|
هيَ بِوَطنٍ أزْرَق
حسين الحسيني
شاعر وكاتب سياسي من العراق
(Husssein Al Husseini)
الحوار المتمدن-العدد: 2863 - 2009 / 12 / 20 - 12:07
المحور:
الادب والفن
"إلى أصدقائي الزُرق المُلوّنين بحبّ العراق"
صَديقَتي المُسافِرةُ إلى آخِرِ زُرقََةٍ في الزُّجاجات.. حِينَ أفْرَغَها المَلَل و أبَّـنَتْ فُوهاتَها العَناكِب. تَتَقَوقَعُ على لَيلِها المَمْسوسِ بِالصَّبْرِ.. و تَقْتاتُ على مُهَدِّئـاتٍ لا تَلْمَعُ مِثلَ نُجومٍ لَمْلَمَتْها مِن سَماءِ سُومَر! تُـقَبِّـلُ قَبْضَتي كُلَّما لَقَّنَتْ جِنِّيَ صَلَفِها صَفْعَةً.. ليَخْرُجَ مِن عَينِها و يُلْبِسُها نَظّارَةً شَمْسِية ! ********* لكنَّني ما زِلْتُ أؤوِّلُ هَزائِمي لِقَوْسِ قُزَح و أدعو لِلإحتِفاء بِالصَّفَعاتِ كُلَّما نَطَّ لَوْنٌ تَلَفَّعَ بِحُلم ! الفَشَلُ المُقمَّط بالصُدفة المُدمِنة على مُلهّيات العَبث.. سأُرْضِعُه مِن نَهْدٍ ما زالتْ أمانيها المُكابِرةُ تُراهِنُ على صَلابَتِه. سَأمْنَحَهُ إسْمِي و حَتّى اللّقَب، الفَشَلُ المُتَغضِّنُ يُتماً و انتظاراً لِنرجسٍ يُعاقِر صُورته.. الأخُ الأكْبَرِ لِنَكْسَتِي الصَّغِيرة.. أُطْعِمُهُ حَبَّاتِ الكِبْرِياء على صَدري.. ثُمَّ أتْرُكُهُ يَنامُ مُطْمئِناً بِحُضْنِ أُمِّهِ التَّجْربة ! لَنْ أبْتُرَ نُبُوءاتِ أرْجُلِه.. و لا مجَسّاتِ اليأسِ المُرَفْرِفَةِ فَوقَ أسْيِجةِ النَّكَبات، لَنْ أعْصُرَ على رَأسِه لَيمُونَةً .. و أسْمَحَ لِطُقوسِ البَتْرِ أنْ تَطالَ هامَتَه ! *********** صَدِيقَتِي المُسافِرة إلى زُرْقَةٍ… أهْدَيْـتُها لَها في عيدِ انفِلاقِنا الأوَّل. تَطُلُّ على خَيبَتها الأخِيرَة ، فَتَحْضُنُها و تُشارِكُها الفَطورَ و السَّرِير تَمْنَحُها إسْمِي أيضاً، غَير آبِهَةٍ باللَّقَب ! تتمرّد على جدائل البنفسج المظفورة مع ذاكِرَتِها المُرَّةِ. أجلسُ وحيداً بِالتَقابُلِ مَع الكآبةِ تَوْأمِنا السِّيامِيِّ.. أُدلُّـها على طالِعٍ جَديدٍ إستأجَرتُه مِن صَديقي الحِمار و أنْـتُفُ لها حَفْنَةً مِن الرُّموشِ الكحيلة، لِيَكونَ الأخِيرُ أو الذي قَبْـله، هو الدّالُّ على زُرْقةِ سَماءٍ … وَزَّعْنا عَليها رَشْوَةَ الغَيبِ بالتَساوي، حَيْثُ أخَذَت السَّماءُ أرْواحَنا و تَرَكَتْنا مُتَساوِيَينِ بِدونِ زُرْقَة ! ********* صَدِيقَتي المُسافِرَةُ إلى زُرْقَتي هُناكَ .. حِينَ تَرَكَتْنِي جِذْعاً و قَناطِرَ لَذَّةٍ.. إلى شِفاهٍ ابيَّضَتْ مِن اللِّهاثِ بَين الضِّفَّتَينِ، المُسافِرةُ إلى زُرْقَةٍ أُخرَى.. خَلَّـفَها قاطِعانِ سِنْجابِيَّان.. و إغْفاءُ مَصَّةٍ لَمْ يَسْتَفِزّها مُنَـبِّه الرعشَةِ الثالِثة ! سَتَرجِعُ، لِتَسْحَلَ مُؤَخَرَتِها على بِلاطِ سُطوحِ الأربعين.. تَغْفو على رِمالِ التَرقُّـبِ .. و تُغنِّي: (يالنايمة فوك السَطح فَنـگـوحي .... و مْنين أجيبنلج رَجِل يا روحي)*.. بِمَعنى: "أيَّـتُها المُستلقية فَوق السَّطحِ على ظَهرِكِ، مِن أيْنَ آتي لَكِ بِزَوْجٍ أيّـَتُها الرُّوح"؟! هيَ الآن لا تَستَطيع أنْ تَمُطَّ لِساني أو تَسْـتَـنِدَ على كرْشِي الأسْفَنْجِي. أرَادَتْ أنْ تَنْتَقِي فاكِهةَ الحَياةِ فَحسب.. و لا تُفاضِل بَين مَوتٍ أزْرَق و آخَر مُزْرَقّ ! ********** صَدِيقَتي المُسافِرةُ إلى زُرقَةٍ يَطَؤها الغُبارُ بِسادِيَّـةٍ كُلَّ يَوم.. على سَرِيْرٍ مُلَوَّثٍ بِإفْرازاتِنا حِين نُغْدَر ! …بَعيداً عَنْ بُؤبؤ فُحولِ النَخِيلِ … الغُبارُ الشَبِقُ يَمِلُّ مَومسِه الصحراء يُسَكِّرُ الوَطنَ بِحانَةٍ يَدْفعُ أُجْرَتِها سَماسِرةُ المَواخِيرِ اللَّقِيطَة، ليتَعَلَّمَ الشَيخُ كيفَ يَسْعَلُ على كَمّامَةِ الفَقْرِ.. و يُدْمِنَ رائحةِ النَّقْدِ المُرَقَّمِ بأعْدادِ العاهِرات! الوَطَنُ بَعْـلُ بَغداد الدَيُّـوث .. يُدَخِّنُ الحَشِيشَ الوَطَنِيِّ في مِرْحاضِ الغَفْلةِ… و لا "يَهْـتَزّ شارِبُه" لِرَهْـزِ المدافعِ على الرؤى المُتَرَمِّـلة.. و زَغْرَدَةِ الرّصاصِ لافْتِضاضِ بُكاراتِ الغَبَش! ********* صَدِيقَتي المُزْرَقَّةُ بِأُمْنِياتِها السَّمائِيةِ.. تُدَوْزِنُ أوْتارَ الحَنِينِ إلى وَطَنِها الشَّهْرَيارِيِّ.. و لَيالِيهِ المَنْسُوخةِ بِالفَقْدِ، تُدَغْدِغُ ذُكُورَةَ المُسَدَّسِ و تفْرِجُ غُصْنَينِ مِن عَطَشِ القَصَيدَةِ، فَيَلْعَقُ وَطَنُها سَبّابَتِهِ و يَشُمُّ آخِرَ نَكْهَةٍ مِن البارُودِ الحَرِيْمِيِّ، أُخَوْزِقُ وَطَنِي و أشْـتُمُ زُرْقَةَ البَحْرِ ! ******** الوَطَنُ الجَديدُ حَفِيدُ جَدِّي "أبو السُلالاتِ" و جَدَّتِي مِن جِهةِ الأبِ، "أمُّ ألْفِ لَيْلَةٍ و لَيْلَة" يُقَشِّرُ لِصَديقَتي فِخاخَ الحَنينِ، مُنْزَلِقاً كَالأَمْسِ إلى صَدْرِها المُحْبَطِ، يُحَـدِّثُها عَن تارِيخ الفَجْرِ الأزْرَقِ و نَهْرِ هُولاكو الأزْرَقِ.. و تَمْغَةِ "الرَّوْزَخون" الزَرْقاءِ لِهَدْرِ دَمِيَ الأزْرَقِ! يُؤَرْشِفُها مَع أمْسِها الأوَّلِ.. بِالإنْكِسارِ .. يُزَوِّرُ لَها حُلْمَتَينِ مِن العَاجِ، لِيُعَـلِّقَ عَليها السّاسَةُ هَزائِمَهم النَّهِمَة.. المُلْقاةِ فَوق خَرابِنا التارِيخيِّ المُزْرَقِّ حَدَّ التَفَسُّـخِ ! ******* َصدِيقَتي المُسافِرةُ إلى زُرْقَتِها الجَديدَةِ تَسْحَبُ كَفِّيَ إلى حَيثُ أمْنَحُها نَشْوَةَ البَرْق مَمْـزُوجَةً بِلَونِ صَفائِها.. و هَسيسُ الوِلاداتِ المُطَلْسَمَةِ تُبَعْثِرُ سَديمَ المُباغَتَةِ. نَدْخُلُ تَحْتَ عَباءَةٍ زَرْقاء لأُفقٍ كَطَوارِقِيٍّ مُلَثَّم، أفْرُكُ سِيرامِيكَ نَظْرَتي بِبَعْضِ نُبوءاتِ عَجائِزِ الضَوءِ، فَتَزْرَقُّ عُيونُهُم تَطَـلُّعاً لِتوابِيتِ الغَرَقِ المَقْصُورِ عَن بُقَعِ زُرْقَتِهِ.. و تَلْمَعُ فِي عَيْنِي زُرقةٌ من فَنـاراتِ بَغداد ! ******** * من الموروث العراقي
******** *رئيس تحرير "اتجاهات حرة" 19-8- 2009- بلجيكا Hussein Al Husseini [email protected] www.itjahathurra.com
#حسين_الحسيني (هاشتاغ)
Husssein_Al_Husseini#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
فوق أشلاء الثلاثاء تبدأ الجولة الأخيرة من المنازلة الانتخابي
...
-
أصابع تتمرّد على علب الحبر البنفسجي
-
عماد العبادي يموت قرب مقرات حكومة المنطقة الخضراء.. فَلْتسخر
...
-
مِنَصّات البلوار*
-
قصيدة فيسبوكية
-
ضِدّ أو مَع البَعث، شعارات طائفيةٌ مُبطّنة لخوض معركة الانتخ
...
-
مكامن الفتنة الطائفية مازالت مُتّقِدَة تحت رماد إستقرار كاذب
...
المزيد.....
-
طلاب من المغرب يزورون مقر RT العربية في موسكو (صور)
-
لولو في العيد.. تردد قناة وناسة الجديد 2024 وتابع أفضل الأفل
...
-
فيلم -قلباً وقالباً 2- يحطّم الأرقام القياسية في شباك التذاك
...
-
أول تعليق من مصر على مشاركة ممثل مصري في مسلسل إسرائيلي
-
مستقبل السعودية..فنانة تتخيل بصور الذكاء الاصطناعي شكل الممل
...
-
عمرو دياب في ضيافة ميقاتي.. ما كواليس اللقاء؟
-
في عيد الأضحى.. شريف منير -يذبح بطيخة- ليذكر بألوان علم فلسط
...
-
ممثل مصري يشارك في مسلسل مع إسرائيليين.. وتعليق من نقيب المم
...
-
فنانة مصرية تبكي على الهواء في أول لقاء يجمعها بشقيقتها
-
فيلم -Inside Out 2- يتصدر شباك التذاكر في أمريكا الشمالية مح
...
المزيد.....
-
الكتابة المسرحية للأطفال بين الواقع والتجريب أعمال السيد
...
/ الويزة جبابلية
-
تمثلات التجريب في المسرح العربي : السيد حافظ أنموذجاً
/ عبدالستار عبد ثابت البيضاني
-
الصراع الدرامى فى مسرح السيد حافظ التجريبى مسرحية بوابة الم
...
/ محمد السيد عبدالعاطي دحريجة
-
سأُحاولُكِ مرَّة أُخرى/ ديوان
/ ريتا عودة
-
أنا جنونُكَ--- مجموعة قصصيّة
/ ريتا عودة
-
صحيفة -روسيا الأدبية- تنشر بحث: -بوشكين العربي- باللغة الروس
...
/ شاهر أحمد نصر
-
حكايات أحفادي- قصص قصيرة جدا
/ السيد حافظ
-
غرائبية العتبات النصية في مسرواية "حتى يطمئن قلبي": السيد حا
...
/ مروة محمد أبواليزيد
-
أبسن: الحداثة .. الجماليات .. الشخصيات النسائية
/ رضا الظاهر
-
السلام على محمود درويش " شعر"
/ محمود شاهين
المزيد.....
|