أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - التربية والتعليم والبحث العلمي - إسلام حجازي - التعليم والشقاء الاجتماعى فى مصر














المزيد.....

التعليم والشقاء الاجتماعى فى مصر


إسلام حجازي

الحوار المتمدن-العدد: 2851 - 2009 / 12 / 7 - 13:56
المحور: التربية والتعليم والبحث العلمي
    


أكدت غالبية الدراسات الإمبريقية على وجود علاقة طردية قوية بين درجة تعليم الفرد ومستوى المعيشة الاجتماعية الذى يعيش فيه، بمعنى أن تحقيق انتقال الفرد بين الطبقات المختلفة يعتمد فى جزء كبير منه على مقدار ونوعية التعليم الذى يحصل عليه الفرد ومستوى المهارات العلمية والشخصية الخاصة به، وقد استخدمت مجموعة كبيرة من الدول هذه العلاقة الأكاديمية فى تحقيق التنمية المجتمعية الشاملة التى ساعدتها على الانتقال من مصاف الدول المتخلفة إلى ركب الدول المتقدمة، ويأتى فى مقدمة هذه الدول ماليزيا التى قام رئيس وزرائها مهاتير محمد بتركيز جزء كبير من اهتمامته على التعليم، وهو أمر ليس غريب على شخص مثله، فهو رجل مثقف وعالم يعرف قيمة العلم ويقدر أنه الوسلية الوحيدة لتحقيق نهضة الشعوب، ومن ثم أعطى لحق الفرد فى الحصول على التعليم الأولوية الكبرى فى برنامج التنمية الذى قاد تنفيذه فى البلاد.
وقد تأكدت هذه الحقيقة لدى حينما التقيت بالفعل فى إحدى الدورات التدريبية التى يعقدها مركز الدراسات الماليزية الموجود فى جامعة القاهرة مع أحد أساتذة العلوم السياسية الذى كان يتحدث على دور التعليم فى تحقيق النهضة الماليزية، وأكد لى أنه كان واحداً من فقراء ماليزيا، وأن أهله كانوا يعيشوا حياة بائسة، ولكنه الآن أصبح أستاذاً مشهوراً للعلوم السياسية، كما عمل مستشاراً شخصياً لرئيس الوزراء الماليزى لبعض الوقت، حيث تحققت له فرصة الاستفادة من حرصه الدائم على التفوق فى التعليم، فوجد دعماً مادياً ومعنوياً كاملاً من الدولة أثناء دراسته فى كافة مراحل التعليم فى ماليزيا، بل وأثناء حصوله على درجتى الماجستير والدكتوراه من إحدى الجامعات البريطانية، كما أنه حصل على وظيفية ملائمة بعد تخرجه فى الجامعة تتلاءم مع قدراته وليس مع حجم الواسطة والمحسوبية التى يتمتع بها، وأن الفقر لم يشكل عائقاً أمام تقدمه واستمرار تفوقه فى التعليم.
ولكن بعد أن انتهيت من هذا الحوار، بدأت فى عقد مقارنة بين ما يحدث فى ماليزيا وما يحدث فى مصر المحروسة صاحبة الريادة، فوجدت أنها تشكل استثناءً فريداً على كل الدراسات العملية التى أكدت العلاقة الوثيقة بين التعليم والحراك الاجتماعى، وذلك رغم إيمان معظم الأسر المصرية الغلابة بتلك المقولة التى ترى أن التعليم هو وسلية الخلاص الوحيدة من الفقر، فتتقطع من قوتها اليومى لتصرف على أبنائها فى التعليم حتى يصبح لديهم دكتور أو مهندس أو محامٍ أو محاسب...إلخ، بسبب اعتقادهم أن حصول أحد الأبناء على هذا اللقب سيكون مثل القشة التى ستنقذه هو وأسرته من الغرق فى بحر المعيشة "الدنك" التى يصبحون ويمسون عليها كل يوم، ولكن سرعان ما تتبخر كل أحلامه هو وأسرته التى تم رسمها فى عقولهم الباطنة بعد أن يطفح الشاب المتفوق الدم فى التعليم ويتخرج من الجامعة، فينضم إلى طابور العاطلين عن العمل، وتصبح المقاهى مقره الدائم، ولعب الطاولة والدومينو وتدخين الشيشة عمله الأساسى، ويزداد ألمه وحسرته حينما يرى من هم دونه فى التعليم والقدرات يلتحقون بالوظائف ويتقدمون فى المراكز والمناصب، وكمان يتحرق دمه لما يشوف إعلان وزارة الصناعة البايخ عن توفير فرص عمل فى بعض المصانع، والذى يحمل مسئولية تفاقم ظاهرة البطالة فى مصر للشباب المتعجرف الذى لا يرضى بالعمل الذى لا يتناسب مع مؤهلاته العلمية. وذلك رغم أن غالبية الفقراء المتعلمين فى مصر الذين يستطيعون الحصول على وظيفة، تكون عادة فى مجال لا يتناسب مع مؤهلتهم العلمية وقدراتهم، والأهم من ذلك أن راتبها لا يكفى لأكل عيش فقط ثلاث مرات فى اليوم، وهناك أمثلة عديدة يشاهدها الجميع لشباب خريحى كليات هندسة وتجارة وآداب..إلخ يعملون فى وظيفة حارس أمن فى عقار لمدة 12 ساعة فى اليوم الواحد، والأدهى من ذلك أن مرتبه بعد خصم التأمين يكون حوالى 250 جنيهاً شهرياً، يعنى اليوم بحوالى 8 جنيهات وخمسة وثلاثين قرش، ومطلوب منه أن يأكل ويشرب ويسكن ويركب مواصلات ويشترى ملابس منهم، وكمان يدخر علشان يجهز نفسه ويتجوز، خد بالك من الأخيرة "يتجوز" يعنى شقة وعفش وشبكة وفرح، وذلك فى الوقت الذى وصل فيه سعر كليو اللحمة إلى 50 جنيها، طب بلاش لحمة، خليها فراخ، كمان الفرخة بعشرين جنيها، بلاش ديه كمان، خليها فول، سندوتش الفول بجنيه، برده مش هاينفع!!
وفى اليوم ذاته، قرأت مقال لأستاذى الدكتور معتز بالله عبد الفتاح فى جريدة الوفد، زادت من درجة الشكوك التى لدى عن صحة العلاقة العلمية بين التعليم والحراك الاجتماعى فى الحالة المصرية، مضمونها كان يدور حول قصة انتحار شاب مصرى متفوق يعمل معيداً فى كلية العلوم بجامعة أسيوط، كان يستعد للسفر فى رحلة علمية مع زملائه إلى البحر الأحمر لشراء قواقع لإجراء بعض التجارب الخاصة برسالته للماجستير تكلفتها حوالى 1300 جنيه، ولكن بعد أن عجز هو وأسرته الفقيرة عن توفير هذا المبلغ، قرر أن يدخل غرفته ويستخدم أحد المواد السامة التى كان يستخدمها فى أبحاثه وتجاربه لإنهاء شعوره بكراهية النفس وانعدام القيمة وإحساسه القاتم بعدم الابتهاج بشئ والفزع والاغتراب، وفوق هذا كله إحساسه بالعجز والضيق الذى كان يقتله كل يوم، نعم أنه العجز المكتسب من البيئة المحيطة المحبطة، والتى يؤكد الدكتور خليل فاضل، الطبيب النفسى، على أنها تشكل مقدمة مهمة للانتحار فى مصر، مبيناً أن الفشل والعجز وعدم القدرة على تحقيق الذات دوماً واستمراراً يسكر الظهر ويحطم العظام، ويخلق أشباحاً لا تدرى بأى أرض تموت، لا أمل لها ولا مخرج، وهنا يثور التساؤل حينما يكون التعليم وسيلة للشقاء والعذاب النفسى بدلاً من الحراك الاجتماعى...فماذا يفعل الفقراء؟! فهل عليهم الانتحار من البداية حتى يعيش الأغنياء وأصحاب النفوذ فقط فى مصر المحروسة دون إزعاج من الفقراء وهمومهم؟!



#إسلام_حجازي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المسلمون والديمقراطية: دراسة ميدانية
- الليبرالية الكوميونية فى الفيس بوك
- المدونات السياسية وسلطة المعلومة فى مصر
- الأتوقراطية المُلبرلة ومشروع التوريث المرتقب


المزيد.....




- -نوفوستي-: رئيس طاجيكستان سيحضر احتفالات عيد النصر في موسكو ...
- أسوأ مقابلات التوظيف: ما الذي يمكن أن نتعلمه منها؟
- فيديو: انتفاضة الطلبة في الجامعات الأمريكية دعماً لغزة تمتد ...
- مفتش البحرية الألمانية يطالب بتعزيز الأسطول بسفن جديدة
- ظاهرة النينيو تفتك بشرق أفريقيا
- وزارة الداخلية الروسية تدرج زيلينسكي على لائحة المطلوبين
- أكثر من 6.6 ألف جندي وأنظمة HIMARS وIRIS-T.. الدفاع الروسية ...
- مصر.. تطورات قضائية على قضية طالبة العريش
- إسبانيا ترفض انتقادات الأرجنتين الرافضة لانتقادات إسبانية سا ...
- هروب من دبابة أبرامس أمريكية الصنع


المزيد.....

- اللغة والطبقة والانتماء الاجتماعي: رؤية نقديَّة في طروحات با ... / علي أسعد وطفة
- خطوات البحث العلمى / د/ سامح سعيد عبد العزيز
- إصلاح وتطوير وزارة التربية خطوة للارتقاء بمستوى التعليم في ا ... / سوسن شاكر مجيد
- بصدد مسألة مراحل النمو الذهني للطفل / مالك ابوعليا
- التوثيق فى البحث العلمى / د/ سامح سعيد عبد العزيز
- الصعوبات النمطية التعليمية في استيعاب المواد التاريخية والمو ... / مالك ابوعليا
- وسائل دراسة وتشكيل العلاقات الشخصية بين الطلاب / مالك ابوعليا
- مفهوم النشاط التعليمي لأطفال المدارس / مالك ابوعليا
- خصائص المنهجية التقليدية في تشكيل مفهوم الطفل حول العدد / مالك ابوعليا
- مدخل إلى الديدكتيك / محمد الفهري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - التربية والتعليم والبحث العلمي - إسلام حجازي - التعليم والشقاء الاجتماعى فى مصر