أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - هوشنك بروكا - الحريري بين لبنانَين















المزيد.....

الحريري بين لبنانَين


هوشنك بروكا

الحوار المتمدن-العدد: 2868 - 2009 / 12 / 25 - 16:14
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


في مؤتمره الصحفي المنعقد في السفارة اللبنانية بدمشق بعد ثلاث جولات من المباحثات(التي وُصفت بالشخصية والودية والبنّاءة والمثمرة) مع الرئيس السوري بشار الأسد، وصف رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري نفسه، أكثر من مرة، بأنه رئيس حكومة كل لبنان لكل اللبنانيين‏، وهو ما يعني بأنه يريد أن يُنظر إلى زيارته "التاريخية" لدمشق، بعد حوالي خمس سنوات من القطيعة الكاملة، بإعتباره "رئيساً كبيراً للبنان الحاضر الأكبر"(الحريري الرئيس)، لا بإعتباره "أبناً لرئيس لبنان الماضي"(الحريري الإبن).

وعلى الرغم من أنّ الزيارة وُصِفت ب"الشخصية" أولاً وآخراً، لكسر الجليد الكثير بين الحريري الإبن والأسد، الذي كان على مدى السنوات السابقة موضع شك لدى الكثير من اللبنانيين، ل"تورط" نظامه المحتمل(أو المفترض) في حادثة اغتيال رفيق الحريري في فبراير ‏2005، ولكن، والحق يُقال، يمكن قراءة هذه الزيارة الرمزية جداً، وتحليلها على أكثر من مستوى وصعيد، بأنها "زيارة عاقلة جداً"، انتصر فيها الحريري لعقله، كعقل رئيس لكل لبنان، ضد قلبه، بإعتباره بعضاً من قلب رئيسٍ للبنانٍ، سقط شهيداً ومضى.

أنها زيارة "العقل الراهن للبنان"، المتجاوز ل"قلب لبنان الماضي"، و"دمه القتيل الشهيد الماضي"، و"عواطفه الماضية".

هي زيارة تاريخية عاقلة، ل"لبنان العاقل" إذن، لأجل تجاوز ما مضى من "لبنان الغضب": لبنان الأرز الغاضب، والدم الغاضب، والشهداء الغاضبين، والحريري الغاضب، و14 آذار الغاضبة.

والحال، فإنّ العقل، بحسب الكثير من المراقبين والمحللين، كان عنوان الزيارة الراهنة للحريري إلى دمشق.

ولكن في الضفة الأخرى من العقل، حيث "دمشق الأسد"، ليس بخافٍ على أحد، بأن الزيارة على مستوى الكثير المسؤول هناك، لم تفسّر(سواء خفيةً أو علناً) على أنها "نصر للحقيقة السورية الخالدة"، وبالتالي تأكيداً ل"صحيح دمشق"، و"سياستها الصحيحة" في لبنان وحواليها، فحسب، وأنما جاءت أيضاً في كونها "زيارةً عاقلة" أولاً، ل"تصحيح العقل في لبنان"، و"زيارةً تاريخية" ثانياً، ل"تصحيح" التاريخ في لبنان، ومن ثم إعادته إلى صحيحه، سورياً(التاريخ السوري الصحيح)، بعدما خرج عنه الحريري وفريقه، طيلة السنوات الخمس الماضية.

في هذه الزيارة، التي تُرجمت عربياً ودولياً، بأنها من العقل إلى العقل، نسى أو تناسى الكثيرون، بأن لبناناً آخر لايزال يلتهب في لاهاي، كالجمر تحت رماد السياسة.

هؤلاء نسَوا، عقلئذٍ، بقصد أو بدونه، أنّ عقلاً آخر، لأجل "لبنان آخر"(لبنان الحقيقة التي أعلنها الحريري مع فريقه يوماً: الحقيقة لكل اللبنانيين، لبنان الحقيقة الحريرية "الغائبة")، نسوا أن عقلاً موازياً لعقل هذه الزيارة(هو الآن، بحكم "القانون الأعلى"، عقلٌ فوق لبنان وسوريا على أية حال)، برئاسة دانيال بلمار، المحقق الدولي والمدعي العام في قضية اغتيال رئيس الوزراء اللبناني الأسبق، رفيق الحريري، قال في افتتاح أعمال المحكمة الدولية الخاصة بالقضية، ب لاهاي(31.03.09)، بلهجة المحقق الواثق: "أن المحكمة ستلاحق الحقيقة أينما كانت"، وأنّ "لديه حس معين بالنسبة للتحقيق والجهة المسؤولة عن الاغتيال، غير أن من واجبه عدم الكشف عن ذلك. أما بالنسبة لحصانة رؤساء الدول، فلا وجود لذلك في النظام الداخلي، وعندما يصل مع طاقمه إلى هذا الأمر - إذا وصلوا - فستنظر المحكمة بذلك."

الجدير ذكره، أن القضاء السوري كان قد أصدر، قبيل زيارة الحريري لدمشق، مذكرات استجواب بحق عدد من كبار المسؤولين اللبنانيين الحاليين والسابقين، إلى جانب عدد من القضاة والضباط والصحفيين والناشطين السياسيين، إضافة إلى القاضي الألماني ديتليف ميليس(المعروف بلقب صياد الإرهابيين) الرئيس الأسبق للجنة التحقيق الدولية، ومساعده الألماني غيرهارد ليمان، وذلك على خلفية اتهامهم بتقديم "شهادات زور" في قضية الحريري.

مذكّرات دمشق السياسية هذه، الملتحفة بعباءة "قضائية"، ترجمت على مستوى البعض اللبناني المسؤول، بأنها "مؤشر سيء لرسالة سيئة"، لأنها أرادت بذلك، "قتل" قضية الحريري الأب، بزيارة الحريري الإبن، والبرهان بالتالي للبنان والعالم، بأنها "قضية زور"، مصنوعة أو مفبركة من "شهادات زور"، لا حقيقة فيها.

لايُنكر أن الحريري ذهب إلى العقل، هذه المرة، في ذهابه كرئيس وزراء لكل لبنان إلى دمشق، بدلاً من الذهاب طيلة السنوات الخمس الماضية، إلى لبنان دمه، أو "حقيقة" دمه، التي طالما أعلنها، بأنها "حقيقة كل لبنان وكل اللبنانيين"، ولا يُنكر أيضاً بأنه أراد بهذه الزيارة الرمزية، الإنتصار ل"لبنان العقل الحاضر"، بدلاً من الإنجرار إلى ثارات "لبنان العقل الماضي"، ولكن يبقى السؤال بين لبنان الآن، ولبنان الدم الماضي، الذي لا يزال واقفاً؛ لبنان دم الحريري الذي كان، مطروحاً:
تُرى هل سيكسب الحريري، الرهان بين لبنانَين(لبنانٌ عاقل هناك في دمشق، يحاور الآن سوريا، ولبنانٌ هنا في لاهاي، ركب دمه واشتكى على سوريا)، بأن ينتصر لكل لبنان في عقل أبيه، أم أنه سينتصر لدم أبيه في بعض لبنان؟

هل الحريري، "داس" على دمه، كما يقول المثل، ليقوم عليه كل لبنان، أم أنه ارتكب سياسةً عاقلةً، للخروج من "ورطة" الدم بالعقل، خصوصاً بعد تسليمه "حقيقة" دم أبيه، لعقل محكمة لاهاي الأعلى، الذي لا حصانة في قانونه "العالي" لأحد، أياً كان هذا ال"أحد"؟

هل سيدير الحريري في دمشق، ظهره ل"لاهاي" مثلاً، حيث عقلها "العالي" هنا، لا يزال يبحث عن حقيقة لبنان المقتول في دم أبيه، أم أنه سيظل مشطوراً إلى نصفين: نصفٌ هناك في دمشق ينتصر للبنان السياسة، ونصفٌ آخر هنا في لاهاي يريد الإنتصار للبنان الدم الشهيد؟

هل حضور الحريري بإعتباره رئيساً يمثل كل لبنان، في قلب دمشق، يعني توقيعاً أكيداً على بياضٍ أكيد، ببراءة سوريا النظام من دم أبيه، كبراءة الذئب من دم يوسف، أم أنه زار دمشق زيارةً رمزية، كسياسي براجماتي، مراوغ، ليقول للبنانَيه: "لدمشق دين ول لاهاي دين"؟

هل قرأ الحريري في دمشق، الفاتحة الأخيرة على لبنان أبيه في لاهاي، لينتصر لذاته، في لبنان أكبر، كرئيسٍ أكبر، اختار العقل طريقاً للخروج على دمه، أم أننا سنردد مع القادم من لبنانه الصعب، الذي قد يجلب معه الكثير اللامتوقع الأصعب:
"وللسياسة في خلقها شئون"؟





#هوشنك_بروكا (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تركيا من الإنفتاح إلى الإنغلاق
- العلم السوري قاتلاً ومقتولاً
- القذافي فاتحاً للجنّة
- ما وراء منع المآذن
- نوبل أوباما -الشاعر-
- -فوضى- نوال السعدواي الخلاقة
- أكراد الشمال: بين فرضية الدولة والدولة المفترضة
- سوريا: تقتل العراق وتمشي في جنازته
- جلببة العلم على -سنّة- حماس
- عاشت سوريا -الضرورة-..يسقط لبنان!
- خروج أبطحي على -المخمل-
- ما لن يتغيّر في كردستان!
- كُتاب -التربية الوطنية-
- عندما يصبح الفكر -زبالة-: دفاعاً عن عقل القمني
- سلوك سوريا -الثابت-
- أمريكا المتحوّلة والمسلمون الثابتون
- صدام مات..فيما العراق بسلوكه حيٌّ يرزق
- كردستان الإنتخابات: خرافة تمثيل الأقليات
- مشكلة الموصل: بين مطرقة بغداد وسندان هولير
- موسم الهجرة إلى البرلمان


المزيد.....




- وزير الدفاع الأميركي يجري مباحثات مع نظيره الإسرائيلي
- مدير الـ -سي آي إيه-: -داعش- الجهة الوحيدة المسؤولة عن هجوم ...
- البابا تواضروس الثاني يحذر من مخاطر زواج الأقارب ويتحدث عن إ ...
- كوليبا: لا توجد لدينا خطة بديلة في حال غياب المساعدات الأمري ...
- بعد الفيتو الأمريكي.. الجزائر تعلن أنها ستعود بقوة لطرح العض ...
- السلاح النووي الإيراني.. غموض ومخاوف تعود للواجهة بعد الهجوم ...
- وزير الدفاع الأميركي يحري مباحثات مع نظيره الإسرائيلي
- مدير الاستخبارات الأمريكية يحذر: أوكرانيا قد تضطر إلى الاستس ...
- -حماس-: الولايات المتحدة تؤكد باستخدام -الفيتو- وقوفها ضد شع ...
- دراسة ضخمة: جينات القوة قد تحمي من الأمراض والموت المبكر


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - هوشنك بروكا - الحريري بين لبنانَين