أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - هاله طلعت - مسرحية هزلية















المزيد.....

مسرحية هزلية


هاله طلعت

الحوار المتمدن-العدد: 2723 - 2009 / 7 / 30 - 09:49
المحور: الادب والفن
    


مسرحية هزلية
في صباح يوم مثل باقي الأيام استيقظت نادية يملأ كيانها بعض مشاعر البهجة , تتساءل عن أسبابها و لا تجد لسؤالها جواب سوى قرب انتهاء عام دراسي ثقيل ملئ بالمشاحنات المدرسية و الدوران المستمر من باب إلى باب, تسأل فيه عن لقمة العيش من خلال الدروس الخصوصية تقابل فيها أشكال مختلفة من البشر تحاول جاهدة من خلال تعاملها معهم الحفاظ على ماء الوجه المسكوب على عتبات الحاجة التي تجبرها على أن تكون كشريط تسجيل يدور بلا توقف طوال اليوم مقابل اجر يدفعه أولياء الأمور نظير منح أولادهم خلاصة الطريقة المثلي لاجتياز امتحان نهاية العام الدراسي و الانتقال إلى عام آخر وهكذا , هي اليوم متوجهة للجنة إتمام الشهادة الإعدادية التي بانتهائها ينتهي العام بكل اعبائة التي تثقل كاهلها و تشعرها وكأنها ترس في آله سيظل يدور حتى يأتي يوم يتآكل و ينتهي أمره , تعاند دائما هذا الشعور بمحاولتها جمع كل أسباب الحياة في شهور الصيف و كأن الحياة اختصرت في تلك الأيام فقط , متناسية طبيعة عملها التي تحولت بمرور الأيام من مربية أجيال إلى مجرد فرد يخدم لقمة عيشه.
تتمم على كل متعلقاتها داخل حقيبة يدها و خاصة كتاب تصحبه معها دائما إلى اللجنة حيث أن فترة الامتحان تكون طويلة و عملها كملاحظة داخل اللجنة أصبح ثقيل على نفسها , مع يقين تكون داخلها بعد مرور سنين طويلة علي عملها كمعلمه ,أنه مضيعه لوقت يمكن أن تستثمره بأي طريقة أخرى و ما أهتدي له عقلها هو اصطحاب كتاب و أضاعت الوقت أو استثماره في قراءته .
داخل اللجنة تجلس نادية سابحة داخل كتابها منعزلة تماما عن ما يدور حولها تاركه لزميلها حرية الاختيار ,غير عابئة بما يفعله و ما يدور بينه و بين الطلاب من حوارات مختلفة.
تشرد بعيدا متذكرة: كم كانت متحمسة عندما تسلمت عملها , تبني داخل عقلها قصور من الأحلام و ماذا غير التعليم يمكن أن يحدث التغيير ؟, يقع بين يديك عقول صغيره بكر تحمل من البراءة ما يكفي لإحداث ثورة تعيد لمصر مجدها الأول لا يحتاج الأمر مشقة كبيرة; فلتتقن عملها و تجمع حولها تلك العقول البريئة لحظتها تبدأ ثورة التغيير , ما تزال تتذكر تجربتها الأولى عندما ذهبت إلى للجنة امتحان نهاية العام, نساء كثيرات تعلو وجوههن القلق و التوتر و ربما البؤس أحيانا,في تلك اللحظات يقبل عليها فراش المدرسة يخبرها: أنت ستراقبين في اللجنة التي يوجد بها هذا الولد أنه يتيم و أمه تعمل طوال اليوم ليستطيع أكمال تعليمه, ملامحك تبدو عليها الطيبة ساعديه في الامتحان ينوبك ثواب كبير , تنظر إليه بذهول, من الذي اخبره بمكان اللجنة التي ستذهب إليها أليس هذا عمل رئيس اللجان, كم كانت ساذجة في ذلك الوقت.
في اللجنة : تتحرك في هدوء تحاول ان تحافظ على النظام داخل اللجنة ,تمنع حديث الطلاب الممتحنين مع بعضهم ,محاولات مستميتة لادخال الاجابات الى الطلاب, ما كل هذا ؟ تمنعه بهدوء لم تكن الحدة من طبعها يوما ما تمر أيام الامتحان و يأتي اليوم الأخير , يقابلها نفس الفراش بملامحه الهادئة اللحوحه التي تبدو علىوجهه الذي يدعو إلى الحيرة, فقسمات وجهه تحمل خليط ما بين البؤس و الفقر المزوجة ببعض الخبث ليخبرها بموقع اللجنة التي ستدخلها هذا اليوم للمرة الثانية, يبدأ الغضب يسري داخلها ببطء , اللجنة دي ليست كباقي اللجان يا ابلة, تجيبة بصوت خفيض يشوبه بعض الحدة فقد أصبح هذا الرجل علامة استفهام كبيرة أمامها : و ما الفرق , يجيبها :هذه اللجنة بها أبن الاستاذ مدير الادارة, تملكها غيظ شديد في هذه اللحظه و أجابته صارخة لاول مرة أظنه لا يوجد فرق كبير هذا بالاضافة الى اني اريد أن أعرف طبيعة عملك هنا لان الامر أختلط على , قابل غضبها بإشاحه من يده لم تفهم معناها و انتلقت متجهه الى اللجنة وأدت دورها كما كانت تفعل طوال ايام الامتحان السابقة لم تكن تدرك أنها بذلك تشكل عقبة لابد أن تزال , استدعاه رئيس اللجان و لم تكن تدرك في ذلك الوقت ان من حقها التمسك ببقائها في اللجنة, حتى انتهاء موعد الامتحان المحدد, خرجت متجهة إلى الحجرة التي أشاروا لها عليها و كانت المفاجأة أكبر من كل توقعاتها اغلق الباب عليها بالقفل و قضت الوقت محتجزه و فاقده قدرتها على الفهم أو التركيز لا تدري ماذا تفعل و عندما فك أسرها, شهد الجميع ان هذا لم يحدث و عادت البيت يتملكها مشاعر من الغضب المكبوت لا تدري ماذا تفعل لتعيد لنفسها كرامتها التي اهدرت في هذا اليوم, لكنها لم تفعل شئ يذكر , وما سمعته بعدها هو عبارة كان وقعها غريب عليها في هذا الفترة لجنة الامتحان متباعه منذ البداية !؟؟؟؟
تنفض عن رأسها الذكرى التي ما تزال تلح عليها محاولة فهم طبيعة ما يدور حولها دون فائدة ,عندما كانت طالبة كانت محاولة الطلبة نقل الإجابات وتبادل الورق للغش داخل اللجان تحدث على استحياء ومن الممكن أن يعترض احد الطلاب على محاولات العاملين باللجنة تسريب الإجابات لان هذا يفقده القدرة على التركيز مثلا أو لأنها تهدر مجهوده الذي بذله طوال العام, فيصيبهم هذا هلع شديد و يتوقف الأمر على الفور ,ألان أصبح حق مانعه يحتاج الى تبرير موقفة !
في أحدى المرات قبل أن تتخذ القرار النهائي بالانفصال عن الواقع المحيط بها بالقراءة سألت احد الأطفال الممتحنه داخل اللجنة
ما اسمك ؟ أجابها بإقتضاب محمد .
لماذا تصر على سرقت مجهود زملائك يا محمد لما لاتستذكر دروسك؟
نظر اليها نظره أخترقتها لم تجد لها تفسير حتى رأته في نفس هذا اليوم يجر عربه بها الكثير من البضائع بجسده الضئيل و ينظر اليها نفس تلك النظرة الخارقه, أوقفته في الشارع لتسأله نفس أسئلتها الساذجة ماذا تفعل ؟يومها اخبرها انه يعمل طوال اليوم ليصرف على اسرته ,ابيه قعيد لا يستطيع العمل و ليس هناك من يعولهم غيره, بقية الصوره واضحة ,هو لا يجد الوقت ليذهب يوميا الى المدرسة, متى يستذكر دروسه ومن اين يأتى بالمال الذي يمكنه من أخذ دروس خصوصية ليتمكن من التحصيل, اسئلة كثيره و لكن هل من مجيب؟
عندما بدأت حركة المعلمين التي عرفت بروابط المعلمين داخل المحافظات,تطالب بأجرعادل و ترفض الاستجابة لمحاولة الوزارة ربط تحسين أجور المعلمين بإختبارات بدون تدريب مسبق أنضمت اليهم على الفور علها تكون البداية و كعادته ظنت أن العبارات الرنانه و العمل الجاد الدائم سوف يجمع المعلمين تحت راية واحده لتحسين احوالهم علا هذا يتبعه تحسين احوال المدارس ووو
في اليوم السابق للاختبار ذهبت الى المدرسة و أخبرت زملائها انها تقاطع هذا الاختبار المهين, لن تذهب, أخبرتها زميلتها امال ان الحكومة لما تحب تنفذ حاجة لا يستطيع احد ايقافها و عندما سألتها و هل الزيادة المحددة تكفي لتستريحي من عناء الطرق على الابواب لاعطاء الدروس الخصوصية؟ .
قالت لها زميلتها نواية تسند الزير, يمكن يتبعها زيادات أخرى, نظرت الى صديقتها الوحيدة بالمدرسة وسألتها و انت ؟ابعدت الصديقة عينيها عنها و أخبرتها هاجرب فكرى انت كمان و أحضري الاختبار أفضل.
و بعند حماسي أجابتها :لا لن أحضر الاختبار نحن جميعا نحتاج الى اجور عادلة كيف يطلب منا تطوير مستوانا العلمي بمثل أجورنا الهزيلة , كيف تدعي الوزارة انها تقاوم الدروس الخصوصية و هي تدعمها بمناهجها الصماء و مدارسها الخاوية من كل شئ و اجور معلميها الهزيلة, هتافات , تقبلها زملائه بنظرات مبهمه لا تدرك معناها حتى الان و مرت الايام وصدقت امال و ذهب هتافها ادراج الرياح, تصعد الان سلم قاعات الامتحانات بجامعة القاهره متجه الى اللجنة لتؤدي الاختبار الذي دعتهم لمقاطعته من عام سابق , كم مرة صعدت هذا السلم منذ اعوام مضت لتجتاز اختبارات الدراسات العليا الان تصعد عليه لتجتاز هذا الاختبار الوهمي الذي يقيس لا شئ
مازالت سابحة في ذكرياتها التي لا تنتهي داخل اللجنة يجلس مديرين و موجهيين و معلمين يؤكدون على بعضهم البعض ليتبادلوا الاجابات فيما بينهم يمنين أنفسهم بالنجاح للحصول على النواية التي ربما تسند الزير قبل أن ينهار ,أستوقفتها احداهم سألتها ما اسمك ؟ اجابتها نادية . تخصصك ايه ؟ علوم للمرحلة الاعدادية ؟ تهلل وجه السيده بالبشر و أخبرتها انها موجهة علوم يعني نفس التخصص , انت لسه صغيرة و المعلومات لاتزال حاضره في عقلك هاتقولي لي الاجابات التي لا اعرفها اتفقنا ؟ هزت رأسها بصمت علامة الايجاب و شبح ابتسامة باهت يداعب شفتيها,و بدأ الاختبار و بدأت المهزلة يتبادلون الاجابات من بعضهم البعض غير عابئين بالعبارات الجارحة التي يلقيها عليهم المراقبين المنتدبين من الجامعة لمراقبة سير الاختبار (يا اساتذه سيبتم ايه لتلاميذكم بالمدارس هذا لا يجوز , كيف تدرسون لاولادنا )شعور بالاختناق يتملكها تريد الفرار, قامت, اعطت للمراقبين ورقة الاجابه الخاصه بها تحركت مسرعة غير عابئة بنداء الموجه.
تنفض رأسها بقوة تحاول ان تعود الى قراة الكتاب المفتوح أمامها منذ بداية اللجنة يصل الى مسامعها صوت صارم تشعر انها سمعته قبل ذلك و لكنه كان يحمل نغمة أخرى يغلب عليها الاستعطاف (لايجوز القراءة يا استاذة داخل اللجنة أرجو مساعدة زميلك في الحفاظ على الهدوء الا يصل اليك صوت الطلبة و هي تتحدث مع بعضها)ترفع رأسها ببطئ يفاجئها وجة موجهة العلوم تلتقي الاعين تضطرب النظرات تعيد عينيها الى صفحات الكتاب غير مهتمه و تسرع الموجه بالخروج من اللجنة .



#هاله_طلعت (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عندما تحدثت بدور


المزيد.....




- مصر.. دفن صلاح السعدني بجانب فنان مشهور عاهده بالبقاء في جوا ...
- -الضربة المصرية لداعش في ليبيا-.. الإعلان عن موعد عرض فيلم - ...
- أردوغان يشكك بالروايات الإسرائيلية والإيرانية والأمريكية لهج ...
- الموت يغيب الفنان المصري صلاح السعدني
- وفاة الفنان صلاح السعدني عن عمر يناهز الـ 81 عام ….تعرف على ...
- البروفيسور منير السعيداني: واجبنا بناء علوم اجتماعية جديدة ل ...
- الإعلان عن وفاة الفنان المصري صلاح السعدني بعد غياب طويل بسب ...
- كأنها من قصة خيالية.. فنانة تغادر أمريكا للعيش في قرية فرنسي ...
- وفاة الفنان المصري الكبير صلاح السعدني
- -نظرة إلى المستقبل-.. مشاركة روسية لافتة في مهرجان -بكين- ال ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - هاله طلعت - مسرحية هزلية