أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - نبيل المسعد - آدم ليس أبو البشر ( 1 )















المزيد.....


آدم ليس أبو البشر ( 1 )


نبيل المسعد

الحوار المتمدن-العدد: 2687 - 2009 / 6 / 24 - 08:10
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


قراءة نقدية في كتاب " ادم عليه الصلاة و السلام " ، وكتاب " أبي ادم : قصة الخليقة بين الأسطورة و الحقيقة "

تجمع الاديان السماوية على القول بان ادم هو اول البشر ، خلقه الله من طين ثم نفخ فيه من روحه و قد حدث ذلك منذ 40 الف سنة ، و هذا استنادا الى سلسلة الرسل و الأنبياء التي نعثر عليها في الكتب السماوية كما هو الحال في الإنجيل عندما يسرد نسب السيد المسيح لينتهي الى آدم ، و كذلك الامر مع باقي الرسل ، ومن خلال شجرة الانبياء هذه و بعملية حسابية تقريبية ، تعتمد في الاساس على متوسط مر الانسان ، يمكن التعرف على الزمن الذي ظهر فيه آدم . الا ان هذه الطريقة تعوزها الدقة خاصة اذا تبث ان اعمار ابناء ادم كانت اطول مما هي عليه الان .
ان المشكلة تنشا من هنا فادم خلق من طين ومن ادم خلقت حواء زوجته من اجل التناسل الذي افضى الى و تكاثر الابناء على مر الزمان ، و عملية الخلق من تراب في حد ذاتها قضية و غيبية و لا يسعنا الا ان ناخذها كما وردت في الكتب السماوية ، بما اننا لم نشاهد عملية الخلق . لكن وضع قائمة باسماء الرسل و الأنبياء صعودا الى ابيهم ادم ، تمكن الباحث من تحديد زمن ظهور ادم وقد قدر بـ 40 الف سنة.
لكن الابحاث العلمية المتخصصة في تاريخ الانسان كشفت عن شواهد تؤكد وجود الإنسان منذ ملايين السنين ومن ذلك ما كشف عنه في كينيا حيث عثر عالم الانتربولوجياريتشارد ليكي على بقيا جمجمة تعود لاكثر من 2.5 مليون سنة ، وأصبحنا نسمع عن وجود انسان بيكين و انسان جاوة و انسان نياندارتال وهي كائنات بشرية وجدت في ازمنة غابرة تتجاوز 4 مليون سنة .
وهؤلاء العلماء يميزون بين خصائص القردة مهما كانت و خصائص الانسان و مع هذا يؤكدون بان هذه الاثار في اصلها بشر و ليست قردة او حيوان من جنس اخر، و هذه الحقائق العلمية ، تتعارض مع التقديرات التي تستند الى النصوص الدينية سواء الماخودة من العهد القديم او التي اخذت من القران .
فاذا كات هذه الاكتشافات العلمية صادقة فهل يجب الابقاء على الرأي القائل بان ادم و جد على الارض منذ 40 الف سنة فقط ؟ ان كانت الاجابة بـ " نعم " ستتعارض العقائد الدينية مع الحقائق العلمية التي تؤكد على وجود الانسان منذ 4 ملايين سنة على اقل تقدير ، اما الاجابة بـ " لا " فهي معارضة صريحة لما ورد في الكتب السماوية التي تؤكد على وجود قائمة من الانبياء و الرسل تنحدر من ادم ،و هي قليلة العدد بحيث لا يمكنها ان تغطي من الفترات الزمنية الا 40 الف سنة تقريبا فما بالك و الامر يتعلق بملايين السنين . وقد يرد احدهم بان القران لم يقص علينا كل الرسل و الانبياء و انما اقتصر على البعض فقط ، لكن هذا لا يلغي المشكلة ، لاننا على علم باسماء ادم المباشرين و أسماء حفدته من الانبياء و بالتالي فان الرسل و الانبياء الذين لم يذكرهم القران من المحتمل جدا ان يكون ظهورهم في الاطار الزماني المعروف أي منذ 40000 سنة الى بعتة النبي محمد عليه السلام .
فلا يمكن الجمع بين المسالتين ، فاما ان يكون ادم اقدم وجودا ، اعني وجد منذ ملايين السنين ، حتى يتفق مع الحقائق العلمية ، و في هذه الحالة يجب اعادة النظر في شجرة الانبياء المعروفة و اعتبارها ناقصة جدا فهي لا تغطي الا نسبة قليلة من ابناء ادم . اما اذا اصر البعض على صحة هذه القائمة من الانبياء و الرسل و انها تنتهي الى ادم فما عليهم الا الاعتراف بان ادم في هذه الحالة خلقه الله منذ 40 الف سنة فقط . ويتحملون تبعات هذا الموقف .
اذا قيل لهؤلاء بماذا تفسر وجود بقايا لكائنات بشرية عمرت الارض منذ ملايين السنسن ؟ فان ردهم لا يخرج عن احتمالين ، اولها انكار الحقائق العلمية و التشبث بالنصوص الدينية و هذا ما نجده في الغالب و يمثله السواد الأعظم من الناس ، اما الاحتمال الثاني فهو محاولة الجمع بين وجود ادم منذ 40 الف سنة ووجود كائنات بشرية متقدمة في الزمن كثيرا عن وجوده .
لكن الفئة التي تؤيد هذا الطرح قليلة جدا بل تكاد تقتصر على افراد ومن هؤلاء المفكر و عالم الفيزياء التونسي الدكتور بشير التركي الذي وضع كتابا يعالج فيه قصة ادم بعنوان " ادم عليه الصلاة و السلام " و هو كتاب من الحجم المتوسط عدد صفاحته 208 صفحة و النسخة التى بحوزتي خرجت من دار البعث للطباعة و النشر ـ قسنطينة ـ الجزائر سنة 1985 .
و سبب اهتمام المؤلف بهذا الموضوع له علاقة بزلزال ضرب الشريط الساحلي لتونس و بالضبط مدينة المهدية مسقط راسه و مقر سكناه ، هذا الزلزال تسبب في ظهور ما يشبه موجات تسونامي حيث اتت على كل ما وقف في طريقها و خلفت اضرارا في المباني المحاذية للشاطئ بما فيها منزل الدكتور بشير التركي ، و عندما تراجعت الأمواج جرفت معها الرمال و كشفت عن اثار كانت مغمورة تحت الرمال وقد أثارت انتباه المؤلف الذي وجد نفسه أمام اثار ثمثل أساسات بناء قديم ،هذا الحادث أعاد الى ذاكرته صورة سجلها عندما كان في مقتبل العمر عندما كان يصطاد السمك تحت سطح البحر ليرى ذات يوما ما يشبه جدار او بقايا جدار تحت الماء لكنه لم يعيره أي اهتمام حينها ، اما الآن ـ 1981 ـ فانه مشدود لما تراه عيناه ونظر من حوله فاذا الآثار تملأ المكان من حصى و خشب و عظام وكلما انتقل اكثر على رمال الشاطئ ازداد عدد الاثار و توسعت مساحة بحثه فانتقل من المهدية الى سلقطة شرقا ، ثم الى راس اليماس غربا . و بعد ان تجمع لديه الكثير من الآثار المتحجرة ، اخذ في دراستها و تحليلها و فق الطرق الحديثة المعتمدة في التأريخ ومنها التأريخ بالفحم و التأريخ بالبوتسيوم ارغون ، و معتمدا ايضا على علم الاحاثة و علم طبقات الأرض بالاضافة الى جداول الأدوات التي توفرها المجلات المصورة فماذا كانت النتيجة ؟
ان هذه الأدوات ، من حجارة حادة ، و مهيأة للقطع او الضرب ، قد استخدمها كائن منذ زمن طويل ، بعضها يعود الى مليون سنة و البعض يتعدى ذلك بكثير و البعض الأخر يقدر بآلاف السنين ، فمن يكون هذا الكائن ؟ وهل هو بشر ؟ ام انه شبيه بالبشر فقط ؟ ان الأدوات المنحوتة التي عثر عليها الدكتور بشير التركي لا يمكن ان يصنعا قرد كما انها متفاوتة في الحجم ، فبعضها صغير و بعضها كبير، مما دفع الباحث الى الاستنتاج ان هذه المخلوقات التي استوطنت يوما ما المهدية ، متفاوتة الحجم كذلك ، لانه ان كانت الادوات صغيرة فصانعها قصير القامة ، اما اذا كانت كبيرة فصانعها يكون اطول ، هذا ما وصل اليه الباحث ، ليخلص في النهاية الى وجود أربعة موجات بشرية عاشت في منطقة المهدية المهدية بسبب موقعها الجغرافي و مناخها المعتدل وغطائها النباتي المميز . و هذه هي الموجات البشرية كما ذكرها الدكتور بشير التركي في كتابه " ادم عليه الصلاة و السلام "
1 ـ البشر الماهر : عاش هذا البشر في فترة دامت ثلاثة ملايين سنة تقريبا منذ 4 ملايين سنة و انتهت منذ مليون سنة ... قصير القامة طوله 1،20 م تقريبا يعلو وجهه حاجب عظمي قوي ليس له ذقن و له أسنان شديدة لا يبلغ حجم مخه الا 500 سم مكعب و لا يتكلم بل يخرج أصوات كالقردة ، يتنقل كثيرا و لا يعرف ماهو المسكن و توصل الباحث الى معرفة طول اليشر الماهر من خلال الأدوات التي كان يستعملها يقول اذا قارنا هذه الحصى ـ جمعها من شاطئ المهدية ـ المهيأة مع حصى أخرى وجدتها في أماكن أخرى لاحظت ان هذه الحصى صغيرة نسبيا أي ان البشر الذي صنعها له بنية صغيرة و هو بالضبط هذا البشر الماهر الذي عاش بين 1 و 4 مليون سنة .
2 ـ البشر الواقف : عاش هذا البشر في فترة دامت من مليون سنة الى 150 الف سنة وطول قامته 1.80 م و حجم مخه يتراوح بين 700 و 1200 سم مكعب يقف وقفة كاملة محررا يديه و قد يمسك بهما أدواته التي أصبحت كبيرة نسبيا مقارنة بمثيلتها عند البشر الماهر و أكثر تطورا ، هذا البشر اصبح يعرف النار ويتخذ مسكن الا انه لا يتكلم .
3 ـ بشر الشعور : عاش هذا البشر في فترة دامت من 150 الى 40 الف سنة وكان يعيش في كهوف المهدية في الأكواخ و يدفن موتاه ، له قامة متوسطة و يتراوح حجم مخه بين 1300 و 1600 سم مكعب لذلك يمكن القول انه له القدرة على الكلام .
4 ـ بشر الاسماء : عاش هذا البشر منذ 40 الف سنة الى اليوم و نحن ننحدر منه فهو بشر معتدل القامة حجم مخه 1350 سم مكعب و قد يصل الى 1700 سم مكعب و هيأته لا تختلف عن هيأتنا الحالية يسكن الكهوف و الاكواخ .
هذه هي الموجات البشرية التي مرت على المهدية منذ ملايين السنين ، ويبدو ان الباحث لم يكن في حاجة الى الاستعانة بامثلة و اكتشافات علمية في مناطق اخرى كثيرا و انما كان تركيزه منصبا فقط على منطقة المهدية ، فنظر اليها على اساس انها تمثل الكرة الارضية او عينة منها ، و لم يكن اول من اكتشف هذه الحقائق بل سبقه الى هذا الكثير من الباحثين خاصة في الغرب ، لكن الجديد الذي قدمه الدكتور بشير التركي هو اعتقاده و اقول اعتقاد لانه لا دليل علمي على ماذهب اليه ، يعتقد ان هذه الموجات البشرية ، التى استوطنت الارض ليس لها علاقة ببعضها البعض يقول في الصفحة 81 : و المعلوم ان هاته الموجات البشرية الأربعة منفصلة بعضها عن بعض و لا يوجد رابط عضوي بينها كأن كل موجة بشرية ظهرت دون ان تكون نسلا للتي سبقتها " انها نتيجة غريبة تصدر من عالم متخصص في الفيزياء النووية ، ـ الا اذا كان متخصص في الاربعبن النووية فهو معذور ـ ماهو سنده الذي مكنه من استعمال كلمة " والمعلوم " وكانها حقيقة اجمع عليها العلماء ، لكن هذا الغموض يزول عندما نعرف انه يقصد بكلمة " معلوم " أي معلوم عند الفقهاء ، فينتقل من حقل علمي تجريبي الى مجال ابعد ما يكون عن العلوم التجريبية ، مجال الفقه ، ودون سابق انذار ، ان هؤلاء على علم حقيقة بان ادم هو اول البشر و لم تكن له علاقة مع غيره لانه هو اول المخلوقات البشرية .
واذا كان ادم هو أول بشر الأسماء كما يقول صاحب الكتاب و انه مخلوق طيني فانه يصبح التساؤل مشروع حول كيفية خلق البشر السابقين لادم ، ونقول انهم اسبق من ادم لاعتبارات علمية ، فهذه المخلوقات عمرها يقدر بملايين السنين ، لكن ادم حسب الروايات الدينية لا يتجاوز زمن ظهوره اكثر من 40 الف سنة ، واذا كانت هذه الموجات منفصلة عن بعضها البعض ، فهل في كل مرة و على راس كل موجة بشرية يخلق كائن بشري من طين ثم يخلق منه زوجته ليتناسلا فيما بعد و هكذا مع باقي الأجيال ؟ لم يوضح الباحث هذ المسالة ، مسالة الخلق خاصة و انه يرفض امكانية التناسل و التواصل العضوي بين الموجات البشرية ، كما انه أهمل الحديث عن مصير هذه الأجيال و كيف كانت النهاية و هل تعرض الى إبادة جماعية ؟ وما الغاية من وجودها ؟
كان بإمكانه ان يقول بان ادم هو اول هذه الأجيال ، او اول البشر كما هو معروف في التراث الديني ، لكنه لم يفعل و اقتصر على القول بان ادم هو اول بشر الموجة الرابعة و ليس اول البشر على الإطلاق . ثم ان ادم ، نبي و رسول و اذا كان هذا شانه كيف ينحدر ابناؤه ـ بما فيهم انسان جاوة و النياندارتال ـ في الحضارة و الثقافة الى الدرجة التي يصعب التمييز بينهم و بين القردة ؟ وهل كان على الإنسان المنحدر من ادم النبي الرسول الذي سجدت الملائكة ـ ان يصبر ملايين السنين حتى يكتشف النار ، هذه أسباب و جيهة تجعل الدكتور يرفض ان يكون ادم اول هذه الكائنات البشرية . بل ظهر على راس الموجة الرابعة و الأخيرة ، ودون ان يكون له علاقة بالموجات الثلاثة السابقة لا عضويا و لا ثقافيا .
ادم عند الباحث اول إنسان يتقن اللغة و انه مخلوق جديد لا علاقة له بالبشر السابقين على اساس ان الأمواج البشرية منفصلة عضويا . لكن لماذا هذا الانفصال ؟ لا يوجد دليل علمي يثبت هذا الكلام و انما هو محاولة من الباحث لعدم الوقوع في حرج التعارض مع القران لان القول باتصال هذه الموجات البشرية بعضها ببعض عضويا يعني أنها هي السلف الحقيقي لأدم ، و كان من المفروض ان ينتهي بحث الدكتور الى هذه النتيجة ـ ادم له أباء ـ وهي نتيجة يفرضها المنطق و الواقع و العلم . ان ادم ابن ، ادم له أسلاف و له أب و له ام ،انها نتيجة منطقية لكنه و تحت تأثير القران اضطر الى وضع نظرية انفصال الموجات البشرية ، لكنه غير متأكد مما يقول بدليل استخدامه لكلمة " كأن " و هو يحاول تأكيد انفصال الموجات البشرية في النص السابق و كأن هنا تشير الى الاحتمال و عدم اليقين ، كما انه كان على حذر ان يقع في القول بالداروينية و كان يمكنه تجاوز الداروينية بقوله ان التطور حدث داخل الجنس الواحد و لم يحدث بين أجناس مختلفة . وبدل هذا عمد الى الحقائق العلمية ، وحاول ان يوفق بيها و بين النصوص القرانية ، وهي محاولة فاشلة ، ان الباحث كان في حاجة الى الروح العلمية التي لا تقيم وزنا الا لما تمليه التجربة و العقل .
الا ان البحث لم يخلو من قيمة ، فالاضافة الى جدة الطرح خاصة في عالمنا الاسلامي ، فانه قدم مجهود معتبر خاصة في الجزء الذي يتحدث فيه عن ادم و انه خليفة مخلوق و رافضا ان يكون خليفة الله في الأرض و هذا من خلال التفسير الذي قدمه لآيات من سورة البقرة تعرضت لقصة خلق ادم يقول الله تعالى :
وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لا تَعْلَمُونَ (30) وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلائِكَةِ فَقَالَ أَنْبِئُونِي بِأَسْمَاءِ هَؤُلاءِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (31) قَالُوا سُبْحَانَكَ لا عِلْمَ لَنَا إِلَّا مَا عَلَّمْتَنَا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ (32) قَالَ يَا آدَمُ أَنْبِئْهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ فَلَمَّا أَنْبَأَهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ قَالَ أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ غَيْبَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَأَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ (33) وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَى وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ (34) وَقُلْنَا يَا آدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ وَكُلا مِنْهَا رَغَداً حَيْثُ شِئْتُمَا وَلا تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ (35) فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطَانُ عَنْهَا فَأَخْرَجَهُمَا مِمَّا كَانَا فِيهِ وَقُلْنَا اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَلَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ (36) فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ (37)
قُلْنَا اهْبِطُوا مِنْهَا جَمِيعاً فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدىً فَمَنْ تَبِعَ هُدَايَ فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ (38) وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (39)
ادم حسب بالباحث خليفة مخلوق بشري و ليس خليفة الله لان الله حي لا يموت وموجود في كل مكان و زمان فلا حاجة لخلافته و هو تفسير يتفق مع ما ذهب اليه ابن كثير في تفسيره لنفس الاية مع فارق اساسي و هو ان ادم عند الباحث خليفة كائن بشري منقرض ، دون ان يكون أي اتصال بين السابق و اللاحق . لكن ابن كثير يرى ان الخليفة يكون في المستقبل بمعنى ان ابناء ادم يخلفون بعضهم بعضا وهذا تفسيره للاية كما ورد في تفسير ابن كثير :" وإذ قال ربك للملائكة إني جاعل في الأرض خليفة قالوا أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك قال إني أعلم ما لا تعلمون يخبر تعالى بامتنانه على بني آدم بتنويهه بذكرهم في الملأ الأعلى قبل إيجادهم بقوله: {وإذ قال ربك للملائكة} أي واذكر يا محمد إذا قال ربك للملائكة واقصص على قومك ذلك، {إني جاعل في الأرض خليفة} أي قوماً يخلف بعضهم بعضاً قرناً بعد قرن، وجيلاً بعد جيل، كما قال تعالى: {هو الذي جعلكم خلائف الأرض}، وقال: {ويجعلكم خلفاء الأرض}، وقال: {ولو نشاء لجعلنا منكم ملائكة في الأرض يخلفون} وليس المراد ههنا بالخليفة آدم عليه السلام فقط كما يقوله طائفة من المفسرين، إذ لو كان ذلك لما حسن قول الملائكة: {أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء}، فإنهم أرادوا أن من هذا الجنس من يفعل ذلك، وكأنهم علموا ذلك بعلم خاص، أو بما فهموه من الطبيعة البشرية، فإنه أخبرهم أنه يخلق هذا الصنف من {صلصال من حمأ مسنون} أو فهموا من الخليفة أنه الذي يفصل بين الناس ما يقع بينهم من المظالم ويردعهم عن المحارم والمآثم (قاله القرطبي) .أو أنهم قاسوهم على من سبق كما سنذكر أقوال المفسرين في ذلك. "
و هو معذور في تفسيره لانه لم يكن معروف في وقته انه يوجد بشر اقدم من ادم و يتفقان في القول بان ادم ليس خليفة لله .لكن اذا كان ادم مخلوق من طين في الجنة فعن أي خلافة نتحدث ؟ انه لا يمث بصلة الى من سبقه من البشر و جدلا انه خليفة هنا نتساءل عن الجدوى من ظهور الموجات البشرية التي تنتهي بالانقراض التام دون ان تنفع الموجات القادمة بتجاربها و خبراتها الموجات اللاحقة ؟ ام انه من الضروري البدا دائما من الصفر ، و انه من الضروري ان تتكرر عملية الخلق من الطين و تكرار المحاولة و الخطأ ، و ربما يتكرر اكتشاف النار في كل مرة ، دون ان يستفيد هذه الموجات البشرية من بعضها البعض .
لقد اقترب المفكر من الحقيقة ، حقيقة ادم ، و لكنه ظل يطوف حولها ، ولم تكن له الشجاعة الكافية ليعبر عنها كما ، لقد كا ن بمقدوره ان يكشف عنها لكن اثر النصوص الدينية حال دون ذلك ، بل حاول ان يقلل من صدمة تعارض الدين مع العلم في قضية الخلق ، أي ان مهمته في الاخير تحولت من مهمة البحث العلمي ، الى مهمة الفقيه و عالم الدين الذي لا يريد ان يزول تاثير الدين على العقل خاصة عندما تتعارض النصوص الدينية مع الحقائق العلمية فتراه يحاول ما وسعته الحيلة تجاوز هذا التعرض و ازالة التناقض و هذا ما ثام به الدكتور بشير التركي ، فعندما اكد على ان ادم مسبوق بكائنات بشرية كان متماشيا مع نتائج الأبحاث العلمية لكنه عندما اكد على خلق ادم من طين في الجنة دون ان يكون له صله بمن سبقه من البشر و ان هؤلاء ايضا لا صلة لبعضهم ببعض يكون قد جانب الصواب .
هذا التناقض الذي وقع فيه الدكتور بشير التركي حاول ان يتجنبه الدكتور عبد الصبور شاهين في كتابه " ابي ادم . قصة الخليقة بين الاسطورة و الحقيقة . "
------------------
للموضوع بقية ........... اتعرض فيه لكتاب الدكتور عبد الصبور شاهين "ابي آدم "





#نبيل_المسعد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- اللغة العربية و المعاني الالهية
- مقطع طولي في الحوار المتمدن
- الفتوحات السلطانية


المزيد.....




- أحد قاطنيه خرج زحفًا بين الحطام.. شاهد ما حدث لمنزل انفجر بع ...
- فيديو يظهر لحظة الاصطدام المميتة في الجو بين مروحيتين بتدريب ...
- بسبب محتوى منصة -إكس-.. رئيس وزراء أستراليا لإيلون ماسك: ملي ...
- شاهد: مواطنون ينجحون بمساعدة رجل حاصرته النيران داخل سيارته ...
- علماء: الحرارة تتفاقم في أوروبا لدرجة أن جسم الإنسان لا يستط ...
- -تيك توك- تلوح باللجوء إلى القانون ضد الحكومة الأمريكية
- -ملياردير متعجرف-.. حرب كلامية بين رئيس وزراء أستراليا وماسك ...
- روسيا تخطط لإطلاق مجموعة أقمار جديدة للأرصاد الجوية
- -نتائج مثيرة للقلق-.. دراسة تكشف عن خطر يسمم مدينة بيروت
- الجيش الإسرائيلي يعلن استهداف أهداف لحزب الله في جنوب لبنان ...


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - نبيل المسعد - آدم ليس أبو البشر ( 1 )