أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - آرام كربيت - الأرض المحرمة الفصل السادس














المزيد.....

الأرض المحرمة الفصل السادس


آرام كربيت

الحوار المتمدن-العدد: 2702 - 2009 / 7 / 9 - 08:53
المحور: الادب والفن
    



جلسوا في المطعم الصغير العائد للمستشفى. كانت الساعة تشيرإلى ما قبل الحادية عشرة قبل الظهرعندما بدأ ياسريتناول وجبة الغذاء, صحن كبيرمملوء بالبطاطا المهروسة واللحمة المقلية, خبز, زبدة وكأس عصير بينما طلبت إيكا سندويشة جبنة وفنجان من القهوة السويدية المقطرة. لم يتكلموا, ياسرمشغول في أكل الطعام وغارقاً في متاهات الحزن والألم الذي لفه من اللقاء الأخيرمع أمه. فكرت إيكا بما حدث في تلك الغرفة قبل بضعة لحظات!
ـ هل قالت أمك شيئاً عندما ههممتَ بالخروج؟
ـ لا.. لا لم تقل.
مكثوا هناك فترة طويلة, استغرقت وقتاً. أشارت إيكا إليه كي ينطلقوا. ساروراءها دون أن ينبس بكلمة واحدة أو يفتح فمه, مضى معها مثل ظلها, مثل طفل صغيريجري وراء أمه. ما أن هموا بالخروج ومشوا بضعة أمتارحتى نادته غريزة الجوع مرة ثانية:
ـ إيكا, أنا جائع كثيرجداً. هل لي أنا أكل قبل أن نذهب؟
في العادة يمد يديه ليبحث عن المحفظة, لكن هذه المرة لم يجدها, لأنها بقت عند أنتي.
ـ ما في مشكلة, استطيع أن أدعوك.
ـ لا! لا أقبل, لست طفيلياً. أمي هنا.
ركض ياسرعائداً إلى غرفة والده. لم تستطع أن توقفه أوتسد خطاه. بقيت في مكانها تنتظرعودته بفارغ الصبريتملكها إحساس داخلي أن ياسرلا يمكن أن يقدم على عمل مشبوه. وثقت به من خلال عدة أحداث مرت معها هذا اليوم والليلة السابقة.
لم يستغرق الأمرأكثرمن ثلاثة دقائق حتى أقفل عائداً, في يده ورقة نقدية من فئة المئة كرونة.
ـ أنا الذي سأدعوك, تعالي!
أنه يأكل الأن. مثل طفل رضيع يتناول كل ثلاثة ساعات وجبة. بدأت إيكا تعتاد على أنه يأكل كميات كبيرة من الطعام.
ـ هل قالت لك شيئاً عندما هممت بالخروج؟
ـ لا. بقيت جالسة في مكانها. قلت لها أنني بحاجة إلى بعض النقود, فتحت المحفظة وأخرجت بضعة مئات من الكرونات ووضعتهم في يدي. لكن عندما هممت بالخروج رأيت الممرضة تناول والدتي بعض الحبوب, قالت أنها بحاجة إلى الراحة.
ثم صمت وراح يأكل البطاطا المهروسة كما جلب المزيد من الخبزوالزبدة. يفرد السندويشة أمامه, يضع عليها قطعة اللحمة المقلية على شكل دوائرويلفها. يبدوأنه لم يعد حزيناً مثل السابق, لكن عيناه تتجنب أن تنظرفي عين إيكا.
ـ يا للعار!
ـ العار؟
ـ أن أبكي مثل الأطفال. لقد مسكت يدي مثل ولد صغيرورحت تأخذيني معك من مكان إلى آخر.
ـ هذا هوالعاريا ياسر, قالت إيكا, وقد بان عليها الغضب. هذا يدل إنه لا يوجد من يفهم عليك, لا يفهم على مشاعرك وأحاسيسك. الموقف ليس سهلاً, لو كنت في مكانك لتصرفت على النحوذاته الذي تصرفت به. كنت سأبكي لو أن أبي على فراش الموت وإلى جانبه والدتي لا تعرني اهتماماً أولا تحب معانقتي, وكل ما حولي يشدني إلى الحزن والانزعاج والعزلة. أما إذا كان إنساناً ما في البيت أخاف منه, وجب علي أن أتجول في الشوارع بلا هدف, بدلاً من الذهاب إلى البيت ومواجهة الموقف, أليس كذلك!
نظرإليها ياسرمستغرباً, مكتشفاً الخطأ الذي وقع فيه. ابتسم لها خجلاً وبان على محياه الصفاء والرقة مثل ذلك الذي حدث معه في السابق عندما سألها إذا كانت تحبه وسمع ردها بالإيجاب.
ـ كيف هو حال بقية الأشياء يا ياسر؟ كيف هوحال الوالدة؟ كانت تبدوهذا الصباح على ما يرام عندما تحدثت معها. كأنها تغيرت الأن.
ـ لقد تناولت جرعة كبيرة من الأدوية المهدئة. في الحقيقة لم أعد أعرف ماذا يجري, أصبحت غريبة الأطواربعد الحادثة الأليمة التي تعرض لها والدي في الفترة القليلة الماضية. يبدوأن الصدمة شل عقلها, لا تتحمل أن ترى والدي غائباً عنها. في الحقيقة, أبي وأمي يعيشان قصة حب حقيقية مع بعضهم منذ أن تعارفا, كأنهم في سن المراهقة, في الخامسة عشرة من العمر لهذا ما أن علمت بما حدث لوالدي حتى قالت:
إذا مات والدك أوأصابه أي مكروه سأموت معه! لهذا فأن أغلب أوقاتها شاردة الذهن, مشغولة البال تبقى إلى جانبه ونادراً ما تذهب إلى البيت أو تهتم بشؤون أخوتي الصغار. صحيح أنها تحبنا كثيراً لكنها متعلقة بوالدي إلى حد الجنون وتفضله علينا جميعاً, هذا الشيئ غريب حقاً لم اسمع عنه من قبل!
ـ لكن... من يهتم بأخوتك الصغارفي هذه الأوقات؟ هل لديكم أقرباء هنا؟
ـ ليس هنا. هذا الشيئ غيرطبيعي. أقرباء بابا يعيشون في ترولهيتن, لكنهم في ضيافتنا في هذه الأيام, أثنان منهم على الأقل.
تحدث ياسرعن أقرباءه على مضض, وفجأة تدخلت حتى تعرف المزيد عن وضعه والدوافع التي تجعله خارج البيت مع رفاق السوء..
ـ لهذا لا تريد أن تكون في البيت؟ بسبب هؤلاء الأقرباء؟
لم يجب, أومأ برأسه عابساً, ينظرفي الصحن. وفجأة قذف كرسيه إلى الخلف وضرب يديه في الهواء.
ـ لا أبالي به. لن اسمح له أن يقرربالنيابة عني. من يعتقد نفسه, هل يظن نفسه شيئاً كبيراً!
ـ منْ؟
ـ عمي سعيد, أخو أبي. أنه مجنون.
فجأة رن هاتف إيكا, قالوا لها, يجب عليك أن تتواجدي في المخفرفي أقصى سرعة ممكنة, مدة لا تتجاوز النصف ساعة. عندما جلسوا في السيارة مرة ثانية لم تستطع أن تتابع الحديث وتطرح المزيد من الأسئلة.
ـ كيف يقود سيارته ذلك الغبي؟ همهمت, متحدثة عن هؤلاء الناس الذين يحشرون سياراتهم من اليمين بدلاً من الانتظاركي يأخذوا دورهم في دوارتقاطع الشوارع. وفجأة زمرت وضربت المكابح بقوة شديدة.
ـ خذها.
ـ هل تعتقد إنني شرطية فاشلة؟ طرحت إيكا السؤال دون أن تفكر.
ـ آه... نعم. أنت شرطية فاشلة!
ضحكت من كل قلبها
الضحك الذي خرج من أعماق إيكا حررها من الأفكارالمجهدة والصداع الذي لازمها. نعم, في الحقيقة, أنها شرطية فاشلة. سواء رغبت في ذلك أم لا.
ـ هذا الأحمق, يتوجب عليه أن يعطي الدور لغيره في الدوار. أنا مختصة في قضايا السطو, وليس في قضايا مخالفات السير, هل فهمت يا صغيري ياسرهذا الموضوع أم لا؟
ـ الحياة مستمرة, تنفسي, تنفسي, هذا ما يكرره والدي دائماً. تنفسي بعمق.
يتبع ــ



#آرام_كربيت (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الأرض المحرمة 5
- الأرض المحرمة الفصل الخامس
- الأرض المحرمة 4
- الأرض المحرمة الفصل الثالث
- الأرض المحرمة 3
- الأرض المحرمة الفصل الثاني
- الأرض المحرمة
- من أجل أن يحاكم البشير
- عن النظام الدولي ونحن
- الذئب يشم ويطارد 6
- الذئب يشم ويطارد 5
- المدينة المحترقة
- كيف نقطع الوقت في سجن تدمر
- عن الفعل السياسي في الحاضر والمستقبل
- الذئب يشم ويطارد 4
- الذئب يشم ويطارد 3
- أي سلام هذا
- حزب الله والمفاعيل اللبنانية والاقليمية والدولية
- امرأة سويدية اسمها كريتل 4
- امرأة سويدية اسمها كريتل 3


المزيد.....




- بعد زيارة ويتكوف.. هل تدير واشنطن أزمة الجوع أم الرواية في غ ...
- صدور العدد (26) من مجلة شرمولا الأدبية
- الفيلم السعودي -الزرفة-.. الكوميديا التي غادرت جوهرها
- لحظة الانفجار ومقتل شخص خلال حفل محمد رمضان والفنان المصري ي ...
- بعد اتهامات نائب برلماني للفنان التونسي بالتطبيع.. فتحي بن ع ...
- صحف عالمية: إنزال المساعدات جوا مسرحية هزلية وماذا تبقّى من ...
- محللون إسرائيليون: فشلنا بمعركة الرواية وتسونامي قد يجرفنا
- فيديو يوثق اعتداء على فنان سوري.. قصوا شعره وكتبوا على وجهه ...
- فيديو.. تفاصيل -انفجار- حفلة الفنان محمد رمضان
- جواسيس ولغة.. كيف تعيد إسرائيل بناء -الثقافة المخابراتية-؟


المزيد.....

- مسرحة التراث في التجارب المسرحية العربية - قراءة في مسرح الس ... / ريمة بن عيسى
- يوميات رجل مهزوم - عما يشبه الشعر - رواية شعرية مكثفة - ج1-ط ... / السيد حافظ
- . السيد حافظيوميات رجل مهزوم عما يشبه الشعر رواية شعرية مك ... / السيد حافظ
- ملامح أدب الحداثة في ديوان - أكون لك سنونوة- / ريتا عودة
- رواية الخروبة في ندوة اليوم السابع / رشيد عبد الرحمن النجاب
- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - آرام كربيت - الأرض المحرمة الفصل السادس