يرتد بسرعة غريبة ... أمر الصديق برفعها من أمامه مدعياً بأنه هجر هذه " الشغلة الزفت " منذ أمد بعيد !
سنوات طويلة مرت قبل أن تراه على هذه الصورة الرثة ... كيف مر كل هذا الزمن دون أن تراه ؟ ولماذا ؟ لا تدري ! قررت أن تغوص في حياته ... أن تقتحم عزلته لعلك تفهم شيئاً ما ... تهرب منك و سمعته يقول لابنه صارخاً :
_ قل له إنني غير موجود !
لم تغضب و قدرت أن ظروفاً قاهرة تعصف بحياته ...
صدفة _ و كما تحدث معظم الأشياء الخطيرة _ رأيته أمام مركز التموين التابع لوكالة الغوث في المخيم ... كان يقرفص فوق عدداً من أكياس الدقيق التي تمنحها الوكالة للأسر المستورة كل ثلاثة أشهر ... وجوه أطفاله الأربعة تطفح بالفرح و هم يعبثون بأكياس الدقيق و بأكياس أخرى تحوي بعض السكر والأرز و عدداً من علب السردين!
و رآك ... دمعة صغيرة انزلقت بسرعة و اختفت في شعيرات لحيته الكثيفة ... تأمل أطفاله و رمقك بنظرة سريعة ثم أطرق من جديد ... و بدأت تفهم !

* * *



#طلال_ابو_شاويش (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ام الفقراء في عيدهاالثاني و الاربعين


المزيد.....




- 6 أفلام ممتعة لمشاهدة عائلية فى عيد الأضحى
- فنانة مصرية مشهورة تؤدي مناسك الحج على كرسي متحرك
- قصة الحملات البريطانية ضد القواسم في الخليج
- أفراح وأتراح رحلة الحج المصرية بالقرن الـ19 كما دونها الرحال ...
- بسام كوسا يبوح لـRT بما يحزنه في سوريا اليوم ويرد على من خون ...
- السعودية تعلن ترجمة خطبة عرفة لـ20 لغة عالمية والوصول لـ621 ...
- ما نصيب الإعلام الأمازيغي من دسترة اللغة الأمازيغية في المغر ...
- أمسية ثقافية عن العلاّمة حسين علي محفوظ
- ثبتها الآن.. تردد قناة روتانا سينما 2024 على نايل سات واستمت ...
- عروض لأفلام سوفيتية وروسية في بوينس آيرس


المزيد.....

- تمثلات التجريب في المسرح العربي : السيد حافظ أنموذجاً / عبدالستار عبد ثابت البيضاني
- الصراع الدرامى فى مسرح السيد حافظ التجريبى مسرحية بوابة الم ... / محمد السيد عبدالعاطي دحريجة
- سأُحاولُكِ مرَّة أُخرى/ ديوان / ريتا عودة
- أنا جنونُكَ--- مجموعة قصصيّة / ريتا عودة
- صحيفة -روسيا الأدبية- تنشر بحث: -بوشكين العربي- باللغة الروس ... / شاهر أحمد نصر
- حكايات أحفادي- قصص قصيرة جدا / السيد حافظ
- غرائبية العتبات النصية في مسرواية "حتى يطمئن قلبي": السيد حا ... / مروة محمد أبواليزيد
- أبسن: الحداثة .. الجماليات .. الشخصيات النسائية / رضا الظاهر
- السلام على محمود درويش " شعر" / محمود شاهين
- صغار لكن.. / سليمان جبران


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - طلال ابو شاويش - قصص قصيرة