أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - احمد محمود القاسم - حكاية من واقع الحياة: اللقيط















المزيد.....

حكاية من واقع الحياة: اللقيط


احمد محمود القاسم

الحوار المتمدن-العدد: 2710 - 2009 / 7 / 17 - 08:37
المحور: الادب والفن
    



صادفت اثناء معيشتي لفترة زمنية باليمن الديموقراطية، حيث كنت اعمل هناك لعدة سنين، شاب لطيف المظهر، شعره اشقر، وبشرته بيضاء اللون، يتصف بالذكاء الحاد، والبنية القوية، والجدية، والحرص الشديد، ولشدة ذكائه، و حرصه، كان يظهر شخصا غامضا، شاءت الظروف، ان يعمل الى جانبي مساعدا، في ذلك الوقت، مما ادى الى زيادة احتكاكه بي، وزيادة روابط الود والتقدير بيننا، مع مرور الوقت، وزيادة المجاملات، حاولت التعرف عليه كثيرا، اثناء فترات الفراغ، التي لا يوجد بها عمل لدينا، كنت الاحظ تهربه من اسئلتي كثيرا، خاصة الاسئلة الشخصية، والتي تتعلق باسرته، مع انها كانت اسئلة عادية ، لكنها كانت بالنسبة له، اسئلة حساسة وحرجة، الى ان جاء يوم قال لي، انه يود مصارحتي بموضوع يهمه شخصيا، حتى تنتهي تساؤلاتي حول اسرته، ولكنه لا يرغب لاي شخص من الزملاء والعاملين بطرفنا، معرفة ذلك الموضوع، سوانا نحن الاثنين، قلت له على الرحب والسعة، سرك في بئر، ولا كأني سمعت ولا شفت، تفضل افصح بما لديك .
قال:منذ وعيت على الحياة، لاحظت اهتماما كبيرا من والدتي بي، بشكل مميز، عن باقي اخوتي، كنت اتساءل مع نفسي، ما هو السر وراء هذا التمايز في معاملة والدتي لي، بهذه المعاملة الخاصة، وتمييزي عن باقي اخواني سواء، من حيث المأكل او المشرب او حتى الملابس او الود والحب، هذا لا يعني لي انها كانت تقسوا على بقية اخوتي، بل كانت تعاملهم معاملة عادية، ما اثار انتباهي وشكوكي ايضا، عدم تقدير والدي لي، ونفوره مني، واهماله ايضا، وعد م شعوره نحوي بعطف او ود او حنية، وكنت ابادله نفس الشعور، ولكن دون ادراك عميق او اهتمام لهذه العلاقة غير الطبيعية بين اب وابنه.
قلت له: وماذا بعد ذلك ؟ هل المشكلة في عدم حب والدك، وتقديره واهماله لك، وحنوه عليك؟
قال:هذه ليست المشكلة بالأساس، بل مظهر للمشكلة، ولم اكن اعي اسبابها .
قلت: اذن ما هي المشكلة التي تود ان تصرح لي بها، وتتحفظ على اي أحد من زملائنا معرفتها؟؟؟ ولا تريد لأحد من الناس ان يعرفها بالمطلق سواي؟؟؟
قال : صبرك علي شوي، وارجو ان تأخذني بحلمك، انني اتساءل عن السبب في لون شعري وبشرتي، فشعري اشقر، وبشرتي بيضاء اللون تقريبا، ووالدتي بشرتها سمراء اللون، فهي بالاصل صومالية، ووالدي يمني الجنسية، وبشرته تميل الى السواد اكثر منها الى البياض، وجميع اخوتي في شكلهم ولونهم يختلفوا عني كلية؟؟؟؟
قلت : ماذا يحيرك ويجول في خلدك إذن؟؟؟؟؟
قال : علمت من والدتي في فترة من الفترات، انها هجرت والدي مدة من الزمن، لخلاف زعل بينهما، وهي حامل بي، وسافرت من اليمن الى الصومال، حيث ولدتني هناك، ثم بعد بضعة سنين، عادت الى والدي باليمن، حسب رغبته وبناء على تفاهم بينهما، لا علم لي بطبيعته، وكنت انا يومها صغير جدا، وفي حضانتها، وكنت اشعر ان العلاقة بين امي ووالدي بعد عودتنا من الصومال، لم تكن حميمية، ولا طبيعية، في أي شكل من الأشكال، وفي أي يوم من الايام، فانا حقيقة، اشك بان والدي الحالي، ليس هو والدي الحقيقي، حيث شعرت بعد أن كبرت قليلا، بأن والدي الحالي، يشك بوالدتي بأنها انجبتني من رجل اخر غيره، لكنها تخفي هذا الامر عنه، وقد سجلني والدي بشهادة الميلاد، على انني ابنه على الرغم من ذلك، تحت ضغط من والدتي بأنني ابنه الشرعي، واعتقد، بان حالة الفتور والخلافات السابقة بين والدي الحالي، ووالدتي، سببها كوني ابن غير شرعي لوالدي.
قلت :وماذا تعتقد انت بالامر .؟
قال :اصبح لدي قناعة جازمة وحاسمة، بان والدي الحالي المسجل باسمه الآن، ليس هو والدي الحقيقي والفعلي، كما ان والدتي اعتبرها زانية مع رجل اخر، وغالبا هو اجنبي غير يمني ولا صومالي، ومن صفاته انه اشقر وابيض اللون، وانا اعلم بحقيقة الامر، ولا استطيع ان اجزم بهذا الموضوع، لكل من والدتي ووالدي، لكن كل المؤشرات الفسيولوجية التي تلازمني توحي لي بذلك، ووالدتي لا تخبرني بالحقيقة بالمرة، ووالدي الاسمي يشك بأنني ولده من معاملته لي .
قلت : وما هو شعورك انت الان .؟
قال : اشعر بالضياع والتمزق من داخلي، فلا اكن باي احترام لوالدتي بالمطلق، ولا اطمئن لوالدي الاسمي بتاتا من تصرفاته معي ونفوره مني، وقسوة معاملته لي، وعدم حبه لي بالمطلق، كذلك اشعر نحو اخوتي انني غريب بينهم، فانا ابن امرأة زانية، وهي والدتي الحقيقية الآن، ووالدي الفعلي والحقيقي، لا أعرفه، وهو مجهول الهوية، فقد وصلت الى هذه الحقيقة، بعد طول معاناة، ولكن هذه المعاناة، ما زالت قائمة، وتلازمني باستمرار وتؤرق مضاجعي يوميا، ثم اضاف قائلا، ما يعزيني، ان هناك الكثير امثالي في كثير من الدول العربية والاجنبية، ولكن لا احد يعرف بهم، الا الأم الحقيقية لهم، ثم قال لي، ماذا تفعل لو كنت مكاني؟؟؟؟؟ مع قناعتي التامة بانك لن تخفف من شعوري كثيرا، وانك لن تفعل لي شيئا، فهذه المشكلة اصعب من كل الحلول، ولا حل لها، ولكن كل ما أقوله لك، ولنفسي هو ما ذنبي في ان جئت الى هذه الحياة بهذا الشكل وبهذه الطريقة؟؟؟ وقال اعتقد من يتحمل اثمي، هما والداي الأثنيين، امي وابي .
قلت له: ولماذا يتحملا وزرك الأثنين والدك ووالدتك؟؟؟ فما ذنب والدك مثلا؟؟؟ اما والدتك فهي المذنبة حقا، كونها خانت زوجها مع رجل غريب بغيابه.
قال لي: السبب ان والدي يتحمل جانب مهم من الوزر، كونه كان يغيب عن بيته لعدة اشهر، ويترك زوجته في بيتها وحيدة، خاصة بعد اشهر زواجهما الأولى، والتي لم تتوطد فيهما العلاقات الزوجية بينهما بعد، كما يجب، فهما في بداية زواجهما، ولم تتوثق عرى المحبة والود والأخلاص والوفاء، بينهما بعد أيضا.
قلت له: وما هي طبيعة عمل والدك، اقصد زوج والدتك؟؟؟
قال: انه يعمل في مهنة الصيد، والصيادون من طبيعتهم، عندما يبحرون الى الصيد، يغيبون عن زوجاتهم وعائلاتهم لعدة اشهر، ولا يعودون الا عندما يصطادون من الأسماك كفايتهم، وهذا قد يستغرق معهم من الزمن ثلاثة الى اربعة اشهر.
قلت له: وما الضير في ذلك؟ اذا كانت مهنة الصيادين تحتم عليهم ذلك، فهل يعني ان كل الصيادين، زوجاتهم تخونن أزواجهن كوالدتك؟؟؟
قال: تصور يا احمد، كيف لأمرأة في اول اشهر زواجها، يتركها زوجها مدة ثلاثة او اربعة أشهر، وحيدة ببيتها، من دون أحد حواليها، على الأقل، من أهلها أو أهله من النساء ،أو حتى من الرجال، وفي بلد غريب عليها، لا يطل أحد فيه يسال عن اخبارها وأحوالها واحتياجاتها؟؟
قلت: الكثير من العسكريين ايضا في كافة الدول العربية، حتى في كافة دول العالم، يغيبوا عن زوجاتهم اشهر عديدة، في جبهات القتال، عندما تحدث عندهم حروب وخلافه.
قال: حتى العسكريين لهم وسائلهم الخاصة بالترفيه عن انفسهم، والبعض منهم، يأخذ اجازات لزيارة زوجاتهم وهكذا، وتابع يقول ايضا، ومن قال لك ان معظم زوجات العسكريين مخلصون لأزواجهن حتى النهاية؟؟؟؟ اعتقد بأن القلة القليلة منهن، من تكون وفية ومخلصة لزوجها، والباقي اذا ما سنحت واتيحت لهن الفرصة، سيفعلن العجب العجاب، كما أن أزواجهن، اذا ما اتيحت لهم الفرص كذلك، وحتى اي شخص يترك زوجته بعيدا عنه، من أجل العمل أو الدراسة، دون اهتمام اهلها أو اهله بها، لا تستطع الصمود والحفاظ على نفسها من الأنحراف.
قلت له: وماذا تريد ان توصله لي من رسالتك هذه؟؟
قال: كل ما اود قوله لك، ان والدتي ايضا، لا الومها بما فعلت وأقدمت عليه، عندما انجبتني، وانني اغفر لها فعلتها، كونها انسانة لديها شعور واحساس وعواطف، ولم تستطع مقاومة ظروفها والمغريات التي واجهتها، فلو كان زوجها بالقرب منها، اعتقد، لا يحدث ما حدث معها، ولم أكن لأظهر الى هذه الحياة.
قلت له: وماذا تستطيع قوله الآن أو فعله؟؟؟
قال لي: كل ما استطيع قوله هو ان هذا ما جناه أبي علي، وما جنيت على أحد، واعتقد ان عالمنا العربي، يذخر بالعشرات، بل بالمئات أمثالي، ولا يملكون الشجاعة للمصارحة كما صارحتك، إما جبنا منهم، أو كونهم لا يعرفون.
قلت له: ما تقوله صحيح، فالذنب ليس ذنبك، واعتقد قد يكون ليس ذنب والديك أيضا، فالظروف والبيئة المحيطة، قد تخلق الكثير من الأحداث احيانا، بدون ارادتنا، فوالدك غاب كثيرا عن زوجته مضطرا، من أجل لقمة العيش، ووالدتك، لم تستطع مقاومة الأغراءات وكنهها الظروف التي أحاطت بها.


انتهت قصة: اللقيط



#احمد_محمود_القاسم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- دراسة ظاهرة زواج القاصرات في المجتمعات العربية
- قصة قصيرة من واقع الحياة:تدخل الأهل بالشؤون الزوجية هو السبب
- اليسار الفلسطيني، المأزق والحل
- أضواء على تقرير هيومن رايتس والمرأة السعودية
- كنت في مدينة بيت المقدس-عاصمة الثقافة العربية 2009م
- رؤى البازركان نجمة مضيئة في سماء المرأة العراقية
- نجمة فلسطينية في سماء المغرب
- الذكرى العشرون، لأستشهاد القائد الوطني الفلسطيني: عمر محمود ...
- ما هي الدوافع ؟؟ وراء طلب الكنيست الأسرائيلي، طلب التصويت، ب ...
- ريما في مهب الريح
- أصول اليهود واليهودية وكيف تنامت اعدادهم في فلسطين
- العثمانيون وفتح مدينة بيت المقدس
- الخلايا الجذعية بين النظرية والتطبيق
- الثقافة الذكورية والمرأة
- الكاتبة المبدعة وجيهة الحويدر، شمس مشرقة دائما، في عالم المر ...
- صورة من صور ابداعات المرأة السعودية
- لماذا يحق للمراة السعودية أخذ حريتها الشخصية ومساواتها بالرج ...
- صور استغلال بعض الرجال في السعودية، للمرأة
- صورة، من صور الظلم الواقع على المرأة السعودية
- ماذا تفعل لو كنت مكاني


المزيد.....




- خلال أول مهرجان جنسي.. نجوم الأفلام الإباحية اليابانية يثيرو ...
- في عيون النهر
- مواجهة ايران-اسرائيل، مسرحية ام خطر حقيقي على جماهير المنطقة ...
- ”الأفلام الوثائقية في بيتك“ استقبل تردد قناة ناشيونال جيوغرا ...
- غزة.. مقتل الكاتبة والشاعرة آمنة حميد وطفليها بقصف على مخيم ...
- -كلاب نائمة-.. أبرز أفلام -ثلاثية- راسل كرو في 2024
- «بدقة عالية وجودة ممتازة»…تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك الجدي ...
- إيران: حكم بالإعدام على مغني الراب الشهير توماج صالحي على خل ...
- “قبل أي حد الحق اعرفها” .. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 وفيلم ...
- روسيا تطلق مبادرة تعاون مع المغرب في مجال المسرح والموسيقا


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - احمد محمود القاسم - حكاية من واقع الحياة: اللقيط