أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - روني علي - ماذا يدور في مطبــخ المعارضة السورية ..؟.















المزيد.....

ماذا يدور في مطبــخ المعارضة السورية ..؟.


روني علي

الحوار المتمدن-العدد: 825 - 2004 / 5 / 5 - 07:28
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
    


( قراءة في وقائع )
بداية، ودفعاً لأي التباس، أو سوء تفسير أو تأويل، أود أن أشير إلى نقطة هامة - تشكل بالنسبة لي جوهرية وقناعة راسخة - بأن الحالة الكردية في سوريا هي إحدى مسائل الديمقراطية، وتحتل مركز الصدارة في أولويات معالجة الوضع الديمقراطي الوطني. كما أن الشعب الكردي يشكل جزءاً من النسيج الوطني، والذي لا بد أن يفسح أمامه المجال كي ينخرط في عملية التغيير الديمقراطي، على ركائز ومفاهيم مجتمع مؤسساتي / مدني / تعددي، الذي لا بد أن يجسد أولاً وأخيراً، في الحالة السورية، فكرة العقد الاجتماعي المواطنوي، وهذا لا يمكن له أن يتحقق دون الاستناد إلى الفهم الواقعي والموضوعي لخصوصية الفئات والانتماءات الوطنية المختلفة، والذي يتطلب –وبقوة – الفهم الديمقراطي للمسائل قبل الممارسة. وإلا – وحسب اعتقادي – فإن كل ما يتم الدعوة إليه، سيكون مجرد صوت في الهواء، ورأي في الفراغ .
من هنا، ومن باب تحمل المسؤولية تجاه قضايا الوطن والمواطن، أجد لزاماً عليّ الوقوف على آفاق أطراف الحراك الوطني السوري، مساهمةً في بلورة بعض القضايا العالقة، والبحث عن حلول ومخارج، من شأنها ردم الهوة بين ما يتم ممارسته وما هو مطلوب. ولعل الحلقة الأولى من مقالنا ( نقطة نظام ) كانت قد رصدت مكامن الخلل البنيوي في تعامل السلطة مع استحقاقات الشارع السوري عموماً والكردي خصوصاً، والذي شكل خزان الاحتقان لمجمل تداعيات أحداث 12 آذار المؤلمة. وستكون حلقتنا هذه بمثابة وقفة على آلية وأداء وآفاق المعارضة الوطنية السورية بخصوص القضية الكردية .
لعل هناك حدثان بارزان على الأقل، يمكن الاستناد عليهما آنياً، للوقوف على حقيقة ما يجري في الشارع العربي، وبالتالي في مطبخ المعارضة السورية، تجاه الكرد في سوريا وخصوصية هويتهم القومية..
فالحدث الأول – ودون الدخول في تفاصيل حقيقة الصراعات التاريخية والقائمة في المنطقة - تجسد في انهيار النظام العراقي، وسقوط رمزه الديكتاتوري من على عرش السلطة، ومن ثم تداعياته وتفاعلاته وانعكاساته، سواء على الصعيد العراقي كوطن، أو على الصعيد الإقليمي كمنطقة جغرافية، أو على صعيد الأنظمة كأداء وممارسات سلطوية، وكذلك على صعيد النمط السائد في الثقافة الشعبوية التي تحكم وتتحكم بمجمل العلاقات الاجتماعية والسياسية لدى قطاعات وشرائح واسعة في مجتمعاتنا المتعايشة، بما فيها الأطر السياسية والحزبية . بمعنى آخر ، سقوط معقل من معاقل النموذج الديكتاتوري الذي كان يراهن عليه الكثير من التيارات العروبية للاستنهاض بالمشروع القومي العروبي، وبالتالي انهيار فكرة - الحلم – الوطن العربي الموحد من المحيط الهادر إلى الخليج الثائر . وقد تكون فكرة احتلال الكويت، وموضوع الكوبونات داخلاً في نسيج تلك الفكرة – الحلم – وخطوة على طريق تعميم مفرداتها عربياً، بغض النظر عن شرعيتها أو عدم مشروعيتها، بالقوة كانت أم من خلال تجييش بعض الشرائح المثقفة، المهيأة لأن تلعب دور البوق مقابل أغراض معينة .
ولا شك أن ذاك الانهيار قد أصاب في العمق، الثقافة المتداولة في الشارع العربي، الذي كان يعبر عن موالاته للنظام العراقي – وإن كان بنسب متفاوتة ولأغراض مختلفة – كونه كان يجسد – حسب رؤية الشارع – صمام الأمان للبوابة العربية الشرقية، وحامي حمى المشروع القومي، كونه الأكثر قوةً – عربياً – للوقوف في وجه مطامع إسرائيل . وبالتالي أدخل المواطن العربي في حالة من اليأس، كونه وقف مكتوف الأيدي ومراقباً للأحداث، وشاهداً على الانهيار لا فاعلاً فيه. خاصةً وهو يرى أن القوات التي دخلت بغداد، كانت قد عبرت أراض عربية وتمركزت فيها، وبالتالي انطلقت منها لتقود العمليات العسكرية .
أمام ذاك الإحساس، لم يمتلك المواطن العربي الجرأة للتعبير عن ذاته المنتكس، والوقوف على الأسباب الحقيقية للسقوط والانهيار وبالتالي تفسيره منطقياً، سوى الحالة الكردية، لتحمله وزر ما جرى. خاصةً وأن الشعور القومي العروبي من جهة، وثقافة الأنظمة وأدواتها من جهة ثانية، وقفتا حائلاً أمام الرصد المنطقي لمجريات الأحداث، وساهمتا في تقديم الكرد كشماعة ليعلق عليها مجمل مظاهر الفساد والإفساد، الكامنين في الوسط السياسي العربي . كون مواجهة الحقائق تتطلب بالدرجة الأولى الوقوف عند تلك النقطتين . وبما أن مواجهتهما غير واردة في آليات العمل العربي لأسباب شتى – لسنا في وارد الوقوف عليها – وأن الأنظمة العربية قد أجادت لعبة التباكي على النظام العراقي خدمة لمخططاتها، كانت الورقة الكردية نقطة الالتقاء بين الشارع والأنظمة لتسجل عليها مجمل انتكاسات المشروع القومي العربي، وتوصمها بالغدر والخيانة للأمة العربية، والموالاة لأنظمة الدول الغربية .
هذا الخلط القسري والمتقصد في الأوراق من قبل الشارع والأنظمة، يحصل للمرة الثانية – إن لم نقل أكثر من ذلك - في غضون السنوات الأخيرة، بعد أن جرى أول مرة إبان حرب تحرير الكويت من الاحتلال العراقي، ودخول جيوش بعض الدول العربية إلى جانب الولايات المتحدة في تلك الحرب، ومساهمة بعض الدول في دعمها اللوجستي لتلك القوات، لقاء مقايضات سياسية واقتصادية معينة، وكذلك إبعاد تهم متعددة عن نظامه السياسي. بمعنى آخر يأتي هذا الخلط بحكم التوازنات القائمة في الحالة العربية، سواء من جهة الأنظمة أو المعارضة . حيث أن المنطق يفرض على آلية التفكير الأخذ بالمقدمات والأسباب، قبل القفز إلى النتائج، وهذا ما تفتقر إليه الرؤية السياسية في الشارع العربي بحكم العديد من الإفرازات السياسية، والمناهج التربوية، وكذلك الثقافة السائدة . لأن عملية إخضاع الأحداث إلى مختبر منطقي، سيؤدي إلى الكشف عن الكثير من الملابسات – إن لم نقل تعقيدات – التي تلف عملية التحليل السياسي في الواقع المعاش، وأسباب المآل الذي آل إليه الوضع .
فالأنظمة العربية بمجملها كانت تتخوف من بلورة النموذج العراقي، كونها أدركت أنه – واستناداً إلى عقليته التاريخية في الحكم والإدارة – سوف لن يتوقف عند حدود سياسية معينة، وقد ينسف مجمل التوازنات السلطوية، خاصةً وقد استغل النظام العراقي المنهار العديد من التناقضات التي كانت قائمة بين الأنظمة العربية ومعارضتها، واعتمد على الورقة الفلسطينية كحالة مجمل الأنظمة، بما يتضمن شعارات المواجهة ودعم الثورة العربية، ولعب دوراً ريادياً في الكثير من القلاقل وأعمال التخريب التي جرت في بعض الدول العربية، وخاصةً في أحداث الأخوان المسلمين في سوريا، وإيوائها لرموز المعارضة المسلحة السورية، وتخطيطها ووقوفها وراء العديد من التفجيرات التي كانت تحصل في بعض المدن السورية، وساهم بشكل أو بآخر في زعزعة أمن واستقرار المنطقة، منذ اتفاقية الجزائر، التي حاولت من خلال مقايضة إيران ببعض الجزر، التنصل من اتفاقية الحكم الذاتي مع زعيمالثورة الكردية مصطفى البارزاني. علاوة على دخولها الحرب مع جارتها إيران، لتزيد من فاتورة الشارع العربي والإسلامي. هذا إذا استثنينا المراحل السابقة، ابتداءاً من حلف السنتو ومروراً بمنافسة عبدالناصر على زعامة الأمة العربية، واعتبار الكويت محافظة عراقية.. إلخ .
إذاً، فالنظام العراقي – في نظر الأنظمة - كان يشكل مصدر تهديد عربي وإقليمي، وبالتالي كان هدف التخلص منه يشكل القاسم المشترك في خطط الدول الإقليمية، وإن بنسب متفاوتة، وأشكال مختلفة. وما أن جاءت الظروف المؤاتية، نتيجة التغييرات التي أصابت بنية المفاهيم الدولية، بخصوص قضايا الديمقراطية وحقوق الإنسان ومحاربة الإرهاب، واستمرار النظام العراقي في ارتكابه المزيد من الحماقات، وتأليب الرأي العام الدولي على نفسه، توسعت دائرة مشروع التخلص، لتحتل صدارته الولايات المتحدة. كون الدول الإقليمية وحتى الشارع العراقي، كانا على قناعة تامة بأنه لا يمكن التخلص من هكذا نظام اعتماداً على الداخل العراقي. وبسبب الشعور القومي، والروابط الجغرافية والإقليمية، وتحسباً من احتقانات داخلية، عمل كل طرف على دفع الشبهة عن نفسه، ليقدم الحالة الكردية كبديل لتحميله وزر ما جرى.
خاصةً وأن الشارع العربي – ونتيجة الأحداث الدراماتيكية – قد افقد ذاكرته التاريخية، استناداً إلى العوامل المذكورة آنفاً، ليربط الحاضر بالماضي، والنتائج بالأسباب والمقدمات، وبالتالي ابتلع الطعم، وانساق وراء ادعاءات المصادر السلطوية ومعارضتها، من إعلام مسير وموظف، وأبواق مأجورة، لتتشكل قناعة ورأي عام عربي، بأن الأكراد وراء مجيء أمريكا إلى العراق، في محاولة لتجزئته . خاصةً وأن هناك من العوامل الموضوعية لأن يكون الطرف الكردي أكثر حقداً على نظام صدام حسين، ويتم تقبل تلك القناعة لدى المواطن العربي، سواء من جهة ممارساته بحق الكرد، من حلبجة وخورمال وعمليات الأنفال، أو من جهة الحلم الكردي في بحثه عن ذاته القومي السياسي، وصراعه التاريخي مع السلطة العراقية بهذا الخصوص . لكن دون أن يقف أحدهم في موقف المتسائل ليجيب على التساؤل التالي : إذا كان الأكراد هم الذين استقدموا أمريكا، فلماذا متمسكون حتى العظم بوحدة العراق من خلال طرحهم لمشروع الفيدرالية، ولا يتمسكون بالاستقلال وتشكيل دولتهم القومية، خاصةً وأن أمريكا تقف وراءهم حسب ادعاءات الشارع العربي ..؟
أعود وأقول بأن هذا الخلط القسري والمتقصد، وتحميل الجانب الكردي نتائج حماقات النظام العراقي، كان العامل الأساسي وراء تأجيج وإثارة الأحقاد والضغائن في الشارع العربي تجاه الكردي أكثر فأكثر، وقد يكون وراء ما جرى في أربيل. وبالتالي أحدث شرخاً في العلاقات التاريخية التي تربط الشعبين. وهذا ما كان مخططاً له، وهدفت إليه مشاريع الأنظمة التي راهنت على أن أفضل السبل للخروج من مأزقها، هو خلق البلبلة وضرب الشارع بعضه بالبعض، في عملية برهان على قوته، وأن أية دعوة للتغيير في البنى القائمة، ستعيد إنتاج التجربة العراقية، كون المشروع الأمريكي بدخول العراق، وجه رسالة واضحة إلى أنظمة المنطقة، بأنه سوف لن يتوقف عند حدود العراق، بل سيعمل جاهداً من أجل اجتثاث بؤر التوتر وجذور الإرهاب من المنطقة.
إذاً، يمكننا اعتبار أن أول طلقة تم تسديدها إلى النسيج الوطني، جاءت من خلال الحدث العراقي، بغض النظر عن أن ذاك النسيج كان متماسكاً بفعل القوة، وليس بالاستناد إلى ثقافة التعايش .
أما الحدث الثاني فقد جاءت تجسيداته في الأحداث الدموية المؤلمة التي وقعت مؤخراً في مدينة القامشلي، والتي تفاعلت لتمتد وتشمل كافة المناطق الكردية في سوريا، إضافةً إلى أماكن تواجد الأكراد في كل من حلب ودمشق، والتي راحت ضحيتها العشرات من الشهداء والجرحى، بالإضافة إلى المعتقلين .
هذان الحدثان - إن لم نقل أن الأول مهد للثاني، أو كان بمثابة السبب له – شكلا منعطفاً حقيقياً في الوعي السياسي التراكمي، والرؤية في تناول قضايا الراهن والمستقبل لدى أبناء منطقتنا، وبنسب متفاوتة، ومن منابع سياسية وإيديولوجية مختلفة، قوموية، إسلاموية، شيوعية، ديمقراطية .. إلخ . كون الحدثان ساهما بدرجة كبيرة في بلورة بعض المفاهيم وتسطيح بعضها. خاصةً وقد جاءا بعد مرحلة طويلة من نضالات حركات التحرر الوطني والقومي، وصراعات الحرب الباردة، وتناطح الإيديولوجيات، والتي بدورها تعتبر حدثاً بحد ذاتها، وساهمت إلى حد كبير في إلغاء وإقصاء الأخر المخالف من دائرة الفعل والوجود تحت حجج ومبررات شتى. ولعل الحالة الكردية كانت إحدى ضحايا تلك التوازنات ولعبة الأدلجة . فقد جرى تهميشها وتغييبها من ساحة الواقع، تارةً تحت سطوة المفاهيم القوموية لدى أبناء الشعب العربي المتعايش مع الشعب الكردي، والذي يعتبر شريكه التاريخي في بناء تاريخ المنطقة، تحت ذريعة العمل نحو بناء ركائز الوطن المتحرر من قيود التبعية، وتحرير ما بقي من أراض سليبة، ومواجهة الأخطار الخارجية، إلى آخر هذه الأسطوانة. وتارة باسم الصراع الطبقي الذي تبنته بعض التيارات الماركسية والشيوعية العربية، والتي كانت تحمل في جوهرها فكراً قوموياً عروبياً، وفي ظاهرها طرحاً سياسياً ماركسياً. وللأمانة التاريخية، نستثني هنا بعض التيارات المنفتحة والتي دفعت ضريبة مواقفها عربياً، وآراء بعض المثقفين المتنورين المطاردين من ثقافة الشارع والأنظمة .
نعم، باستثناء ذلك، يمكن القول بأن الطرح السياسي الذي تبنته مجمل التيارات العربية، قد أسس لثقافة اقصائية، خاصةً وأن هناك موروث ثقافي شمولي ينظم مجمل الرؤى السياسية التي تستند عليها هذه التيارات، إضافةً إلى التناغم الذي كان يحصل – وما زال – بين تلك الرؤى، والأنظمة التي تعاقبت على دست السلطة في الحالة الكردية . بمعنى آخر – وبغض النظر عن التباينات التي كانت موجودة بين تلك التيارات والسلطة – نستطيع القول، بأن نقطة الالتقاء الجوهري والجامع الذي كان يربط السلطة بتلك التيارات – المعارضة – كانت تتجسد إضافةً إلى وحدة المنبع الثقافي، في الوضع الكردي .
ومن عودة سريعة إلى شكل التعامل الذي أبدته المعارضة مع أحداث 12 آذار، يمكننا أن نسجل نقطة نظام، ونبدي بعض الملاحظات، التي من شأنها – لعل وعسى – أن تشكل أرضية لحوار وطني ثقافي / سياسي داخل النسيج المجتمعي السوري .
فالمعارضة، وفي بادئ الأمر ، قد تعاملت مع الحدث على أنه مسألة وطنية، وبالتالي وقفت عليه من شعور المسؤولية بقضايا الوطن . إلا أنها سرعان ما دخلت في توازناتها، بحكم الضغوطات التي مورست عليها، والتي هدفت إلى نسف مقومات الحراك الوطني، الذي بدأ بالتبلور أكثر فأكثر في الآونة الأخيرة، سواء من جهة التقارب الذي كان يحصل بين التيارات العربية والكردية حول العديد من القضايا الوطنية، والذي توج في أكثر من نشاط عملي، أومن جهة انخراط نخب ثقافية من مختلف الانتماءات الوطنية في أطر وطنية، كلجان المجتمع المدني أو لجان الدفاع عن حقوق الإنسان .. إلخ .
هذه الحالة التوافقية في الحراك الوطني، شكلت مصدر قلق وإزعاج لدى بعض الأوساط في السلطة، والتي حاولت وتحاول جاهدةً إلى نسفه واحتوائه، منذ ربيع دمشق وحتى اللحظة. وقد وجدت ضالتها في توجهات بعض الأطر الكردية – والتي سنقف عليها في الحلقة القادمة – وكذلك ذهنية العديد من التيارات الوطنية العربية . تلك الذهنية التي تجاوزت العديد من ركائز الثوابت السياسية الوطنية، وتغاضت عن ما تعنيه الديمقراطية في الحالة السورية، من حيث الإقرار بالتعددية السياسية والقومية، وبالتالي الاعتراف بالواقع كما هو، والارتقاء به، لتنجر إلى مواقع ومواقف هدفت إليها تلك الأوساط في سبيل خلق واختلاق جدار سياسي يفصل بين ما هو كردي وعربي، لتطرح العديد من الأسئلة ونقاط الاستفهام، التي لا توجد مسوغاتها أو مبررات طرحها في الواقع، والتي تجعلنا نقف في موقع الاستفهام على ما يجري في مطبخ المعارضة.
نعم، نستطيع القول، ومن خلال بعض الأسئلة التي تطرحها المعارضة عقب أحداث آذار على الشارع الكردي، أن الأحداث قد أفرزت نوعاً جديداً في خطاب المعارضة السياسي، ودفعتها بحكم العديد من التوازنات والأسباب، لأن تميل إلى جانب السلطة؛ حيث أن ما تطرحه المعارضة من تساؤلات، يستدعي الحذر في التعامل معها، بل ينبئ بأن هناك ما يدور في مطبخها محاولة منها لتقزيم الحالة الكردية، واحتوائها تحت سقف المسألة الديمقراطية الوطنية، وبالتالي جعلها قضية مواطنة صرفة، دون البحث في خصوصيتها القومية وما لها من حقوق .
بقي أن نقول، ودون الدخول في سرد تساؤلات المعارضة، كونها تزيد شرخاً في الجسم الوطني، وتنسف ديمقراطية الحوار والتحاور، بأن مهام الحركة الوطنية عموماً، تتجسد في المرحلة الراهنة بالانفتاح على قضاياها الوطنية، والبحث عن آفاق وركائز المعالجة، وبالتالي العمل نحو بناء مستلزمات حوار ديمقراطي حقيقي، يكون السلطة طرفاً فيه بالضرورة، وتتفهم أطرافه خصوصية كل وضع، وكذلك كل مصلحة ورأي وحق. لأن معالجة الأمور بالاستناد إلى نزعة الفوقية وثقافة الاقصاء، سيزيد من المسائل أكثر تعقيداً في المستقبل .
أما بخصوص التخوف المصطنع الذي تبديه أطراف المعارضة من الحالة الكردية، واستنادها قصداً على بعض الدعوات والأصوات الكردية التي تعبر عن نفسها هنا أو هناك، والتي هي بمجملها لا تلتقي مع الطرح السياسي الذي تتبناه الحركة الكردية، ودعوات باقي الشرائح الاجتماعية، والتي تتلخص في أن تكون سوريا لكل السوريين، ومنفتحة على كل السوريين، وأن يكون القاسم المشترك في أي حراك ديمقراطي الوطن وكل الوطن، هذا الوطن الذي لا يمكن أن يكون للكل دون أن يشعر المواطن بانتمائه إليه، إلا من خلال تمتعه بكرامته وحقوقه، سواء أكانت قومية أو ديمقراطية أوإنسانية . نقول، بخصوص ذاك التخوف، نحيل أطراف المعارضة إلى مجمل ما تتبناه القوى الكردية، سواء في حدودها الدنيا أو العليا، وإلا فإن ذاك التخوف سيشكل بالنسبة للشارع الكردي جزءاً من مشروع ثقافي شوفيني يبحث عن آليات جديدة لاحتواء الحالة الكردية .



#روني_علي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نقطة نظام هي عبرة لمن يعتبر
- ضربة جــزاء ..
- عكازة ( المثقف العربي ) .. كردياً
- مشهد من أمام محكمة أمن الدولية العليا …
- حين يجتهد القائد ، يتوصل .. ولكن .؟!.
- هولير .. الحدث .. والمطلوب
- كرمى لعينيك هولير ... فنحن على طريق الوحدة والاتحاد
- الرهانات الخاسرة ...


المزيد.....




- أمطار غزيرة وعواصف تجتاح مدينة أمريكية.. ومدير الطوارئ: -لم ...
- إعصار يودي بحياة 5 أشخاص ويخلف أضرارا جسيمة في قوانغتشو بجن ...
- يديعوت أحرونوت: نتنياهو وحكومته كالسحرة الذين باعوا للإسرائي ...
- غزة تلقي بظلالها على خطاب العشاء السنوي لمراسلي البيت الأبيض ...
- ماسك يصل إلى الصين
- الجزيرة ترصد انتشال جثامين الشهداء من تحت ركام المنازل بمخيم ...
- آبل تجدد محادثاتها مع -أوبن إيه آي- لتوفير ميزات الذكاء الاص ...
- اجتماع الرياض يطالب بفرض عقوبات فاعلة على إسرائيل ووقف تصدير ...
- وزير خارجية الإمارات يعلق على فيديو سابق له حذر فيه من الإره ...
- سموتريتش لنتيناهو: إذا قررتم رفع الراية البيضاء والتراجع عن ...


المزيد.....

- اللّاحرّية: العرب كبروليتاريا سياسية مثلّثة التبعية / ياسين الحاج صالح
- جدل ألوطنية والشيوعية في العراق / لبيب سلطان
- حل الدولتين..بحث في القوى والمصالح المانعة والممانعة / لبيب سلطان
- موقع الماركسية والماركسيين العرب اليوم حوار نقدي / لبيب سلطان
- الاغتراب في الثقافة العربية المعاصرة : قراءة في المظاهر الثق ... / علي أسعد وطفة
- في نقد العقلية العربية / علي أسعد وطفة
- نظام الانفعالات وتاريخية الأفكار / ياسين الحاج صالح
- في العنف: نظرات في أوجه العنف وأشكاله في سورية خلال عقد / ياسين الحاج صالح
- حزب العمل الشيوعي في سوريا: تاريخ سياسي حافل (1 من 2) / جوزيف ضاهر
- بوصلة الصراع في سورية السلطة- الشارع- المعارضة القسم الأول / محمد شيخ أحمد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - روني علي - ماذا يدور في مطبــخ المعارضة السورية ..؟.