أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - رامي الغف - الكيان العنصري















المزيد.....

الكيان العنصري


رامي الغف

الحوار المتمدن-العدد: 2862 - 2009 / 12 / 18 - 23:58
المحور: القضية الفلسطينية
    


يجمع الكثير من رجال الفكر والثقافة والسياسة ومتتبعي أصول وتطور الحركات القومية النهضوية في القرن المنصرم على وجود تباين صارخ بين جميع الحركات التحررية التي خاضت نضالا تحرريا ثوريا من نير الاحتلال والاستبداد، وتلك الحركة الصهيونية وربيبتها إسرائيل لما تمثله من حالة شاذة واستثناء لما يحمله فكرها من عنصرية مقيتة وكراهية بغيضة وحقد دفين واستعداء وتعاليا على كل من هو غير يهودي، وقد كذب الكثير من رجال السياسة والفكر ادعاءات هذه الحركة من إنها ولدت لإنقاذ الأمة اليهودية من بطش الآخرين.
الحركة الصهيونية، ليست عفوية ولا عشوائية، بل هي نتاج لعملية تراكمية لفكر وثقافة تنشئة وتربية وتحريض متواصل، وقد سخرت الدولة العبرية هذا الفكر مسخرة جل اهتمامها وطاقاتها من خلال جهاز التعليم الإسرائيلي، بدا بالبستان ورياض الأطفال وانتهاء بالجامعة مرورا بشتى وسائل الإعلام المرئي والمسموع والمكتوب ليصبح جهاز التعليم الإسرائيلي أهم روافد العنصرية وبث الكراهية العمياء ضد الفلسطينيين والعرب وحتى الديانات والأجناس الأخرى.
وليس بغريب أن تكون ميزانية التربية والتعليم تشكل ثلث الموازنة العامة لحكومة اسرائيل سنويا، وتتصارع مختلف القوى والأحزاب الإسرائيلية من أقصى اليمين إلى اليسار للاحتفاظ بحقيبة والمعارف والثقافة كونها المحدد لثقافة واتجاه الدولة والمجتمع ولنتذكر مقولة وزير المعارف الراحل "زوبلون هامر" زعيم المفدال (وجود دولة اسرائيل مرتبط بذهن الطفل اليهودي).
تعتبر التربية في اسرائيل من أكثر المصادر إفصاحا عن بنية العقل الصهيوني، حيث أن التربية احد الأسس الرئيسية التي ترتكز عليها اسرائيل في بناء أجيالها الناشئة وتشكيل شخصياتهم ليكونوا قادرين على تحقيق الهدف الصهيوني الأول، وهو إقامة وطن قومي صهيوني، وقد أدركت اسرائيل أهمية جهاز التربية والتعليم، واعتبرته من مستلزمات الدفاع الوطن، ولذا فقد جعلت الصهيونية التربية مفصلا من مفاصل بنائها الفكري والأيدلوجي.


وليس أدل على ذلك رؤية "ثيودورهيرتزل" في يومياته، حين اعتبر التربية أسلوبا لتحقيق هدفه هذا، فأشار إلى بعض المواد التي يركز عليها واعتبرها ضرورية منها الأناشيد الوطنية والدين والمسرحيات البطولية، والتاريخ اليهودي القديم وباتت المناهج والكتب المدرسية وسيلة توضع لتحقيق الهدف العام.
وقد حدد قانون التعليم الرسمي الاسرائيلي عام 1952م الاهداف العامة للتربية والتعليم في اسرائيل بتجسيد قيم الثقافة اليهودية، ومحبة الوطن والولاء للدولة والشعب اليهودي، وإقامة حركة تربوية صهيونية واسعة النطاق عبر تعميق الوعي اليهودي وتعليم اللغة العبرية والتأكيد على خصوصية شعب اسرائيل وترسيخا لما تقدم، يوجد داخل الجيش الاسرائيلي فرع خاص يشرف عليه عدد من كبار الضباط، يتولي وضع كتيبات ودراسات توزعها وزارة الجيش الاسرائلية، على مدارس الاطفال لخلق ما تسمية بالروح المعنوية"لشعب الله المختار" مشيرين الى ان المدرسة اليهودية هي المسؤولة عن تنشئة وتنمية وإخراج الاجيال من اليهود المتعصبين، فالمدرسة هي التي تسمم أفكار تلاميذها منذ طفولتهم بتعاليم رجعية تقوم جميعا على فكرة ان اليهود "شعب مختار" موعود بدولة في "ارض الميعاد" وان كل إنسان غير يهودي عدو لليهود"ويقضي الواجب الصهيوني ان"يكرهه اليهودي"وهذا ما كشفة احد المفكرين الصهاينة بقولة"عندما كنت تلميذا في مدرسة هرتسيليا كنا نتفق على كراهية العرب والعمل على إفنائهم، وانه يحاول الان غسل نفسه باستمرار من آثار تلك التربية القذرة".
تسعى التربية والثقافة الصهيونية الرسمية الى ترسيخ مشاعر التعالي القومي والعنصرية ومعاداة العرب، وإنكار حقوق الاخرين، وإخضاع الطالب اليهودي منذ حداثته لبرامج تعليمية تتحكم في عقلة وتوجه نحو تحقيق الاهداف الصهيونية، فتشارك كل المؤسسات السياسية والعسكرية والإعلامية والتعليمية الرسمية متضافرة كلها لتدعيم السياسة التربوية، وتلقين الطالب اليهودي بصورة مباشرة أيدلوجية محددة لا خيار لها سواها، تدفعه لاعتناقها والإيمان بها تحت شعارات تعميق الوعي اليهودي والصهيوني ولا تتورع عن استغلال شعارات"التهديد العربي بالقضاء على اسرائيل والبقاء القومي، ومصير الشعب اليهودي لخلق شعور بالعداء ضد العرب ومن الواضح ان مهمة التربية والمدرسة تغذيها المفاهيم العنصرية، وتنميها الاتجاهات المتطرفة، لتحقيق الاهداف التي تسعى اليها الحركة الصهيونية ومنها الاهداف المعلنة للتربية في اسرائيل وهي:

اولا: تكوين مجتمع عضوي واحد، وهو هدف ملح وهام وشرط أساس لبناء الدولة الصهيونية ولذلك تعتبر اسرائيل المدرسة هي البوتقة التي سيتم بواسطتها عملية صهر الكتل البشرية المتناثرة في جميع بقاع الدنيا.
ثانيا: بناء دولة عصرية تملك أسباب القوة المادية والروحية.
ثالثا: الحفاظ على التراث اليهودي ونشرة.
وأما الاهداف غير المعلنة للتربية الصهيونية فهي:
اولا: الإيمان المطلق بحق شعب اسرائيل في ارض اسرائيل وملكيتهم لها والاستيطان فيها.
ثانيا: تحقيق التضامن اليهودي داخل وخارج اسرائيل لضمان استمرار الهجرة اليهودية.
ثالثا: تكوين الاستعداد لدى الاجيال الاسرائيلية اليهودية للتوسع والاحتلال والعنف كراهية العرب وذلك بحجة إنقاذ الأرض.
رابعا: تأكيد الشعور بالقلق والتوتر لإدامة الإحساس بالاضطهاد عند اليهود لضمان عدم اندماج اليهود في أي مجتمع آخر غير اسرائيل.
خامسا: تشويه وتقزيم الصورة العربية في نظر الطالب الصهيوني مقابل التأكيد على صورة "السوبرمان" الاسرائيلي الذي لا يقهر.
لم تكن الصهيونية غافلة عن أهمية مرحلة الطفولة والأثر الكبير الذي تحدثه التربية الموجهة في تشكيل شخصية وسلوك وعقلية الفرد الصهيوني منذ مرحلة ما قبل المدرسة، وهي المرحلة التي تعتبرها علماء النفس والتربية مرحلة لتوجية وتكوين المعتقدات، ولذلك فان كتب الاطفال في اسرائيل تطفح بالتطرف والمغالاة التي تصور اليهود أبطالا عباقرة، وتشويه العرب بتصويرهم" أغبياء وسذج" وتحتوي رسوما كاريكاتيرية سادية عنصرية جبانة وحقيرة قائمة على القسوة والكراهية والتعصب القومي والاستهانة بحياة الناس، ورسومات كاريكاتيرية تظهر الأمهات الفلسطينيات وهن لا يبدين أي مبالاة تجاه أطفالهن بإرسالهم إلي ساحات الموت والمواجهة مع الجيش الاسرائيلي الاحتلالي، وهو جزء من المسلسل التضليلي ضد الفلسطينيين والعرب.

ونموذج آخر للتضليل التاريخي وتزوير الحقائق التاريخية تدريس مادة التاريخ ابتداء من الصف الخامس في مجموعة من الكتب المتسلسلة التي تسمى"وقائع تاريخ شعب اسرائيل"، ويحتوي تزويرا وتضليلا لافتا لحقيقة ملكية الأرض والسكان وأكذوبة ارض الميعاد وشعب الله المختار" والقصد من كل ذلك إثارة مشاعر الطالب اليهودي بتفوق جنسه وشعبة وتمايزه وتفوقه الحضاري على الاخرين، من هذه المناهج ما يدرس في الصف السادس الابتدائي الذي يصور فلسطين" بلدا يهوديا قاسى من الغزوات الاسلامية مثلما قاسى من الغزو اليوناني الروماني" وهو يدحض بنود قانون التعليم في اسرائيل الذي يزعم انه ينشد مبادئ الحرية والمساواة والتسامح والتعاون ومحبة البشر، ويؤكد جميع المطلعون على مناهج المدرسة الابتدائية ان التربية الدينية تحتل مكانا بارزا في المنهاج، وان الكثير من موضوعات التربية الوطنية والتاريخ واللغة العبرية والجغرافيا تدرس بطابع ديني لزيادة الصلة بين الطالب اليهودي والتراث القديم من منطلق ربط الدين بالقومية، وتشويه الأديان السماوية الأخرى وتحديدا الدين الاسلامي، ففي كتاب "ارض اسرائيل" للمرحلة الابتدائية الممتلئ بالتشويه لصورة الدين الاسلامي يدعي هذا الكتاب ان الفتوحات الاسلامية قامت بإجبار الشعوب الأخرى على القبول بالدين الاسلامي، ولم يعرف المسلمون الشفقة في الحرب، وتم إفناء قبائل كثيرة رفضت القبول بالدخول في الإسلام، وهذا بالطبع حسب ادعاءات كتاب"ارض اسرائيل" المدرس للصفوف الدنيا في اسرائيل.
ولعل من أكثر مظاهر التزوير لحقائق التاريخ ما تقدمة المناهج الدراسية عند الاسرائيلين بإرجاع انتفاضة"36-39" الى العنف الفلسطيني، مع ان تقرير"شو"، يقر بان الهجرة اليهودية واستملاك اليهود للأراضي الفلسطينية هي التي سببت المواجهات والغضب، وهناك الكثير من الادعاءات المغلوطة المروجة لدى التلاميذ اليهود، ومنها ان العرب يريدون إلقاء اليهود في البحر، وان العرب هربوا من بيوتهم وقراهم ومدنهم بإرادتهم، وان فلسطين كانت بلدا خاويا وخاليا من السكان.
ما من شك ان جهاز التعليم الاسرائيلي بمختلف مراحله قد وظف لخدمة البرنامج الصهيوني القائم منذ قرن كامل ولغاية يومنا هذا على الاستيطان والسلب والنهب واغتصاب الحقوق وترسيخ ثقافة الحقد والكراهية والبغضاء التي تترجم بسفك دماء الفلسطينيين والعرب.

كاتب و صحفي
باحث في الشأن الاسرائيلي
[email protected]






#رامي_الغف (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مركز الميزان يصدر تقريرا حول أثر الاعتداءات الاسرائيلية خلال ...
- من ينقذ ثروة فلسطين البشرية
- الجمعية الدولية للمترجمين واللغويين العرب تواصل حضاري وعطاء ...
- الكيان الصهيوني اعتقل ربع الفلسطينيين وانتهك كرامتهم في الحي ...
- إلى متى سيبقى الحصار مستمرا على الفلسطينيين؟؟؟
- حب ذاتك
- في يوم الطفل الفلسطيني
- حوار مع الشاعرة والأديبة الجزائرية الدكتورة حنين عمر
- المرأة العربية وعلاقتها بالتنميه الشامله
- الشباب ما بين غول البطالة وغياب قانون للتشغيل والحماية الاجت ...
- الفلسطينيون يبيعون ممتلكاتهم لمواجهة الفقر
- العولمة واستغلالها لكينونة المرأه
- تعتبر نفط فلسطين القومي
- طبقة الأوزون.. بين الواقع والإجراءات الوقائية


المزيد.....




- كيف تمكنّت -الجدة جوي- ذات الـ 94 عامًا من السفر حول العالم ...
- طالب ينقذ حافلة مدرسية من حادث مروري بعد تعرض السائقة لوعكة ...
- مصر.. اللواء عباس كامل في إسرائيل ومسؤول يوضح لـCNN السبب
- الرئيس الصيني يدعو الولايات المتحدة للشراكة لا الخصومة
- ألمانيا: -الكشف عن حالات التجسس الأخيرة بفضل تعزيز الحماية ا ...
- بلينكن: الولايات المتحدة لا تدعم استقلال تايوان
- انفجار هائل يكشف عن نوع نادر من النجوم لم يسبق له مثيل خارج ...
- مجموعة قوات -شمال- الروسية ستحرّر خاركوف. ما الخطة؟
- غضب الشباب المناهض لإسرائيل يعصف بجامعات أميركا
- ما مصير الجولة الثانية من اللعبة البريطانية الكبيرة؟


المزيد.....

- المؤتمر العام الثامن للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين يصادق ... / الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين
- حماس: تاريخها، تطورها، وجهة نظر نقدية / جوزيف ظاهر
- الفلسطينيون إزاء ظاهرة -معاداة السامية- / ماهر الشريف
- اسرائيل لن تفلت من العقاب طويلا / طلال الربيعي
- المذابح الصهيونية ضد الفلسطينيين / عادل العمري
- ‏«طوفان الأقصى»، وما بعده..‏ / فهد سليمان
- رغم الخيانة والخدلان والنكران بدأت شجرة الصمود الفلسطيني تث ... / مرزوق الحلالي
- غزَّة في فانتازيا نظرية ما بعد الحقيقة / أحمد جردات
- حديث عن التنمية والإستراتيجية الاقتصادية في الضفة الغربية وق ... / غازي الصوراني
- التطهير الإثني وتشكيل الجغرافيا الاستعمارية الاستيطانية / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - رامي الغف - الكيان العنصري