|
في نقد المنطق التقليدي ..(5) القضايا المنحرفة .
عبد الرحمن كاظم زيارة
الحوار المتمدن-العدد: 2804 - 2009 / 10 / 19 - 15:51
المحور:
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
تعد القضية منحرفة بحسب المنطق التقليدي ( اذا انحرفت عن استعمالها الطبيعي ووضعها المنطقي) ، وحددوا مواضع المنحرفات في القضايا الحملية والقضايا الشرطية ..
(اولا) انحراف القضية الحملية : ويأتي من ( إقتران سور القضية بالمحمول ) والاستعمال الطبيعي هو (إقتران السور بالموضوع ) . وهذا لانخالفه ، فالسور قرينة للموضوع . ويضربون مثلا في هذا النوع من الانحراف نحو ( الانسان بعض الحيوان) . ووجه الانحراف أن السور " بعض" اقترن بالمحمول " الحيوان " والمدعى ان الاستعمال الطبيعي يجب ان يكون ( بعض الحيوان إنسان ). ونسأل هنا : هل ثمة ضرورة ملزمة بإعتبار الطرف الاول في الحملية المسورة " موضوعا" ،والطرف الثاني منها " محمولا " ؟ أم أن المعيار في الاصطلاح على الطرفين هو أقتران لفظ السور فقط ؟ وجوابا عن هذا التساؤل نقول ؛ نعم ان الامر "المعتاد " هو أن الطرف الاول موضوعا والثاني محمولا في القضية الحملية . ولكن هذا الترتيب ليس ملزما ، طالما يمكن الاستدلال على الموضوع من قرينة السور.فالمثال ( الانسان بعض الحيوان) تتألف من الموضوع " الحيوان " لأنه مقترن بالسور ، وهو هنا سور جزئي ، و" الانسان" محمولا . وهذا من شأن اللغة . أما من حيث وضعها المنطقي فأن صيغتها المذكورة لاتخرجها من كونها مركبا تاما . بمعنى ان ( الانسان بعض الحيوان) مركبا تاما وهذا كاف لعدها قضية قابلة للحكم صدقا او كذبا ، والقضية اياها صادقة . وان الترتيب الذي عليه لغة ترتيب طبيعي ووضعها منطقي للاسباب المذكورة . إن ترتيبها مشابه تماما لتقديم الخبر على المبتدأ في اللغة ، فيصح القول " موضوعها متأخر" و" محمولها متقدم " . فالقضيتان في المثال متكافئتان ، بمعنى كلاهما صادق ، وهذا دليل آخر على أن استعمالها طبيعي ، وهو استعمال لغوي كما لايخفى . وان وضعها منطقي للسبب المذكور. ان القضيتين المتكافئتان لهما ذات القيمة : اما كلاهما صادق او كلاهما كاذب ، بشرط ان يكون لها الاطراف ذاتها . فليس كل قضيتين صادقتين او كاذبتين متكافئتين . ولابد ان نستعمل في هذا الموضع مفهوم " الإبدال " .. ونقصد بها تبديل طرفي القضية ، أحدهما في محل الآخر ، وليس هذا من شأن العكس المستوي كما سيتضح . فنقول على القضية الحملية بأنها إبدالية اذا أمكن إبدال طرفيها احدهما في محل الآخر ، وحافظت على صدقها او حافظت على كذبها . وواضح ان القضية الاصل والقضية المبدلة الطرفين متكافئتان . لذلك فأن القضية ( الانسان بعض الحيوان) صادقة بصدق المبدلة ( بعض الحيوان إنسان) وليس باعتبارآخر . ليست كل القضايا الحملية إبدالية ، فأن الخاصة الابدالية قد تتوافر او لاتتوافر في القضية تبعا لكل من : السوروالكيف والنسبة بين الموضوع والمحمول بوصفهما مفهومين كليين .
أ ـ فاذا لم تكن القضية الحملية مسورة وان الموضوع جزء من المحمول نحو ( الانسان حيوان) فأن القضية ليست إبدالية لأن ( الحيوان إنسان ) خاطئة بينما الاصل صادق ، فيسقط شرط الخاصة الابدالية وهو التكافؤ . ب ـ واذا كان سور القضية الموجبة جزئي ، والموضوع يساوي المحمول ، او الموضوع جزء من المحمول فالخاصة الابدالية متوافرة فيها . نحو ( الانسان بعض الناطق ) صادقة ، ( بعض الانسان ناطق ) صادقة . ( إبدالية) و ( الانسان بعض الحيوان ) صادقة ، ( بعض الحيوان إنسان ) صادقة . (إبدالية). جـ ـ واذا كان السور كلي و كانت النسبة بين الكليين ؛ الموضوع والمحمول التساوي فأن الخاصة الإبدالية متحققة. نحو : ( كل انسان ناطق ) صادقة ، ( الناطق كل الانسان) صادقة .(إبدالية ) أو ( كل ناطق انسان) صداقة ، ( الانسان كل الناطق) صادقة . (إبدالية) د ـ واذا كان السور كلي والنسبة بين الموضوع والمحمول هي نسبة الجزء الى الكل فلا وجود لخاصةالإبدال . نحو : ( كل انسان حيوان ) صادقة ، ( الحيوان كل الانسان ) كاذبة . ( ليست إبدالية ) . وهكذا يمكن سرد الحالات السالبة المماثلة من حيث السور والنسبة . وان الاحتكام للذائقة والسليقة اللغوية العربية وفصاحة اللغة والالمام بالبلاغة يغني عن كل هذه التعقيدات . وننوه هنا إننا لانقول بضرورة تسوير المحمول وإن كان ذلك ممكنا ، وهذا مبحث ليس هذا محله. ومطالعتنا انصبت في تقديم وتأخير طرفي الحملية .
(ثانيا ) إنحراف القضية الشرطية : ويكون عندما ( تخلو الشرطية عن أدوات الاتصال والعناد فتكون بصورة حملية وهي في قوة الشرطية ) . وقبل مباشرة ملاحظة هذا النوع من الانحراف المدعى في الشرطية ،لابد من القول ان المنطق التقليدي لم يعنى بـ " أدوات الربط " ، ولم نعرف عن أية ادوات يشير اليها نص التعريف . فأدوات الربط كلها مقدرة بالنسبة بين اطراف الحملية ، وبين اطراف الشرطية ـ الشرطية وفق المنطق التقليدي والذي عالجناه في مطالعة سابقة ـ ومهما يكن فلنواصل عرض المنطق التقليدي لهذا النوع من الانحراف في القضايا . فيضربون مثلا القضية الشرطية المنحرفة ـ ( لاتكون الشمس طالعة أو يكون النهار موجودا ) فهي في قوة المتصلة ، واصلها ( كلما كانت الشمس طالعة كان النهار موجودا ) . ونقول ، في تعبير " في قوة المتصلة " يكمن التصويب . أن القضية الاصل عندنا هي قضية شرطية وليست متصلة ، لأن القضية المتصلة تتميز بوجود اداة الاتصال " و" . بمعنى ان الشرطية لاتقسم الى متصلة ومنفصلة كما دللنا على ذلك في المطالعة السابقة . فالقضية الاصل تتألف من قضيتين باداة الشرط " كلما كان ... كان .. " وصيغتها العامة " اذا ب فأن حـ " . وهذه الصيغة تكافئ الصيغة " ليس ب أو حـ " ، حيث ان الاداة " أو " اتفاقية ، فلايمتنع تحقق الطرفين ، وانها تصدق بصدق احد الاطراف في الاقل ، كما تصدق بصدق الطرفين . فأذن القضية التي لها الصيغة " اذا ب فأن حـ " تكافئ القضية التي لها الصيغة " ليس ب أو حـ " .مرة أخرى لاتسعفنا ادوات التدوين في الحوار المتمدن لعمل جداول بقيم الحقيقة للصيغتين ، لاثبات تكافؤهما . وعلى العموم اذا كانا طرفا الشرطية ، المقدم والتالي غير متنافيين فهي صادقة ، وبالتالي من الصائبة تحويلها بنفي المقدم وابقاء كيف التالي على حاله وربطهما باداةالربط " او ـ الاتفاقية " . فليس إذن ثمة انحراف لامن حيث الاستعمال الطبيعي ، ولا من حيث الوضع المنطقي. ـ ( لايجتمع المال إلا من شح او حرام ) فأنها في قوة المنفصلة والاصل ( اما ان يجتمع المال من شح او من حرام ) . ونقول اذا كان المقصود بالانفصال التخيير ، بمعنى جواز اجتماع تحقق الطرفين " الشح" و" الحرام " ولا تناف بينهما فهو تقدير صائب في التحليل المنطقي ، اما اذا كان التنافي فهذا ليس بالتقدير الصائب . ان ما يدعى ان المثال قضية منحرفة ، فيه نظر أيضا لأنها من الاستعمال الطبيعي ، وهو دارج في اللغة الفصحى ، وانها قابلة للحكم بصدقها او كذبها . كما ان وجود اداة الاستثناء ليس لها مكان في الوضع المنطقي ، فهو استثناء تبع النفي . فلو قلت ( لايجتمع المال من شح أو حرام ) فسيكون لها مكافئ هو ( لايجمع المال من شح (و) لايجمع المال من حرام) وبالصيغة المعتادة ( لايجمع مال من شح ولايجمع من حرام ) . فأين الانحراف هنا ؟ . والخلاصة : ان حالات الانحراف المدعاة في المنطق التقليدي ، والمذكورة بعيدة عن الانحراف من حيث الاستعمال اللغوي والوضع المنطقي . (( يتبع )) ...
#عبد_الرحمن_كاظم_زيارة (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
في نقد المنطق التقليدي ..(4) القضية الشرطية وتقسيماتها
-
في نقد المنطق التقليدي ..(3) النسبة
-
في نقد المنطق التقليدي ..(2) السلب والعدول وغياب النفي
-
في نقد المنطق التقليدي ..(1) كم القضايا
-
نبط العراق مركز الارض ومثابة التحولات الكبرى
-
اليمن ذلك البلد السعيد بين سندان الحوثيين ومطرقة الانفصاليين
-
ملاحظات في البداهة والبديهية
-
الكائنات المنقوصة هي الاصل وما ينقصها فرع منها
-
نبذ نظرية المؤامرة ونبذ الارهاب وخواء العقل
-
السبيل الى تنفيذ دعوة القذافي الى انشاء مجلس أمن حركة عدم ال
...
-
السبيل الى أنسنة ادارة الولايات الامبريالية الامريكية
-
نحو جبهة عربية لفصائل المقاومة و التحرير في الوطن العربي
-
بطاقة تعريف الشكل الحيوي للشيخ محي الدين العربي
-
نسبية المعايير وتوحيدية المنطق الحيوي
-
سلطة المنطق التوحيدي وقانون التدافع
-
يكتاتورية الشكل الحيوي تضطهد البنيوية الحقة
-
الغاء جامعة الدول العربية مطلب جماهيري وحدوي
-
(( جبر بوول )) ومجالات التوظيف في المنطق والفلسفة
-
المطالعات الاربعة في المنطق التوحيدي والايديولوجيا
-
النظام البديهي للمنطق الحيوي التوحيدي
المزيد.....
-
الناطق باسم نتنياهو يرد على تصريحات نائب قطري: لا تصدر عن وس
...
-
تقرير: مصر تتعهد بالكف عن الاقتراض المباشر
-
القضاء الفرنسي يصدر حكمه على رئيس حكومة سابق لتورطه في فضيحة
...
-
بتكليف من بوتين.. مسؤولة روسية في الدوحة بعد حديث عن مفاوضات
...
-
هروب خيول عسكرية في جميع أنحاء لندن
-
العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز يدخل المستشفى التخص
...
-
شاهد: نائب وزير الدفاع الروسي يمثل أمام المحكمة بتهمة الرشوة
...
-
مقتل عائلة أوكرانية ونجاة طفل في السادسة من عمره بأعجوبة في
...
-
الرئيس الألماني يختتم زيارته لتركيا بلقاء أردوغان
-
شويغو: هذا العام لدينا ثلاث عمليات إطلاق جديدة لصاروخ -أنغار
...
المزيد.....
-
فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال
...
/ إدريس ولد القابلة
-
المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب
...
/ حسام الدين فياض
-
القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا
...
/ حسام الدين فياض
-
فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل
/ محمد عبد الكريم يوسف
-
يوميات على هامش الحلم
/ عماد زولي
-
نقض هيجل
/ هيبت بافي حلبجة
-
العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال
...
/ بلال عوض سلامة
-
المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس
...
/ حبطيش وعلي
-
الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل
...
/ سعيد العليمى
-
أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم
...
/ سعيد زيوش
المزيد.....
|