أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الإستعمار وتجارب التحرّر الوطني - حمدي حميد الدين - اللغة الفرنسية: الدرع الواقي للجزائر














المزيد.....

اللغة الفرنسية: الدرع الواقي للجزائر


حمدي حميد الدين

الحوار المتمدن-العدد: 2861 - 2009 / 12 / 17 - 07:29
المحور: الإستعمار وتجارب التحرّر الوطني
    


عندما كانت القومية العربية في تمدّد جارف، مسنودة بأنظمة انقلابية على رأسها زعامات نشأت على الإيديولوجية البعثية، كانت الجزائر في حالة انتفاض لفك أغلال الاستعمار الفرنسي الذي استولى على البلد وأذاق الشعب الجزائري ويلات الفقر والمرض والأمّية.
كانت الأنظمة الانقلابية في العواصم المشرقية تتسابق باستخباراتها للظفر بمجال حيوي في كل بلد "عربي" يخوض كفاحا تحريريا ضد الاستعمار وهذا لزرع الهرطقة القومية وتكوين طابور خامس تعدّه لحكم البلد بعد نيل الاستقلال.
في حال الجزائر وصلت تلك الاستخبارات إلى طريق مسدود فقد صدمت بقيادة ذات تكوين فرانكو فوني متين وهي قيادة ذات نزعة استقلالية في قراراتها وليس سهلا ترويضها ولما شددت مضايقاتها على وفد جبهة التحرير في القاهرة غادرها "الوفد" ليستقر في تونس على الخصوص.
هنا اشتد حنق تلك الاستخبارات وعرفت أن الفرنسية كلغة وثقافة ستظل العائق القوي الذي يحول بينها وبين استزراع أعوانها والنفاذ إلى مراكز القرار أو التأثير في القيادات الثورية الجزائرية فبرزت لها فكرة تجنيد كل الوسائل الممكنة للقضاء على الفرانكفونية في الجزائر واختارت طريق ضرب النخبة ذات التكوين الفرنكوفوني بمتوسطي الثقافة أو من الذين كان حظهم في التعليم قليلا وأوعزت إلى الطابور الخامس بتنفيذ المخطط المشؤوم وهو تكوين أشباه متعلمين ثمّ دمجهم في سلك التعليم ومنحهم "فرص" الحصول على شهادات (دون استحقاق في الواقع) تضرب بهم المتعلمين الحقيقيين وهنا برزت فكرة ضرب المدرسة والنظام التربوي في الجزائر واتخاذ المدرسة في الجزائر ميدانا للحرب التي ستخوضها الاستخبارات المصرية على منظومة التعليم الجزائرية بعناصر جزائرية وقد انتهى ذلك بتدمير التعليم وإحلال ما سمي بالتعليم الأساسي محله.
وطبعا لم يكن صعبا في بلد شاسع خرج لتوه من حرب ضروس ضد مستعمر شرس استعداء الجماهير على اللغة الفرنسية بل كان أمرا في غاية السهولة فيكفي رفع شعار أن الفرنسية هي لغة الاستعمار لكي تنتفض جماهير العامة التي لا تدرك أبعاد ما يرمي إليه أولئك المتربصون بالبلد من نتائج وخيمة تعود على الجزائر بالخسران المبين.
روج الإعلام المصري وأذنابه في الجزائر لفكرة أن الشعب الجزائري حورب في هويته وتمت فرنسته وعليه أن يسترد هويته "العربية" وتمكن الطابور الخامس الذي استزرعته الاستخبارات المصرية من التاثير في قرارات لحكومة الجزائرية وتأسيس تعليم سمي التعليم الأصلي وجلب له آلاف المعلمين من الأزهر واخذ الحجاب في الانتشار ووفد إلى الجزائر مئات الدعاة الذين تخلص منهم النظام المصري بإرسالهم إلى الجزائر.
في الأخير ينبغي التنبيه إلى أن الهجمة القومية العربية التي قادتها الاستخبارات المصرية بالخصوص كانت أشرس هجمة على الجزائر وكانت لها نتائج وخيمة جدا على البلد بحيث قسمت الساحة الثقافية إلى معرّبين (تقليديين وظلاميين) ومفرنسين (حداثيين) ، ذلك أنّ الاستخبارات المصرية استعملت كل الوسائل : الإعلام، السينما والمسلسلات، المنشورات الحزبية والدينية، الدعاة، المعلمون، وهذا ليس لتحرير الجزائر من الغزو الثقافي كما يدّعون في شعاراتهم ولكن للقضاء على النخبة الكفأة فرانكوفونية التكوين التي تقود الجزائر وإحلال قيادات (معرًّبة) ضعيفة يمكن ترويضها لضمان تبعيتها للمركزية القومية العربية في القاهرة.
لكن ما نستغرب له حقا هو أنّ الفرنسية لغة وثقافة لا تزال هي أمل الطبقة الحاكمة والطبقة العليا في مصر ولا ننسى في هذا المجال السعي المصري الدءوب وراء منصب مدير المنظمة الفرانكوفونية الذي رشح له بطرس غالي ومنصب مدير اليونسكو الذي رشح له فاروق حسني.
لقد ظلت الفرنسية هي الدرع الذي حمى الجزائر من المشاريع المذكورة ولولاها لسقطت الدولة الجزائرية في التسعينات
نتمنى أن يستفيق الجزائريون لما يراد لهم وأن يخرجوا من سجن اللغة الواحدة إلى فضاء تعدّد اللغات اختصارا للوقت والجهد للحاق بركب التقدّم فيكفي ما أضاعوا من فرص كثيرة.



#حمدي_حميد_الدين (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بعد الإسلام السياسي ها هو الإسلام الرياضي
- الفتنة نائمة لعن الله من أيقظها
- الظاهرة السعدية في الجزائر : المنطق لا يستقيم مع الأغلوطة
- قراءة نقدية في كتاب مواقع -و-حضارات ما قبل التاريخ في المغرب ...


المزيد.....




- وزير دفاع أمريكا يوجه - تحذيرا- لإيران بعد الهجوم على إسرائي ...
- الجيش الإسرائيلي ينشر لقطات لعملية إزالة حطام صاروخ إيراني - ...
- -لا أستطيع التنفس-.. كاميرا شرطية تظهر وفاة أمريكي خلال اعتق ...
- أنقرة تؤكد تأجيل زيارة أردوغان إلى الولايات المتحدة
- شرطة برلين تزيل بالقوة مخيم اعتصام مؤيد للفلسطينيين قرب البر ...
- قيادي حوثي ردا على واشنطن: فلتوجه أمريكا سفنها وسفن إسرائيل ...
- وكالة أمن بحري: تضرر سفينة بعد تعرضها لهجومين قبالة سواحل ال ...
- أوروبا.. مشهدًا للتصعيد النووي؟
- الحوثيون يعلنون استهداف سفينة بريطانية في البحر الأحمر وإسقا ...
- آلهة الحرب


المزيد.....

- روايات ما بعد الاستعمار وشتات جزر الكاريبي/ جزر الهند الغربي ... / أشرف إبراهيم زيدان
- روايات المهاجرين من جنوب آسيا إلي انجلترا في زمن ما بعد الاس ... / أشرف إبراهيم زيدان
- انتفاضة أفريل 1938 في تونس ضدّ الاحتلال الفرنسي / فاروق الصيّاحي
- بين التحرر من الاستعمار والتحرر من الاستبداد. بحث في المصطلح / محمد علي مقلد
- حرب التحرير في البانيا / محمد شيخو
- التدخل الأوربي بإفريقيا جنوب الصحراء / خالد الكزولي
- عن حدتو واليسار والحركة الوطنية بمصر / أحمد القصير
- الأممية الثانية و المستعمرات .هنري لوزراي ترجمة معز الراجحي / معز الراجحي
- البلشفية وقضايا الثورة الصينية / ستالين
- السودان - الاقتصاد والجغرافيا والتاريخ - / محمد عادل زكى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الإستعمار وتجارب التحرّر الوطني - حمدي حميد الدين - اللغة الفرنسية: الدرع الواقي للجزائر