أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي - امال الحسين - التحرر الوطني و النضال الديمقراطي الجذري















المزيد.....


التحرر الوطني و النضال الديمقراطي الجذري


امال الحسين
كاتب وباحث.

(Lahoucine Amal)


الحوار المتمدن-العدد: 835 - 2004 / 5 / 15 - 08:08
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي
    


I ـ توطئــة :
يعتبر الهجوم الشرس لقوى الاستغلال الجديدة على الجماهير في المرحلة الراهنة و الذي مس جميع مناحي الحياة ، بدءا بالقوت اليومي و مرورا بالقمع المنهج ضد الحركات الاجتماعية ووصولا إلى تضييق الخناق على الحريات العامة ، شكلا من أشكال سياسة النظام المخزني التي اتبعها منذ أزيــد من أربعة عقود ، وصلت فيه الأوضاع الإقتصادية و الاجتماعية للطبقة العاملة و الفلاحين الفقراء و الكادحين إلى مستويات مزرية تهدد حياتهم،و لعل شبه الاتفاق حول خطورة أوضاع الطبقات الشعبية يفند طروحات المهرولين وراء الشعارات المخزنية الجديدة حول الديمقراطية و حقوق الإنسان المرفوعة ، في الوقت الذي يتم فيه ضرب جميع الحقوق المشروعة للشعب المغربي و على رأسها الحق في تقرير المصير .
في هذه الظروف تمت هيكلة الدولة المخزنية الحديثة نحو اتجاهين : - 1محاولة إبراز ديمقراطية الواجهة إرضاء للإمبريالية و الصهيونية لتلميع وجه المخزن بالخارج و اطمئنان الرأسمال المركزي على مصالحة .
2 - تهدئة الأوضاع الداخلية في محاولة لاحتواء الأحزاب السياسية و الفعاليات الفكرية و الثقافية المحسوبة على الصف الديمقراطي ، و قمع الحركات الاحتجاجية و حركة المجتمع المدني التي لم يستطع احتواءها .
هكذا برز على الساحة السياسية اتجاهين :
1 - الأحزاب السياسية و تنظيمات المجتمع المدني التي تدعو إلى الالتفاف حول المشروع المخزني و العمل من داخل المؤسسات المزورة ، في محاولة موهومة بالقدرة على دمقرطة مؤسسات الدولة المخزنية اتلتي لا تؤمن أصلا بالديمقراطية .
2 - التنظيمات السياسية و الحقوقية و الجمعوية المتشبثة بالمطالب المشروعة للشعب المغرب و التي تتبنى النضال الديمقراطي الجذري لمواجهة هجوم النظام المخزني. إن الوضع السياسي الراهن ليس إلا نتيجة للسياسة التي ارتكزت إليها الدولة المخزنية منذ نشأتها و تطورها في مرحلة الاستعمار المباشر،و التي تستمد إديولوجياتها من السياسة التبعية لليبرالية المتوحشة في صيغتها المعولمة ، مما يتطلب منا المزيد من التدقيق في تحليل هذه الوضعية و ما ستؤول إليه في المستقبل ، وما تتطلبه من نضال و تعبئة جماهيرية من أجل إقرار الديمقراطية الحقيقية ، ولا يمكن ذلك إلا بالرجوع إلى الجذور السياسية و التاريخية للنظام القائم و تجارب اليسار الجذري في مواجهة هذه السياسات عبر مراحل تاريخية سابقة.
II - مواجهة قوى الاستغلال خلال مرحلة الاستعمار المباشر:
إن ما تعيشه الطبقات الشعبية من خلال الهجوم على قوتها اليومي في الفترة الراهنة من طرف قوى الاستغلال ليس بالشيء الجديد، فقد حدث هجوم تحالف الإقطاع و الاستعمار على مصالح الشعب المغربي على امتداد مرحلة الاستعمار المباشر، و استولى المستعمر على المرافق الحيوية في الاقتصاد الوطني كالصناعة و المال و الإنتاج المعدني ، و تخلى عن البوادي لصالح الإقطاع الذي يستغل بعض الأراضي التي ليس للاستعمار مصلحة في استغلالها ، من أجل كسب حليف يناصره في حربه ضد المقاومة المسلحة للفلاحين الفقراء الذين هبوا لمحاربته ، و بسقوط جبل صغرو دخلت البوادي في هدوء نسبي تمكن خلاله المستعمر من بسط سيطرته على البلاد.
و في مرحلة ثانية جاء دور المدن التي نشأت بها بورجوازية صغيرة و طبقة عاملة ناشئة قادتا معا مقاومة الاستعمار في إطار ما يسمى بالحركة الوطنية ، التي اختارت النضال الديمقراطي لمواجهة سياسة تحالف الاستعمار و الإقطاع ، وخاضت الطبقة العاملة نضالات مريرة من أجل الحق النقابي و التحرر الوطني ، و تعتبر انتفاضة 8 دجنبر 1952 تضامنا مع الشعب التونسي بعد اغتيال المناضل النقابي فرحات حشاد محطة تاريخية تعبر عن نضج الوعي الطبقي لدى الطبقة العاملة المغربية ، وعيا منها بأن التضامن العمالي مغاربيا ضرورة تاريخية في مواجهة قوى الإستغلال .
لكن المدن وحدها لم تستطع مواجهة طغيان تحالف قوى الاستغلال بمعزل عن المساندة التاريخية للبوادي و هكذا دخلت جميع الطبقات الشعبية معركة التحرر الوطني في حركة شعبية تحالفت فيها الطبقة العاملة و الفلاحين الفقراء و البورجوازية الصغيرة ، إلا أن تحالف الإقطاع الذي استطاع حبك مؤامرة 1956 بتواطؤ مع البورجوازية وصل إلى هزم قوى التغيير ، و أصبحت مصالح الشعب المغربي هدفا لقوى الاستغلال الجديدة خلفت الاستعمار المباشر لضمان مصالح الرأسمال المركزي و ضرب تحالف الشعوب المغاربية و احتواء البورجوازية الصغرى .
III - إنتقال السلطة إلى تحالف الإقطاع و البورجوازية :
لم يتنازل المستعمر عن السلطة إلا عندما أحس أ ن تحالف قوى التغيير/ الطبقة العاملة و الفلاحين الفقراء يهددون وجوده ، و أن انتقال السلطة إلى حلفائه أمر ضروري للحفاظ على مصالحه بعد أن تم تركيز نمط الإنتاج الرأسمالي و تفكيك علاقات الملكية الجماعية للأراضي ونمط الإنتاج الجماعي و تركيز الملكية الفردية الرأسمالية ، عبر استغلال الأراضي الخصبة بالبوادي من طرف المعمرين و الإقطاع خلال مرحلة الاستعمار المباشر ، و خلفهم المعمرون الجدد/الكومبرادور و الملاكين العقاريين الكبار خلال مرحلة الاستقلال الشكلي ، و تركيز المؤسسات الصناعية و المالية بالمدن خدمة للرأسمال المركزي .
وعرفت بذلك مناطق البلاد المختلفة فوارق اجتماعية و طبقية و ذلك عبر تهميش البوادي التي لا يرى فيها المستعمر إلا وسيلة لتنامي الربح المالي ، من خلال مشروعه الاستثماري الذي اعتمد أساسا على الإنتاج الفلاحي و المعدني ، و تحويل الفلاحين الفقراء إلى عمال زراعيين بالبوادي و طبقة عاملة بالمدن ، و عمل على نزع ملكية أراضيهم بالقوة العسكرية بتعاون مع الإقطاع و البورجوازية الكوبرادورية ، و خلال مرحلة الاستقلال الشكلي عمل النظام المخزني على تعميق الفوارق الطبقية و الاجتماعية بعد استنزاف الثروات الفلاحية و المعدنية و تفويت المؤسسات الإنتاجية و المالية .
في ظل هذه الظروف انتقلت السلطة من أيادي تحالف الاستعمار و الإقطاع إلى أيادي تحالف الإقطاع و البورجوازية الكومبرادورية ، و أصبحت قوى جديدة في هرم السلطة استغلت نضالات الطبقة العاملة و الفلاحين الفقراء خلال مرحلة التحرر الوطني خدمة للرأسمال المركزي .
IV ـ هزم تحالف الطبقة العاملة و الفلاحين الفقراء و تهميش البوادي :
يعد صعوده إلى السلطة عمل تحالف الإقطاع و البورجوازية الكومبرادورية على تجريد البوادي من تنظيماتها الذاتية /جيش التحرير و المقاومة بالمدن ، بعد اغتيال الشهد عباس المساعدي و قمع انتفاضة الريف و الحركات الاحتجاجية للفلاحين الفقراء بالبوادي و تصفية ما تبقى باقي قيادات جيش التحرير بالجنوب و المدن ، و بذلك تم فصل البوادي عن المدن لتسهيل تمرير مشروع الاستعمار الجديد ، و لم يبق أمام جماهير الفلاحين الفقراء إلا مبادراتها الفردية لتنمية البوادي بواسطة حملة من المشاريع الجماعية كبناء الطرق و المدارس و غيرها من الأعمال الاجتماعية ، التي تبقى ضعيفة أمام سياسات التهميش المخزنية الممنهجة.
أما الطبقة العاملة بالمدن فلم تستطع بواسطة نضالاتها تجاوز مستوى تحسين ظروف العيش أمام هجوم قوى الاستغلال الجديدة على قوتها ، و أصبحت مجرورة وراء القيادات البورجوازية النقابية سعيا لكسب بعض المطالب المحدودة في ظل فقدانها لتنظيمها السياسي و حليفها التاريخي/ الفلاحون الفقراء ، و بقيت مطالبها مرهونة بأهداف حزبية ضيقة في تنافر وشتات نتيجة الإنشقاقات الحزبية ، وهكذا أدى انفصال هاتين الطبقتين إلى ضياع مصالح الطبقات الشعبية و تنامي هجوم تحالف الإقطاع و البورجوازية الكومبرادورية .
إن قانون التطور اللامتكافيء الذي يميز نمظ الإنتاج الرأسمالي خاصة في البلدان التابعة يعمل على تكريس الفوارق الطبقية و الإجتماعية في مناطق البلاد المختلفة ، حيث تحظى المناطق الغنية بالثروات الطبيعية باهتمام الرأسمال ، الذي يبني الطرق و السكك الحديدية و المرافيء و غيرها لتسهيل استغلال الثروات الطبيعية ، ويتضح ذلك في التفاوت بين المدن و سهول الغرب و بين جهات الجنوب و الشمال، وبرجع تهميش البوادي إلى الدور الذي لعبه الفلاحون الفقراء في مواجهة الاستعمار المباشر
و فيما بعد تحالف قوى الاستغلال الجديدة ، و أصبحت جل المدن مراكز جل العمليات الإنتاجية بينما الضواحي تعيش تهميشا واضحا ، ومع تنامي هجوم قوى الإستغلال الجديدة تنامت الفوارق الطبقية و الإجتماعية إلى حد ظهور طبقات بورجوازية اغتنت غناء فاحشا على حساب الطبقات الشعبية ، التي تم تفقيرها و نشر الأمية و الجهل في صفوفها و تعطيل الشباب و خاصة حاملي الشهادات منهم و تهميش الثقافات الشعبية و خاصة الأمازيغية .
V ـ تحالف الطبقة العاملة و الفلاحين الفقراء ضرورة تاريخية من أجل التغيير:
على عكس الاستعمار و تحالف البورجوازية الكومبرادورية و الإقطاع فإن الطبقة العاملة و الفلاحين الفقراء و الكادحين ينظرون إلى الوطن على انه وحدة متكاملة لا تقبل التجزيء ، تلعب فيه المناطق الغنية دورا هاما في الإسراع بتنمية المناطق الفقيرة ، و تلعب فيه المدينة دورا تاريخيا في نقل الحضارة إلى البوادي لإخراجها من تخلفها ، و بكون فيه الفلاحون الفقراء بالبوادي السند التاريخي للطبقة
العاملة بالمدن من أجل التنمية الحقيقية في ظل مبدأ تقرير مصير الشعوب .
إلا أن السياسة الليبرالية التبعية للنظام المخزني حولت المدن إلى ملجأ للفلاحين الفقراء الذين دفعهم الفقر و القروض الفلاحية إلى بيع أراضيهم لقوى الاستغلال الجديدة بابخس الاثمان في احسن الظروف، التي تطمح إلى تملك رأسمال كبيرا عن طريق الاستثمار في المجال الفلاحي لعجزها في ميدان الاستثمارات الصناعية و المالية نتيجة ضغط الرأسمال المركزي خاصة في ظل العولمة الليبرالية المتوحشة ، فلم تجد إلا أراضي الفلاحين الفقراء لتبتلعها و تبني السدود عليها في ظل الحماية القانونية للإستثمار في المجال الفلاحي ، هذه القوانين التي تشرعن لضرب حق الفلاحين الفقراء في الأرض و الماء و الثروات الطبيعية و تنمية الثقافات الشعبية خاصة الأمازيغية ، كما يعمل تحالف قوى الاستغلال الجديدة على تفويت المؤسسات الصناعية و المالية الوطنية بعد نهبها و التي بنيت بعرق جبين الطبقة العاملة و الفلاحين الفقراء ، و ذلك من أجل الاغتناء و تسريح العاملات و العمال في ظل الحماية القانونية لمدونة الشغل الرجعية .
أمام الأوضاع الاقتصادية و الاجتماعية و الثقافية المزرية للطبقة العاملة و الفلاحين الفقراء و الكادحين تطرح الضرورة التاريخية لبناء التنظيم السياسي المستقل لهذه الطبقات ، الذي يحب أن يرتكز عمله على الصراع من أجل تقرير مصير الشعب المغربي ، و لن يتأتى ذلك إلا من خلال الصراع الفكري و الأيديولوجي و السياسي الذي يحب أن ينبني على النظرية الماركسية اللينينية .
VIـ هجوم قوى الاستغلال الجديدة على الحركة الماركسية اللنينية :
خلال العقد الأول من الاستقلال الشكلي ثم حسم السلطة لصلح النظام المخزني بعد القضاء على التنظيمات الذاتية للطبقة العاملة و الفلاحين الفقراء / جيش التحرير و المقاومة بالمدن ، و قمع حركة اليسار بصفوف الحركة الوطنية و احتواء القيادات البورجوازية للأحزاب و النقابات المنحدرة منها و سن دستور ممنوح يشرعن للحكم المطلق ، و كان رد فعل الشعب المغربي قويا من خلال الانتفاضات الشعبية و خاصة انتفاضة مارس 1965 التي تعامل معها النظام المخزني بمزيد من إراقة الدماء و حل المؤسسات المزورة و إعلان حالة الاستثناء ، الشيء الذي يبرز الوجه الحقيقي للنظام الذي يستمد شرعيته من القمع و الاستبداد باعتباره نظاما دمويا ، في ظل التبعية للرأسمال المركزي ووكلا ئها من أجل حماية مصالحها .
و أمام هجوم قوى الاستغلال الجديدة و عدم قدرة القيادات البورجوازية للأحزاب و النقابات على قيادة النضالات الشعبية ، نشأت تنظيمات الحركة الماركسية اللنينية كتعبير عن رفض خضوع الأحزاب للنظام المخزني و التخلي عن نضالات الطبقات الشعبية ، و التي رفعت شعار الثورة في مواجهة الهجوم المخزني كامتداد للانتفاضة الشعبية بالبيضاء خاصة في صفوف التلاميذ و الطلبة و استهداف الطبقة العاملة بالمدن و الفلاحين الفقراء بالمدن ، و رغم انحصار فعلها قي صفوف الشبيبة إلا أنها استطاعت نشر الفكر الماركسي اللنيني تحت نيران القمع المخزني .
و ككل الأنظمة المستبدة برزت تناقضات النظام المخزني بين مختلف قوى الاستغلال الجديدة و انفجرت في محاولتين انقلابيتين عسكريتين ، الشيء الذي يدل على هشاشة النظام المخزني الذي يتسم بالتناقضات الداخلية التي تميز الأنظمة الرأسمالية التبعية باعتبارها خادمة الرأسمال المركزي ، و الذي يستعد في كل وقت للتخلي عن دعمها عندما لا يرى مصلحة في حمايتها ، و في الوقت الذي دخلت فيه القيادات البورجوازية للأحزاب الإصلاحية في تصالح مع النظام في ظل مزيد من تضييق الخناق على الحريات العامة ، يبقى مشروع اليسار الجذري القوة الوحيدة التي تحمل مشعل النضال و الصمود ضد شراسة القمع المخزني .
VII ـ اليسار الجذري في مواجهة سنوات القمع الأسود :
في الوقت الذي عملت فيه القيادات البورجوازية بالأحزاب الإصلاحية و النقابات التابعة لها على التوافق مع النظام للحصول على مواقع سياسية داخل المؤسسات المزورة ، تم تنظيم هجوم شرس على قوى اليسار الجذري من طرف النظام المخزني الذي عمل على اعتقال و اختطاف و اغتيال قياداتها التاريخية و مناضليها و على رأسهم الشهيد عبد اللطيف زروال ، وقمع حركات التلاميذ و الطلبة و مواجهة الانتفاضات الشعببة بالرصاص سنوات 81 و 84 و 90 و التي لعب فيها مناضلوا اليسار الجذري أدوارا طلائعية ، و سن قوانين تضرب حرية التنظيم و الرأي و التعبير و تشرعن للإستبداد و الحكم المطلق.
و واجه المناضلون اليساريون الجذريون القمع الشرس للنظام المخزني داخل السجون و بالمنافي بمزيد من الصمود و التحدي و النضال السياسي و الفكري و الايديولوجي ، و لعبت عائلات المختطفين و المعتقلين و المناضلين اليساريين بالخارج أدوارا طلائعية في الصراع من اجل إطلاق سراح المعتقلين، في الوقت الذي تعقد فيه القيادات البورجوازية للاحزاب و النقابات الالتزام بما يسمى بالسلم الاجتماعي لتمرير السياسات الليبرالية التبعية ، لكن صمود المناضلين داخل و خارج السجون و بالمنافي بعد عقدين من النضال أرغمت النظام و لأول مرة بالاعتراف بوجود المعتقلين السياسيين و بالتالي إطلاق سراحهم في نهاية الثمانينات و بداية التسعينات من القرن 20.
هكذا بدأت مرحلة جديدة من النضال الديمقراطي الجذري الذي يستهدف أولا إعادة البناء التنظيمي مع توفر الشروط الدنيا لممارسة الحريات العامة ، التي تم تحقيقها بالنضال و الصمود في مرحلة القمع الأسود من اجل إقرار ديمقراطية حقيقية و عدم الإفلات من العقاب في الجرائم السياسية و الاقتصادية و بناء دولة وطنية ديمقراطية شعبية .
VIIIـ اليسار الجذري في مواجهة العولمة الليبرالية المتوحشة :
إن ما أقدم عليه النظام المخزني في سنوات القمع الأسود لا يختلف عما تم التخطيط له خلال مؤامرة 1956 بعد انتقال السلطة من تحالف الإقطاع و الاستعمار إلى تحالف الإقطاع و البورجوازية الكومبرادورية باعتباره استعمارا جديدا ، و الذي يهدف إلى إخضاع الشعب المغربي و ضمان تدفق الثروات الطبيعية لصالح الرأسمال المركزي ، و تنفيذ سياسات المؤسسات المالية الدولية /البنك الدولي و صندوق النفد الدولي و منظمة التجارة العالمية ، و فتح الابواب أمام الشركات المتعددة الإستيطان بعقد شراكات التبادل الحرة غير المتكافئة من أجل مزيد من الاستغلال المكثف للطبقة العاملة و الفلاحين الفقراء و تهميش الكادحين .
إن الهجوم المكثف للعولمة الليبرالية المتوحشة على ثروات الشعوب تزامن مع سقوط تجارب الاشتراكية المطبقة بالإتحاد السوفياتي و شرق أوربا ، مما فسح المجال أمام الإمبريالية و الصهيونية لإخضاع الأنظمة الرجعية بالدول التابعة و بالتالي التراجع عن المكتسبات التي تم تحقيقها بعد النضال المرير خلال سنوات الرصاص ، الشيء الذي شجع لإشاعة المفاهيم البورجوازية في أوساط الطبقة البورجوازية الصغرى بالأحزاب اليسارية و الديمقراطية التي تخلت عن مفاهيم الإشتراكية كمرجعية التنظيمات اليسارية ، الشيء الذي جعل المناضلين الديمقراطيين ينبهرون أمام التحولات التي عرفها العالم بعد سقوط جدار برلين لينصاغوا وراء الطروحات البورجوازية باعتبارها قدرا محتوما على البشرية ، و تحولت بعض الأحزاب اليسارية إلى أحزاب اجتماعية ديمقراطية تخلت عن مصالح الطبقات الشعبية و استطاع النظام المخزني احتواءها.
و وفاء لمبادئهم التاريخية و الايديولوجية و السياسية عمل مناضلو السيار الجذري على مواجهة هجوم العولمة الليبرالية المتوحشة ، و ذلك بالتشبث بالنظرية الماركسية اللينينية باعتبارها النظرية العلمية القادرة على تحليل التناقضات التاريخية للرأسمال باعتباره نقيض مصالح الطبقة العاملة باعتبارها العامل الأساسي في الصراع التاريخي بين المنتجين المبدعين و العولمة الليبرالية المتوحشة كأقصى أشكال تطور الرأسمالية الإمبرليالية ، و لم ينصاغوا أمام طروحات الإحباط التي يتبناها أصحاب الإنبهار و المهرولين وراء لإغراءات ما يسمى بالعهد الجديد و الإنتقال الديمقراطي ... و لم تستطع حكومة التناوب المخزني الصمود أمام التناقضات التاريخية للسياسة الليبرالية التبعية أكثر من أربع سنوات من النكسات و اجترار مخلفات الماضي الأليم ، ويبقى الصراع مفتوحا في ظل الهجوم على مصالح الطبقات التي لها المصلحة في التغيير من طرف قوى الاستغلال الجديدة .
IXـ متطلبات المرحلة الراهنة و دور القطب الديمقراطي الجذري :
في ظل المعطيات السالفة الذكر و التي تسير في اتجاه الحفاظ على مصالح الرأسمال المركزي و الحفاظ على الأنظمة التابعة له من أجل ضمان تدفق خيرات الشعوب الفقيرة على الدول الإمبريالية ، و تنفيذا للسياسات الليبرالية التبعية عمل النظام المخزني على هيكلة بنياته و ذلك ب :
ـ على المستوى الايديولوجي و السياسي :
1 ـ العمل على الحصول على " إجماع وطني " حول النظام المخزني الجديد لطمس معالم سنوات القمع الأسود و مخلفاتها على الأوضاع الاقتصادية و الاجتماعية و الثقافية .
2 ـ نشر بعض المفاهيم الجديد في أوساط الجماهير و تبنيها من طرف الأحزاب الديمقراطية الاجتماعية لتغيير الرأي العام لصالح النظام الذي يعيش أزمات الماضي من قبيل : " التناوب الديمقراطي " "الانتقال الديمقراطي " " العهد الجديد " " الحداثة " ...
3 ـ محاولة طي صفحة الماضي الأسود للجرائم السياسية و الاقتصادية على حساب المطالب المشروعة لضحايا الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان ، و ذلك بالعمل على استقطاب بعض المدافعين عن هذا الملف إلى جانب اطروحات النظام المخزني و أحزاب الديمقراطية الاجتماعية .
4 ـ محاولة احتواء بعض القضايا الحساسة في الساحة السياسية و الجماهيرية و إطلاق مبادرات جديدة للف الإجماع حوله كالامازيغية و الصحراء قضية المرأة .
5 ـ محاولة استقطاب تنظيمات المجتمع المدني و الأحزاب السياسية و الفعاليات السياسية و الحقوقية و الفكرية و الثقافية لدعم المشروع المخزني الجديد .
6 ـ الترويج و الدعاية لحقوق الإنسان و الديمقراطية لتلميع الواجهة في الوقت الذي يتم فيه انتهاك الحقوق و قمع الحركات الاجتماعية و منع الحريات ... منع و قمع احتجاجات الحقوقيين و المعطلين و العمال و اعتقال الصحفيين و الحقوقيين و الطلبة ... منع تيارات اليسار الجذري من التنظيم .
7 ـ محاولة احتواء تنظيمات و فعاليات اليسار الجذري عن طريق بعض أحزاب الديمقراطية الاجتماعية.
ـ على مستوى سن القوانين و التشريعات :
1 ـ سـن قوانين رجعية و تراجعية في مجال الحريات العامة و الشغل كقانون الجمعيات و الأحزاب و مدونة الشغل و قانون الإرهاب و الإضراب ...
2 ـ إحداث مؤسسات مخزنية خارجة عن سلطة المؤسسات التشريعية كديوان المظالم و لجنة الإنصاف و المصالحة .
3 ـ سـن قوانين تراجعية في مجال التعليم تضرب حق الطبقات الشعبية في التعليم و المعرفة .
4 ـ سـن مدونة الأسرة لا ترقى إلى مطالب الحركة النسائية و تكرس المرجعية الأصولية للتعامل مع حقوق النساء دون إشراكهن في تقرير مصيرهن .
5 ـ سـن قانون الجهة يعطي صلاحيات واسعة للولاة و العمال للتحكم في الموارد الاقتصادية .
ـ على المستوى الاقتصادي و الاجتماعي :
1 ـ إطلاق مبادرات خارج برامج حكومة التناوب المخزني في بعض المجالات الاجتماعية لتلميع صورة النظام كمحاربة الفقر و الأمية .
2 ـ إحداث صناديق سوداء خارج السلطة التشريعية للتمويه على المسؤولية الحقيقية للدولة على الخدمات الاجتماعية و الاقتصادية .
3 ـ تفعيل الصراع في بعض القضايا ك الصيد البحري و الصادرات الفلاحية لغض الطرف عن استغلال المافيا المخزنية الاحتكارية في هذين المجالين الحيويين .
4 ـ تشجيع كبار الملاكين العقاريين للاستثمار في المجال الفلاحي بتسهيل القروض و الإعفاء من الضرائب و تفويت الأراضي الجماعية و ضرب حقوق الفلاحين في الأرض و الماء .
5 ـ تفويت المؤسسات الفلاحية و الإنتاجية و المالية الوطنية للرأسمال المركزي و وكلائه و تسريح العاملات و العمال .
6 ـ ضرب الحد الأدنى من إدماج المرأة في التنمية و ذلك بطمس ما ينص عليه مشروع الخطة الوطنية لإدماج المرأة في التنمية على علاته و تكريس التمييز الطبقي بين المرأة و الرجل .
7 قمع الحركات الإحتجاجية لتنظيمات المجتمع المدني و الحركات الاجتماعية للجماهير .
في ظل الأوضاع الاقتصادية و الاجتماعية المزرية للطبقات الشعبية يبقى النضال من أجل بناء تحالف حقيقي بين الطبقة العاملة و الفلاحين الفقراء و الكادحين من جهة ، و بينها و بين البورجوازية الصغرى بالتنظيمات اليسارية الجذرية من جهة ثانية ، من أجل بناء قطب سياسي اشتراكي ديمقراطي لمواجهة هجوم العولمة الليبرالية المتوحشة و وكلائها في أفق بناء حزب الطبقات الشعبية و بناء مجتمع ينتفي فيه استغلال الإنسان للإنسان ، و لن يتأتى ذلك إلا في ظل وحدة اليسار الجذري و النضال من أجل:
1 ـ النضال من أجل وضع دستور ديمقراطي يحترم حقوق الإنسان و المساواة بين المرأة و الرجل و يضمن حقوق الطبقة العاملة .
2 ـ سـن سياسية تنموية تضمن الحقوق الأساسية للطبقات الشعبية و على رأسها الحق في الصحة و التعليم و الشغل و السكن اللائق و تنمية الثقافات الشعبية و خاصة الامازيغية .
3 ـ محاسبة المسؤولين عن الجرائم السياسية و الاقتصادية و رد الاعتبار للضحايا و ذويهم و للشعب المغربي عامة و استرجاع الأموال التي تم نهبها .

امـــال الحسيــن



#امال_الحسين (هاشتاغ)       Lahoucine_Amal#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بيان المختطف عمر الوسولي
- موقع العمل الحمعوي في استراتيجية العمل الشبيبي
- المشروع التنموي للقوى البشرية و نضال الفلاحين الفقراء
- فاتح ماي بالمغرب
- مؤتمر النهج الديمقراطي والتنظيم السياسي المنشود
- إجلاء الحقيقة في ملف الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان - الجز ...
- الحركة العمالية و النقابية و دور اليسارفي المرحلة الراهنة
- إجلاء الحقيقة في ملف الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان
- مشروع ورقة حول الامازيغية و الصراع الطبقي
- مكافحة الإرهاب وآثاره السلبية على حقوق الإنسان
- واقـع المتضرريـن من سـد أولـوز و حماية الحق في التنمية
- العمل التنموي بالبوادي والأحياء الشعبية وحماية الحق في التنم ...
- آفاق الحماية والنهوض في المرحلة الراهنة
- القوى المنتجة وعلاقات الإنتاج في التكوينات الاجتماعية التناح ...
- الأمازيغية و النضال الديمقراطي الجذري


المزيد.....




- صياد بيدين عاريتين يواجه تمساحا طليقا.. شاهد لمن كانت الغلبة ...
- مقتل صحفيين فلسطينيين خلال تغطيتهما المواجهات في خان يونس
- إسرائيل تعتبر محادثات صفقة الرهائن -الفرصة الأخيرة- قبل الغز ...
- مقتل نجمة التيك توك العراقية -أم فهد- بالرصاص في بغداد
- قصف روسي أوكراني متبادل على مواقع للطاقة يوقع إصابات مؤثرة
- الشرطة الألمانية تفض بالقوة اعتصاما لمتضامنين مع سكان غزة
- ما الاستثمارات التي يريد طلاب أميركا من جامعاتهم سحبها؟
- بعثة أممية تدين الهجوم الدموي على حقل غاز بكردستان العراق
- أنباء عن نية بلجيكا تزويد أوكرانيا بـ4 مقاتلات -إف-16-
- فريق روسي يحقق -إنجازات ذهبية- في أولمبياد -منديلييف- للكيمي ...


المزيد.....

- عن الجامعة والعنف الطلابي وأسبابه الحقيقية / مصطفى بن صالح
- بناء الأداة الثورية مهمة لا محيد عنها / وديع السرغيني
- غلاء الأسعار: البرجوازيون ينهبون الشعب / المناضل-ة
- دروس مصر2013 و تونس2021 : حول بعض القضايا السياسية / احمد المغربي
- الكتاب الأول - دراسات في الاقتصاد والمجتمع وحالة حقوق الإنسا ... / كاظم حبيب
- ردّا على انتقادات: -حيثما تكون الحريّة أكون-(1) / حمه الهمامي
- برنامجنا : مضمون النضال النقابي الفلاحي بالمغرب / النقابة الوطنية للفلاحين الصغار والمهنيين الغابويين
- المستعمرة المنسية: الصحراء الغربية المحتلة / سعاد الولي
- حول النموذج “التنموي” المزعوم في المغرب / عبدالله الحريف
- قراءة في الوضع السياسي الراهن في تونس / حمة الهمامي


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي - امال الحسين - التحرر الوطني و النضال الديمقراطي الجذري