أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - نبيل المسعد - الفتوحات السلطانية















المزيد.....


الفتوحات السلطانية


نبيل المسعد

الحوار المتمدن-العدد: 2243 - 2008 / 4 / 6 - 11:10
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


تعرفت على الكاتبة وفاء سلطان من خلال مقالاتها المنشورة في موقع الحوار المتمدن ، على الرغم من قلة مساهماتها ، التي لم تتجاوز 70 مقالة طيلة أربعة سنوات ، منذ أول ظهور لها سنة 2005 . وربما يعود ذلك لانشغالها بواجباتها تجاه مرضاها . لكنه إنتاج يكفي لتكوين صورة عامة عنها. فهي كاتبة صريحة ، تعلن ما تفكر فيه دون لف أو دوران ، رافضة لكل الأديان . متحررة . استطاعت أن تقيم علاقة تتوطد يوميا مع قرائها الذين هم في تزايد مستمر ، و أصبح حضورها مميز ، و يزاحم الكثير من الأقلام المعروفة لزوار الموقع ، بدليل أن مقالاتها دائما تأخذ المراتب الأولى في فهرس المقالات . لقد أصبحت تمثل رمز من رموز الموقع .
لكن الغريب أنها، تصر على التخفي والتستر، وعدم الكشف عن هويتها ، ففي احد حواراتها و التي نشرتها يوم 30 . 3 .2008 في الموقع أجابت عن سؤال من هي الدكتورة وفاء سلطان؟؟؟ بما يلي تقول : " لا أستطيع أن أعرّف نفسي أكثر مما فعلت وتفعل كتاباتي. كتاباتي هي وفاء سلطان، تحكي عن نشأتي وعلومي وثقافتي وأفكاري، فماذا تريدون أكثر؟! ثلاثة عقود من حياتي عشتها في سوريا، وعشت العقدين الأخرين في أمريكا. تجاربي هناك في الوطن الأم وهنا في الوطن البديل بلورت شخصيتي وحدّدت هويتي ورسمت معالم وجودي." هذا كل شيء ، و هذه هي السلطانة . وموقعها الفرعي في الحوار المتمدن لا يحتوي إلا على الاسم ، و عنوانها الالكتروني . دون أن تتعرض فيه لسيرتها الذاتية . ولكن أبناء الحلال نشروا سيرتها في موقع الموسوعة الحرة ويكيبيديا . فهي سورية المنشأ من مواليد 1958 في بانياس على الساحل السوري واسمها الحقيقي ـ حسب ما ورد في وكيبيديا ـ وفاء احمد ، تعمل طبيبة نفسية في لوس انجلس بالولايات المتحدة الأمريكية وتحمل جنسية هذا البلد .
هدفها واضح تماما . تحطيم الأديان .و قد أعلنت ذلك بكل صراحة ، في لقاءاتها المصورة ويمكن الاطلاع عليها من خلال موقع youtube و أكدت ذلك ، بعد مشاركتها في برنامج الاتجاه المعاكس أول مرة سنة 2005 . و يبدو أنها لم تلقى القبول من المشاهدين حينها. فعقبت على البرنامج ، بمقال نشر في الموقع يوم 10.8.2005 بعنوان و فاء سلطان و الاتجاه المعاكس . وهو عنوان يبرز مدى تضخم الأنا عند السلطانة ، وككل متعطش للشهرة ذكرت فيه تفاصيل الحصة ، و ما حدث فيها ، و أنها تفوهت بكلمة " اخرس " موجهة إياها إلى محاورها . وهي الأمريكية المتنورة تنزل الى هذا المستوى المتدني ، لذلك هاهي تستسمج الجمهور عذرا . فلا يليق بمن هو في مكانها ، أن يصدر عنه مثل هذه التصرفات. وكم كانت سعيدة بالبرنامج الذي عادة ما يستطلع أراء مشاهديه ، حول موضوع الحلقة .وحدث أن المشاركين في التصويت منحوها 36 % من الأصوات المعبر عنها . وفهمت من هذ الاستطلاع انها قد استمالت العرب وفي وقت قياسي ـ ساعة زمن أو اقل ـ الى صفها تقول وهي منتشية بالنصر السريع : "هل يدري هذا المعتوه ـ محاورها ـ و أمثاله ما معنى أن يصوت لصالحي 36 % من سكان العالم العربي خلال الدقائق الأولى التي سمعوني بها ؟ ! هل يستطيع ان يعي الرسالة التي حملتها تلك النتيجة ؟ ! " وتواصل " حتى الأمس القريب كان العالم العربي بأغلبيته الساحقة المسلمة يعيش داخل زجاجة و كان إنسان هذا الوطن يؤمن بان القرضاوي أكثر علما من اينشتاين !! في لحظة مواجهة مع الحقيقة انقلب 36 في المائة من ناسه على تعاليمهم و كفروا بكتبهم و صرخوا بأعلى صوتهم صدقت وفاء سلطان ! "
ويمكن تلمس الغرور في ما تكتب. ومن السهل أن تكتشف علامات النرجسية في شخصيتها ، و الميل لعبادة الذات . و إلا فما هي دلالة الاسم الذي نجده في العنوان الالكتروني " السلطانة " انه اسم معبر وله إيحاءات ومحمل بعبق التاريخ. ثم من يستطيع أن ينسب لنفسه قدرة تغيير العرب و يصدق نفسه ، وانه يمكنه فعل ذلك ، و في برنامج تلفزيوني ، وعن طريق الأقمار الاصطناعية ؟؟؟ غريب . لا أجد تفسير لهذا الحكم إلا الغرور ، أو البحث عن الشهرة . والأدهى من ذلك أنها تحاول أن تنقل قناعتها هذه الى غيرها . إن البحث عن الشهرة يفقد الإنسان صوابه ، لقد تصورت انه بمقدورها تغيير العرب .فقالت " عرف العالم العربي امرأة ستغيره اسمها و فاء سلطان ." أي برمجة لغوية تعرضت لها السلطانة حتى خرجت بهذا الاعتقاد ؟؟
إن مهمة إخراج الناس من الدين أفواجا أو حتى فرادى مهمة تقلدها أساطين الفكر في مختلف الحضارات و الثقافات ، و وقد شهدت مرحلة الذروة في عصر النهضة حيث سيطر التفسير الميكانيكي للكون وأصبحت فرضية وجود الإله لا ضرورة لها كما بين ذلك عالم الفلك ، دي لابلاس في رده على سؤال تقدم به نابليون بونابارت عقب انتهاء هذا العالم من موسوعته الفلكية وكان السؤال حول مكانة الإله ودوره في الكون ، حيث لم يشير اليه هذا العالم ، في اعماله . فقال لابلاس : ياسيدي انا لست في حاجة الى هذه الفرضية في منظومتي الكونية ، ونتشه أعلن موت الإله ، واعتقد ماركس ان الدين أفيون الشعوب ، ورغم سمو قامة هؤلاء في ميدان الفلسفة و الفكر العالمي لم نجد احدهم يدعي إمكانية تغيير البشر في لحظات . كما فعلت وفاء سلطان . لان هذه المهة عادة ما تسند إلى الأنبياء او رجال السياسة . فقد تصدر الفكرة عن فيلسوف ما و يقوم بتنفيذها السياسي .مثل ما حدث مع الايديولجية الماركسية ودور لينين في تطبيقها . وفكرة القضاء على الدين و خاصة الإسلام أيتها السلطانة لم تتوقف مند ظهوره ، حتى وقتنا الحاضر و بمختلف الوسائل ، و أفظعها الاستعمار العسكري أو الثقافي ، ولكن ما هي النتيجة ؟ الجلابيب في انتشار أكثر و اللحى تزداد طولا ، و المساجد أنهكت ميزانية الدول . وبالطبع انا لا ابحث عن مكان ما بين هؤلاء للسلطانة ، وأضنها ان كانت موضوعية في أحكامها لن تتجاسر وتفكر في ذلك أيضا . فالبون شاسع بين الثرى و الثريا .
انها في الحقيقة لم تدنو حتى من بعض كتاب الموقع أمثال كامل السعدون وغسان سوداني (الغائب أو المغيب عن الموقع ) وهما حسب متابعتي للموقع الأقرب إليها فكريا ، ومن نافلة القول أنها ابعد ما تكون عن المطارحات الفكرية التي تتحفنا بها بعض الأقلام الجادة أمثال سيد القمني و برهان غليون . أنها لا تحفل بمن سبقها من المفكرين ربما لأنها تجهلهم .
وانتظرنا الفتوحات السلطانية منذ ثلاثة سنوات ، عساها تهب من الجهة الغربية ، من لوس انجلس ، مقتلعة معها كل التراث الإسلامي وكل الأديان . وفعلا بدأت في تجسيد خطتها ، وهاهي تحاول تغيير العرب و المسلمين ، وجيوشها كلمات . ومنهجها قائم على العلاج او " القتل " بالصدمات ، فتختار الجروح الموجودة في جسد الأمة الإسلامية و تغرز خناجرها المسمومة فيها ، و تحركها ما استطاعت وما وسعها جهدها ، وتنتقي الألفاظ بدقة عالية ، وهي متأكدة تماما أنها ستحقق الغرض وتضمن الصدمة . فنشرت موضوع بعنوان هل يصلح الدهر ما أفسده الإسلام ؟ يوم 28.11.2006 لتواصل النشر و بمقالات أكثر وقعا . وبعنوانين أكثر عنفا من سابقاتها ، من ذلك موضوع عنوانه متى ينفجر هذا الدمل تعني ؟ الإسلام تقول في مطلع هذا المقال " الإسلام كالدمل لن يشفى العالم منه إلا بانفجاره " و في العدد 1799 وفي تحول غريب عند الدكتورة ربما يشي بالاضطراب وغموض الرؤية أحيانا لديها ، أرادت أن تكون شاعرة . فكتبت " خرابيش " وكانت موفقة في اختيار العنوان ـ خرابيش ـ حاولت أن تحدو فيها حدو محمود درويش ، فكتبت شعر نثري أو نثر شعري بل خربشات كما وصفت محاولتها تلك . و لحسن الحظ لم تعيد الكرة و إلا أبعدت القراء عن الموقع . لكنها لمحت في احد مقالاتها عن مشروع خطير ، سينسف الإسلام و المسلمين ، سيدمر الأديان ويقتلعها من الجذور ، و تمخض الجبل فولد فأرا ، هذا اقل ما يقال عن مشروعها ذاك . وكانت تقصد مجموعة من المقالات عنوانها الرئيسي نبيك هو أنت ، لا تعش داخل جبته .

نبيك هو أنت
ربما تسلل اليأس إلى أعماق الدكتورة ، فها هي في طريق التنصل من وعودها السابقة ، الوعود المتعلقة بتغيير العالم العربي و الإسلامي ، على الأقل في الوقت الراهن ، لذلك نراها وبعد أن بدأت في صراع مع الإسلام بغرض زحزحته عن المكانة التي يحتلها في الوعي العربي و الإسلامي ، قد تراجعت ، ليس عن الهدف ، ولكن عن طريقة الهجوم و الوسائل المستخدمة ، فنجدها في هذا العمل تبحث عن أصول الدين ومصادره وكيف نشأ ، عساها تكتشف سر الدين وسبب تعلق البشر به وصعوبة إبعادهم عنه و لو للحظة . وهو تساؤل مشروع تعرض له علماء الانتربولوجيا بالدراسة و التحليل وكان يمكنها ان تعود الى أبحاث رالف لينتون في قصة الحضارة أو أبحاث اميل دوركايم في اصل الدين او تقرأ على ماكتبه مواطنها السوري فراس السواح في كتابه دين الإنسان ولكن وقتها لا يسمح وربما لاترضى ان يستمر الدين في الوجود لغاية الانتهاء من قراءة هذه المراجع ، إنها تحاول القضاء عليه بسرعة وفي قت قياسي لا يتجاوز زمنه حصة اذاعية مثلا !!! ان التسرع في مثل هكذا مواضيع لا يليق بمن يدعي العلم والتقدم . ان الأمر لا يتعلق بسندويتش يا سلطانة .
المهم اعتقدت السلطانة انها عثرت على الخلطة السحرية التي تحدث تغيرا في المسلمين ، فكانت هذه السلسلة من المقالات التي بلغت 12 مقالا ، بعنوان واحد . نبيك هو انت ، لا تعش داخل جبته . حاولت ان تجيب فيها على أربعة أسئلة كانت بداية للمقالة الاولى من السلسة وهي على هذا النحو .
1 ـ ما هو الجهاز العقائدي و كيف تشكل ؟
2 ـ ما مدى قوة تأثيره على حياة الإنسان ؟
3 ـ لماذا ليس سهلا ان نتخلى عن عقائدنا ؟
4 ـ كيف نستطيع ان نحسن من عقائدنا او نستبدلها بافضل منها ؟
يتكون هذا الجهاز حسب " المنظرة " وفاء سلطان في مرحلة متقدمة و مبكرة عند الإنسان ، بمعنى ليست له امتدادات تتعلق بطبيعة الإنسان المتدينة كما هو مسلم به عند المسلمين البخاريين ، بل نجد من الباحثين الغربيين ، من يرد التدين الى عوامل فطرية في الانسان بدليل حرص الإنسان البدائي على المعبد وانه يتعذر وجود جماعة بشرية دون ان يكون لها تصور ما عن قوة مفارقة للإنسان .تتحكم فيه و يتوسل إليها في الشدائد . لكن الدكتورة وقد تكون متأثرة بآراء جون لوك في خلو صفحة الوليد البشري الجديد من أي كتابة ، فهو باتي الى الوجود صفحة بيضاء ، و المحيط يتكفل بالكتابة عليها كما يشاء . ان صحت هذه النظرية فالدين مكتسب من المحيط ، و العقيدة من صنع المجتمع ، لكنها و دون ان تجهد نفسها و تأتي على ذكر أبحاث غيرها في هذا المجال ، ولم تهتم بتحديد المصطلحات المهمة في عملها هذا خاصة مصطلح الدين و العقيدة . فلا نجد أي من هذه الخطوات الاجرائية في " بحثها ". وبدل ذلك نجد دخول مباشر في موضوع له امتدادات و عمق غائر في الميتافزيقا ، لكنها أقحمت نفسها فيه و بأدوات اقرب ما تكون للأدوات الجراحية المعتمدة في استئصال الزائدة الدودية . هذا الجهاز ببساطة هو نتيجة تجارب يمر بها الفرد عبر حياته . ثم يتعقد أكثر مع مرور الوقت بحيث يكون من الصعوبة تغييره ، فيتشكل الجهاز بطريقة " النسج " الذي يبدأ بخيط واحد يمكن التصرف فيه كما يشاء الخياط ـ لكنه مع مرور الوقت يستحيل تغيره خاصة بعد الانتهاء منه بحيث يستحيل تعديله ، فإما الإبقاء عليه كما هو ، أو تفكيكه ، وتفكيكه يعني التخلص منه ببساطة .ومنه لا علاج للمسلم. وفق هذا التصور " النسيجي " السلطاني تقول عن جهازها ." الجهاز العقائدي هو نسيج فكري متداخل يبدأ بالتشكل منذ اللحظة الأولى للحياة و يستمر باستمرارها . كل خيط في ذلك النسيج هو خلاصة لتجربة ما و النسيج برمته هو خلاصة التجارب التي يمر بها الإنسان خلال حياته . لا يمكن ان ينطبق جهاز عقائدي لإنسان على جهاز عقائدي لإنسان اخر مهما تشابهت تجاربهما اذ لا يوجد شخصان على الأرض يعيشان نفس التجارب "
ولا يخفى على احد الأثر الواضح لحقائق علم النفس ، حول الشخصية . على هذا التحليل و بالطبع لا يجب ان نستبعد ذلك بل هذا ما يجب ان يكون لأننا ، إزاء متخصصة في علم النفس ، الا يمكن ان نستبدل هذا الجهاز بالشخصية ؟ خاصة في الجزئية التي تتحدث فيها عن اختلاف " الأجهزة العقائدية " في مقابل الشخصيات التي لا يمكن ان نعثر على شخصيتين متطابقتين ، كما يقرر علماء النفس . حتى بين التوأم الحقيقي يوجد اختلاف ، فلكل شخصيته و لكل جهازه العقائدي مادام كلاهما نتيجة لتجارب خاصة و فردية .
ثم اعتمدت على النتائج التي كشفت عنها الأبحاث حول دور اللغة في تشكيل الأنا ، وان الإنسان نتيجة لما يسمعه من ألفاظ وكلمات ، فالكلمات تحمل رسائل تخزن في اللاوعي و تستقر في أعماق الأنا ، في لا وعيه ، لتمارس فيما بعد دورها في توجيه السلوك ، فتلقفت الفكرة ، وأسقطتها على الدين ، فما هو إلا برمجة لغوية عصبية ، تعرض لها الإنسان خلال حياته ، وفق قوانين العقل الباطن . ومن هذه القوانين ، ان الأفكار المتشابهة تنجذب الى بعضها البعض ، وهذا القانون سيكون هو المنول الذي يشيد عليه الإنسان عقيدته . وواصلت الكشف عن هذا الجهاز في المقالة الثانية في العدد 2125 مركزة على الفكرة المسبقة و دورها في لجهاز العقائدي . وفي باقي المقالات .
يتشكل هذا الجهاز بفضل البرمجة اللغوية العصبية الخاضعة لقوانين العقل الباطن ، يضاف إلى ذلك عامل الخوف من المجهول ، ولا تنسى الدكتورة الإفادة من أبحاث علماء النفس حول العادة ، فالعلماء يتحدثون عن العادة و كيف تتكون ثم تستولي على المتعود في نهاية المطاف. و تستعبده ، أنها أفضل خادم في بدايتها ولكنها تتحول إلى أسوأ سيد عندما تسيطر على المتعود ، وتصبح تتحكم في تصرفاته ، لتقارن ذلك مع العقيدة ، وتخلص إلى القول ، بان العقائد مجرد عادات متأصلة . ودعمت تصورها هذا ، بآراء فلاسفة الروح و أصحاب المذهب الحيوي الذي نجده عند برغسون ويدافع فيه عن آلية تعمل على استمرار الكائن الحي ، آلية تستبعد تماما التفكير المنطقي العقلي .لتفسر وفاء سلطان ، دفاع المؤمن المستميت و العنيف أحيانا عن عقيدته ، رغم تعارض هذه العقيدة مع ابسط مبادئ العقل.

هذا هو الجهاز العقائدي ، الذي اكتشفته وفاء سلطان ، مصطلح ضخم ، يضاهي مصطلح الجهاز النفسي الذي وضعه من قبل عالم النفس ، سيجموند فرويد ، وقد يكون تعديل له . هذا من حيث الشكل أما المضمون فإنها لم تبين معالم هذا الجهاز ، ولم توضح إن كان لجهازها مكونات ، كما أنها استندت إلى الأمثلة العلمية المأخوذة من المصحات ، و تناست أنها أمام موضوع عريق في المياتافزيقا . واستمرت على هذا النحو حتى أخر مقالة .و كثيرا ما تخرج عن الموضوع ، لتتحول إلى واعظة تدعوا إلى عبادة الذات ، و الكفر بما سواها ، .بأسلوب لا يقل حدة عما نجده ، عند من يدعوا إلى عبادة الواحد الأحد .
وبما أنها توصلت إلى سر تعلق الناس بالدين ، وانه لا يعدو مجرد برمجة لغوية عصبية تتكرر يوميا على الإسماع و بوتيرة واحدة ، فان العلاج يكون من جنس المرض ، أي يجب إعادة برمجة العالم العربي و الإسلامي من جديد و تغيير عاداتهم بعادات أخرى ، و بحثت عن الوسيلة التي تمكنها من هذه الغاية ، ولم يطل البحث لتهتدي إليها . إنها وسيلة التلفزيون . لقد لاحظت الوضعية الإعلامية في البلدان العربية و الإسلامية ، و شاهدت عدد الفضائيات المتخصصة في الوعظ و الإرشاد و الإفتاء ، وهي في تزايد مستمر ، وتتكاثر كالفطر و كأنها المقصودة بالحديث " تكاثروا تناسلوا .. " والأكثر منها الإذاعات ، فضلا عن المساجد التي لا ينافسها الا عدد المقاهي في العالم الإسلامي ضف إلى ذلك الأسرة و المدرسة و الشارع .فهل يمكن مزاحمة كل هذا و الوصول إلى أذن المسلم لإعادة برمجته مرة ثانية ؟ هذا ما عقدت العزم عليه السلطانة ، و قريبا ستطلق تلفزيون " دوري " و أظنه يتخصص في الفتوى الشرعية ، حسب الرواية السلطانية . تحاول من خلاله النهوض بالعرب و المسلمين ، و تجعلهم يستبدلون الخطاب الديني الذي يوظف العبارات العنيفة التى لا تليق بإنسان القرن 21 مثل " جعل الله رزقي تحت ظل سيفي " بعبارات ملؤها المحبة و السلام و التسامح ، فبدل ان تقول كتب الله رزقي تحت ظل سيفي قل كتبه الله لي بحد فأسي أو بريشة قلمي ، أو بعرق جبيني ، او " بماء وجهي " . وخذ ما شئت من كتاب الفرقان الحق برواية بوش في هذا المجال . وبعد فترة قد تدوم أسبوع ـ لان وفاء سلطان متعجلة ، تريد تغيير العرب بأقصى سرعة ـ يتغير العالم و يعم السلام و يزول الإسلام وتخلد حينها السلطانة للراحة .

الواقعية ايتها السلطانة
أنا كاتب هذا المقال وأصالة عن نفسي و لا امثل احد ، أرى أن تصرفك هذا محكوم عليه بالفشل ، لماذا ؟ لان التصريحات النارية التي تصدر عنك من حين لأخر ، منفرة كثيرا ، هذا التصريح مثلا الذي قلت فيه : " لقد قررت محاربة الاسلام ؛ الرجاء الالتفات إلى بياني ـ للتأكيد ـ لمحاربة الإسلام ، وليس الإسلام السياسي ، وليس الإسلام المتطرف ، وليس الإسلام المتطرف ، وليس الإسلام الوهابي ، ولكن الإسلام ذاته... الإسلام لم يساء فهمه أبدا ، الإسلام هو المشكلة....على المسلمين ان يدركوا ان ليس لديهم سوى خيارين : التغيير أو أن يسحقوا " ماذا تنتظرين من المسلم الذي يستمع الى هذا الكلام ؟ هذا الخطاب يؤدي الى بحث المسلم عن نظام حماية ، لا يضارعه أي نظام حماية لمكافحة الفيروسات ، نظام يتعرف على كل الفيروسات التي تنطلق من وفاء سلطان ، سواء كانت مقروءة او مسموعة او مرئية ، و يحاصرها و يحطمها قبل أن تحطمه ، أو تسحقه ، و لا يتوقف الأمر عند هذا الحد . سيعمم المسلم ، نموذج وفاء سلطان ، على كل فكرة وافدة من الغرب ، ويدركها على أساس أنها ـ فيروسات سلطانية ـ و تلقى بالتالي نفس المصير ، وقد تكون أفكار جيدة تنفعه ، لكن تصرفك بهذه الطريقة ، افسد على المعتدلين عملهم ، فمن العلماء من يعمل على تغيير العقلية العربية و الإسلامية بطريقة مدروسة ، يقدر العواقب و الأخطار و الصعوبات . ويعمل ذلك بصدق وحب و شفقة على العالم العربي ، ويدرك هؤلاء الوضعية السيئة للعالم الإسلامي أفضل منك لأنهم متواجدون فيه ، ويعلمون أن الهدف المنشود ـ التغيير ـ يحتاج إلى وقت ونفس طويل ، فليس من السهل تخطي الحاجز الذي أقامه رجال الدين حول الوعي و اللاوعي الاسلامي ، بكل الوسائل ، مند 14 قرنا و يزيد ، لقد اخترعوا جدار صد ، لا يمكن اختراقه ، جدار ناري بالفعل . لتأتي وفاء سلطان ، وبدل محاولة التسلسل عبر المنافذ الممكنة ، و التي يجب البحث عنها في هذا الجدار ، مقتحمة هذا الحائط الممتد فى الزمن ، عم طريق المواجهة ، فخسرت مصداقيتها ، و أثرت على الفئة التي تعمل في صمت ، هذه الفئة من المفكرين يسعدها ان يتغير العالم الإسلامي للأفضل ، وتدرك ان الوصول الى هذه الغاية يمر عبر إعادة قراءة التراث الإسلامي ، و التعامل معه بمبدأ النسبية ، فمن أين للبشر ان يدعي الوصول الى المطلق ؟ والعمل على التخفيف من وثوقية المذاهب الاسلامية التي كلها تدعي أنها الفرقة الناجية و ان الحق الى جانبها ، و لو سألت عن مصدر ثقتهم تلك ، تكون الإجابة قال الرسول ، نعم الرسول قال ، وانه مرسل من الله الى البشر ، لكن كيف تتأكد ان هذا القول صدر منه بالفعل ؟ الم تمتد إليه أيادي التحريف ؟ و هل يعقل ان يدعي عاقل ان كتابي البخاري ومسلم هما اصح الكتب بعد القران ؟ لقد بينت الدرسات أنهما يختلفان في بعض الأحاديث ، فهل يمكن الجمع بين النقيضين ؟
ان بلغ المسلم هذه الدرجة من الوعي ، وأصبح يطرح هذا النوع من الأسئلة ، فانه سيتريث في إحكامه، وبالتالي لا يتسرع في توزيع الكفر بطريقة عشوائية . واعتقد ان هذا ممكن ، خاصة في ظل التفتح الإعلامي و حرية الاتصال و الوصول الى المعلومة ، و اعتقد أننا أدركنا الزمن الذي يبعث فيه الإسلام من جديد ، بالطبع لن أكون متسرعا مثل وفاء سلطان ، لكن قد يكون قرننا هذا، و لاسباب موضوعية لم تتوفر من قبل ، قرن يتغير فيه العالم الإسلامي للأفضل . خاصة اذا تفهمت وفاء سلطان الوضعية الحرجة هذه ، ـ مرحلة إعادة قراءة التراث الإسلامي ـ وان لا تزيد الطين بلة بضجيجها ، وتنظم الى عقلاء الأمة ، لأنني و الى غاية كتابة ها المقال أتوسم فيها النية الطيبة لخدمة الإنسان ، اما ان كانت تعمل وفق أجندة معينة ، تحمل قلم ـ معول ـ مأجور ، فالزمان كفيل بكشفها ،

إذن رجاءا أيتها الدكتورة لا تساهمي في تعقيد الأمور أكثر مما هي عليه الآن ، إن الفقهاء والوعاظ يقومون بالمهمة على أفضل ما يكون ، وهم منهمكون في جر العالم الإسلامي الى الخلف ، وفوق ذلك يهللون و يكبرون . فلا يحتاج هؤلاء الى أي دعم خارجى ، اكرر إن صراخك و عويلك هذا ، يضر المسلم أكثر مما ينفعه ، أتمنى ان لا يكون غرضك ، تقديم العون الى هؤلاء فهم يسحبون و أنت من الجهة المقابلة تدفعين . ان هذا التوجه في الفكر و الذي تمثلينه ، يؤدي إلى تمسك المسلم بتقاليده و موروثه . و التشبث به بقوة ، إن عباءة التقاليد و الفكر المترهل قد أصبحت ثقيلة ، لطول الاستعمال ، لقد تجاوز عمرها 14 قرنا ، و لا يمكن للرياح مهما كانت قوية ، وحتى لو كانت قادمة من أمريكا ، ان تزحزحها عن عاتق المسلم المتيم بالسلف الصالح ، ولا تزيده الا تعلقا بها ، لكنه في الحقيقة لا يحتاج إلى أكثر من أشعة الشمس الدافئة ، شمس الفكر الموضوعي تتسلل ببطء إلى عقله فيخلع عنه هذه العباءة ، وليس المطلوب منه استبدالها بعباءة أخرى ، و لكن يخلعها بغرض التنظيف وإعادة كيها ، فلطالما تراكمت عليها الشوائب من كل الأديان و الملل و الفلسفات ، وقد تكون في حاجة إلى الرتق أحيانا لان طول الزمن يكون قد اثر في تماسكها . ثم يلبسها مرة أخرى و يكون جدير بالانتساب إلى الألفية الثالثة.



#نبيل_المسعد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- ?? مباشر: عملية رفح العسكرية تلوح في الأفق والجيش ينتظر الضو ...
- أمريكا: إضفاء الشرعية على المستوطنات الإسرائيلية في الضفة ال ...
- الأردن ينتخب برلمانه الـ20 في سبتمبر.. وبرلماني سابق: الانتخ ...
- مسؤولة أميركية تكشف عن 3 أهداف أساسية في غزة
- تيك توك يتعهد بالطعن على الحظر الأمريكي ويصفه بـ -غير الدستو ...
- ما هو -الدوكسنغ- ؟ وكيف تحمي نفسك من مخاطره؟
- بالفيديو.. الشرطة الإسرائيلية تنقذ بن غفير من اعتداء جماهيري ...
- قلق دولي من خطر نووي.. روسيا تستخدم -الفيتو- ضد قرار أممي
- 8 طرق مميزة لشحن الهاتف الذكي بسرعة فائقة
- لا ترمها في القمامة.. فوائد -خفية- لقشر البيض


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - نبيل المسعد - الفتوحات السلطانية