أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - علي البزاز - علي البزاز: لا أنتظر الشعر من القلق بل من الأفكار















المزيد.....

علي البزاز: لا أنتظر الشعر من القلق بل من الأفكار


علي البزاز

الحوار المتمدن-العدد: 2645 - 2009 / 5 / 13 - 09:55
المحور: الادب والفن
    


حاوره... نديم جرجوره
يأتي الشاعر العراقي علي البزّاز (مواليد الناصرية، 1958) إلى الشعر من اختبار مديد في شؤون العيش والمواجهة والقراءة والتحدّي، قبل المنفى وبعده، وأثناء تجواله خارج العراق منذ العام 1991 (يُقيم، حالياً، في أمستردام، منذ العام 1997). يريد للنصّ أن يفتح أفق البحث عن المعاني، أو بالأحرى أن يجعل المعاني انعكاس الذات في مقارعتها الدنيا وأحوالها، والصُوَر وحكاياتها.
بعد عدد من الكتب الشعرية الصادرة باللغة الهولندية: «شمعة ولكن تكسف الشمس» (2002) و«نادل أحلامي» (2003) و«تضاريس الطمأنينة» (2008) و«صوت في عريشة» (2008)؛ أصدر البزّاز مجموعته الشعرية الأولى باللغة العربية «بعضه سيدوم كالبلدان» عن منشورات «الغاوون».

أبدأ بعنوان كتابك الجديد «بعضه سيدوم كالبلدان»: إلامَ تعود «هاء» الغائب في بعضه؟ وما أو من هو هذا البعض؟
عندما يُكرّم المنفى، يُطرَد الغياب من مأواه ويُجرّد من أنصاره. هناك ثقة في هذا التكريم تعضد بقاء الغائب مانحة عناية له تستعصي على الإلغاء أن يجعلها ضحية مآربه. هنا يتجلّى الغائب المنفي حاضراً في الـ«هاء»، ويستمد الديمومة من الجزء في بعضه. الكل مطلق، ويجب عدم إشاعته. أقصد بالغياب الإقصاء عن الزمن وليس البُعد المكاني الذي لا يعنيني كثيراً. تصف الأغنية السومرية النفي هكذا: «نجوس أزمنة الماضي»، والمنفيون كبحّارة. النفي في التصوّر هذا هو منفى أزمنة لا أمكنة، لذا لا يؤثّث المنفيون حياتهم، ولديهم تحيّز كبير للتهميش، للبقاء خارج منطقة التأهيل الاجتماعي. الكتابة الإبداعية بحسب دولوز هي منفى. يُشترَط في الإبداع أن يكون منفياً عن اللغة السائدة بمفاهيمها وقواعدها المتعارف عليها، ولا يُقصَد بالنفي اضطرار المبدع إلى الكتابة بلغة أجنبية. لغة الأم مستبعدة هنا، وكل كتابة إبداعية تحوز المنفى.
أريدُ تكريم هذا الغائب ذي القطيعة مع النجاح والدفء العائلي، وفي الوقت نفسه، أن يقترن بدفء الصراع مع المكان، مقترباً من الزمن الذي هو حاضنة المكان والذكريات. بهذا أقتربُ من النفي السومري، فهذا الذي أنوي تبجيله له فعل الآتي وديمومة البلدان التي تعني في رأسي: الزمن. هناك الكثير من المعنيين في «بعضه»، ربما البلاد التي تنشر أرجاءنا على سطوح الغصّة، ولا نجني منها سوى نتف الحديد على شفاهنا؛ ربما صديق غاب عن هذا العالم ضحية مقولات العقل البريء، أو عقلي الذي هو كتف للخطأ وعليّ ندف تصوّره. أنا مشغول بفكرة النفي. أنا نتاج منفى، حيث أكتب باللغة الهولندية، التي لم أخترها بغاية التصادم مع لغتي العربية، فالهولندية ليست عاقبة اختيار زمني بل مكاني مفروض. هكذا أردتُ فرض الـ«هاء» على الرحيل، وعلى اندثار المصابيح الحانية على كسوفها، وأجعلها قائمة غير منسيّة في يومياتي.
صبر وهدوء
يصدر كتابك العربي هذا بعد تجربة طويلة أمضيتها في العيش على التخوم الحادّة للاختبارات الحياتية المتفرّقة. هل يُمكن القول إن مصدر التأخّر في إصداره سنين طويلة كامنٌ في قلق ما، أم إنه مجرّد انتظار عبثي؟
القلق صفة بشرية وعلامة حياة للجميع. هو كامن في المقاوِم كما في المساوِم، في الضعيف وفي جبّار المكانة الاجتماعية أو السياسية. هكذا ينطوي ادّعاء بعض المثقفين على أنهم يمتلكون القلق وحدهم من دون سواهم، على تضليل أنفسهم أولاً، ثم تضليل العملية الإبداعية ثانياً. نعم، القلق ضروري للنجّار المبدع وللكاتب المبدع، ولا فرق هنا إلاّ في أدوات الإبداع التي تعني الخشب، الكلمة أو الفرشاة. يؤلمني التصّور القديم للشاعر الذي يميّزه متشرّداً، هائماً، غير مبالٍ باليقظة. أُسمّي هذا الشاعر «الشاعر الإنشاء» أو «الشاعر الواصف». تهميش الشاعر على النحو هذا يُلحق الإهانة به، بينما يُنتظر منه ليس الإشارة فقط إلى الحق أو الباطل، بل أيضاً العمل على إشاعتهما وجعلهما غاية القصيدة، إلى جانب الجمال والرهافة. فالعدالة تقتضي الجمال، مثلما هو التعامل مع المرأة والوردة. هذه الكائنات الجميلة ضد الخراب، وبالتالي ضد الموت. لكن، للأسف، يرُاد حشر المبدع في عالمنا في جهة الواصف، المقترب صدفة من فعل الأشياء.
يشهد عالمنا العربي تراجعاً اجتماعياً ومعرفياً نحو الوراء، وفعل تجاوزه نحو الخلف. الكثير من الكتّاب الذي يصرخون بالحداثة يكتبون عكسها، مخالفين عبارة رامبو الشهيرة: «يجب أن نكون مطلقي الحداثة». يجب ألاّ نعصي حداثتنا هنا، ونكرّمها هناك. وعليه، من العار أن نرمي الوردة بالسخام، عندها سنوافق طواعية أو لجهة المنفعة أن نُشيد بالاحتلال، جغرافياً أو فكرياً. حاولت في عملي «بعضه سيدوم كالبلدان» تهدئة القلق كي لا يُربك أفكاري، ومخالفة النظرية الشائعة «الشعر يأتي من القلق»، لأني أعتقد بشعر الأفكار، الذي يحتاج إلى الصبر والهدوء، وأنظر بكبير الشك إلى شعر الصراخ.
شعر المعاني
لفت انتباهي حرص معيّن على تدبيج النصوص بأسلوب يمزج حيوية اللغة العربية بسلاسة السرد. كأنك تستعين بالسلاسة لممارسة اللعبة الجميلة في ابتكار الألفاظ والصُوَر والسياقات.
هناك مسؤولية ينبغي الوفاء بها للنص الأدبي، تتطلّب عدم إعاقته عن البلوغ إلى الذروة التي يتوخّاها. الأفكار كلّها تشتق الأسلوب الذي يجعلها منطقة مأهولة وليست جزيرة نائية مُفكَّراً بها، وهذا ينطبق تماماً على شعر المعاني الذي أُريد تجاوزه إلى شعر الأفكار، فيكون من أهم توصيفات الشعر: إنتاج الأفكار، حيث لا افتراق بين العقل والقلب في الإبداع. يجب تسوية النظرة القديمة إلى الشعر بوصفه عاطفة، إذ من الممكن جعل العين تسمع والأُذن ترى، ويتطلّب ذلك تسوية الفكرة الانفصالية التي تعزّز من افتراق النثر عن الشعر. يكتسب الشعر صفات جمالية وطاقة تعبيرية تقوّضان الحماسة الانفعالية فيه إذا استفاد من خصائص النثر، فيصبح الشعر عيناً ناظرة، ويصير ذا اتجاهات تعبيرية هائلة، شرط الإيجاز في القول.
أعتقد أن بعض الجمال المتوغّل في نصوص الكتاب نابعٌ من تطويعك شكل النصّ الشعري وتقنيته لحساب عالم مفتوح على السرد الحكائي. أي إنك تجعل الشعر أساساً، والسرد بناء يتكامل والشعر في صوغ الحكاية.
هناك علاقة مصيرية بين الشعر والنثر. أما علاقة الشعر مع السرد الحكائي، فهي ضمانة استمرار وتجدّد له، أي إنه حرباء بامتياز، تارة يأخذ شكلا معيناً ليعبّر عن الأفكار، وتارة أخرى يستوحي عالم السينما عندما يجعل الصُوَر غايته. الشعر قابل لأن يحمل الحكاية والأفكار معاً. هذه حداثة الشعر المفعم بطموح المغايرة. كانت الفلسفة قديماً المُعبِّرة عن الفكر، والسرد عن الحكاية. في الكتابة الشعرية الجديدة، نقف ممتنّين للشعر على استيعابه الفنون الأخرى، كالرسم والسينما.
إلى أي مدى تعتبر أن المعيش الشخصي/ الذاتي/ الفردي قابل للتحوّل إلى حكاية مشرّعة على التفاصيل، مع قناعتي التامّة بأن براعة الشعر طالعة، أصلاً، من الاختبار الذاتي البحت.
ينسّق الكاتب تجربته في آنية عمله. هناك نظريات في سوسيولوجية الأدب لا ترتكز أصلاً في تفسيرها للنص على سيرة المبدع، الذي يقود إلى معرفة نفسية الكاتب، لا معرفة نصّه. يقترب هذا التفسير في جوانب كثيرة من نظرية التفكيك، التي ترى غير أثر في النصّ الأدبي، والكاتب نفسه هو واحد لا غير في بنية هذه الآثار. لا أحد ينكر التجربة الحياتية المؤثّرة في سلوك النص، لكن من الطبيعي أن يكون غير الكاتب في النصّ. تمتلك فنون كثيرة هذه الصفات، وأتمنّى أن يشمل التصوّر الجديد للإبداع الشعر، فتقلّ ذاتيته. لا أعني اقترابه من الجماهيرية، إنما المقصود أن تتعزّز فنون متنوّعة وأفكار شتّى في بنية الشعر، فيصبح الشاعر غير واصف للعالم، شاعرا يعاكس الإنشاء، وجُلّ آمانيه اهتزاز الصورة النمطية لوظيفته في الحياة.




#علي_البزاز (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أجراس ساهية
- جيل دولوز و -الكتابة الابداعية-
- -حبّ من أجل الله- لداميان هيرست ..أغلى جمجمة في العالم تنتصر ...
- (العراق مجزّأ) لجيمس لونغلي.. البلد المستباح تحت نير الاحتلا ...
- الهولندي هاري خيرتز يقتفي الأثر ويخضّع الصعوبة نحن مسافرون ن ...
- الفنان الهولندي رمبرانت في لوحة -الحارس الليلي- ساعي الضوء ا ...
- الفنان العراقي محمد قريش يجاهر بحب اللوحة -القبيحة- تعرية ال ...
- الدورة الثالثة والاربعون لمهرجان كارلوفيفاري السينمائي: غياب ...
- رمزية اللون في فيلم »البيت الأصفر«: مديح الدولة
- ثلاثة قرود« للتركي نوري بلجي جيلان : زمن المطر وزمن القطار و ...
- شيعستان« و»السيستاني« للإيراني بهراني ...العراق في سوق السين ...
- صمت لورنا لداردين في مهرجان كارلوفي فاري... الوجه والقفا
- «محمود صبري بين عالمين» لبهجت صبري: الجدارية الغائبة
- المهرجان الدولي للأفلام الوثائقية في أمستردام - : يدعمون الا ...
- فيلم - ستاب هورست- للهولندي اميل رفروا يحيا التعصّب في الحيا ...
- أين الغابة يا أيتها الزهرة التي حديقتها بين قوسين؟ سعدي يوسف ...
- أدباء ومثقفون عرب في مهرجان -الكلمة الحرّة- في أمستردام / ال ...
- فيلم -العودة الى الينابيع - لجودي الكناني / التعبير مالك الج ...
- خضوع- للهولندي تيو فان غوغ
- جدال حول فيلم -فتنة- للهولندي خيرت فيلدرز هاوي تطرّف لا يتكل ...


المزيد.....




- إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر ...
- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...
- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...
- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - علي البزاز - علي البزاز: لا أنتظر الشعر من القلق بل من الأفكار