أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اراء في عمل وتوجهات مؤسسة الحوار المتمدن - سليم سوزه - ليست ولاية الفقيه في مأزق تاريخي بل الحوار المتمدن















المزيد.....


ليست ولاية الفقيه في مأزق تاريخي بل الحوار المتمدن


سليم سوزه

الحوار المتمدن-العدد: 2694 - 2009 / 7 / 1 - 09:05
المحور: اراء في عمل وتوجهات مؤسسة الحوار المتمدن
    


اعلم ان الاخوة محرّري موقع الحوار المتمدن قد اعلنوا مراراً بانهم ينحازون الى دعم كتاب اليسار واولوية مقالاتهم في توب صفحة التحرير اليومي، وهو خيار احترمه على اية حال لكونه صريح لا ينافق كما العديد من المواقع الالكترونية التي تدعي الاستقلالية خطاباً لكنها تنحاز الى جهة محددة ممارسة ً وفعلا ً.

ومثلي حيث اربكت البنيوية "الكافرة" كل ما املك من اسلحة الغيب المؤدلجة وبعثرت كينونة متماهية مؤرشفة على حب الحسين والعباس منذ ان جز الطغاة رقبة التاريخ وحتى ظهور اعور بني "العولمة" الدجال، لا يعبأ كثيراً بشعار "الاستقلالية" التي تضعها بعض المواقع في اعلى "هوم بيجها"، لاني مؤمن بموت الانسان وكذا المواقع تحت انقاض ايديولوجياتها مهما ادعت الاستقلالية (رواه بنيوي) .. اذ لا استقلالية مع الايديولوجيا لانهما نقيضان لا يجتمعان ابداً على الاقل عند رجل كردي جبلي لا يفهم بسهولة.

فحسناً فعلت "الحوار المتمدن" حينما شيّعت موتها بأكف اليسار ووفرت علينا عناء تفكيك "استقلاليتها" بحثاً عما سُكت عنه، الصراحة راحة كما يقال عندنا في صعيد العراق.

الغريب وهو مالم افهمه ان يصل مستوى الانحياز للاخوة محرري الموقع الى وضع بعض المقالات الركيكة في محتواها ومادتها في اعلى الصفحة لمجرد ان اصحابها ينتمون لمعسكر ذلك اليسار المدلل. ففي اليسار بمشتقاته المتوازية والمتضادة الغث والسمين، الجميل والقبيح، الراقي والمتدني، العلمي والانشائي .... الخ، ولا يمكن من حيث ما عرفناه عن هذ الموقع المتميز ان يساوم على الركة والانشائية ليضعها المقالة رقم واحد من بين مجموعة من الاقلام الفذة والرائعة التي يزخر بها الموقع والتي تنتمي لذات المعسكر المذكور نفسه.

اهمس في اذن الاخوة القائمين على الموقع ما قاله سيد اليسار في الاسلام علي بن ابي طالب وهو يُعرّف اصحابه قيمة العلم المجرّد بقولته الشهيرة " انظر لما قال ولا تنظر لمَن قال" اي انظر للكلمة لا لقائلها، فان كانت تستحق هي هي، والاّ فلا يغرّنك مَن وراءها.

يبدو ان هذا الخيار غير معمول به في موقعنا الحواري المميّز للاسف الشديد، وما حرقتي على هذا الاّ لاني اعتبر نفسي احد افراد عائلته ومن حقي انتقد ما لا اراه صحيحاً فيه .. دون ان املي رؤيتي على اخوتي القائمين عليه .. لكنها الذكرى فقط ان نفعت من شخص كلما ضاقت به الصدور زار السطور وقرأ المنشور على صفحاتها.

خيار الحوار المتمدن في المقالات واعتلائها سلم الصفحة الرئيسية هو "الاسم" او "باكراوند الكاتب" وليست المادة او القيمة العلمية للمقالة. وتكرّر هذا الامر كما يشاطرني الكثير من كتاب الموقع عدة مرات مع مقالات لا تستحق ان تكون في المقدمة فضلا ً عن ان تكون رقم واحد. المهم ان يكون يسارياً ليكون ضمن العشرة الاوائل المبشرة بجنة "علييّن" الحوار، وهو امر لا يزعجني بصراحة لاني كما قلت اقدر صراحة الموقع في انحيازه لليساريين.

ما يزعجني ان تكون المقالة المُتصدّرة لصاحبها "اليساري" فاقدة للون والطعم والرائحة وليس فيها اي قيمة تحليلية علمية سوى انها انشاء تذكرني بدرس الانشاء في مدرستي الابتدائية والمتوسطة والتي لطالما كرهتها اكثر من كرهي لمغني البوب المصري "شعبولا"، في حين تتأخر عنها مقالات عملاقة في التحليل والفكر والفلسفة وذات قيم جمالية رائعة منحوتة في انتيكا لغوية ونصية اقل ما يقال عنها معلقات تستحق ان تُعلّق على ابواب الجامعات وتُدرّس للطلبة المبتدئين امثالي الذين رسبوا في اعراب "من" التي بين "غريب" و "رزكار" في جملة "غريب من رزكار".

الآن سأدخل في صلب الموضوع وآسف على المقدمة الطويلة العريضة.

في عدد الحوار المتمدن 2692 ليوم ماندي 29 من جون 2009 اطلت علينا الصفحة الرئيسية ومقالتها الاولى للكاتب الاسرائيلي يعقوب بن افرات تحت عنوان "نظام ولاية الفقيه في مأزق تاريخي" .. سرعان ما قادتني غريزتي المتعطشة "ليست القاتلة" لقراءة ما وضعته الحوار المتمدن فوق عمالقة الكتابة واساتذة النصوص .. لعل في "السُفرة" اطعم واشهى مما في الصحون، لكن لا .. ما كتبه صديقنا الاسرائيلي وهذا رابطه http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=176620

ليس سوى انشاءاً غير ذي قيمة، بل ما كرهته من انشاء مدرستي الابتدائية، لهو افضل نصاً واقوى سبكة ً وادق معنىً وترابطاً مما قرأت.

ليس في المقالة سوى توصيف لحالة يعلمها الجميع، بل وتكرار مطنب لما كتب الجميع، ولكم ان تحكموا بانفسكم فيما اذا كان غير الانشاء حاضراً في هذه الاسطر المقتطعة من مقالته دون تصحيح املائي او اي اضافة لا سمح الله:

"انتهت الانتخابات في ايران ولكن الجدل حول نتائجها لا يزال مستعرا، مؤديا الى ازمة سياسية لم يشهدها النظام الايراني منذ تأسيس الجمهورية الاسلامية قبل 30 عاما. مئات الآلاف من المتظاهرين يخرجون الى الشوارع بهتافات "الله اكبر"، "سرقوا اصواتنا"، وترد عليهم الشرطة باطلاق الرصاص وقتل العشرات. لا شك ان هذه اكبر مظاهرة تشهدها ايران منذ سقوط الشاه، وهي تتحدى مرشد الجمهورية، علي خمنائي، الحاكم الاعلى في ايران. الجدل في ايران تجاوز السؤال حول من الفائز بالرئاسة، وبات يكشف شرخا كبيرا جدا في المجتمع الايراني حول النظام الاسلامي المتشدد الذي فرضه خمنائي من خلال رئيس الجمهورية الحالي، محمود احمدي نجاد" انتهى

فقرة اخرى من مقالته:

"من خلال المناظرات السياسية التي بثها التلفزيون الايراني بدا الانقسام كبيرا بين مساوي وبين احمدي نجاد وبلغ الامر بالاثنين لدرجة تبادل الاتهامات الشخصية اللاذعة. ولكن حسب المراقبين انتهت المناظرات لصالح احمدي نجاد الذي عرف كيف يرد على كل الاتهامات، وهو نفسه اتهم انصار الاصلاح بالفساد والابتعاد عن الشعب. احمدي نجاد، الذي وُلد ونشأ في قرية صغيرة من قرى الريف الايراني، يجتهد للظهور بمظهر الإنسان الفقير الورع والقريب من الشعب، اما مساوي، وهو استاذ بالفنون وبعيد عن السياسة منذ 20 عاما، فيظهر كمثقف متعالٍ وقريب من الطبقة الوسطى والمثقفين" انتهى

واخرى مقتطعة بالنص ايضاً واخبروني باي جديد فيها يرحمكم الله:

وفي محاولة لاسترداد الحكم من ايدي المتزمتين ترشح في الانتخابات الاخيرة مئات الاصلاحيين، نجح اربعة منهم فقط في الترشح كونهم مقبولين على النظام، وكان مساوي احد هؤلاء. ولكن لم يتوقع احد ان تؤدي هذه الانتخابات الى ازمة خطيرة، علما ان المرشحين جميعهم يعتبرون "ابناء الثورة" ومخلصين للنظام.

"ورغم ان حسين مساوي لم يكن معارضا حقيقيا للنظام الا ان كونه منافسا لاحمدي نجاد وللمرشد العام خمنائي، منح فرصة للمعارضة لدعمه تعبيرا عن استيائها من النظام والعمل على تغييره. وتشمل المعارضة كل الطيف السياسي بما في ذلك الحزب الشيوعي الايراني "توده" انتهى

هل من جديد .....

بن افرات يسطّر لنا ملحمة اخرى "جديدة" تماماً عما اجاد به الكتاب من قبل ويوجزها في هذه الاسطر "الفريدة":

"الحركة الجماهيرية في ايران تطالب الديموقراطية والحد من نظام ولاية الفقيه، انه المطلب بإحداث تغيير جذري للنظام. ولا شك ان هذا الموقف بعيد جدا عن موقف مير حسين مساوي الذي يريد اصلاح النظام ولكن يرفض الاطاحة به وبناء نظام ديموقراطي يجيز التعددية الحزبية. ومع ذلك، فالأنظمة العربية الاستبدادية مثل السعودية ومصر التي تعارض بشدة احمدي نجاد، تخشى من الهبة الشعبية التي اذا نجحت يمكنها ان تتحول الى نموذج للشعوب العربية ودرس حقيقي في مقاومة الاستبداد مهما كان اصله مذهبيا او دستوريا" انتهى

بربّكم مالذي يريد قوله يعقوب بن افرات في الكلام المقتطع اعلاه والذي كان ثلثي مقالته بالتمام والكمال. أليس هو الانشاء فقط؟ بل وحتى الانشاء لابد له من مقدمة وعرض وحلول او تحليل يأنس القارئ بقرائته ويضيف لمعلوماته ما يمكن اضافته لغرض الفائدة والتنوير.

المقال على الرابط اعلاه وانصح الاخوة جميعاً بالاطلاع عليه لان فيه الكثير مما لم انسخه هنا رأفة ً بذهن القارئ الكريم ووقته الثمين حتماً.

علماً اني لم اتطرق للاخطاء الاملائية ولا الى ركة العبارات او التكرار الممل للافعال والكلمات، لاني عرفت ان الرجل اسرائيلي وان عربيته مهما كانت فهي اقوى بالتأكيد من عبريتي التي لا تحصي غير "شالوم" و "عرفتوف" في قاموسها الملهم من محمود عبد العزيز في مسلسله رأفت الهجان مشكوراً.

سؤال بريء، هل تستحق هذه المقالة ان تكون رقم واحد في الحوار المتمدن؟؟؟؟ بدون تدخل في عمل هيئة التحرير طبعاً.

الفقرة الوحيدة التي تستحق القراءة والرد من وجهة نظري هي ما افتتح بها يعقوب مقالته وختم والتي نصها:

"ما يحدث في ايران هو علامة بان شيء ما يتغير في العالم وان عهد المقاومة والصحوة الاسلامية على وشك الانتهاء. الشعوب تريد العمل، الصحة، المسكن والحرية الشخصية وهذا ما لم تتمكن الثورة الاسلامية من تحقيقه على مدى ثلاثين عاما من الحكم. اليوم، تقول الشعوب لحكامها، ان الوقت قد حان لزوالها"

سأترك السطر الاول من فقرته اعلاه، لان هذا رأيه الشخصي وهو رأي استشرافي مستقبلي قابل للصحة او الخطأ رغم انه يفتقر للدلائل كيف سينتهي عهد المقاومة والصحوة الاسلامية، اذ لا ربط بين هذه المفردات وبين ما يجري في ايران.
عموماً سابدأ بما تريده الشعوب حسبما يقول في كلماته المتقاطعة "العمل، الصحة، المسكن، والحرية الشخصية" اذ انني اختلف معه من ان الثورة الاسلامية لم تحقق لشعبها الثلاثة الاولى مع الاتفاق التام في النقطة الاخيرة "الحرية الشخصية".

الثورة الاسلامية في ايران بغض النظر عن موقفنا منها سلباً او ايجاباً، قدمت ارقى نموذج اقتصادي في العالم ووفرت فرص العمل لمواطنيها بدرجة لا تقارن معها دول اوربية وليست عربية او شرق اوسطية فقط، ومهما حاولنا انتقاد الاداء الحكومي في ايجاد فرص العمل او خلق بيئة اقتصادية ملائمة لاكثر من مليون نسمة، فلا يمكن ان نغطي الشمس باصابعنا من انها افضل بكثير من دول ٍ اغنى بكثير من ايران واكثر استقراراً وثباتاً منها.

اما على مستوى الصحة فلايران نظام صحي متطور جداً ويكفي ان نذكّر ان دول المنطقة المجاورة بامكانياتها المادية والتقنية العالية لا ترقى في مستوى خدماتها الصحية الى قرية من قرى ايران في حدودها الملتهبة مع دول جوارها، وان معظم الدول النامية ومنها العراق ترسل العديد والعديد من حالاتها للعلاج في ايران وتحديداً في طهران خصوصاً في اختصاصات العيون والمفاصل وامراض القلب والشرايين اضافة ً الى تقنيات الولادة بالانابيب التي فاقت التقنيات والخبرات الموجودة في دول اخرى معروفة بتطورها الصحي.

وفي موضوعة الاسكان، ايران لا تعاني من مشكلة سكن حقيقية كما تشير احصائيات المنظمة العالمية لشؤون المشرّدين رغم كثافة العدد السكاني مقارنة ً مع دول مجاورة اقل عدداً واغنى اقتصاداً .. وشخصياً كان لي الاطلاع المباشر على احوال العيش اليومي لمواطني ايران في طهران حينما زرتها قبل اكثر من ثلاث سنوات، حيث ان نسبة الفقر لا تتعدى مرحلة الانذار الاجتماعي، وازمة السكن ليست بالمشكلة التي يعاني منها الايرانيون خصوصاً بعد حكم نجاد وبكل صراحة، وهو الذي اقسم على ان لا يشتري بيتاً طالما هناك ايراني لا يمتلك بيت .. وقد اوفى بجزء كبير من قسمه بعد الحملة الاعمارية الضخمة التي قامت بها حكومته في اطراف وضواحي ايران لمعالجة قضايا السكن ولم تنته ِ حتى الآن.

اضيف نقطة اخرى قد لا تكون خافية على بن افرات بان ايران لديها اكتفاء ذاتي وصناعة وطنية ضخمة في مختلف الميادين واهمها صناعة السيارات التي باتت تتسابق مع شركات عالمية كبيرة في جودتها وامكانياتها، ناهيك عن انها تطوّرت الى حد ملحوظ في الصناعة العسكرية حتى امست قريبة من امتلاك تكنولوجيا النووي .. ولعل اكثر الصناعات صعوبة هي صناعة طائرات النقل المدني .. تلك الصناعة المحصورة بين دولتين او ثلاث فقط في عالمنا واهمها فرنسا فلها الريادة في هذا الميدان، الاّ ان ايران استطاعت ان تصنع طائرة مدنية في نهاية عام 2000 وجُرّبت في الخدمة المدنية مما يعني انها نجحت ايضاً في تكنولوجيا الطائرات او مهنة الذهب كما اعتادت دول الثماني الصناعية الكبرى على تسميتها.

باعتقادي ايران في ظل الثورة الاسلامية وضعت قدماً لها بين الدول الصناعية الضخمة واصبح لها وزن كبير في نادي الصناعة العالمي يشهد بذلك العدو قبل الصديق وما الاهتمام الكبير من قبل كل دول العالم بقضاياه الداخلية سيما الانتخابات، الاّ دليل على عظم الدولة وتأثيرها الاقليمي والعالمي في عالم القطبية الواحدة.

ربّ سائل يسأل ما الذي يريده الايرانيون اذن من احتجاجاتهم على السلطة؟

الجواب، الحرية الشخصية وتلك هي ما يعاني منها الشباب تحديداً.

ففي ظل هامش الحرية الموجودة في ايران والتي لا تقارن ايضاً مع دول سبقت ديمقراطيتها ديمقراطية ايران الاسلامية قروناً .. لا يزال الشباب هم الاصعب مراساً في التأقلم مع نظام اسلامي قد لايبدو سهلا ً في تعاطيه مع قضاياهم، واهمها الانفتاح على الغرب والتعامل مع الآخر بروح الاستفادة من الخبرات وتبادل الزيارات والتي من شأنها ان تعطي الفرصة لهذا الجيل في الاطلاع على الحياة المدنية الغربية بعيداً عن سلطة اللاءات والمحظورات بما فيها حرية الجنس والصياعة شبه المعدومة في الاجواء الرسمية الايرانية .. حتى الجامعات وهي المنفذ الوحيد الذي تتذوق اعين الشباب نصفهم الثاني اللطيف، مفصولة الجنسين، جامعات الاناث غير جامعات الذكور.

ولتصوير ما يعاني منه الشباب داخل ايران في قضية الحرية الشخصية، سأنقل ما شاهدت في احدى الفنادق الطهرانية وعلى قاعتها الارضية، حيث كانت الشاشة الكبيرة الموضوعة في ركن القاعة تعرض المسلسل الانكليزي الريفي "البيت الصغير"، تصوّروا مسلسل سبعيني يعرفه العراقيون جيداً وربما يتذكرون احداثه، يُعرض قبل ثلاث سنوات في ايران وفي احدى اللقطات "الدافئة" والتي كانت عبارة عن خلع بطلة المسلسل قبعتها الريفية الانكليزية وظهور بالكاد خصلات شعرها الذهبي "مجرّد شعرها فقط والله على ما اقوله شهيد" زجّت القاعة بالصافرات المنطلقة من افواه الجالسين والواقفين والمتبسمرين امام الشاشة، وكأنهم شاهدوا نبيلة عبيد في قميص نومها ذي الخيوط النارية اللاهبة وهي تتباطح مع صلاح قابيل في "الراقصة والسياسي".

مساكين هؤلاء الشباب، جولة خاطفة من امام سينما الخيام في بغداد بلافتاته الاعلانية لغريزة شارون ستون القاتلة، تكفي لادخال نصفهم الى مستشفى الامراض العقلية وبدون فحص طبي كذلك.

هذا مستوى من مستويات مشكلة الشباب الايراني في قضية الحرية الشخصية والتي كما قلت في مقالات سابقة حول الاحداث الجارية في ايران، لا علاقة لها بالانتخابات او بالتزوير المزعوم اطلاقاً .. سوى انها نموذج من نماذج التمرّد على نظام اسلامي لا يؤمّن حرية الفرد الشخصية خارج مؤسسة الحلال والحرام.

وهناك بالتأكيد اسباب اخرى لهذه الاحداث تناولتها بشيء من الايجاز في مقالتين نُشرتا على موقع الحوار المتمدن قبل ايام، ولمن يريد الاطلاع، فله هذه الروابط:

http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=176409

http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=176488

اعود لما تناوله الكاتب يعقوب بن افرات في مقالته المذكور عنوانها اعلاه .. فهي لا تعدو كونها انشاءاً خبرياً يتحدث بسطحية تامة عن احداث ايران الاخيرة، الاّ انها وبقدرة قادر حجزت البطاقة رقم واحد في الصفحة الرئيسية للحوار المتمدن، عابرة ً قمم قلمية ينحني لها المرء صاغراً.

ولعل واحد من هذه القمم كاتب فنان يبدو انه استطاع ان يبقي عيني مفتوحة بؤبؤها وهي تتراقص على كلمات كتاباته التي ابدع في خلقها ونسجها ووضعها في اماكنها باتقان وحرفنة قلّ نظيرها .. يبقر جمله بكلمات وعبارات تنحي لها بحور الشعر وقوافي الكلم دون ان تشعر بملل او اطناب في مراجعتها الف مرة نتيجة ً لنسقها الجميل وايقاعها الهادئ مع سخرية حداثوية تثمر في القلب لانها منها .. المفكر الكبير نادر قريط بمقالته الرائعة "كتابة بلا حدود" يحجز الخانة رقم 4 بعد انشاء بن افرات .. أيُعقل هذا!!

رابط مقالة قريط:
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=176592

ليس قريط وحده، بل ياسين الحاج صالح وحسب الله يحيى وآخرين تفنّنوا في صنع المقالة وابدعوا في اضافة شيء لعلم الكتابة، كانت مقالاتهم في ذلك اليوم تحت مقالة ابن العم الاسرائيلي.

أهي قيمة المقالة ما رتّبت اولويات النشر!! ام ان ظاهرة وجود كتاب غير عرب سيما اسرائيليين وهي ميزة ليست موجودة في مواقع عربية اخرى، هي السبب وراء التصدّر هذا؟

طبعاً لم تكن مصادفة ان ترتقي مقالة متواضعة الى الخانة الاولى في سلسلة مقالات الصفحة الرئيسية لانها ليست المرة الاولى التي اشاهد فيها مقالات متواضعة تتصدر بينما مقالات مهنية راقية وافكار ذات قيمة عالية تنزل لتستقر بعضها في قاع الصفحة المحرّرة .. فاختلطت المفاهيم عندي، ماهي المقاييس التي تصنف على ضوءها هيئة التمدن اولويات مقالاتهم؟ هم اعلم بالامر.

ان مقطع واحد مقتطع من مقالة قريط التي جاءت تحت مقالة بن افرات ذلك اليوم، تكفي لتتسيّد على عالم الكتابة اليومية لخمسة سنوات قادمة، اذ لا تقارن الكلمات ادناه مع ما كتبه بن افرات في 63 مقالة له على الحوار المتمدن:

"فمجرد الولوج عبر بوابة الفلسفة، إلى أسئلة الوجود والحقيقة، سنكتشف مدى هشاشة وضعف وسذاجة حججنا، إذ تبدو اللغة محاولة مستمرة للتمويه، وكل أنساق الكلام (الكتابي) إختزال للمعنى وتشويه له.. وأحيانا ضرب من الحماقة؟ هاكم هذين المثلين من عالم الميديا لتتأكدوا كيف تتحرك اللغة داخل مزيج هلامي من التعريفات الفوضوية والإفتراضات والعبث والقوة والبلاغة:

الخبر الأول: الحكومة الإنتقالية في الصومال، تُعلن حالة الطورائ بعد إنفجار بيدوا؟
إن كل الكلمات الواردة تقوم على عبث لغوي لتقريب الصورة : فالحكومة لا تحكم خارج القصر، ورئيسها نفسه (وهذه ملهاة) كان قائد المحاكم الإسلامية سابقا، وقد طردته أثيوبيا وأمريكا من الباب، ثم أعادته أمريكا وقطر من الشباك، بشكل سوريالي، والصومال نفسه لاينطبق عليه تعريف الدولة ذات السيادة، وعندما تسود الفوضى لعقدين، فما معنى أن تُعلن حالة الطوارئ؟" انتهى مقطع قريط، قرّط الله فكره ليكون سهلا ً علينا فهمه.

أيوجد تحليل لغوي علمي اجمل من هذا!! اشك في ذلك.

اخيراً محبتي وتقديري للاخوة محرّري الموقع وعلى رأسهم زميلي العزيز رزكار عقراوي، اذ اعلم جيداً مدى الصعوبة في ارضاء المجموع، وكيف هي المعاناة ان تعمل في موقع نخبوي راقي كموقع الحوار المتمدن، ومدى صعوبة التمييز بين قوة المقالات لعظمة كتابها .. لكن الحرص والحرقة على منهلنا العلمي الحواري من ان يفقد بريقه ويصبح لا يميز بين القوي والضعيف محاباة ً لاسماء بعض الكتاب على حساب الاستحقاق الطبيعي لمكانة المقالات الاخرى، هو ماجعلني انتفض اليوم لابدي رأياً قد يبدو محزناً للحواريين في البداية لكنها مفيدة لنا ولهم وللقراء الاعزاء على حد سواء.

ان مَن اعتاد على رؤية معلقات سيد القمني ونادر قريط وكامل النجار وابراهيم البهرزي وحسب الله يحيى واودنيس ووجيهة الحويدر وعبد الخالق حسين وعبد الحسين شعبان وشاكر النابلسي وآخرين في اعلى صفحات الحوار المتمدن، يصعب عليه قبول الانشاء الافراتي وهو يعلو على هامات تلك الاسماء.

كما ان مثل هذه المقالات الانشائية لا تضع سوى الحوار المتمدن في مأزق تاريخي وليس نظام ولاية الفقيه، على مافيها من تسطيح لا يرقى الى المقالة بشيء.

تحياتي لكم وعذراً على التطفل.




#سليم_سوزه (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هل فشل الاسلام في ايران؟
- النظام الاسلامي في ايران والثورة الخضراء
- الى دولة رئيس الوزراء ووزير المُهجّرين المحترمين
- وَحدَه أدونيس يُلهمني
- الى الحركة الشعبية لاجتثاث البعث، البعثي بعثي ولو طوّقته بال ...
- معسكر اشرف يُطيح برأس الربيعي
- بعيداً عن السياسة وقليلاً من الفكاهة، هادي ابو رجل الخضرة
- امتيازات اعضاء مجلس النواب العراقي
- محكمة الفيليين ام محكمة سامية عزيز؟
- الدويتو، ظاهرة جديدة في عالم الكتابة
- صراع اتحاد كرة القدم، الى اين!!!
- ايرانيون وان لم ننتم
- ثقافة الاستقالة ودورها في تأصيل المجتمعات المسؤولة
- حزب الدعوة يُشهر كارته الاصفر بوجه المجلس الاعلى
- وجهة نظر في المُعترك الانتخابي القائم
- -مدنيون- في مدينة الصدر
- انبثاق الاتحاد العراقي لاساتذة الجامعات والكفاءات المستقل
- (قندرة) تصنع بطلاً قومياً جديداً
- هل هي مرحلة الشيوعيين الآن؟
- الحوار المتمدّن، اَلَق مستمر وروح متجدّدة


المزيد.....




- البحرية الأمريكية تعلن قيمة تكاليف إحباط هجمات الحوثيين على ...
- الفلبين تُغلق الباب أمام المزيد من القواعد العسكرية الأمريك ...
- لأنهم لم يساعدوه كما ساعدوا إسرائيل.. زيلينسكي غاضب من حلفائ ...
- بالصور: كيف أدت الفيضانات في عُمان إلى مقتل 18 شخصا والتسبب ...
- بلينكن: التصعيد مع إيران ليس في مصلحة الولايات المتحدة أو إس ...
- استطلاع للرأي: 74% من الإسرائيليين يعارضون الهجوم على إيران ...
- -بعهد الأخ محمد بن سلمان المحترم-..الصدر يشيد بسياسات السعود ...
- هل يفجر التهديد الإسرائيلي بالرد على الهجوم الإيراني حربا شا ...
- انطلاق القمة العالمية لطاقة المستقبل
- الشرق الأوسط بعد الهجوم الإيراني: قواعد اشتباك جديدة


المزيد.....

- الفساد السياسي والأداء الإداري : دراسة في جدلية العلاقة / سالم سليمان
- تحليل عددى عن الحوار المتمدن في عامه الثاني / عصام البغدادي


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - اراء في عمل وتوجهات مؤسسة الحوار المتمدن - سليم سوزه - ليست ولاية الفقيه في مأزق تاريخي بل الحوار المتمدن