محمد ريفلاند
الحوار المتمدن-العدد: 2707 - 2009 / 7 / 14 - 05:00
المحور:
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
تراها في كل مكان و في كل زمان ، تخرج من فوهة بركان ثائر ، تخرج من
شق كبير في الأرض ناتج عن زلزال مدمر ، تسقط مع امطار فيضانية ،
تتجول في صحراء قاحلة ، تمشي في غابة مخيفة ، تجوب اعماق المحيطات..
و يريدون ان يحيطوها بأسلاك شائكة و يسجنوها لكن تبني جدرانا على حدودها ، يتحدثون عن شراءها و بيعها ، يتحدثون عن امتلاكها في ملكياتهم الخاصة.و يعلقون على لوحة كبيرة بخط عريض؛ليس للجميع الحق في شراءها.
لكن كيف وصلوا إليها و قد بنت من حولها جدران عظيمة؟؟..انهم يشترون و يبيعون الوهم.كذابون و محتالون..
أ ليس كل العالم يبحث عنها ؟بالتكيد..لكن أ هي ملكية للعالم أجمع؟أ هي ملية أصلا؟؟لكنها حرة،كيف تكون ملكية؟..العالم كله بحث و لا زال يبحث عنها..ألم يقولوا بأنها تولد مع كل مولود جديد؟؟نعم قالوا..و ما بالهم يبيعونها للبعض و يمنعونها على البعض الآخر؟؟انهم يبيعون الوهم و ليس الحرية..اما نزعها من البعض و تركها للبعض الآخرفأمر مؤكد..ان وجودها مؤكد، و هو وجود عالمي ، أي كل العالم له الحق او لنقل انه من الطبيعي و المحتم ان تكون في كل العالم و للعالم أجمع
و ما هذا الواقع؟؟أ لا ترى؟؟..نعم كل شيء واضح، تنتزع بالقوة من بعض المواليد الجدد فور قدومهم إلى الوجود ، و نفس هؤلاء يؤكدون و يعملون على حماية حرية بعض المواليد الآخرين..هل الحرية تحتاج للحماية؟؟
كما يزعمون أيضا ،تحمى من الأشرار ..أ ليس لهؤلاء الأشرارحريتهم حتى يطمعوا في حرية الآخرين ؟؟انتزعت منهم و قتلت امامهم..إذن لإنتاج الأشرار يجب انتزاع الحرية من الآخرين و قتلها...لكن هؤلاء أ لا يصبحون هم ايضا أشرار لأنهم ينتزعون الحرية من الآخرين؟ نعم يصبحون أشرارا..
إذن ما هذا، الكل أشرار.....العالم عبارة عن أشرار.الذين ينتزعون الحرية من الآخرين أشرار ، و هؤلاء الآخرين أشرار...!!من وضع هذا المنطق؟ و أي منطق هذا؟؟إنه الإنسان..أي إنسان !!؟ إنه ذلك الذي ينتزع الحرية من الآخر، و هو أيضا ذلك الآخر الذي تحمى منه الحرية..يبدو أنه الإنسان
نفسه..أ هناك أنواع في الإنسان؟؟نعم..الإنسان قال هذا..
كيف يرضى هذا الإنسان بأن يقال عنه شرير؟إنه يرضى بكل شيء..حتى انه يرضى و يقبل بالموت في سبيلها..أ هي هامة لهذ الدرجة؟؟نعم..فالإنسان بدونها يكون شيئا..لكن أ لا ترى بأن الكثير يرضون بأن يكونوا أشياأ!!!؟لم يقبلوا بهذا ..لكن الأمر مفروضا عليهم..ممن؟؟ من الإنسان.
أ يملك الحرية ليحول الإنسان الى شيء و هو نفسه إنسانا..؟ يزعم انه
يمتلكها، يروج انه يمتلكها ، و انه هو الإنسان ، كما يروج و يزعم ان الآخر يجب ان تنتزع منه الحرية و يجب ان يكون اقل درجة من الإنسان..من اعطاه هذا الحق؟الإنسان..و لما لم يعطي للآخر نفس الحق؟؟!!الإنسان يرفض بشدة...كيف يستطيع هذا الإنسان ان يزعم بإمتلاك الحرية و الحق
في ان يكون انسانا ، و لا يستطيع الآخر ان يفعل نفس الشيء؟؟
هناك ملكيات و هي غير مزعومة بل حقيقية يملكها هذا الإنسان أو لنقل يفوق امتلاكها هذا الإنسان عن الآخر، تتحكم في الأمر..انها السلطة.
اذن كيف امتلكها هذا دون ان يمتلكها الآخر؟؟إنه الإنسان..جعل للسلطة حرية و تناسى ان الحرية جعلت لنفسها سلطة و بنت على حدودها جدرانا منيعة..فلا حرية بدون سلطة و لا سلطة بدون حرية ،فالإنسان عندما يقاتل و يسعى من اجل الحرية فهويسعى و يقاتل من أجل تلك السلطة المتوفرة لدى الحرية، و يبقى داخل تلك الجدران العظيمة دون ان يتخطاها..أما ذلك الإنسان الذي يزعم امتلاك الحرية ويروج بأن له الحرية و يشيع و يزعم ان الآخر لا يستحق الحرية (تلك المتوفرة على السلطة)و ان هذا الآخر ليس انسانا مثله، فإنه يحول هذا الآخر إلى شيء بسلبه حريته و يجعلها لنفسه فتتوسع تلك الحدود لتشمل أخرى و تتقوى السلطة أكثر فأكثر ..بل انه يسعى جاهدا لتدمير من يحاول استعادة حريته(و بالتالي تلك السلطة التي تتوفر عليها الحرية)و تدمير حدودا أخرى و سلب حريات أخرى ،فتتقوى سلطته بشكل كبير.
يبقى هذا الآخر شيئا تحركه تناقضاته لإستعادة حريته و بالتالي السلطة ليعود انسانا كما كان.
ما دامت الحرية جزء من الإنسان و الحرية لها سلطتها كما ان الإنسان جعل للسلطة حريتها،و ما دام الإنسان بدون حرية يصير شيئا.فإن الصراع صراع حرية..
لكن هل الحرية هي لب و جوهر الصراع؟؟بالطبع ليس جوهر الصراع هو الحرية...و ما الحرية إلا وسيلة لغاية أخرى ..ان الحرية مجرد قشرة تخفي وراءها لب الصراع .ان الحرية وسيلة لتشييء الإنسان عندما تسلب منه،و لا وسيلة أخرى من دون الحرية يسترجع هذا الشيء الذي كان بالأمس انسانا إنسانيته و يصبح انسانا من جديد..
اذن يصبح الصراع صراع الإنسان و الشيء..و ما الشيء إلا شيئا قابل لأي شيء، قابل للبيع و الشراء،و المبادلة والتحويل و الإستهلاك والإمتلاك...فعندما يتم تشييء الإنسان يصبح مثله مثل اي شيء جامد و بالتالي يكون شيئا قابل لأي شيء
هنا يكمن الصراع:صراع الإنسان و الشيء صراع اقتصادي ، صراع من يربح على ظهر من
.ان الإنسان من دون حرية يصبح شيء وكل شيء قابل لأي شيء
ان لب الصراع اقتصادي
و قشرة الصراع هي الحرية
#محمد_ريفلاند (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟