أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الطب , والعلوم - قاسم أمين الهيتي - الصناعات النووية: هلع أم قلق مشروع؟















المزيد.....

الصناعات النووية: هلع أم قلق مشروع؟


قاسم أمين الهيتي

الحوار المتمدن-العدد: 2814 - 2009 / 10 / 29 - 02:22
المحور: الطب , والعلوم
    


1- مقدمة
لا يخلو أي نشاط بشري بما فيه الصناعات النووية من المخاطر. علماً بأن سجل السلامة في الصناعات النووية جيد بدرجة كبيرة حتى لو قورن بحوادث السيارات. وقد لوحظ من خلال الإحصائيات إن إجراءات السلامة المتخذة في العمل في مجال توليد الطاقة النووية أكثر دقةً وأماناً مما هي عليه في المجالات الصناعية الأخرى. ولذا نرى - على الرغم من تأثيراتها الخطرة على عموم الناس - لم يمت أحد من جراء حادث في محطات توليد الطاقة النووية في العالم الغربي. إذ لا يتم نصب الأجهزة النووية أو تشغيلها في أي مكان دون وضع درجة عالية من الحذر أثناء تصميمها أو نصبها وتشغيلها أو تصريف النفايات المشعة الناجمة عنها. ومع ذلك فإن هناك مخاطر خاصة ترافق توليد الطاقة النووية ينبغي التأمين عليها والتحكم بالطاقة التي تنفلت منها سواء على شكل حرارة أو على شكل إشعاعات.

في بداية القرن التاسع عشر لم تؤخذ المخاطر الناجمة عن الإشعاعات المؤينة المنبعثة من المواد المشعة بنظر الاعتبار ولكن من خلال الخبرة المريرة للمجربين لوحظ ضرورة وضع السلامة الإشعاعية كموضوع لزيادة الوقاية من الإشعاع. وأدى التطور الحاصل في تطبيق الإشعاع في المجالات الطبية وخاصة في فحوص الأشعة السينية واستخدام الراديوم في العلاج من الأمراض السرطانية إلى ضرورة وجود اسس للسلامة الإشعاعية.

لذا تم إنشاء الهيئة الدولية للوقاية من الإشعاع (ICRP) عام 1908 من قبل مجموعة من العاملين في المجال الطبي. ووضعت الـ (ICRP) حدود لتعرض للعاملين في مجال الإشعاع والذين يتعاملون مع المواد المشعة بحيث لا تسبب ضرر أو خطر ملموس عند التعامل معها. كما وضعت الهيئة حدود الجرع الخاصة بأفراد عموم الناس وسرعان ما أعتبرت (ICRP) مقبولة عالمياً (كسلطة علمية عالمية) ذات أهمية كبيرة جداً بعد مرور نصف قرن من العمل المتواصل. وأصبحت توصياتها معتمدة كقواعد أساسية لوضع القوانين الخاصة بالسلامة الإشعاعية والرموز الخاصة لدى معظم الدول.

2- عملية تحرير الطاقة

الطاقة النووية ناتجة من القوة التي تربط مكونات نوى الذرات بعضها ببعض ولهذا السبب تعتبر من مصادر الطاقة المهمة جداً. إذ يمكن إنتاج قوة انفجارية عالية تصل إلى الآلاف من الكيلو واطات باستخدام بضعة كيلو غرامات من اليورانيوم أوالبلوتونيوم القابلة للانشطـار ولكن ينبغي التعامل معها بحذر.

إن التخوف من ان انفجار المنشأة الخاصة بتوليد الطاقة النووية للاغراض السلمية، يحصل كما يحصل عند انفجار القنبلة الذرية لا أساس له من الصحة، حيث أن الظروف مختلفة في الحالتين. وهذا لا يعني أنه ليس هناك أية خطورة ترافق الحالتين عند تسرب الطاقة النووية من الموقع. صحيح من الصعب السيطرة على ظروف تسرب الطاقة من منشأة توليد الطاقة، ولكن يمكن تقليل الخطورة الناجمة عن ذلك بكثيرمن التقنيات مما هو عليه عند انفجار القنبلة النووية. قد يصاحب عملية تسرب الطاقة خطورة، فعلى سبيل المثال، عند تجمع المواد القابلة للانشطار بطريقة غير سليمة تؤدي إلى حدوث سلسلة من التفاعلات لها قوة تفجير لقتل أي شخص قريب منها. ولكن يمكن تلافي حدوث ذلك بالإلتزام بالتعليمات والشروط الخاصة بالتشغيل والتصميم الصحيح للمفاعل. أدت إحدى الحوادث إلى قتل شخصين أثناء تصنيع القنبلة الذرية المستخدمة للأغراض الحربية ولم يتم تسجيل أي فقدان في الأرواح ناجمة عن العمل في مجال الصناعات النووية المستخدمة للأغراض السلمية في أي جزء من العالم الغربي. ما عدا حادث واحد في مدينة Idaho)) في الولايات المتحدة عام 1961 في المفاعل التجريبي موديل (PWR) حيث خالف أحد عمال الصيانة التعليمات الخاصة بالتشغيل ودور مقبض السيطرة بالاتجاه الذي أدى إلى وصول المفاعل إلى الحالة الحرجة وتحرير طاقة عالية أدت إلى قتل ثلاثة أشخاص يعملون ضمن هذه المنشأة ثم تم شرح الأسباب التي أدت إلى حدوث مثل هذا الحادث ليستفيد منها مصممي المفاعل والعاملين في هذا المجال.

عملية الوقاية من الإشعاع في عملية تحرير طاقة الانشطار من المهام الصعبة في مجال الصناعة النووية. حيث ينبغي السيطرة على عملية تحرير الطاقة في جميع المراحل الخاصة بدورة الوقود النووي من بداية عملية التعدين وتهيئة الوقود إلى عملية تشغيل المفاعل وإعادة معالجة الوقود وإدارة النفايات المشعة. ولكن لا يتخوف معظم العاملين في حقل الإشعاع من الإشعاع أو الأجهزة المنتجة له، لكونهم يعرفون معنى الإشعاع ومخاطره الحقيقية عن طريق الخبرة ويعرفون أيضاً تصاميم الأجهزة التي يشتغلون بها وتعليمات التشغيل الخاصة بها إضافة إلى أجهزة المراقبة والوقاية لضمان السلامة الدائمة لهم .

3- العمل في محطات الكهرونووية

على الرغم من ان حادثة محطة جرنوبل النووية في ربيع 1986 بالاتحاد السوفيتي السابق، تعدَ كارثة بمنظار التطور الصناعي النووي وكبوة في مضمار استخدام الطاقة النووية للأغراض السلمية. لكن الإعلام الغربي هوّل مخاطر انفجار المحطة إلى درجة التغطية التامة على حادثتي انفجار المركبتين الأمريكيتين النوويتين في تلك الآونة، رغم كون الموضوع يحوي على مخاطر إشعاعية على سكان المناطق المجاورة. وقد ساهم الاعلام انذاك بشكل محموم في انهيار الكتلة الشرقية، ولسنا بهذا الصدد في الوقت الحالي.

لقد بينت أسباب العطل أنه ينبغي أخذ الحذر في التعامل مع الطاقة النووية في محطات القدرة وأن الأمان فيها لا زال مشكلة بالنسبة لجميع البلدان. وأن رفع مستوى التأهب العلمي والوقائي والطبي مهمة جديدة ومشتركة ينبغي الالتفات اليها جدياً في الحقل النووي مستقبلاً لكافة دول العالم. اذ إن الحوادث النووية لم تعد حوادث محلية أو إقليمية فحسب بل مصائب دولية تتخطى نطاق طاقات الدولة الواحدة مهما كانت امكاناتها من حيث السيطرة والخبرات. لقد أظهرت أحداث جرنوبيل محدودية حتى الإمكانات الدولية في احتواء الكوارث النووية، وفرضت الحاجة إلى قيام جهاز دولي يضمن التحذير في الوقت المناسب لجميع الحوادث في المحطات الكهروذرية والتي يمكن أن تسفر عن عواقب خارج البلد المعني. فعلى الصعيد الطبي تبين الآتي:

1- إن التشخيص لمستوى الإصابة بالإشعاع لا زال متخلفاً جداً في العالم.
2- ان هناك ضعف وعزوف عالمي في مستوى التبرع بنخاع العظم.
3- صعوبة كبيرة في عمليات نقل النخاع.
4- حاجة ملحة في تهيئة الأجهزة والمستحضرات الطبية واللوازم الأخرى.

وإذا ما علمنا أن في العالم اليوم اكثر من 500 مفاعل فانه يتطلب التأكيد على مايلي:
1- التقييم العلمي الصائب لما يحدث.
2- تهيئة طواقم لطائرات الهليكوبتر الخاصة بالإنقاذ للحوادث النووية.
3- تدريب عمال الإطفاء وعمال المواصلات وعمال البناء لهذا النوع من الطوارئ.
4- تهيئة وحدات طبية عالمية للوقاية والتعامل مع المواد الكيماوية لتقليل الجرعة.

4- تقليل المخاطر

لقد قامت الكوادر العلمية بمراقبة وتحليل البيانات والمعطيات ووضعت مستويات جرع للإشعاع من جراء المتساقطات النووية كل حسب خطورتها وأهميتها لكننا فشلنا في إيصال عواقب تلك المخاطر إلى السكان اثر حادثة جرنوبل. كما لم يكن بمقدور معظم الأطباء الذين يأوي إليهم الناس من إسداء النصح بخصوص مشكلاتهم الصحية. فلم يكونوا متدربين بصورة جيدة ولم يكن معظمهم قادر على تفسير وتأويل الحالات المرضية بصورة صحيحة. فضلاً على ان الطبيب لم يكن قادراً على حتى تخمين ومعرفة المخاطر الصحية الناتجة من الإشعاع لغرض المساعدة على تفسير المعطيات وإيصالها إلى عموم الناس. ولم تكن سلطات الرعاية الصحية أو الصحة العامة تمتلك سوى تفهما يسيرا لتخمين ومعالجة وحتى إدراك المخاطر الصحية.

إن تضمين البيولوجيا الإشعاعية radiobiology والمبادئ والأسس وتطبيقات إجراءات الوقاية من الإشعاع لا تحتل سوى جزءا يسيرا أو غير موجودة إطلاقا في مناهج الدراسة لطلبة كليات الطب. وعليه فالمناهج الطبية المتطورة تساعد كوادر العناية الصحية من إعطاء الناس تخمينات صحيحة للمخاطر الإشعاعية. وهذه الناحية مهمة جداً إذ يمكن تجنب الهلع وردود الفعل السلبية للمواطنين وجعلهم يتصرفون بشكل منطقي. كما أن تخمين المخاطر بشكل صحيح يكون ضروريا في منع حصول ردود الفعل المبالغ فيها وكذلك لتجنب الإهمال وعدم الاهتمام في حالات الحوادث والطوارئ.

من الناحية الاخرى فأن التدريب المناسب والمستمر لمحترفي العناية الصحية بخصوص تخمين ومعالجة المخاطر الصحية سيكون له آثاراً مهمة خارج مجال الصحة الإشعاعية. وعليه ينبغي أن ستصبح فلسفة الصحة العامة المبنية على أساس المعرفة والخبرة بالإشعاع المؤين مثالا يقتدى به. وأن عملية المقارنة بين جميع المخاطر المحتملة على الصحة، ستساعد كوادر العناية الصحية في إجراء تخمينات اكثر معقولية للمخاطر الصحية وسيؤدي هذا للتحكم بالمخاطر الصحية.

لقد اخذ يتزايد مصدر القلق والاهتمام بالناحية الصحية، وأن المعلومات الناقصة تزيد من قلق المواطنين حول الإنجازات التقنية والعلمية في هذا العالم نتيجة الازدياد المضطرد لبناء المفاعلات سيما في البلدان غير المتقدمة تكنلوجياً. وان وضع برنامج للتعليم والتدريب لطلاب الطب والممارسين الطبيين وذوي المهن الصحية الأخرى والاهتمام في العراق نتيجة التوجه المحموم في استعمال الطاقة الذرية في دول الجوار والمنطقة سيقلل من هذا القلق.





#قاسم_أمين_الهيتي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الديمقراطية والانتخابات البرلمانية
- مسيرة حقوق المرأة ..الجزء الثاني
- مسيرة حقوق المرأة
- سجن الحوت .. معسكر التاجي
- التأثير البايولوجي والوقاية من الأشعة السينية.
- البيئة الإشعاعية
- حين يرحل الكبار
- هل حسمت القنبلة النيوترونية معارك الجيش العراقي؟
- استنساخ لبنة بناء الأحياء
- تساؤلات حول لبنة بناء الكون
- النفط مستعبد الشعوب في سيرته الذاتية


المزيد.....




- السباق على المعادن المهمة يغذي نزاع الهيمنة على أعماق البحار ...
- حافظ على عينيك من العمى بهذه الأطعمة
- موسكو: اتفاق منع استخدام تكنولوجيا المعلومات لأغراض إجرامية ...
- دراستان: النوم الجيد والكافي قد يكون مفتاح الشباب الدائم
- 5 علامات تشير لمشكلة في الرئتين تلزم الذهاب إلى الطبيب
- 10 فوائد للخرشوف..ما أبرز ما يتضمنه الأرضي شوكي من فيتامينات ...
- لماذا قيل عن دولة إسرائيل “معزولة كما لو أصابها الطاعون”؟
- ماذا يحدث عندما تنام أقل من 7 ساعات فى رمضان؟
- ماء النعناع يساعد في فقدان الوزن الزائد.. اعرف أفضل وقت لتنا ...
- مركز روسي يجري اختبارا ناريا ناجحا لمحرك البلازما المستخدم ف ...


المزيد.....

- المركبة الفضائية العسكرية الأمريكية السرية X-37B / أحزاب اليسار و الشيوعية في الهند
- ‫-;-السيطرة على مرض السكري: يمكنك أن تعيش حياة نشطة وط ... / هيثم الفقى
- بعض الحقائق العلمية الحديثة / جواد بشارة
- هل يمكننا إعادة هيكلة أدمغتنا بشكل أفضل؟ / مصعب قاسم عزاوي
- المادة البيضاء والمرض / عاهد جمعة الخطيب
- بروتينات الصدمة الحرارية: التاريخ والاكتشافات والآثار المترت ... / عاهد جمعة الخطيب
- المادة البيضاء والمرض: هل للدماغ دور في بدء المرض / عاهد جمعة الخطيب
- الادوار الفزيولوجية والجزيئية لمستقبلات الاستروجين / عاهد جمعة الخطيب
- دور المايكروبات في المناعة الذاتية / عاهد جمعة الخطيب
- الماركسية وأزمة البيولوجيا المُعاصرة / مالك ابوعليا


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الطب , والعلوم - قاسم أمين الهيتي - الصناعات النووية: هلع أم قلق مشروع؟