أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - أحمد عائل فقيهي - بناء الإنسان ...ورياح التغيير














المزيد.....

بناء الإنسان ...ورياح التغيير


أحمد عائل فقيهي

الحوار المتمدن-العدد: 2655 - 2009 / 5 / 23 - 10:35
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


دائما ما نتحدث عن الإنسان بوصفه قيمة.. وكيف يمكن لهذه القيمة أن تتحقق.. وأن تتحول إلى معطى حضاري وذات معنى داخل المجتمع.. وداخل مؤسسات الدولة.. ودائما ما نردد في أقوالنا وكتاباتنا ومجالسنا عن ضرورة احترام الإنسان بصفته يمثل القيمة العليا داخل الوطن.
والسؤال الذي يطرح نفسه دائما.. هل هناك احترام حقيقي وحقوقي للإنسان في بلادنا.. بمعنى آخر.. هل تم التعامل مع هذا الكائن من منظور حضاري وانه يمثل الثروة الأهم والأبقى؟ هل لدينا مؤسسات مجتمع تقوم بدورها كما يجب؟
في الدول المتقدمة هناك مؤسسات حاضنة للمواطن، تكفل له العيش الكريم وتمنحه كافة حقوقه في مقابل الواجبات التي ينبغي أن يقوم بها هذا المواطن، وهذه المؤسسات تقع تحت رعاية الدولة، ولكن ضمن علاقة تقوم بين المواطن والدولة على جعل المواطنة كمفهوم وممارسة، وهو ما يعطي لهذه العلاقة الاستمرارية والديمومة وما يمنحها الحياة، تأسيسا على ثنائية الحقوق والواجبات، وهي ثنائية تتحقق من خلالها مفهوم الدولة بالمعنى الحقيقي والعميق لهذا المفهوم، وليس بمفهوم النظام الأبوي والدولة الراعية وتلك الذهنية التي تحكم وتتحكم في مفاصل مؤسسات المجتمع التقليدي.
دائما ما كنت أقول وأرى أن وجود فكر طبقي وثقافة طبقية في المجتمع مع وجود سطوة لفكر عشائري وقبلي وعائلي هو ما سوف يؤدي إلى اختلال في التوازن الاجتماعي، ومن ثم اتساع دوائر الاحتقان الاجتماعي، بحيث نرى أن من يتقدم الصفوف الأولى هم الأقل قيمة وكفاءة ومعرفة فيما نجد بالمقابل أن هناك من هم خلف هذه الصفوف تماما يمثلون الأكثر قيمة وكفاءة ومعرفة ووطنية أيضا، ولكنه الواقع حيث يبدو كل شيء في كثير من الأحيان معكوسا ومعاكسا للمنطق والواقع معا ولكل ماله علاقة بالمجتمع المدني والدولة الحديثة. أي أن قيمة الفرد تضيء بمدى ما «يعرف» لا بمدى ما يملك فقط. وليكن «البناء» من الداخل هو هاجسنا.. وهو همنا وإعادة البناء للمؤسسة الدينية من خلال النظر في كثير من النظام القضائي، وتقنين الأحكام والنظم والأنظمة داخل هذه المؤسسة وفق نظرة واعية وحضارية وعصرية وإعادة النظر في هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وإيقاف الممارسات الخاطئة لبعض أفرادها.. وإعادة البناء للمؤسسة التربوية والتعليمية وإدخال المرأة ممثلة في نورة الفايز كشخصية قيادية داخل هذه المؤسسة، هو ما سوف يجعلنا حقا نخرج من شخصنة المؤسسة وجعلها مؤسسة قائمة على رؤية حديثة وتقودها ذهنية تفصل ما بين ما هو «شخصي» وبين ما هو «عام»، وتستند على تكريس الثقافة الحقوقية داخل المجتمع وتعميق مفهوم المواطنة وتلك العلاقة الأزلية والجذرية بين المواطن والدولة.. من خلال الحقوق والواجبات وكل ذلك يجعل المجتمع أكثر تصالحا مع ذاته.. لا أكثر تصادما مع هذه الذات، أكثر انتماء لوطن يتعالى ويعلو بقيمة المواطن وإعلاء قيمة الفرد داخله.
إن بناء الإنسان هو فاتحة بناء المجتمع وبدون هذا البناء لا يمكن أن تتحقق التنمية الكاملة والشاملة للمجتمع أيضا، إن البناء هو منظومة حضارية فيها ما هو سياسي وما هو ثقافي وتربوي وتعليمي وعلمي وما هو ديني وقضائي واجتماعي واقتصادي. إن البناء ليس مفردة فارغة ومفرّغة من معناها ومبناها، لكنها “مفردة” لها دلالاتها التي تقوم في العمق على بناء الإنسان بصفته كما قلت في البدء يمثل القيمة الأهم والأعلى داخل الوطن والمجتمع وبدون بناء الإنسان لا يمكن أن يتحقق بناء المجتمع، ذلك إعداد الإنسان معرفياً في مواجهة التحديات والتحولات الاجتماعية والوطنية هو ذلك الاعداد الحقيقي لجعل الإنسان / المواطن هو عدّة الوطن الحقيقية.
علينا أن نأخذ بعنوان «التغيير» كمسألة ضرورية وهو طموح تجلّى واضحا في فكر القيادة والذي يعطي مؤشرا ايجابيا أن مشروع الإصلاح السياسي هو هدف وغاية وضرورة.
إن تكريس وتعميق قيمة الفرد من شأنه أن يكرس ويعمق «قيمة» المواطنة تلك القيمة التي تقوم وتتأسس على الحوار حوار الأفكار بعيداً عن سطوة الثقافة المناطقية والمذهبية والانجذاب والانتماء العائلي، وهو بالتالي ما سوف يجعلنا نذهب إلى مستقبل يتأسس على التعددية والتعايش حفاظاً على السلم الأهلي واستثمار العبقرية الكامنة في الفرد لا قتلها وتهميشها ثم جعلها خارج العمل الاجتماعي والثقافي والوطني.
ذلك أن استثمار عبقرية الفرد لا يمكنها أن تضيء وأن تتحقق إلا بإعطاء هذا الفرد الدور المحوري الذي ينبغي أن يمارس من خلاله المواطن حريته ومن ثم فهم ما له وما عليه.. أن يتحول إلى متن لا إلى هامش، إلى قيمة لا مجرد رقم، إلى عقل وفعل لا إلى عالة وعبء.
إن بناء الأبراج العالية وناطحات السحاب لابد أن يرافقه بناء الإنسان بوصفه القيمة الأهم والأعلى والأثمن من كل الأبراج العالية الشاهقة وناطحات السحاب.
نعم لنبني كل ذلك ولكن لنبني الإنسان أولاً وهذا لن يتأتى إلا عندما يصبح الفرد مواطناً فاعلاً ومشاركاً في حركة المجتمع ومنظومة العمل السياسي والثقافي والاجتماعي ذلك أن هناك فرقاً بين أن تكون مواطناً حقيقياً وأن تكون مجرد فرد فقط كما قلت في مقالات وأفكار ورؤى سابقة.
لنبني الإنسان أولا لكي نبني المجتمع، وليكن إصلاح فكرنا ومؤسساتنا هو إصلاح ينبغي أن يكون مضيئاً بمستوى الطموح، ذلك أننا في زمن يتغير على الدوام، ورياح التغيير ها هي تهب، لا لتقتلع الجذور، ولكن لتسقي البذور الخضراء الطالعة التي ينبغي أن ترعاها أيدي الأجيال وعقول الأجيال الطالعة أيضا، حفاظاً على وطن ننتمي إليه ونحبه جميعاً.. وعلى مستقبل لابد أن يترسخ وينبني على منظومة الحوار.. والمواطنة والتعايش والإعلاء من قيمة الإنسان.
إن الأوطان لا تُبنى بحسن النوايا، ولكن تبنى بالإخلاص والنزاهة والعمل والعقل الخلاق.



#أحمد_عائل_فقيهي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هل يمتلك المثقف السعودي وعياً بحركة التاريخ
- المجتمع بين التحديث والممانعة


المزيد.....




- مؤلف -آيات شيطانية- سلمان رشدي يكشف لـCNN عن منام رآه قبل مه ...
- -أهل واحة الضباب-..ما حكاية سكان هذه المحمية المنعزلة بمصر؟ ...
- يخت فائق غائص..شركة تطمح لبناء مخبأ الأحلام لأصحاب المليارات ...
- سيناريو المستقبل: 61 مليار دولار لدفن الجيش الأوكراني
- سيف المنشطات مسلط على عنق الصين
- أوكرانيا تخسر جيلا كاملا بلا رجعة
- البابا: السلام عبر التفاوض أفضل من حرب بلا نهاية
- قيادي في -حماس- يعرب عن استعداد الحركة للتخلي عن السلاح بشرو ...
- ترامب يتقدم على بايدن في الولايات الحاسمة
- رجل صيني مشلول يتمكن من كتابة الحروف الهيروغليفية باستخدام غ ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - أحمد عائل فقيهي - بناء الإنسان ...ورياح التغيير