لماذا تحدث الهجرة إذا جاز التعبير ...

محمد عايد مانع الحسيني

الحوار المتمدن-العدد: 2789 - 2009 / 10 / 4 - 17:44
المحور: الهجرة , العنصرية , حقوق اللاجئين ,و الجاليات المهاجرة
    

إن المعهود والمعروف لمصطلح الهجرة هو الانتقال من مكان الى مكان اخر حيث توفر مستلزمات العيش الرغيد والامن ، ولعل البعض من يقول انها مسألة مستحدثة وهذا يتنافى مع الوقائع التاريخية القديمة لاننا ندرك ان من يهاجر من بلدة او من مكان استقرارة يكون لاسباب كثيرة وهو محور الحديث عن سبب حدوث الهجرة اذا كانت هجرة فعلية وهل ان من يهاجر سينسى ماكان علية سابقا ، الحقيقة انني لا اريد الخوض في دائرة التيارات الفلسفية واكون زائراً ثقيلاً على المتلقي لكن لابد من تدارك الامر بصور معقلمة تتواكب مع الافكار الدارجة حاليا .
الحقيقة يا اخوتي ان من يهاجر كجسد مادي لا عيني سيكون بواقع الحال مجرد شخص انتقل من مكان الى اخر لاجل توفر مستلزمات هو يدركها في قرارة نفسة اولا واخيرا ولكن ماذا سينتقل بعد الانتقال الاول وهذا ما نخشاه ونؤكد علية ، نخشى ان ينتقل الفكر وان تضيع مواهب هذا المنٌتقل في مكان اخر ، والتاريخ يحدثنا كثيرا وعن هجرات كثيرة وردت منذ بدء التاريخ القديم ومحاولة الحصول على افضل مكان للعيش وتوفير الامن لبقية ابناء الجنس اللبشري ، واستمر هذا الحال الى عهود لاحقة سواء في تاريخ العرب قبل الاسلام وعهود الاسلام كذلك ماحدث من هجرات اثناء حكم الامبراطورية الرومانية والساسانية ولفترات متفاوته من حقب التاريخ ، اننا ندرك جيداً ان هؤلاء الناس يهاجرون ولكن الى اين الى حيث الراحة الفكرية ام الى حيث اجد مايجعلني حياً ، الفرق كبير ، اذ لاضير من الانتقال والهجرة لتلاقح الفكر وتمازج الحضارات لكن هذا لايعني الغاء وتجاهل الحضارة القديمة وان افضل ابناء الجنس الاصليين على المهجرين لاننا سنكون قد احتكمنا الى الاسلوب العنصري في التعامل والتحاور وهذا مالايمكن تفادية حتى في الوقت الحاضر .
واذا ما توافقنا مع مسألة ان الهجرة ظاهرة حديثة فاننا نرى انها كانت من دواعي تشكيل النظام الاقتصادي العالمي المتكامل اذا صح التعبير ولكن كيف يتحقق هذا الامر ؟؟ يتحقق من خلال تأهيل القوى العاملة والارتحال للعمل للمهاجرون المتوافقين مع شروط الهجرة الرسمية ، والذي يتحقق هنا هو مفهوم حديث للهجرة كظهور الدولة القومية وقانون المواطنة في هذه الدولة القومية حيث تمنح حق غير قابل للتحويل للاقامة في هذه الدولة وان اقامة غير المواطنين ستخضع هنا الى قانون الهجرة ، وعندما نتطرق الى اسباب الهجرة التي نحن بصددها سندرك لماذا حدثت الهجرة اصلا ..
1- من اسباب الهجرة قديما هو محاولة تحسين الوضع الاقتصادي سواء لشخص واحد او لفئات متعددة كأن تكون قبيلة او اسرة معينة ، والامثلة كثيرة في التاريخ مثل هجرة عرب اليمن بعد انهيار سد مأرب وتدهور الحالة المعاشية عندهم، كذلك ماحدث في هجرة قبائل بني هلال وسلٌيم الى ارض المغرب العربي ..
2- من اسباب الهجرة كذلك اقتصادي يظهر جليا من خلال قلة فرص العمل في مكان محدد فيضطر الفرد الى الارتحال للعثور على فرصة مناسبة للعمل تنقذه من الوضع المتردي الذي كان علية وهذا الامر تكرر الظهور في الوقت السابق واللاحق من التاريخ البشري ..
3-السبب السياسي يكون مهم هنا وبدرجة واضحة ، من خلال هجرة افراد معينيين او مجموعة محددة اتخذت منهجا سياسياً يتناقض مع المنهج المتبع في الدولة التي يعيش فيها سابقا ، فيحتم علية هذا الامر الارتحال تفاديا للاضطرابات والمشاكل ونتائجها الوخيمة على الشخص المعني فيٌجبر على الهجرة او الهرب للحفاظ على نفسة وعلى منهجة السياسي الذي كان سببا في ارتحالة من مكانة الاسبق ..
4- الهجرة الفكرية او هجرة العقول وهذا النوع من الهجرة تنطوي علية مخاطر كبيرة وكثيرة ناهيك عن انها تؤثر بالعامل النفسي للشخص المهاجر ، ناهيك عن هجرة الافكار التي هو بصددها ومن الغريب جدا حدوث هذا النوع من الهجرة ولعل هنالك من يسأل لماذا تهاجر الافكار مادام المكان مناسبا لها ؟ واذا ما ما وجدت الافكار خليلاً رائقا في مكانها لماذا ترتحل ؟ هل هناك من اجبرها على الرحيل ؟ نحن قلنا في مستهل الحديث لاضير من تلاقح الفكر ، ولكن الهجرة الاجبارية للعقل هذا ما لايتوافق مع المنطق ، ولعلي سألت نفسي كثيراً لماذا تحدث الهجرة الفكرية كثيرا في العراق مثلاً ؟ هل جرت عمليات تصفية واقعية للعقل البشري الذي ابدع وانتج افكارا كانت منارا للعلم والرشاد ؟ .

#محمد_عايد_مانع_الحسيني (هاشتاغ)      

---

ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل