الهجرة المليونية العراقية من تداعيات حروب الخليج الثلاث . فمن المتهمون بها ؟ في سلسلة حلقات

حبيب محمد تقي

الحوار المتمدن-العدد: 2804 - 2009 / 10 / 19 - 01:01
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    

( تتمة الجزء الثاني )
عودة لمحاولة الاجابة على السؤال الذي وضعناه في في بداية الجزء الثاني من هذه الدراسة . معتمدين في ذلك على المعطيات وتطورات الاحداث التاريخية انذاك . إذ سبق قرار التأميم في حزيران 1972 ، والذي تمخض عن مكاسب اقتصادية في غاية الاهمية . عمل النظام البعثي وحزبه في مد الجسور والتواصل مع القوى والاحزاب السياسية الفاعلة في ساحة المعارضة حين ذاك . وذلك بفتح الحوارات الوطنية الجدية معها .
فمع نهاية الستينات وبداية السبعينات ، اي الفترة الممتدة بين هذه الاعوام والتي كات شاهدا على تلك اللقاءات والحوارت الواعدة بين حزب السلطة وقوى واحزاب المعارضة الاساسية . تبلور عنها اي عن تلك الحوارات توافقات استبشرنا بها خيرا . إذ شكلت حينذاك انطلاقة خلاقة نحو افاق واعدة ، تحقيقها والتمسك بها ، كان كفيلا بصيانة وحماية المكاسب الاقتصادية الهائلة التي تحققت انذاك . بالطبع في حال ترجمة تلك التوافقات السياسية الوطنية الى واقع ميداني ملموس . وابرز تلك المكونات والقوى السياسية التي حاورها النظام وحزبه حينذاك . هما الحزب الديمقراطي الكردستاني . بزعامة ملا مصطفى البرزاني . والحزب الشيوعي العراقي جناح اللجنة المركزية بزعامة كاكة عزيز محمد . ونتج عن تلك الحوارات الوطنية المستفيضة حزمة من القرارات التوافقية والتي شكلة انجازا ومكسبا سياسيا ضخما لايقل اهمية عن المنجزات الاقتصادية التي تحقت لاحقا بعد تأميم الثروة النفطية ، بل يكمل تلك المكتسبات ويصونها الى ابعد مدى . ومن ابرز تلك الثمرات التي تمخضت عنها تلك الحوارات الوطنية في بادء الامر هي .
1 - اتفاقية 11 أذار عام 1970 لحل القضية الكردية العراقية حلا عادلا بما يكفل ضمان حق الشعب العراقي الكردي في ممارسة حقوقه القومية في اطار وطنه الام الحاضن العراق . اذ هم عراقيون اولا واكراد ثانيا .
2 - اواخر 1971 . اتفاق المبادئ والتفاهم الذي اعلن عنه بين الحزبين . البعث الحاكم والحزب الشيوعي العراقي جناح كاكه عزيز محمد . كخطوة اولى وصولا الى تحقيق التحالف الاوسع ، الوطني والقومي لكافة القوى والاحزاب السياسة العراقية للانضواء تحت خيمته .
ولم تقف تلك الحوارات القيمة بين السلطة والمعارضة عند حدود اتفاقيات مبادئ بل استكملة الى ما هو ابعد . اذ صيغة كقوانين اعتمدت كمواد اساسية في الدستور العراقي المؤقت حينذاك . فشرع قانون الحكم الذاتي وللمرة الاولى ليس في العراق فحسب بل وعموم المنطقة . واعلن عن ولادته رسميا وشعبيا في 1974 استنادا الى اتفاقية التفاهم الموقعة من قبل في 11 أذار 1970 . فكان ذلك القانون انتصارا حقيقا ليس لمكون اساسي من مكونات الشعب العراقي الا وهم الكرد بل كان انتصارا ومكسبا وطنيا ملحا لعموم العراق . اذ تحقيق المكاسب القومية لهذا المكون او ذاك . لهذه الاقلية القومية او تلك والحفاظ عليها مرهون دون ادنى شك بالتطور الديمقراطي للعراق ككل . العراق الواحد الاحد والغير قابل للقسسمة . العراق الذي ينحني للريح العاتية دون ان ينكسر. فكان ذلك التشريع يجسد نموذجا حيا لذلك التطور الديمقراطي ويجسد ذلك الترابط الوثيق بين الحقوق القومية و الديمقراطية والذي قدم الشعب العراقي بعربه وكرده وباقلياته القومية والدينية الغالي والنفيس .
وقبل ذلك وبحوالي اقل من عام . طور اتفاق المبادئ والتفاهم الذي وقعة حروفه الاولى في اواخر عام 1971 بين حزب السلطة والحزب الشيوعي العراقي اللجنة المركزية . واعلن رسميا عن تشكيل جبهة التحالف بين الحزبين 1973 وفي حفل رسمي وتحت اضواء الاعلام المحلية والاقليمية والعالمية . وكان مستوى التمثيل فيه على اعلى مستوى . فحضر شخصيا امين سر قيادة قطر العراق لحزب البعث العربي الاشتراكي ورئيس الجمهورية والقائد العام للقواة المسلحة العراقية انذاك احمد حسن البكر ورفاقه في القيادتين القطرية والقومية ومهندس الاتفاق الراحل صدام حسين وعدد غير قليل من وزراء حكومة النظام . وعن جانب الحزب الشيوعي الرجل الاول في الحزب سكرتير اللجنة المركزية كاكة عزيز محمد ورفاقه اعضاء اللجنة المركزية والمكتب السياسي . ومن منا ( واقصد منا اي من جيلي الذي عاصر ذلك الاتفاق واستبشر به خيرا ) من منا ينسى الكلمات العاطفية المرتجلة التي جاءت في سياق كلمة سكرتير الحزب الشيوعي العراقي كاكه عزيز محمد في خطابه في حفل التوقيع امام كامرات الاعلام المحلية والعربية والدولية والتي قال فيها نصا ؛؛ ان هذا التحالف بين الحزبين يمكن ان يمتد بنا لنجد انفسنا شئ واحدا ؛؛ واترك للقارئ التحليل و التعليق على هذه الكلمات الخطيرة بمدلولاتها رغم انها صدرة منه عن ردود افعال عاطفية حينها .
وهذا التحالف لم يختصر على حزب السطلة والشيوعيون . فانضم اليه لاحقا الحزب الديمقراطي الكردستاني و قوى وشخصيات قومية ومستقلة . ليمتد من عام اعلان التحالف او الجبهة تلك في 1973 لتستمر حتى يوم قبرها في حوالي اواسط عام 1978 .
وقد تزامن هذا التطور الخلاق في ترتيب البيت العراقي مع مواقف عربية متفاعلة وفاعلة في ساحة النضال العربي وقضيته المركزية انذاك فلسطين . فأبان حرب تشرين عام 1973 وقف النظام العراقي موقفا قوميا تحرريا شجاعا برفعه شعار النفط سلاح في معركة الكرامة والتحرير لدعم الشعب الفلسطيني صاحب اعدل قضية في العالم . ولم يكتفي برفع هذا السلاح الفاعل كمجرد شعار بل كان السباق في تطبيقه وسعى الى دفع الدول البترولية العربية الاخرى اللى تبنيه بل واسهم ميدانيا بجيشه في تلك الحرب . وتكررت هذه المواقف القومية التحررية المساندة لقضايا العرب العادلة . تكرر مرة اخرى في 1980 عندما حاولة الدولة اللقيطة اسرائييل نقل عاصمتها الى القدس وطلبها من السفارات والممثليات الدولية الى نقل انشطتها الى القدس . وفي هذه المرة لم يكن البعث العراقي لوحده في تبني هذا السلاح فقد نصرته وللمرة الاولى المملكة العربية السعودية . وبفضل هذه الخطوة الجسورة ارتدت الولايات المتحدة عن الاذعان للطلب الاسرائيلي .
للموضوع تتمة تاتيكم في الحلقة القادمة لاحقا .

#حبيب_محمد_تقي (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين	حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات