أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الحركة العمالية والنقابية - خضر سلامة - عن الطفّار: ما لهم وما عليهم














المزيد.....

عن الطفّار: ما لهم وما عليهم


خضر سلامة

الحوار المتمدن-العدد: 2855 - 2009 / 12 / 11 - 18:31
المحور: الحركة العمالية والنقابية
    


"ضربت" كلمة طفار في جزءٍ واسع من المجتمع اللبناني، مع صعود نجم فرقة الراب البقاعية، طفار، المؤلفة من شابين رفيقين، رفعوا قضية منطقتهم ومن خلفها مناطق الأطراف كلها، المهمشة تماماً من قبل دولة لبنان الكبير، منذ أن ركبت حدوده، اختاروا اسماً حساساً لمشروعهم الفني، اسم يرتبط بالعلاقة السيئة مع الدولة.
والطافر، في جرود بعلبك الهرمل، هو الملاحق من قبل الدولة لجنحة أو "جريمة" ارتكبها، يُلاحق على أساسها من قبل القضاء الذي وُضع على حجم الضعفاء، غير المسنودين سياسياً، يلجأ الملاحق اذاً، إلى الجرد، بعيداً عن أعين القوى الأمنية ومخبريها، تحت سلةٍ من الظروف القاسية.

وفي البداية، نعود سريعاً إلى حقبة مهمة من التاريخ العربي، المهمش عن التدوين لأسباب فكرية ودينية، هذه الحقبة كان أهم أعلامها، هم الشعراء الصعاليك، والشعراء الصعاليك، هم الشعراء الفرسان، اللذين تمردوا على أعراف القبيلة وقوانينها، القبيلة الدولة في تلك الفترة، فطردوا من ظلها السياسي والاجتماعي، فلجأوا الى الصحراء القاسية، وشكلوا ثورةً اجتماعية أدبية مهمة، هجوا فيها أنظمة الأمر الواقع - القبائل، ورؤوسها وأعلامها المتحكمين بكل شيء، تحولوا الى قطع الطرق في أغلب الأحيان، ليوزعوا غنائمهم على الفقراء المنبوذين من حماية القبيلة المالية، بمعنى أن العرب، ابتدعوا قبل العرب بكثير، صورة حقيقية وواقعية ل "روبن هود"، والدارس لشعر الصعاليك، يجد في نواحيه أسس قديمة للاشتراكية، ولو بصورة غير منظمة، لغياب التنسيق والتواصل بين الفرسان، وبقاءهم ضمن أطرٍ فردية.
ولاحقاً، بعد قيام الدويلات الاسلامية المتلاحقة، والظلم الاجتماعي المتراكم، ومع التحولات الفكرية التي رافقت الدولة العباسية، نشأ ما يمكن اعتباره تطوراً طبيعياً لحركة الصعاليك، وهي حركة القرامطة الخارجة من رحم المذهب الاسماعيلي، اعتمد القرامطة شعارات اشتراكية المال واشتراكية الغلة واشتراكية السلاح، وأسسوا حركة فلاحية ثورية في الأرياف السورية والعراقية احتمت بالجبال وبالجرود، وهددت بشكل جدي المركز السياسي العباسي، وقامت بتنسيق خطير مع الحركة العمالية الحرفية في بغداد، حورب القرامطة من قبل الخطاب السياسي والديني المنسق، ومن قبل الدويلات المحيطة جميعها ونفوا القرامطة وشبهوا بقطاع الطرق لاعتمادهم وسيلة تأميم أملاك الأغنياء وسلبهم لتوزيعها على الفلاحين، وأسقطت في آخر المطاف وأغلق التاريخ على تجربة اشتراكية رائدة في العالم، كانت أول شكلٍ منظم للثورة العربية.

طبعاً، هنا، لن نتجه إلى اسقاط هذين المثلين على حديثنا، فبعيداً عن التشبيه أو المقارنة، مجرد سرد لأشكال تمرد، شهدها تاريخنا، تمرد كان محركه الأساسي ظلم الدولة وقسوتها، وتحول إلى تمرد دموي، أو عصيان مدني، وجد شكل فكري تارة، أو أدبي تارة أخرى، لتنظيمه.

نعود إلى الطفار، طفار بعلبك الهرمل تحديداً، وهم، اذا سلّمنا بارتكابهم تجاوزات قانونية، الا انهم ضحايا، ضحايا ما دفعهم إلى ذلك، وما وضعهم أمام الخيارات الصعبة.
منطقة بعلبك الهرمل، ممتدة ومتصلة بمنطقة جرود عكار، أشد المناطق اهمالاً من قبل الدولة المركزية في لبنان، إهمال يبدأ في الاقتصاد ولا ينتهي عند حدود العناية التربوية والتعليمية، ما يترك السلطة متقاسمة بين نفوذ العشائر الكبيرة، ممثلة بأفراد مهيمنين سياسياً على شكلها، ونفوذ الأحزاب الكبيرة أيضاً، التي تتعلق مصالحها بما هو أهم، بالنسبة لها، من مصالح الأفراد والفقراء.
في هذا الجو، ومع توارث العداء للدولة من زمن العثمانيين، ليترسخ غياباً تاماً للدولة اللبنانية لاحقاً، نشأ المجتمع البقاعي الشمالي الحديث، فقر مدقع، بطالة واسعة، غياب الغطاء السياسي اللازم في النظام اللبناني لدخول الوظائف والمدنية الحديثة، والأهم، استهداف اعلامي شديد دون دراسة لجذور المشاكل الاجتماعية والأمنية وحقيقتها.

معظم الملاحقين قانونياً في تلك المناطق، يلاحق على خلفية زراعة نبتة الحشيشة، "بترول" البقاع الأخضر، وجرائم أخرى كالسرقة والقتل، التي تتعلق فيما تتعلق بطبيعة المجتمع البقاعي وظروفه الحياتية اليومية الصعبة، وتعقيدات الحسابات العائلية والعلاقة الهشة بالمؤسسات الأمنية، معظم هؤلاء، يلاقون تعاطفاً من قبل أبناء المنطقة، بمعظمهم، اذا استثنينا بعض العائلات الاقطاعية التقليدية وبعض العائلات الصغيرة المحسوبة على أحزاب سياسية نافذة في المنطقة، تحارب هؤلاء الطفار لحسابات مصالح مع أجهزة المخابرات والقضاء اللبناني.
يلجأ الطفار، عندها للجرود، مخزنين غضباً وحقداً ضد ما يعتبرونه ظلماً واجحافاً، واستهدافاً ومطالبةً بواجبات مواطنية، دون مقابل حقوقي يوازن هذه الواجبات، معظم الشباب الصاعد، يتعاطف مع هؤلاء "المتمردين" لكونهم يعايشون الواقع ذاته، دون أدنى شعور من النواب المنتخبين الممثلين، ولا من الحكومة الوطنية او غيرها، معهم، ويتحول الطفار في ذهن الحكايا الشعبية، والقصص المحلية، إلى مضرب مثل في البطولة عند بعض الناشئين، وفي الكرم والجود والشهامة وعزة النفس.

كل ذلك لا ينفي حقيقة ارتكاب هؤلاء لما يعتبر خروجا عن القانون أو تعدياً عليه، بطبيعة الحال، ولكن المطلوب من اعلام البلد، أحزابه، قضائه، مراكز الأبحاث فيه، قراءة واعية للمشهد، لخلفية هؤلاء وسبب التعاطف الشعبي مع بعضهم، قراءة لطبيعة المجتمع البقاعي، حاجاته، تعقيداته الاجتماعية العائلية، وتعاملاًً من الدولة اللبنانية لمرة واحدة مع المنطقة، على أنها جزءٌ أساسي من الوطن، لا أرض ملحقة بها، لاستيعاب حالات التمرد، والتعاون لانجاز اقتصادي وقانوني يسوي مشاكل المنطقة، سواء المدنية الحقوقية، أو القانونية الجنائية ضمن اطارٍ يوازن بين الواجبات والحقوق للمواطنين، كل المواطنين.





#خضر_سلامة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الحكم الجديد على جورج عبد الله: معادلة المجد والعار
- Goal لاسرائيل!
- إلى الرفاق.. بالأحمر
- يا سنديانة حمرا
- تضامناً مع الشيوعي السوداني ضد الظلامية الدينية من الطيب صال ...
- الحدث الايراني: أكل العنب أو قتل الناطور؟


المزيد.....




- جدد كل 6 شهور.. خطوات تجديد منحه البطالة فى الجزائر 2024 وأه ...
- “990.000 دينار فوري مصرف الرافدين“ وزارة المالية العراقية تُ ...
- اللواء سلامي: الاستكبار يتعامل بسياسة واحدة مع العالم الإسلا ...
- المرصد العمالي: الأردن ضمن قائمة البلدان غير الملتزمة باتفاق ...
- المجتمع المدني شريك أساسي في الحلول عند الأزمات والحروب
- زيادة 200% على الراتب.. “وزارة المالية” تُعلن خبر سار لجميع ...
- “شوف معاشك زاد كام”.. حكومة الجزائر تعلن عن جدول زيادات في م ...
- “احصل على دعم حكومي”.. وزارة القوى العاملة بمصر تعلن عن تسجي ...
- شوف مرتبك كام؟.. سلم رواتب الموظفين الجديد 2024 بالعراق وهذا ...
- “بزيادة 150% مصرف الرافدين mof.gov.iq“ سلم رواتب الموظفين ال ...


المزيد.....

- الفصل الرابع: الفانوس السحري - من كتاب “الذاكرة المصادرة، مح ... / ماري سيغارا
- التجربة السياسية للجان العمالية في المناطق الصناعية ببيروت ( ... / روسانا توفارو
- تاريخ الحركة النّقابيّة التّونسيّة تاريخ أزمات / جيلاني الهمامي
- دليل العمل النقابي / مارية شرف
- الحركة النقابيّة التونسيّة وثورة 14 جانفي 2011 تجربة «اللّقا ... / خميس بن محمد عرفاوي
- مجلة التحالف - العدد الثالث- عدد تذكاري بمناسبة عيد العمال / حزب التحالف الشعبي الاشتراكي
- نقابات تحمي عمالها ونقابات تحتمي بحكوماتها / جهاد عقل
- نظرية الطبقة في عصرنا / دلير زنكنة
- ماذا يختار العمال وباقي الأجراء وسائر الكادحين؟ / محمد الحنفي
- نضالات مناجم جبل عوام في أواخر القرن العشرين / عذري مازغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الحركة العمالية والنقابية - خضر سلامة - عن الطفّار: ما لهم وما عليهم