أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أحمد عائل فقيهي - من حداثة الشعر إلى حداثة الفكر














المزيد.....

من حداثة الشعر إلى حداثة الفكر


أحمد عائل فقيهي

الحوار المتمدن-العدد: 2678 - 2009 / 6 / 15 - 08:00
المحور: الادب والفن
    


يقول الباحث الأكاديمي التونسي عبدالوهاب المؤدب «أحب القديم من كثرة حداثتي»، ومعنى هذا الكلام المؤسس على وعي حقيقي والمبني على معرفة بالتراث والحداثة، أنه كلما أوغلت في حب وعشق وقراءة القديم في الشعر والنثر والتاريخ والفلسفة ومختلف العلوم، كنت أكثر إلماما ووعيا بالحداثة، أي بالثقافة الجديدة في كافة تجلياتها الأدبية والفلسفية والسياسية، أي أن لا معرفة بالمطلق بالمستقبل دون معرفة بما مضى، لا معرفة بما هو حاصل وما سوف يجيء فقط، وقراءة التراث في مقابل قراءة الحداثة.
في المشهد الثقافي السعودي لا نرى هذه الحالة إلا نادرا وبشكل استثنائي ذلك الذي يقف بين عالمين، بين الماضي والحاضر ،أي لا نرى إلا نموذج المثقف الذي يرفض التراث ولا علاقة بما أنتجه أجداده العرب من إبداع وثقافة، وهو يقرأ كل ما يعتقد أنه جديد، ونموذج المثقف الآخر الذي يرفض كل ما هو جديد في الثقافة والفن والمعرفة، وهو مستأنس كونه يرتمي في أحضان الماضي ويسكن في الماضي سادنا لكل ما أنتجه وأفرزه هذا الماضي، دون تمحيص ووعي بين ما هو مفيد ومبدع وبين ما هو غير ذلك.
إن سوء الفهم الذي ارتبط بالحداثة هو أن الكثيرين ممن انتسبوا لها لم يعوها ولم يفهموها، ولم يطلعوا على المفاهيم العلمية التي ترتكز عليها، وبالتالي ظلت علاقتهم بالحداثة علاقة أدبية وشعرية على وجه التحديد، ولم تتعمق لتدخل في معنى الحداثة بالمعنى الفكري والفلسفي والسياسي، وذلك أن حداثتنا هي نتاج الحداثة العربية التي خرجت في نهاية الأربعينيات وبداية الخمسينيات في العراق على يد نازك الملائكة وعبد الوهاب البياتي وبدر شاكر السياب وبلند الحيدري، ثم حداثة مجلة شعر التي كان يرأس تحريرها يوسف الخال مع شعراء كبار من أمثال أدونيس ومحمد الماغوط وأنسي الحاج وآخرين، ثم من خلال تجارب شعرية لصلاح عبدالصبور وأحمد عبد المعطي حجازي، ومن هنا ظل الحديث الطويل والسجال الممل في المشهد الثقافي السعودي يدور حول الحداثة المبتورة والمشوهه وظلت محصورة في هذا الإطار الضيق الأدب والشعر تحديدا، ظل مشروع الحداثة في بلادنا بالمقابل ناقصا ومنقوصا بالرغم من أن المجتمع السعودي يستخدم كل التقنيات المتعلقة والمتصلة بالحداثة، وتتبدى في هذا المجتمع كل تجليات الحداثة أيضا من العمران إلى المدن الاقتصادية الكبرى من أرامكو إلى سابك، وتؤدي كل ذلك الرموز إلى الدولة الحديثة فيما يضم المجتمع السعودي نخبة متعلمة ومثقفة تلقت تعليمها في أرقى وأرفع الجامعات العربية والعالمية، وثمة بزوغ لمشروع تنويري يقوم على جعل التعددية الفكرية والاجتماعية والثقافة والاجتماعية هو المشروع الذي ينبغي أن يقف أمام المشروع الظلامي والممانع المناهض بل والمعادي لحركة التقدم والانفتاح وقيم الحداثة والليبرالية والمجتمع الجديد.
ولكن هل دخلنا على مستوى الكتابة إلى مرحلة حداثة الفكر خروجا من تلك الدوائر المغلقة التي جعلت الأكثرية من المهتمين والمتابعين وممن يعتقدون أنهم حداثيون لايرون في الحداثة إلا كونها شعرا وأدبا واختزلت مسألة الحداثة لمنظومة فكرية وحضارية إلى قضية دينية، وإنها سوف تزلزل كل الثوابت الدينيه والاجتماعية وسوف تقوص المسلمات المنصوص عليها، وبالتالي سوف تعمل على إلغاء هوية المجتمع السعودي، ولذلك تمت شخصنة الحداثة أي ظل الحوار حوارا شخصيا وذاتيا وسطحيا وليس حوارا فكريا وفلسفيا، يذهب إلى المناطق العميقة في خطاب الحداثة ومابعد الحداثة أيضا، إضافة إلى أن فهم الحداثة كان فهما سطحيا وهامشيا، ولا زال هذا الفهم السطحي والهامشي مستمرا وساريا مع استمرار غياب للثقافة والقراءة الجادة، وأن التعامل مع المفاهيم من مفهوم الحداثة والليبرالية والعلمانية وغيرها من المفاهيم يتم التعامل معها بكثير من الخفة والاستخفاف.
من هنا فإن غياب الثقافة الجادة وخفة التعامل مع المفاهيم والأفكار أفضى بالضرورة إلى هذا الفراغ المعرفي الذي نشهدة في الخطاب الثقافي السعودي ولذلك لا نجد سجالا فكريا عميقا حول القضايا الكبيرة المتعلقة بالحداثة ومابعد الحداثة ولم تنتقل الكتابة ولا الخطاب الثقافي من حداثة الشعر إلى حداثة الفكر بعد ولم تتأسس لدينا ثقافة السؤال المعرفي والفلسفي جراء غياب تدريس الفلسفة في جامعاتنا السعودية، وتم التعامل مع الفلسفة بوصفها نصا محرما لأنه نص يحرض على الزندقة والإلحاد، ومن هنا فإن خطابنا الثقافي هو خطاب وجدان لا خطاب عقل، وهنا تكمن معضلة فهمنا للحداثة وهو فهم محكوم بالتلصص والذهنية الدينية البوليسية التي تحكم على النص الغائب غائبا دون رؤيته وقراءته.
إن الحداثة ليست حداثة أدب وشعر وكتابة فقط ولكنها حداثة ذهنية مجتمع وحياة هذا المجتمع في آن.





#أحمد_عائل_فقيهي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المجتمع السعودي.. والخوف من الحرية
- إحياء علوم الدين.. وإحياء علوم الدنيا أيضاً
- المقدَّس والمدنَّس.. والسؤال الحائر
- بناء الإنسان ...ورياح التغيير
- هل يمتلك المثقف السعودي وعياً بحركة التاريخ
- المجتمع بين التحديث والممانعة


المزيد.....




- “أقوى أفلام هوليوود” استقبل الآن تردد قناة mbc2 المجاني على ...
- افتتاح أنشطة عام -ستراسبورغ عاصمة عالمية للكتاب-
- بايدن: العالم سيفقد قائده إذا غادرت الولايات المتحدة المسرح ...
- سامسونج تقدّم معرض -التوازن المستحدث- ضمن فعاليات أسبوع ميلا ...
- جعجع يتحدث عن اللاجئين السوريين و-مسرحية وحدة الساحات-
- “العيال هتطير من الفرحة” .. تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024 ...
- مسابقة جديدة للسينما التجريبية بمهرجان كان في دورته الـ77
- المخرج الفلسطيني رشيد مشهراوي: إسرائيل تعامل الفنانين كإرهاب ...
- نيويورك: الممثل الأمريكي أليك بالدوين يضرب الهاتف من يد ناشط ...
- تواصل فعاليات مهرجان بريكس للأفلام


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أحمد عائل فقيهي - من حداثة الشعر إلى حداثة الفكر