أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رحمن النجار - أوكازيون ثمين لبيع العقل















المزيد.....

أوكازيون ثمين لبيع العقل


رحمن النجار

الحوار المتمدن-العدد: 2822 - 2009 / 11 / 7 - 22:25
المحور: الادب والفن
    



...
علينا ان نعتني بجوهر الماضي
بالكتابة المعكوسة والتي بها نستطيع مقارعة هيجان العالَم.
كل ما نقذفهُ نحو ما نريد
يعود غاضباً، صافقاً وجوهنا في طريق عودته نحو جوهر ماضيه.

***

عليّ أن أنجو من تخوم شقوتي الرائبة
و أدخلُ مقهى ساهراً عند مشيمة
- حيث أمٌ بدائية- تقود مواليد الأعوام نحو تخوم اللغة.
لغتي كائن انثى ينصتُ لخرس الخصوبة
و خلفَ بكارة الف غار حِراء
ولادات تقوضُ هدوء النحو.

أنا أشياء جمة
أنا عشبٌ غزير يقرضُ بي
بذيل الثوب
و أنا الرحلة و أنا تيهُنا
أنا "على الأخص" و أنا " المُحتَمل"
أنا "ربما" بثياب المساء، أغسل بالملح جسدي
و اتعفرُ بالكافور قرب البئر.
هكذا يتحول البئر الى وجه آدميٍ عميق.

ولدتُ عند راديو يشتغلُ على النفط يبثُّ الأغاني و الكلام عند قنديل العائلة.
ولدتُ عند أبي يجلس في الظلام مفكراً. ولدتُ عند امي، تصلي على عجل.
ولدتُ عند جثة أختي نازك، المكفنةِ المعفرة بالكافور عند بئر العائلة.
ولدتُ عند لازمةٍ لا تنتهي؛
- ِلمَ العجالة في الصلاة يا أمُّ عبد؟
- الحياة، أجملها بسرعة لحن قديم.

ولدتُ عند صوت مطرقة يمزق النهار و الليل. تخيلتهُ- الصوت- القلب الذي ينظمُ توزيع الدم لأرجاء بغداد من فوهة في دجلة.
ولدت عند إلتماعة الطاسة البيضاء. تخيلتها- إلتماعة الطاسة البيضاء- خزان القمح، يوزع العجين على مخابز بغداد عوضا عن معبد قديم.
ولدت عند جارنا فرّاش مدرسة الوطن الإبتدائية. تخيلتهُ- الفرّاش جارنا- هو الذي يفرش السجاجيد في أروقة المدرسة وصولا الى لوح الكتابة المزود بطباشيرية الإيام.

و هكذا شأن كل مرة و كأنّا نأخذ تخيلاتنا لفهم أي شيء و نُسّر بها لحين. و سرعان ما يتكشف الأمر؛ كأنّا نفركُ تخيلاتنا بجدار المسامير، كما يسحقُ احدنا بنعله حشرةً تتشلبهُ الجدار. وهكذا كان –الطرقُ- من جهة مشروع الجسر المعلق. و هكذا -إلتماعة الطاسة البيضاء- من سايلو المياه الحلوة المعدني. و هكذا –الفرّاش جارنا- ليس له من صلة بالسجاجيد.
و هكذا أطيح بفوهة دجلة، بالمعبد القديم و جُرّدَ الفرّاش من سجاجيد أيامه.

و لدتُ- مثلما اسلفت- عند أمي تجلس في الظلام، خرساء و تفكر. عند أبي يصلي على عجل قرب راديو يشتغلُ على النفط. عند لازمة الطَرقْ و الطاسة البيضاء. عند حياة، أجمل حياة عندما سرعتها بتسارعات اسطوانة ساحجة. عند اسطوانة تدور مثل حياتي، عليها صورةُ كلب و غرامافون، يدوران بسرعة الحياة و لا يلحقُ أحدهما بالآخر. ولدت عند أمي تغرف بكفكير من تنكة الدبس المعتق- في عقلِها نخلة- و يسيل الدبس على آنية صغيرة مرة كخيط و اخرى قطرات.

أمي كائن ولدَ عند خرس الخصوبة، يغرفُ من أشياء عتيقة بدائية.
امي هي الشاعر لاتقول شيئا. خيوط الدبس و قطراته هي لغتها.
ابي كان خرقا لغوياً- يأكل الدبس و يفكر في الظلام-
الشعراء أناثَ خرساوات.

كانت لي جدتي في غرفة منعزلة، عاشت طوال حياتها مثل خواء باطن يقطينة. كان لها- لجدتي- في زاوية غرفتها كيسا من الرز، حصلت عليه من حلمٍ تحت وطأة المرض. جاء بالكيس فارس من الصالحين قائلا لها؛ كل حبة رز بسنة عيش، لكنها إستيقظت و لم تكد تسألهُ عن محتوى حبات الرز.
ولدتُ عند جدتني التي ولِدت بثلاثة اثداء في صدرها، و ولد معها توأمها الميت بثدي واحد وعين مفتوحة بذعر مكان الحلمة المنزوعة. جدتي افترست حلمة توأمها. قالت لي يوما؛ طعم الدم حامض يا بنيّ و بصقتْ بغضب.
ولدتُ تحت شجرة رمان مزهرة. تخيلتها- شجرة الرمان المزهرة- ثياب العروس الداخلية. و هكذا...!
و هكذا ولدتُ انا بثلاثة اثداء. قد افترستُ توأمي و أخذت إسمها. حتى اللحظة اتساءلُ؛ من منا الحي، و من الشاعر بيننا؟

و الشاعرُ بصاص، يسيرُ، يحشرجُ و يبصقُ في زوايا المدينةِ بغضبٍ
كأن بحلقه دماء حامضة لم يقترفها.
يعمل بالخفاء لحساب جهة هو الآخر يجهل من تكون
في حياته لا أحد - و لا هو- يعرف ما الأمر؟
و في موته ما من أحد – و لا هو- سوف يصدق؛ مَن كان.

و هكذا فإن صمت باطن القبور ضجيج ظاهر الأرحام.

لم اكتب حينئذٍ عند بغداد. و لم أدرك فوهة دجلة و لا المعبد القديم، يخبز طوال الليل*.
أنا في الطريق نحو باطن المعنى. أرقص طريق الحريركاملاً، تلك المسافة التي تتوتر بين عقلي و قلبي.
أرقص في اللعثمة** عند الشعور بالحب. طريق الحرير حيث قدماي و مُح البيضة يفشلان في الصبر.
أرقص طريق الحرير بين العقل و القلب. من ايِّهما ينطلق رقصنا و الى أي منهما ينتهي؟
أرقصُ لعثمة الطفل في مخارج الحروف، حيث الحجر يُنطَقُ "حذر".
-يحكى ان آخر كلمة يمكن للطفل ان يكمل بها مسيرة الكلام هي الحجر- و هي الحذر و هي التكهّن.

لم أكتب قلتُ، لكني قُذِفتُ كحجرٍ حذرٍ في معناه، سوف يتلاشى بعد رمياتٍ نحو باطن و ظاهر.
هكذا و هكذا. هي و ليست هي. نوم و يقظة. انت و ما ليس انت، لأعود و اقول هكذا و هكذا، على نحو قبر و رحم، عقل و قلب.
بينهما متسع من الوقت للترجمة، لترتيب كل الأشياء، ثياب الولادة و عثرات الصبا و الهوى حد الموت.
الشيء الوحيد الذي بقي معلقا على الصاري و الجساري هو ماكتبتهُ لصديقي خالد يعقوب بهنام عندما غادرت بغداد؛
- الدقائق يا خالد، هي تلك الوحدات.
إن لم نعشها بحساسية كافية و عنيفه، فإننا و في التقادم المريع لصرف هذه الوحدات أو الوقت برمته،
-فإننا- سوف لن نقوى على تذكرها بذات الحساسية، بذات العنف.
لكن خالد و أنا، إختفيا مثل نداء قديم.




* " ما يخبزهُ المعبد طوال الليل
يتناوله العِباد عند الصباح".

اسطورة إلهة العشق أنانا

أفران الخبز مازالت تخبز طوال الليل و كأنها معابد قديمة و هكذا.

** كأن اللعثمة، نقص حاد مفاجيء في سوائل الفم يؤدي الى جفاف الحلق و من ثم صعوبة الإنزلاق الطبيعي للسان و الشفتين على بعضهما البعض، مما يؤدي الى خراب وجه اللغة الميكانيكي في التعبير عن الفكرة. نقصان السوائل هذا يتشكل في حالات المشاعر البدائية العاتية الماقبل لغوية، مثل الشعور بالحب و هو – الحب- من عائلة النار و الهواء، على خلاف مشاعر الكراهية و التي من تراب و ماء.



شاعر عراقي مقيم في كوبنهاكن
[email protected]








#رحمن_النجار (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- معبد سركون


المزيد.....




- الثقافة الفلسطينية: 32 مؤسسة ثقافية تضررت جزئيا أو كليا في ح ...
- في وداع صلاح السعدني.. فنانون ينعون عمدة الدراما المصرية
- وفاة -عمدة الدراما المصرية- الممثل صلاح السعدني عن عمر ناهز ...
- موسكو.. افتتاح معرض عن العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا
- فنان مصري يكشف سبب وفاة صلاح السعدني ولحظاته الأخيرة
- بنتُ السراب
- مصر.. دفن صلاح السعدني بجانب فنان مشهور عاهده بالبقاء في جوا ...
- -الضربة المصرية لداعش في ليبيا-.. الإعلان عن موعد عرض فيلم - ...
- أردوغان يشكك بالروايات الإسرائيلية والإيرانية والأمريكية لهج ...
- الموت يغيب الفنان المصري صلاح السعدني


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رحمن النجار - أوكازيون ثمين لبيع العقل