أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - هيثم جبار عباس - فايروس اللغة














المزيد.....

فايروس اللغة


هيثم جبار عباس
شاعر ، كاتب، صحفي

(Haitham Jabbar Abbas)


الحوار المتمدن-العدد: 2770 - 2009 / 9 / 15 - 20:15
المحور: الادب والفن
    


منذ ان كنت طالبا في المتوسطة وانا أتساءل لماذا هذه الجملة صحيحة (جاء الرجلان ) وهذه خاطئة (جاء الرجلين) علما ان الجملتين تعطي نفس المعنى , سألت ابي واخي الاكبر , صديقي , استاذي . والكل يدلي الي بنفس الجواب (الفاعل لا ينصب) ولا اعرف لم الفاعل لا ينصب ؟ , واجابني احدهم قائلا: اذا نصب الفاعل اختل المعنى قلت كيف : قال : نحن نقول (ركب محمد الحمار) بضم الفاعل محمد هو الذي ركب الحمار, اما اذا نصب الفاعل (ركب محمد الحمار) بفتح محمد يختل المعنى ويصبح الحمار هو الذي يركب محمد . ثم قال لي بصوت عال هل فهمت ؟ هل اقتنعت ؟ فصمت ولم انطق باي كلمة , سوى ايمائة كاذبة في الرأس , واخذ بعضهم يتحذلق ويضيف بجوابه , القاعدة الاعرابية لا تجوز كذا , والقاعدة النحوية كذا وكذا , ولكن هيهات ان اقتنع باجوبتهم .

بل خطر في بالي سؤال اخر اذا كانت هذه الجملة البسيطة لا تفهم الا بالحركات الاعرابية فكيف نفهم ما نقرأه في الصحف والمجلات والكتب المدرسية والقصص والروايات وكلها غير محركة بحركات النحو؟ وظلت هذا الأسئلة تتجول بخاطري من حين لاخر حتى وقع بيدي كتاب العلامة الدكتور علي الوردي (أسطورة الأدب الرفيع) فاخبرني ان الاعراب هو العلم الذي لا ينفع من علمه بل يضره ولا يضر من تركه بل ينفعه , اخبرني علي الوردي بان الاعراب سمة قديمة , بل من اقدم السمات اللغوية التي تركتها جميع لغات العالم السامية الحية , قبل عصر نموها وازدهارها الادبي , عدا اللغة العربية مازالت لحد الان متمسكة باعرابها , وما كنت اعلم بان في مطلع القرن الماضي كانت هنالك حركة او شبه حركة لبعض العلماء وبعض الاساتذة الجامعيين يدعون الى إلغاء الاعراب من اللغة العربية كليا والاستعاضة عنه بتسكين اواخر الكلمات , الا ان هذه الثلة القليلة جوبهت بالقمع واتهمت بالشعوبية وانهم يريدون القضاء على الاسلام والقضاء على لغة القرآن وما شابه ذلك .

الاعراب آلة تصون اللسان من الخطأ, واللسان ايضا بدوره آلة لنطق اللغة واللغة برمتها وسيلة وليست غاية , الغاية هي الفكر , هي العلم , الاكتشاف , الابتكار , الفلسفة , ونحن نترك جميع هذه العلوم الانسانية ونصب جل جهدنا على اللغة , وهذا ما جعل الامة العربية من اكبر الامم المتخلفة على وجه البسيطة,حتى الهنود الذين يعبدون (الهوش) لديهم معامل ومصانع للسيارات والطيارات والاقمار الاصطناعية والابراج الفلكية اما نحن لدينا علم اعراب اللغة العربية الذي يدرس من الاول ابتدائي الى اخر مرحلة جامعية .

قال لي احد الاصدقاء : ان البريطانيين عندما دخلوا العراق عام 1914 وخرجوا عام 1921, خلال سبع سنوات كتب بعض الجنود البريطانيين مذكراتهم عن العراق وعن التقاليد العشائرية في جنوب العراق , اصبحت في مابعد هذه المذكرات من اهم الوثائق التي يعتمد كليها في كتابة البحوث او الروايات او كوثائق تاريخية عن حياة العراق في ذلك الوقت , انظر الى الجندي البريطاني ربما لم يحصل على شهادة الإعدادية او البكلوريوس ولكنه كتب مذكراته وربما باسلوب ادبي , أي انسان امريكي , اوربي يستطيع ان يمكتب ما يجول بخاطره , يستطيع ان يكتب او يعبر عن أي حدث شهده او كتاب قرأه , وخير دليل على ذلك الدكتاتور الألماني النازي الذي كتب مذكراته (كفاحي) وهو نائب عريف , اذن لماذا يستطيع كل انسان في العالم ان يكتب ما يحلو له سواء كان من المثقفين او غير المثقفين , عدى العربي ربما مهندس او مدرس او طبيب لا يستطيع كتابة مقال ما , واذا كتب لا يستطيع نشره في أي جريدة محلية او دولية , الا اذا كان اديبا او صحفيا او من المنشغلين في الادب والصحافة والفنون؟ السبب واضح لان جميع لغات العالم لا يوجد فيها اعراب , كالمصيبة التي حلت علينا من اسلافنا سيبويه ونفطويه و(طركاعتويه) .

الكتابة بالنسبة للانسان غير العربي بسيطة وسهلة جدا ولا اقصد في (الكتابة ) حصرا في الادب ,( قصة , رواية , شعر .....الخ) اذن لاصبح كل انسان غير عربي اديب , ولكن اقصد الكتابة بصورة عامة .

انا متأكد ان اغلب الادباء لا يعول على نفسه بكتابة مقالاته او مجموعته الشعرية او القصصية بل يرجع الى شخص ضليع باللغة يقرأها عليه ان كان فيها خطأ نحوي فيهذب كتابته ولا ينشرها الا اذا علم انها خاضعة لجميع القواعد النحوية . انظر الى المفارقة المضحكة المبكية , ان المواطن الغربي والانسان العادي غير الاديب يستطيع ان يكتب بدون ان يرجع الى مصحح لغوي , اما الاديب العربي لا يستطيع ذلك الا بعد مراجعة اللغوي او يكون الاديب نفسه هو ضليع ايضا في النحو . علما ان الاعراب في اللغة هو من اكبر العوائق بوجه التغيير. فلا ادري هل يتقبل الادباء والمثقفون او (المثقفين) تجديد هذه الدعوة التغييرية وهي دعوة تبسيط اللغة واختزال الاعراب ؟ ام يتهموننا ايضا بالشعوبية والقضاء على لغتنا ( العتيقة )



#هيثم_جبار_عباس (هاشتاغ)       Haitham_Jabbar_Abbas#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لمن يرسم أسئلته والى أين يمضي؟
- تجديد الفكر الديني


المزيد.....




- فنانة مصرية شهيرة: سعاد حسني لم تنتحر (فيديو)
- وفاة المخرج ميشائيل فيرهوفن وساسة ألمانيا يشيدون بأعماله الف ...
- -الماتريكس 5-.. حكاية المصفوفة التي قلبت موازين سينما الخيال ...
- -باهبل مكة-.. سيرة مكة روائيا في حكايات عائلة السردار
- فنان خليجي شهير يتعرض لجلطة في الدماغ
- مقدّمة في فلسفة البلاغة عند العرب
- إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر ...
- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...
- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - هيثم جبار عباس - فايروس اللغة