الحياة الفكرية في الثغور والعواصم كتاب للدكتورة سناء عبد الله عزيز الطائي

يسار محمد الدرزي

الحوار المتمدن-العدد: 2771 - 2009 / 9 / 16 - 22:55
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    

الحياة الفكرية في الثغور والعواصم كتاب للدكتورة سناء عبد الله عزيز الطائي

عرض ومراجعة الأستاذ يسار محمد الدرزي

الثغر هو الموضع القريب من ارض العدو اصطلاحا ، وقد أطلق العرب على الجبهة البرية لشمال بلاد الشام المتاخمة لأراضي الدولة البيزنطية في آسيا الصغرى أسم ( الثغور ) .. وقد أولى المؤرخون ألثغور والعواصم اهتماما بالغا ، فدرسوا أوضاعها السياسية والحربية والإدارية إلا أن الحياة الفكرية فيها لم تنل اهتماما كبيرا نتيجة للأوضاع التاريخية الصعبة التي مرت بها ، لذا كانت المعلومات عن جوامعها ومساجدها وطرائق التدريس فيها نادرة ومتناثرة في بطون المصادر .
وقد شهدت الثغور والعواصم منذ مطلع القرن الثاني للهجرة –القرن الثامن للميلاد نشاطا فكريا واضحا في حقول العلوم المختلفة ، ونتيجة لقوة الدولة العربية والإسلامية آنذاك فقد عاشت الثغور فترات استقرار سياسي وإداري واقتصادي مما أدى إلى ازدهار الحياة الفكرية فيها ، فكثر عدد علمائها، وتعددت ألقابهم العلمية ، ولمعت أسماء الكثير منهم في سماء الفكر ، وتميزت نتاجاتهم بالتنوع والغزارة ، فكانت هذه المؤشرات دلائل على رقي المستوى العلمي الذي وصلت إليه الثغور آنذاك .
إلا أن كل حال يزول ، فبعد أن دبت عوامل الضعف في مفاصل الدولة ابان حكم العباسيين في القرن الخامس للهجرة –الحادي عشر للميلاد ، تجرأ الروم على الثغور فكثرت إعتداءاتهم وحصارهم لبعض مدنها مما أدى إلى تحجيم مسيرة الحركة الفكرية فيها ،ومن ثم توقفها عندما بدأت تسقط مدن الثغور بيد الروم البيزنطيين الواحدة تلو الأخرى ، فنزح العلماء عنها وتفرقوا في المدن الإسلامية الأخرى .
وقد صدر حديثا عن دار ابن الأثير للطباعة والنشر في جامعة الموصل كتاب ( الحياة الفكرية في الثغور والعواصم حتى القرن الخامس للهجرة الحادي عشر للميلاد .) تأليف الدكتورة سناء عبد الله عزيز الطائي الباحثة والأستاذة في مركز الدراسات الإقليمية بجامعة الموصل –العراق ، والتي أهدتنا نسخة منه فجزاها الله خيرا .. والكتاب بالأصل أطروحة دكتوراه قدمت إلى مجلس كلية التربية - جامعة الموصل عام2007مبأشراف الأستاذ الدكتور طه خضر عبيد الأستاذ في قسم التاريخ بكلية التربية –جامعة الموصل .
في هذه الدراسة تم تناول الحياة الفكرية في الثغور والعواصم منذ نشأتها الأولى عام(84هـ/703م) حتى القرن الخامس للهجرة / الحادي عشر للميلاد . اعتمدت المؤلفة في دراستها المنهج التاريخي القائم على البحث والتقصي وربط الأحداث التاريخية ومناقشتها وتحليلها واستنباط النتائج منها ، ومن الصعوبات التي واجهتها المؤلفة هي ندرة المراجع والبحوث الحديثة التي تناولت الحياة الفكرية في الثغور والعواصم ، باستثناء إشارات متناثرة هنا وهناك .
وعدت المؤلفة كل عالم سكن الثغور والعواصم وتوفي فيها أو خرج منها مختارا أو مضطرا من علماء الثغور الذين تشملهم هذه الدراسة المكونة من أربعة فصول :
الفصل الأول :ويتكون من مبحثين الأول : مفهوم الثغور والعواصم وأقسامها ، والمبحث الثاني طبيعة الثغور والعواصم وأهميتها ، فدرست مواردها المائية كالأنهار والبحيرات وطبيعتها الأرضية كالجبال .
أما الفصل الثاني : فقد شمل العوامل الداخلية الدينية والاجتماعية والسياسية ، والعوامل الخارجية كالحملات الحربية وأثر هذه العوامل الداخلية والخارجية في ازدهار الحياة الفكرية.
وتكون الفصل الثالث من مبحثين ، تناول المبحث الأول : المراكز الدينية كالمساجد والجوامع والكنائس ، والأديرة والكتاتيب والمؤدبون ،ودور الربط والحصون ، والمدارس ، وحلقات الدرس ومجالس العلم .. فيما شمل المبحث الثاني : طرائق التدريس كالسماع والقراءة والإجازة .
وفي الفصل الرابع تناولت ميادين الحياة الفكرية وهي العلوم الدينية (كعلم القراءات والتفسير والحديث والسنة والوضع في الحديث وعلم الفقه والقضاء ) ، والعلوم اللسانية ( العلوم اللغوية والاجتماعية ) ، والعلوم العقلية الصرفة ( كالطب والفلك والرياضيات والحساب والفلسفة )..
ومما تجدر الإشارة إليه أن المؤلفة قد بذلت جهودا كبيرة ومتميزة في هذه الدراسة تستحق الإشادة والتقدير العاليين ، لذا لانستطيع أن نفي هذه الدراسة حقها من العرض في هذه العجالة لكثرة الجوانب التي تضمنتها ، فأكتفينا بتسليط الضوء على أهم محاورها القيمة التي أبرزت التطورات الحاصلة في الحياة الفكرية في الثغور والعواصم إضافة إلى دورها الحربي ، ونأمل أن يفتح هذا العمل البحثي المتميز للباحثين الجدد بابا مهما لدراسات فكرية مستقبلية أخرى تتناول جوانب مهمة من حضارتنا العربية والإسلامية ..

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل