أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ميساء ابو غنام - تائهة في مخيم قلنديا














المزيد.....

تائهة في مخيم قلنديا


ميساء ابو غنام

الحوار المتمدن-العدد: 2711 - 2009 / 7 / 18 - 09:17
المحور: الادب والفن
    


الساعة الثالثة والنصف عصرا انطلقت كالمعتاد في طريقها لاحضار ابنتها من الحضانة،كان الجو غائما ودرجة الحرارة منخفضة،وللحظات شعرت باختناق فقررت فتح النافذة،لم تكن حينها تعبأ بالاصوات المحيطة بها ،هناك من يكشر في وجهها واخرى تحذرها من الاقتراب لسيارتها نتيجة الازدحام على حاجز قلنديا والمنطقة المحيطة بالمخيم،حيث كان هاتفها النقال ملهم اهتمامها وكانت ضحكتها المفعمة بالامل لبدء مشروع عمل جديد يفوق التواصل مع المحيطين بها،وللحظة تذكرت انها اطالت الحديث فاستأذنت المتحدث معها الانهاء،وهنا بدأت تتذكر ان الساعة اقتربت من الرابعة والربع قائلة لطفلها الجالس خلفها تأخرنا على اختك،لم تتوقع الاجابة الا ان الرد جاء سريعا (ليش انت جاي هون مش احسن لو حطيتي روزنة في حضانة تانية في رام الله) اجابته مستنكرة(ليش يا ماما هاي الحضانة احسن من اللي في رام الله وبدأت في الغناء اشتقنالك يا رزونة )،ثم قالت في سرها (والله معو حق مشكلة ازا كل يوم راح يكون الحاجز وطريق المخيم مأزمة).
واخيرا وصلت الى نهاية الطريق لتقل رضيعتها معها،حيث بدت علامات الفرج الممزوج بالاعتذار من المربية على التأخير قد اخذ رمقه الاخير لتبدأ رحلة العودة،وما ان وصلت الى طريق القدس رام الله (على حاجز قلنديا)لتجد الوضع اكثرسوءا مما كان،وما بين تذمر طفلها وبكاء رضيعتها وتسابق السائقين كل يريد البحث عن منفس ضيق في ثنايا الشارع غير المعبد ،قررت حينها ان تبدأ رحلة المنافسة على الطريق غير المعبد (طريق الكسارات)لتدخل مخيم قلنديا للاجئين الفلسطينين على امل اختصار الوقت لبيتها في حي كفر عقب التابع سياسيا لمدينة القدس.
وبين المد والجزر في ثنايا المخيم،بدأت لحظات العودة للحاضر والماضي،بيوت مكتظة لا تدري من اين تبدأ حلقاتها واين تنتهي،اصوات اطفال تهديك لطريق المخرج(مش من هون ارجعي سيارتك كبيرة ما بتفوت من هادا الشارع بدك تاخدي الدخلة التانية على الشمال)وبدا السؤال اي شمال فجميع المنافذ التي امامها شمال، سارت في طريقها متردد حتى وجدت شابا يعينها العودة خوفا من الانزلاق في حفر المخيم التي محى الزمن معالم نشوئه.
لم تكن السياقة في داخل مخيم قلنديا الا اختبارا لمهارة السائق ،ولم تكن القدرة على تجنب الاصطدام بأبواب البيوت وارجل الاطفال والجدران المغلفة من كل صوب الا خدعة تعتقد حينها ان رخصة سياقتك سارية المفعول وستنتهي هنا في داخل قلنديا عندما تغض البصر للحظات لتبصر على اب وام وطفل لهما في عجلة (عرباي)يقودها والده ليقف منتظرا ممرا يخرجنا الاثنين من زقاق ابى الاتساع ليكون الخلاص.
جاء الفرج بعد اتخاذ الاب الحكيم قرارا بتقسيم مهام المرور بين سيارتها وبين عجلة طفله لتفاجئ بأنها اقتربت من الشارع الرئيسي ،وحينها ابلغت طفلها بأنها خرجت ،كان مشهد السوبرماركت ذا البوابة الزجاجية والاضاءة اللامعة عنوانها،تأملت محتوياته ما بين العربي والاسرائيلي والاوروبي والتركي والامريكي،لتعتقد انك في حي الطيرة برام الله ان شئت او السوبر فارم في القدس ،وعلى المقابل منه قهوة متواضعة يجلس عليها رجال بأعمار مختلفة وامامهم طاولة النرد بأحجارها ذات الاحتمالات المختلفة،كان مشهد به مزيج من النكبة والعولمة،ما بين التاريخ وما بين الحداثة،ما بين الانا والاخر وما بين المخيم وبيتها لم يبق الا دقائق معدودة.
استدارت بسيارتها متأملة مدينة المخيم العديد من المكتبات وصالونات الحلاقة ومحلات الملابس والاحذية وبقالات تعيدك بالذاكرة الى دكان ابو محمد وام علي وابو جريس وقهوة القرية في ابو شوشة وصفد وحطين وغيرها حيث ما زال الزمن يتنشق رائحة حب الهال من بنها ،وصلت الى نهاية جولتها حيث رأت اشارات تفيدها ان الطريق ليس من هنا حيث توقفت فجأة في ازقة هي بمثابة استاد كرة قدم لابناء المخيم ،فكانت هي الحكم الذي اطلق بزامور سيارتها اشارة التوقف (على الاقل وقت مستقطع)فكان الاتجاه يشير الى مدرسة فلسطين ولا عجب ان تكون اغلب يافطات المخيم مسمية باسم فلسطين،سارت وعلامات الخوف بدت على ملامحها فهي تائهة في مخيم قلنديا حيث الظلام الذي لا يقود للنهاية،وفجأة لمحت ضوء سيارة تبعته ليبدأ افق المكان بانارة قوية على يمينك على تلة اسقف بيوتها بطاقات حمراء(قرميد)لتكتشف انها مستوطنة حفرت بدماء المخيم استمرت بالمسير وقد ازداد صوت بكاء رضيعتها المثقلة بالجوع وقد ازداد تساؤلها لطفلها اتعلم اين نحن،بدا الصمت عليه للحظات صارخا بعد ذلك(ماما هادا بيتنا فوق جنب الجامع انا عرفت وين كيف وصلنا)ضحكت قائلة(مش عارفة يا ماما كيف جينا ولا كيف وصلنا المهم انا وصلنا).



#ميساء_ابو_غنام (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مزيج غير متجانس خلق شخصية عالمية (ادوارد سعيد فلسطيني الهوية ...
- حرية التعبير في فلسطين بين الواقع والقانون
- قانون الجنسية في اسرائيل ولم شمل المقدسيين
- هل الرجل العربي لا يرضي رغبات المرأة جنسيا؟؟؟؟


المزيد.....




- أحمد الفيشاوي يعلن مشاركته بفيلم جديد بعد -سفاح التجمع-
- لماذا لا يفوز أدباء العرب بعد نجيب محفوظ بجائزة نوبل؟
- رئيسة مجلس أمناء متاحف قطر تحتفي بإرث ثقافي يخاطب العالم
- رئيسة مجلس أمناء متاحف قطر تحتفي بإرث ثقافي يخاطب العالم
- مشاهدة الأعمال الفنية في المعارض يساعد على تخفيف التوتر
- تل أبيب تنشر فيلم وثائقي عن أنقاض مبنى عسكري دمره صاروخ إيرا ...
- قراءة في نقد ساري حنفي لمفارقات الحرية المعاصرة
- ليبيريا.. -ساحل الفُلفل- وموسيقى الهيبكو
- بطل آسيا في فنون القتال المختلطة يوجه تحية عسکرية للقادة الش ...
- العلاج بالخوف: هل مشاهدة أفلام الرعب تخفف الإحساس بالقلق وال ...


المزيد.....

- إخترنالك:مقال (الثقافة والاشتراكية) ليون تروتسكي. مجلة دفاعا ... / عبدالرؤوف بطيخ
- المرجان في سلة خوص كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- بيبي أمّ الجواريب الطويلة / استريد ليندجرين- ترجمة حميد كشكولي
- قصائد الشاعرة السويدية كارين بوي / كارين بوي
- ترجعين نرجسة تخسرين أندلسا / د. خالد زغريت
- الممالك السبع / محمد عبد المرضي منصور
- الذين لا يحتفلون كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- شهريار / كمال التاغوتي
- مختارات عالمية من القصة القصيرة جدا / حسين جداونه
- شهريار / كمال التاغوتي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ميساء ابو غنام - تائهة في مخيم قلنديا