أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - تيسير عبدالجبار الآلوسي - تواضع العلماء وتجاوز الجهلاء!















المزيد.....

تواضع العلماء وتجاوز الجهلاء!


تيسير عبدالجبار الآلوسي
(Tayseer A. Al Alousi)


الحوار المتمدن-العدد: 845 - 2004 / 5 / 26 - 05:17
المحور: اخر الاخبار, المقالات والبيانات
    


يمضي علماؤنا في طريق الإبداع وتقديم جهودهم العلمية المعرفية من دون حدود وهم يقدمون تلك الجهود الباهرة العظيمة بكل تواضع ولا يرون فيها ما يجعلهم إنسانيا في حالة نخبوية منعزلة أو فوقية تفصلهم عن محيطهم بل هم يقتربون من الإنسان العادي بشكل وطيد بروح متفتح متواضع بغية تفعيل التأثير وتبادل الخبرات والمعارف. وهم لا يرون في ما وصلوا إليه شيئا يميِّزهم عن الناس سلبا بقدر ما يجدون فيه فرص جديدة للتعاطي مع تفاصيل الحياة اليومية بكل ودية واحترام وتقدير وتنزيه...
وبالمقابل نجد من بعض الأميين وبالذات الجهلاء حالة من الصدّ والتكبر والتعالي والعناد وركوب الرأس بما يجعل ديدنهم في تفاصيل حياتهم اليومية يتقصد بوضوح الاستهانة بالعلماء والحط من مقامهم والمسِّ بمكاناتهم والتعرض لقيمهم السامية ومحاولة إهانة العالِم والعارِف المثقف والمبدع بأية طريقة أمكنهم القيام بذلك..
ويظهر هذا أكثر ما يظهر في مواقع النشر والإنترنت بخاصة منها تلك التي تعود إلى بعض أميي المعرفة الذين واتتهم الفرصة ليكونوا دخلاء على هذا العالم.. أو من تلك المواقع المقصود من وراء وجودها وسياساتها العمل بتخطيط مسبق على التشويش على الوعي الجمعي عبر محاولات خلط الأوراق بصناعة أسماء ونشر ما تهذي به من أيّ كلام بائس المهم يتوه بين كثرة من تلك الأسماء اسمَ عالِم لا يدري الناس بوجوده بسبب من ذياك الطمس المتعمد مع سبق الإصرار بغرض أبعاد تأثير رؤاه وموضوعاته على الشارع..
وأكثر من ذلك يتمادى المُخلــَّـقين المُصنـَّـعين في معامل شياطين الشر وتخريب المجتمعات الإنسانية على العلماء ولا يهم كيف ومتى وبأية مناسبة المهم يكررون التمادي والتجاوز بغية جعل ذلك حالة يعتادها القارئ أو المتلقي وهم يستمرئون ما يفعلون مقابل أية هوامش مادية تافهة تـُدفـَع مقابل تلك الخطايا والجرائم..
إنَّ حالة قبول العلماء والمبدعين للتعاطي مع الواقع على ما هو عليه هي حالة تواضع واضحة وهي جزء من تمسك بقيم الأخلاق الإنسانية وبمبادئ احترام القيمة السامية العليا للوجود الإنساني المشترك. ولكن بلا حماية في مجتمع الفوضى ولمامة الأوباش الذين يسطون بأموالهم المسروقة حتى على عالم الإبداع والثقافة كما يحصل مع مَن يقتني لوحة فنية أو آية جمالية لا يعرف كيف وأين توضع وتقرأ وكل ما يعرفه أنّه يدفع الأموال لتجميل بيته بتلك اللوحة التي يتباهى بها من دون معرفة ومثل الذي يمتلك مكتبة لم يفتح منها كتابا مثل كل هذه الأمثلة وهي تستهين بالعلم والمعرفة والفن وتهينه يوميا بكل الوسائل المتاحة...
وفي الحقيقة نسوق هذه المقدمة للكشف عن ظاهرة بدأت تتسع في التعاطي مع العلماء والمبدعين بقلة اكتراث واهتمام وبسوء تعامل واستهانة خطيرة وبقلة أدب وتقدير لجلال الثقافة والعلم في شخص العلماء وصرنا نرى مَن يتبع جاهل لمجرد لفافة خرقة قماش على رأس ذاك الجاهل المدعي القدسية‍, وهو لا يتبعه في دينه بل في الامتثال لأوامر الاستهانة والهزء والسخرية من العلم والعلماء وحتى استسهال اغتيال مَن يشاؤون تصفيته نهائيا...
إنَّ أول طريق الهاوية ومقتل البلاد وشعبها أنَّها تتخذ من جهلائها قادة ووجهاء في حين تهمل علماءها وتهمِّشهم بل تستهين بهم وتهينهم وطرق المهانة كثيرة ولكن جوهرها واحد.. فتركهم بلا مأوى وتعريضهم لآلام الحياة اليومية ومكابداتها وأوصابها وترك الصبية والزعران يسخرون منهم بوسائل شتى هي جميعها تجاوزات على قامة العلم والمعرفة..
إنَّ الكتابات الرصينة والدراسات المكينة والأبحاث الأكاديمية العميقة والتحليلات الأمينة يتم تضييعها في أجواء العبث الرخيص الذي يستمرئ ما يسميه كثرة المشاركات والمساهمات المختلفة ولكنها في حقيقتها ليست إلا جوهرا واحدا من العبثية من قاع الكتابة والشخبطة بلغو الكلام لا غير وهي استهانة وإهانة فاضحة سافرة بحق العلم والعلماء..
كيف يمكن وقف مثل هذه الحالة بدلا من تعمّقها وتوسّعها؟ في حقيقة أمر الإجابة لابد من تذكرنا أنَّ العلم وأهله لن يتخلوا عن تواضعهم وتعايشهم مع عامة الناس ولن يتخلوا عن التعاطي والتعامل مع مجموع الناس وحيواتهم العادية وتفاصيلها ولكنهم لا ينبغي أنْ نتركهم وسط غابة الأشقياء البائسين ولعناتهم الوضيعة..
هل سيتم هذا بوضع ميثاق شرف؟ لن يلتزمه إلا العلماء. هل سيتم ذلك بإعلان أعراف أو قوانين نشر وضوابط في حياتنا اليومية؟ لن يلتفت إليها سوى الذي يقرأ بحق والذي يتابع الصائب من الكلام.. نحن بحاجة إلى ضبط الوضع عامة ومنع الانفلات ومنع التجاوزات بقوانين لها سلاح فرض سلطتها على الجهلة من سقط متاع المجتمع..
إنَّ خلاصة القول في حقيقة تواضع العلماء واحتفائهم بالإنسان ومشاركته همومه والتفاعل مع مشكلاته والعمل على حلـِّها بعلاقة إنسانية وطيدة تمتلئ بقيم الأخلاق الكريمة ومنها بالتحديد قيم التواضع التي لا تعني وليس لها علاقة في شئ منها بأيِّ حال من الأحوال بمسألة استمراء بعضهم من الجهلة بالتحديد تصور المساواة الإنسانية أو تواضع العلماء كونها وسيلة لوضع أنفسهم موضع العلماء ومن ثمَّ خلق الاختلال المأساوي الكارثي في أخطر موضع في عصرنا وهو موضع القيادة العلمية وتسليم مهمات العلم والعلماء لجهالة جهلاء في سابقة من سوابق التخلف والجهل وجرائمهما..
إنَّ تلك الحقائق ينضوي تحتها كثير من الأمثلة وفي مختلف مواقع حياتنا اليومية وتفاصيلها ومفاصل كينونتها. من مثل وضع عالم وجاهل في موضع المحاضرة العامة ومن مثل وضع بحث عالم أو دراسته التخصصية بين شخابيط الجهلة وهذيانات الكويتبات وتداعيات المعاتيه, ومن مثل تطاول جاهل أو شبيه أو متعالم على عالِم في جلسة أو ندوة أو ملتقى ومن مثل تصور بعضهم لأنَّهم يلتقون علماء المجتمع ومثقفيه ومبدعيه اجتماعيا فقد حق لهم وضع رؤوسهم برؤوس أولئك الفقهاء والعلماء...
وهم بعد ذلك يلاسنونهم ويحاججونهم ليس بقلة معرفة وهي حقيقة الأمر وجوهره بل بقلة أدب وتجاوز على معنى العلم ومعطياته الأخلاقية متناسين أهمية التراتبية في الدرجات العلمية ومن ثمَّ الحاجة لصعود سلم المعرفة بمراكمتها وتبادلها وأخذها عن العلماء والأساتذة ولكنَّ المشاكل الأخلاقية التي نشير إليها هنا من نمط التجاوز على العلماء هي المقدمة ليس لإهانة العلماء ومكانتهم بل لإهانة العلم وعدم التعاطي مع مفرداته والامتناع عن الأخذ به بخاصة منه المعارف والعلوم الإنسانية التي تمس سلوك المجتمع وحركته التطورية..
وفي ضوء ذلك تتشكل مخاطر جمة من نمط سيادة سلطة الجهلة وتوجيههم المجتمع توجيها يتعارض مع مستقبل الناس ومصالحهم الصائبة الحقة كما يحصل مع ممارسات تلاميذ لم يحصلوا بعد على شهادة جامعية أو تخصصية أو مدرسية ولا حتى شهادة حوزة (علمية) أو غير (علمية) وتدخل أولئك التلاميذ في الافتاء بقضايا لم يفقهوا من أمرها أكثر من أسمائها بما يخلق مآسِ ِ نمر بها اليوم ويؤسِّس لكوارث تالية لها أول وليس منتهى أو آخِـر..
وعلينا في ضوء ذلك إعادة الثقة لمجتمع المدنية والتحضر العراقي سليل تراث البشرية الحضارة السومرية وإعادة مكانة العلماء واعتبارهم وموقعهم ومنع حالات الاستهانة والإهانة وجعلها جريمة بحق المجتمع ومعتقداته ومبادئه وقوانينه وبتلك العودة الحكيمة نكون أعدنا التوازن والعلاقات الاجتماعية العامة ومسارات الحركة التطورية إلى مواضعها الصحيحة الصائبة..
وفي الحقيقة الأمر لا يتعلق بوضع العلاقات الاجتماعية فحسب بقدر ما يتعلق بمنح المجتمع العراقي فرص تطوره وتقدمه وتصحيح مساراتهما لكي تتجه اتجاها قويما وموضوعيا ومتسارعا بما يلبي حاجات جميع مكونات المجتمع ويمحو معالم التخلف والجهل ويزيل أية مكانة مفتعلة للجهلاء وإمكان تشويههم مسارات العمل الإنساني في بلادنا...



#تيسير_عبدالجبار_الآلوسي (هاشتاغ)       Tayseer_A._Al_Alousi#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حول مكونات الطيف العراقي القومية والدينية ومواقعها وأدوارها ...
- حول الأمية المعلوماتية والمؤسسات العراقية الجديدة
- السيادة الوطنية محدداتها وطبيعتها بين الأمس واليوم؟
- حياة الإنسان لا تساوي ورقة في سجل!؟ -وحقوقه مجرد قرار إداري ...
- دولة القانون المؤمَّلة قرار شعبي؟
- حول الجنسية العراقية والقنابل المستقبلية الموقوتة!
- حول برامج الأحزاب الوطنية ومصداقية التفاعل فيما بينها والتوج ...
- حق تقرير المصير للشعب الكردي؟
- بصدد المؤسسة الإعلامية العراقية الجديدة
- الطبقة العاملة العراقية ومسؤوليتها في بناء الاستقرار والتقدم ...
- عواقب إهمال جريمة الأنفال
- تحالف العراق الآن.. تحالف الديموقراطية والسلام
- سيادة القانون على الجميع وذرائعية التعامل مع أصحاب السوابق
- الوجود الأمريكي في العراق بين المصالح الوطنية وأدعياء -المقا ...
- في ذكرى جرائم الطغاة عمليات الأنفال وصفحاتها السود في جبين ا ...
- بين الأمس واليوم: صفحات مجيدة من تاريخ اتحاد الطلبة العام في ...
- مربد الحرية وعطاء الديموقراطية والسلام
- حكاية إصلاح النظام العربي و القمة العربية؟
- المرجعيات الدينية المزيفة ومخاطر وأد الديموقراطية؟
- حكاية مهرجانات الأدب والفن وسمفونية العزف النشاز؟!!


المزيد.....




- مصدردبلوماسي إسرائيلي: أين بايدن؟ لماذا هو هادئ بينما من ال ...
- هاشتاغ -الغرب يدعم الشذوذ- يتصدر منصة -إكس- في العراق بعد بي ...
- رواية -قناع بلون السماء- لأسير فلسطيني تفوز بالجائزة العالمي ...
- رواية لسجين فلسطيني لدى إسرائيل تفوز بجائزة -بوكر- العربية
- الدوري الألماني: هبوط دارمشتات وشبح الهبوط يلاحق كولن وماينز ...
- الشرطة الأمريكية تعتقل المرشحة الرئاسية جيل ستاين في احتجاجا ...
- البيت الأبيض يكشف موقف بايدن من الاحتجاجات المؤيدة لفلسطين ف ...
- السياسيون الفرنسيون ينتقدون تصريحات ماكرون حول استخدام الأسل ...
- هل ينجح نتنياهو بمنع صدور مذكرة للجنائية الدولية باعتقاله؟
- أنقرة: روسيا أنقذت تركيا من أزمة الطاقة التي عصفت بالغرب


المزيد.....

- فيما السلطة مستمرة بإصدار مراسيم عفو وهمية للتخلص من قضية ال ... / المجلس الوطني للحقيقة والعدالة والمصالحة في سورية
- الخيار الوطني الديمقراطي .... طبيعته التاريخية وحدوده النظري ... / صالح ياسر
- نشرة اخبارية العدد 27 / الحزب الشيوعي العراقي
- مبروك عاشور نصر الورفلي : آملين من السلطات الليبية أن تكون ح ... / أحمد سليمان
- السلطات الليبيه تمارس ارهاب الدوله على مواطنيها / بصدد قضية ... / أحمد سليمان
- صرحت مسؤولة القسم الأوربي في ائتلاف السلم والحرية فيوليتا زل ... / أحمد سليمان
- الدولة العربية لا تتغير..ضحايا العنف ..مناشدة اقليم كوردستان ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- المصير المشترك .. لبنان... معارضاً.. عودة التحالف الفرنسي ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- نحو الوضوح....انسحاب الجيش السوري.. زائر غير منتظر ..دعاة ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- جمعية تارودانت الإجتماعية و الثقافية: محنة تماسينت الصامدة م ... / امال الحسين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - تيسير عبدالجبار الآلوسي - تواضع العلماء وتجاوز الجهلاء!