أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - طارق بن ساهر - موت حفيد الله














المزيد.....

موت حفيد الله


طارق بن ساهر

الحوار المتمدن-العدد: 2854 - 2009 / 12 / 10 - 22:01
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


من عدة أشهر، حدد -معهد جالوب للدراسات- الشعب المصري كأكثر الشعوب تدينا علي الأرض*.
و هذا منطقي .. حيث ان حاكم مصر كان دائما ديكتاتوريا بعد عصور الفراعنة، إما يؤله نفسه او يضع نفسه كظل الله علي الأرض.
و لم يخرج المصريين يوما للثورة ضد حاكم مصر منذ فجر التاريخ.

الشعب المصري، شعب مسلم بالأساس .. يؤمن بإله خرج من الصحراء العربية في عباءة بدوية.
هذا الإله يريد للإنسان ان يملك رؤية واحدة للعالم و يتوعد كل من يملك رؤية مغايرة بعقاب أبدي.
أي ان هذا الإله لا يختلف علي الإطلاق عن أي حاكم شمولي.

و لذلك، لن يثور الشعب المصري إلا عندما يتمرد علي هذا الإله.
فنحن نري ان ارتفاع نسبة الإضرابات في مصر و التي هي بمثابة تمرد علي سياسة الرئيس، تتزامن و تتوافق مع ارتفاع نسبة الإلحاد و اللا دينية.
و لأن المصريين لا يستطيعون التصدي لشمولية الله، فإنهم يوجهون تصديهم هذا لظل الله علي الأرض و سياساته في مصر.
هذا مع انهم يظنون انه لا ملجأ لهم منه إلا هو نفسه عندما أعلنوا هذا علي الملأ بمقولتهم الشهيرة بأن -- اللي نعرفه أحسن من اللي مانعرفوش -- أثناء الانتخابات الرئاسية الأخيرة.

فشدة تدين الشعب المصري يوقعه في ازدواجية إحتياجه المطلق و تمرده الشديد علي رئيسه الذي هو ظل الله في الأرض.

و لذلك عندما تحدث للرئيس مصيبة و يموت حفيده، يفسره المؤمن بحدث كوني كبير و إبتلاء من الله لحبيبه علي الأرض.
و يبدأ الشعب المؤمن و الكافر في نفس الوقت بالصلاة علي هذا الحفيد المسكين و الدعاء له، أملا في أن يخلصهم من الرئيس بالرئيس ذاته .. أي ان يتوب و يتراجع عن سياساته القمعية.

فنفسية الشعب المصري يعتبر هذا الطفل مخلص ايضا لأنه مات صغيرا و لن يحاسب في الآخرة.
و هذه هي نفسها النظرة للمسيح كإنسان كامل لا يخطيء بجانب بنوته لله.
فالدعاء له و الصلاة عليه، سينقذنا جميعا من براثن العقاب الأبدي.

كما يعتبر المصريون هذا الحدث كحدث كوني عظيم و هذا واضح في القنوات التليفزيونية و الإذاعات التي كانت لا تبث سوي قرآن او أغاني دينية.

و هذه هي نفسها نظرية المسيح الإله إبن الإنسان المخلص الذي مات ليخلص الشعب من ذنوبهم التي أوقعهم الله نفسه فيها.
أي ان يتخلصوا من الله بالله نفسه لتكون الكلمة و السلطة لهم جميعا.

فهذا الشعب الذي صلي علي حفيد الرئيس و دعا له بالجنة، هو نفس الشعب الذي سيصلي علي الرئيس إذا مات .. أملا في الخلاص .. حتي إن كان يكره.
هنا تبرز تناقضات هذا الشعب.

و الآلهة لا تموت.

هذا لماذا قام علاء مبارك نجل الرئيس مبارك و والد الطفل المتوفي، بالحوار علي القنوات المصرية المختلفة بعد احداث الإعتداء علي المصريين من قبل الجزائريين في السودان.
لأن الشعب المصري الطيب، متعاطف معه جدا بعد موت إبنه.
و كل هذا، في صالح النظام السياسي المصري و في صالح بقاءه فترات أخري في الحكم.

------------------

* بعد هذه الدراسة بعدة أشهر، أظهرت دراسة جديدة ان الشعب المصري، هو أكثر الشعوب تشاؤما.
حاولوا ان تربطوا بين هاتين الدراستين علي ضوء هذا الموضوع.

من التشاؤم سيأتي التغيير لأن من يثور لا يكتئب.




#طارق_بن_ساهر (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حول مآذن سويسرا


المزيد.....




- حوادث طائرات -F-18-.. أيُّ لغزٍ خفيّ يُسقط مقاتلات الأسطول ا ...
- ما هو حلف شمال الأطلسي الناتو ولماذا تأسس؟
- حضرموت اليمنية… كيف تحولت من مملكة تاريخية إلى ساحة تنافس إق ...
- جيش أقوى ونفوذ أوسع.. تعرّف على استراتيجية دونالد ترامب الجد ...
- الرئاسة العراقية تنفي علمها أو مصادقتها على إدراج أنصار الله ...
- السلطات التونسية تعتقل المعارض البارز أحمد نجيب الشابي.. ماذ ...
- قمة في الهند بين بوتين ومودي.. لماذا هي مهمة؟
- فنزويلا: واشنطن تدق ساعة الحسم؟
- فنزويلا في -عزلة جوية- بعد تعليق الرحلات وسط انتشار عسكري أم ...
- تريو جبران: من الناصرة إلى العالم..عشرون عاما من الإبداع


المزيد.....

- العقل العربي بين النهضة والردة قراءة ابستمولوجية في مأزق الو ... / حسام الدين فياض
- قصة الإنسان العراقي.. محاولة لفهم الشخصية العراقية في ضوء مف ... / محمد اسماعيل السراي
- تقديم وتلخيص كتاب " نقد العقل الجدلي" تأليف المفكر الماركسي ... / غازي الصوراني
- من تاريخ الفلسفة العربية - الإسلامية / غازي الصوراني
- الصورة النمطية لخصائص العنف في الشخصية العراقية: دراسة تتبعي ... / فارس كمال نظمي
- الآثار العامة للبطالة / حيدر جواد السهلاني
- سور القرآن الكريم تحليل سوسيولوجي / محمود محمد رياض عبدالعال
- -تحولات ظاهرة التضامن الاجتماعي بالمجتمع القروي: التويزة نمو ... / ياسين احمادون وفاطمة البكاري
- المتعقرط - أربعون يوماً من الخلوة / حسنين آل دايخ
- حوار مع صديقي الشات (ج ب ت) / أحمد التاوتي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - طارق بن ساهر - موت حفيد الله